المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31



الأسرة والحالة الاقتصادية  
  
1133   11:59 صباحاً   التاريخ: 2023-06-11
المؤلف : الشيخ محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة : ج2 ص28ــ34
القسم : الاسرة و المجتمع / معلومات عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 19/12/2022 1769
التاريخ: 2024-07-06 456
التاريخ: 2024-05-06 658
التاريخ: 9-1-2023 954

من العوامل الأخرى التي تلعب دوراً مؤثراً في بناء شخصية الطفل ، ويبرز هذا الدور سلباً أو إيجاباً خلال مرحلتي البلوغ والشباب، هي الحالة الاقتصادية والوضع المالي للأسرة.

فالأب الذي يوازي دخله نفقات الأسرة ، ويدبر أسرته بما يحفظ سمعته وكرامته أمام المجتمع ، يعتبر من الطبقة المتوسطة. والطفل وسط أسرة كهذه يكون طبيعياً من الناحية النفسية ، لأنه يستطيع إرضاء ميوله ورغباته بالشكل المطلوب ، ولذا فإنه سيصبح ذا شخصية جيدة ومناسبة إن لم تعترضه عقبات أخرى. وقد اعتبر أئمتنا (عليهم السلام) كفاف العيش من حيث الدخل والنفقة بأنه أفضل العيش وأنه ركن من أركان السعادة .

فقد روي عن العالم (الإمام موسى بن جعفر) عليه السلام أنه قال : طوبى لمن آمن وكان عيشه كفافاً(1). 

أثر الحالة الاقتصادية في الشخصية : 

(إن الوضع المالي والاجتماعي للأسرة ينعكس بشكل مباشر أو غير مباشر على نمو شخصية الطفل وتكاملها ، فالطفل الذي تتوفر له جميع وسائل الحياة ويتم إرضاء ميوله بصورة جيدة ، قلما يواجه صعوبات في حياته ، وهذا ما يساعد على نمو شخصيته بشكل جيد ، أما الطفل الذي يكون محروماً من هذه النعمة ، فإنه يشعر في قرارة نفسه على الدوام بالنقص والحقارة)(2).

أما الآباء الذين لا يوازي مدخولهم نفقاتهم اليومية، وهم عاجزون عن تحقيق متطلبات أسرهم من لوازم العيش الضرورية ، فيعدون من الطبقة الفقيرة للمجتمع. والطفل في ظل أسرة فقيرة غالباً ما يعاني من النقص والحرمان، ويشعر في اعماقه بالتخلف . ولا شك أن مرارة هذا الشعور تنعكس سلباً على بناء شخصيته ، وتشكل عقبات وموانع كثيرة في طريق التآلف مع المجتمع .

الفقر وضعف الشخصية :

ويعاني الفرد الذي يربى وسط أسرة فقيرة الحال معدمة من ضعف في الشخصية خاصة في مرحلة الشباب ، فهو يشعر بالحقارة وأحياناً بالتخلف والحرمان نتيجة الفقر والعوز ، وهذا الشعور المؤلم يربك نفسيته ويؤثر في عقله وفطنته ، ويولد في نفسه الإحساس بضعف الشخصية.

قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): الفقر يخرس الفطن عن حجته والمقل غريب في بلدته(3).

وعنه (عليه السلام) : إن الفقر منقصة للدين، مدهشة للعقل ، داعية للمقت(4).

سوء الظن والاضطراب:

«للعوز تأثير سلبي على شخصيتنا ، فهو يولد الهم والغم والكآبة ، والإنسان الذي لا يستطيع أن يؤمن احتياجات اسرته من مأكل ومشرب وملبس ومأوى ، تراه على الدوام قلقاً مضطرباً حيراناً يسيء الظن بالآخرين وينقم عليهم» .

وهذه هي حال كل من يعاني من الفقر والعوز، وهذه المعاناة لا شك أنها تنعكس سلباً على صفات الإنسان وخلقه ، بحيث أننا لا نستطيع ان نتوقع من مثله خلقاً جميلاً وتضحية ووفاء بالعهد وما إلى ذلك من خصال حميدة» .

«والفقير المعدم الذي يشعر بضعفه وحطته أمام الآخرين ، يعاني دائماً من الضعف والقلق والخوف ، مما يفقده الكثير من استعداداته ونشاطه وحسن خلقه ، ومثل هذا الإنسان سيصبح إذا ما استغنى يوماً مغروراً عديم الشفقة والرحمة والحياء»(5).

«لقد أعلنت رابطة التعاون الوطني للطلبة الجامعين في كرّاس صدر عنها ان ألفاً من أصل مائة ألف طالب جامعي يعانون من أمراض نفسية ، فهم يشعرون في الأحياء الجامعية والمطاعم الخاصة بالجامعات وكأنهم داخل سجون مغلقة ، لأنهم يشعرون بالتبعية لها على الدوام من الناحية الاقتصادية ، أي أنهم في حالة انتظار مستمر لأموال تصلهم من ذويهم أو شيكات تأتيهم من أسرهم يؤمنون بها احتياجاتهم التي لا خلاص منها ، وهذا ما يجعلهم رغم ثقافتهم يتخلفون عن اولئك الذين تمتلئ جيوبهم بالمال من ناحية النمو الفكري. وشباب اليوم يرى في المال رمزا للإستقلال»(6).

الثروة والشخصية:

ولا يخفى على أحد أن ثروة الآباء وأموالهم قد يكون لها مردود سلبي على الأبناء كما هو الحال بالنسبة للفقر والعوز ، فقد تسهم الثروة في بناء شخصية الشاب بشكل فاضح وسيء ، مما سيجعله امام مشاكل وعقبات كبيرة في مسيرته الحياتية.

فالجهلة من الآباء والأمهات ممن ينفقون ثرواتهم دون حساب إرضاء لميول ابنائهم، ويزرعون في نفوسهم روح الأنانية وعبادة الهوى والشهوات، ليس بمقدورهم ابداً ان يبنوا لأبنائهم شخصية حسنة ومسؤولة ، ويعدوهم إعداداً سليماً للتآلف مع مجتمعهم.

الأبناء وروح التمرد والعداء :

إن تبديد ثروة الأسرة بشكل عشوائي ، يشكل أخطاراً كبيرة على الأبناء ، وقد يزرع في نفوسهم روح التمرد والعداء وحب الشهوة والرذيلة والكسل والإسراف والكبر والغرور ، ونتيجة لكل هذه الصفات الذميمة يصبح الشاب عاجزاً عن تكيف نفسه مع محيطه الاجتماعي، وبالتالي فإنه يواجه موجة من الاستياء والنفور الاجتماعي .

قال تعالى في كتابه العزيز: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 6، 7].

وقال امير المؤمنين علي (عليه السلام) : المال مادة الشهوات(7).

ومن العوامل الأخرى التي لا شك أنها تترك أثراً بالغاً في بناء شخصية الأبناء ، هي الصفات الأخلاقية للوالدين والمربين وسائر أفراد المجتمع. فالخشونة والليونة والنقمة والرحمة وحسن المعاشرة وسوء التعامل والشجاعة والجبن والسخاء والبخل والتواضع والتكبر وعزة النفس والتملق، وما إلى من صفات أخلاقية تجتمع في الأبوين، تنتقل بشكل ديناميكي إلى الأبناء وتؤثر كل التأثير في بناء شخصيتهم ونجاحهم أو فشلهم في التكيف مع المجتمع. كما تلعب الأساليب التربوية الأخلاقية التي ينتهجها المدير والمعلم والطلبة في محيط المدرسة ، والمرأة والرجل وعامة الناس في محيط المجتمع ، تلعب دوراً كبيراً في التأثير على الصفات الأخلاقية للطلبة وتكوين شخصيتهم ، فالمحيط بمعناه الواسع الذي يشمل البيت والمدرسة والمجتمع يعتبر قاعدة تكوين جانب مهم من شخصية الإنسان ، ويعود نجاح الإنسان أو فشله في التآلف الاجتماعي إلى الصفات التي يكتسبها من محيط الأسرة والمدرسة والمجتمع .

الفضائل الأخلاقية:

إن أولئك الذين يترعرعون في ظل تربية سليمة يوفرها لهم الآباء والأمهات والمربون الأكفاء ، ويتعلمون منهم الإيمان والصدق والتواضع والرحمة وحسن الخلق والتعامل، وبالتالي يكتسبون كل الفضائل الأخلاقية والصفات الحميدة ، تكون لهم شخصية تليق بهم كأفراد داخل مجتمعاتهم ، ويحظون بحب الناس واحترامهم وتقديرهم ، وغالباً ما يكون النجاح من نصيبهم في التعامل الاجتماعي العام.

قال تعالى في كتابه العزيز: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96].

محبة الناس:

عن أبي جعفر الإمام الباقر (عليه السلام) قال : البِشرُ الحسن وطلاقة الوجه مكسبة للمحبة وقربة من الله(8).

وقال الإمام الصادق (عليه السلام) : التواضع اصل كل شرف نفيس ومرتبة رفيعة(9).

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : من تألف الناس أحبوه (10).

وعن أبي عبد الله الإمام الصادق (عليه السلام) قال : من كان رفيقاً في امره نال ما يريد من الناس(11).

الأخلاق الذميمة:

أما أولئك الذين يترعرعون في ظل تربية خاطئة يوفرها لهم الآباء والأمهات والجهلة من المربين ، ويتعلمون منهم عدم الإيمان وسوء الخلق والقساوة والتكبر والأنانية والحرص والطمع ، ويكتسبون من محيطهم الاجتماعي الأخلاق الذميمة ، فإنهم يكونون من أصحاب الشخصية المريضة المنبوذة ، يستحقرهم الناس وينفرون منهم ، وغالباً ما يكون الفشل حليفهم في التعامل الاجتماعي العام.

قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ}[يونس:27].

الصفات الذميمة :

عن أبي جعفر الإمام الباقر (عليه السلام) قال : عبوس الوجه وسوء البشر مكسبة للمقت وبعد من الله(12).

وعن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال: من رضي عن نفسه كثر الساخط عليه(13).

وعنه (عليه السلام) قال : من غلب عليه الحرص عظمت ذلته (14) .

والملاحظ من خلال ما ورد من أحاديث ان هناك تأكيداً على التحلي بالصفات الحميدة ونبذ الصفات الذميمة ، لتحقيق النجاح في التآلف الاجتماعي واكتساب مودة الناس وحبهم واحترامهم . فقد حرص أئمتنا الأطهار (عليهم السلام) على دعوة الناس من خلال برنامج تربوي متكامل يهدف إلى بناء الشخصية وحسن التآلف الاجتماعي ، إلى التحلي بفضائل الأخلاق والصفات ، محذرين إياهم من سوء الأخلاق ورذائل الصفات .

_________________________

(1) بحار الانوار 15 ، القسم 2، ص236.

(2) علم نفس النمو، ص419.

(3) سفينة البحار، فقر، ص379.

(4) نهج البلاغة، الكلمة311.

(5) البهجة، ص167.

(6) مجلة حقوق اليوم، السنة الاولى، العدد 6 .

(7) نهج البلاغة، الكلمة 55.

(8) بحار الأنوار، 17 ،164.

(9) المحجة البيضاء 6 ، ص 225.

(10) غرر الحكم ، ص 622.

(11) الكافي، ص120.

(12) بحار الانوار 17، ص164.

(13) نهج البلاغة، الكلمة 6.

(14) غرر الحكم، ص629. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.