المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31



الهدف السامي لخلق الانسان  
  
856   09:53 صباحاً   التاريخ: 2024-04-02
المؤلف : جماعة من العُلماء
الكتاب أو المصدر : نحو حياة أفضل
الجزء والصفحة : ص 223 ــ 226
القسم : الاسرة و المجتمع / معلومات عامة /

إننا لنعلم أن الإنسان خلق لهدف أسمى من الأكل والنوم والتمتع والغفلة. وان مسألة تميّز الانسان عن الحيوان تكمن في أن الانسان لا يمكنه أن يكون دائماً محكوماً لاحتياجات جسمه ومنشغلا بتأمين اللذة والاستراحة الجسمية وذلك لأن (جسم الانسان شريف بإنسانيته وروحه) ونفس هذه الروح الانسانية هي التي تملك سعادة التكامل الاختياري ولياقة النمو والتسامي المتواصل اللامحدود الذي يوصل الإنسان إلى أسمى المراتب من القرب والطهارة والنور والكمال العلوي.

إن ازدواج الجسم والروح في الانسان ازدواج ذو أسرار عجيبة بحيث يستطيع من جهة أن يمنح قيادة للعقل فيتصاعد حتى يصل إلى أسمى من مرتبة الملائكة كما يستطيع ان يتسافل حتى يهوي إلى مهوى الهوى والمتع المادية الرخيصة فيكون اقل من الحيوان واخطر من السباع... ومن المسلم به ان الحيوان لا يلام بأنه يشبع نهم غرائزه الحيوانية فقط وذلك لأنه لا يتمتع بقوة عقلية ضابطة تقف أمام طغيان الغرائز واحتياجاتها، فهو ودون أن يدري محكوم لغرائزه، ولكن الإنسان المتمتع بنعمة العقل وهداية الانبياء ان رفض هذه النعم وصار أسيراً لأكله ونومه ومتطلبات بدنه فهو في الواقع أضل من الحيوان: {أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: 179]، {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} [الأنفال: 22].

الحياة الحقيقة

إن الحياة الحقيقة والمعنوية للأنسان تتفتح بارتباطه بالله تعالى فبذكر الله تطمئن القلوب، وتتحرك الطاقات نحو الترقي المعنوي والكمال.

ولهذا سعى كل الانبياء ليربطوا الانسان بالله، وكل الفدائيين والمجاهدين في طريق الحق والفضيلة جاهدوا في سبيل هذا الهدف السامي ولإبقاء هذه العلاقة والرابطة.

إن هذه الرابطة والمعرفة الواقعية هي التي تنقذ روح الانسان من شراك الارتباط الأرضي المانع عن الانطلاق وتشدها للآفاق السماوية البنّاءة ففي ظل هذه العلاقة فقط يتواجد الايمان والشهامة والجهاد والتحمل ومعرفة الواجب واتباع الفضيلة.

وإن التاريخ ليذكر نماذج كثيرة استطاعت بإقرار هذه العلاقة والاعتقاد ان تنتقل من أبعد نقاط الضلال وأعمق وديان الانحراف إلى أعلى قمم الهداية والقرب والواقعية.

هذا سلمان: كان ايرانيا مشرداً مضطهداً يعيش وينتقل ليرى الأراضي الجديدة ... وكان بالتالي أسيراً يباع عبداً ليهودي ويشتغل فلاحاً في حقل سيده اليهودي في نخيل المدينة.

... ويهاجر الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة ويتشرف سلمان بلقائه في حالة ملؤها الروعة ولا تمضي مدة حتى تتصاعد درجات ايمانه حتى تصل أوجها فيعده النبي (صلى الله عليه وآله) من أهل بيته الطاهرين (سلمان منا أهل البيت) (1) ويقول في التعريف به (سلمان بحر لا ينزف وكنز لا ينفذ) (2).

وهذا أبو ذر: الراعي المجهول في صحراء الربذة (3) البعيد من قصة خلق الله للعالم، البعيد عن الانسان، البعيد عن الله ولذلك كان بعيداً عن الفضائل ولم يكن بالطبع يمتلك أي تأثير أو وزن اجتماعي ... هذا الراعي المجهول يرى النبي (صلى الله عليه وآله) بعد ذلك ويعرف الله ويرتبط وجوده به برابطة قوية لا تنفصم ... فلم يعد في صفحة التاريخ ذلك الراعي المجهول بل عاد عاصفة قوية لا تلين أمام سياط الإنحراف، يقف أمام قصر معاوية فيمطره بالحملات الشجاعة ليرتجف القصر لأن قامته النحيلة الهزيلة كانت شعلة من شعل الحق تنهد لهولها أوكار الانحراف والكذب فتعود وهي رماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، اما لسانه الناطق بالحق فقد كان سيفاً لا يضرب إلآ رؤوس المنحرفين المتخاذلين عن الحق.

أويس القرن ... راعي الإبل ... البدوي المجهول الذي يعيش مع أم عجوز في اليمن... انه ينمو في ضوء الشمس الإسلامية كنبت غصن مورق في أرض بلقع مجهولة ويقبل الإسلام ويتسامى حتى يصل إلى المرتبة التي يقول فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في محبته:

(واشوقاه اليك يا أويس) (4).

لقد كانت عيونه المعلقة بالوجود الالهي أكثر سهراً في الليل من النجوم اللوامع في الصحراء ولربما كانت قامته القويمة تصل طلوع الشمس بغروبها بالسجود والقيام والركوع.

وما أكثر عدد هؤلاء العظماء الذين يملأون صفحات التاريخ بحيث يصعب عدّهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ بحار الأنوار، ج 22، ص 326.

2ـ المصدر السابق، ص 348.

3ـ وهي منطقة جافة حارة في الحجاز وقد دفن فيها ابو ذر ايضاً.

4ـ سفينة البحار، ج 1، ص 53. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.