المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تقدير الشهادة
2024-06-02
تعريف القرينة
2024-06-02
المعبد المصري فكرته وصورته.
2024-06-02
تعريف الدليل
2024-06-02
موازنة بين فن العمارة المصري والإغريقي.
2024-06-02
المعابد في عهد الأسرة الثامنة عشرة.
2024-06-02

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


طبيعة حق الدولة على المال العام  
  
156   12:47 صباحاً   التاريخ: 2024-05-19
المؤلف : صالح احمد حماد سليمان الجبوري
الكتاب أو المصدر : سلطة الإدارة في تحصيل أموال الدولة والرقابة عليها دراسة في التشريعات المالية
الجزء والصفحة : ص 20-30
القسم : القانون / القانون العام / القانون المالي /

رأى بعض الفقه أن الدولة ليس لها على الأملاك العامة ملكية حقيقية، بل لها نوع من الولاية أو الأشراف، أي واجب الحفظ والمراقبة والادارة (1) ، ويرى بعضهم الآخر أن حق الدولة هو حق ملكية حقيقية وإن كانت الأموال العامة لأتخضع لقواعد القانون المدني الخاصة بالملكية لأن الملكية تتكون من ثلاثة عناصر هي حق الاستعمال وهو حق لأتملكه الدولة بل يملكه جميع الناس، بما فيهم الأجانب، وحق الاستغلال فلا وجود له لأن هذه الأموال في الغالب لا تنتج ثمارًا، وحق التصرف لا محل له لأن الاستعمال العام لهذه الأموال يجعلها غير قابلة للنقل كونها حقوق عينية (2) ، وهناك من يرى أنها أكثر من الحقوق التي تنشأ بمجرد الحفظ والمراقبة أو انها ملكية خاصة تشبه حق الملكية في بعض الوجوه (3)، والأموال العامة هي الأموال المخصصة للمنافع العامة، وهي بيد الحكومة بصفتها حارسة عليها لا بصفتها مالكة لها، أما ملكيتها فللامة، إن حق الدولة على الأموال الخاصة هو حق ملكية مدنية، ولا تثير أيه مشكلة في تكييف حق الدولة على هذه الأموال وفي تحديد الأحكام التي تخضع لها، فقيام الدولة في تملك الأموال الخاصة شأن أي فرد في تملك المال الخاص وتخضع لأحكام القانون الخاص مع وجود قيود معينة اقتضتها طبيعة الدولة (4) ، واختلف الفقه في تحديد طبيعة حق الدولة على المال العام إلى اتجاهين
الأول: منكر لحق ملكية الدولة للمال العام والثاني: مؤيد لملكتها على هذه الأموال هذا مأسوف نتناوله تباعاً. وما هو التكييف القانوني لذلك؟.
ولإعطاء صورة واضحة عن طبيعة حق الدولة عن المال العام سنقسم هذا الموضوع على فرعين اثنين سنتناول في الفرع الأول الاتجاه المنكر لوجود حق الملكية ونختم في الفرع الثاني (الاتجاه المؤيد لحق الملكية) وكما يأتي:
الفرع الأول
الاتجاه المنكر لوجود حق الملكية
انفردت مدرستان في نكرانهما لحق الملكية للمال العام سواءً كانت دولة، أم غير ذلك من الأشخاص، وقد استندت هاتان المدرستان في مبرراتهما على اعتبارات عدة:
المدرسة الأولى: تنكر ملكية الدولة على المال العام وتعترف لها بالشخصية المعنوية ومن أبرز أنصار هذه المدرسة الفقيه ( برودون ) ، إذ عد الدومين العام دومين حماية لا دومين ملك عند تمييزه الدومين العام من الدومين الخاص، وإن الدولة تنوب عن الجمهور في حفظ المال العام وصيانته تحوزه باسمه ولمصلحته (5).
تأسيساً على أن حق الملكية كما يعرفه القانون المدني والذي يقضي باختصاص صاحب المال به وقصر انتفاعه به على شخصه مع ما يرتبه له هذا الاختصاص من استعمال واستغلال وتصرف(6)، وهو لا يمكن أن يتوفر للدولة على أموال الدومين العام، لأنها لا تختص وحدها بالمال العام، وإنما يمتد إلى الأفراد كافة ،وفي ضوء ذلك إن الأموال العامة لا تبيح للدولة حق الانتفاع، وإنما الأفراد هم الذين ينتفعون (7).
وقد كيف الفقيه ( ديكروك ) حق الدولة على الأموال العامة بأنه حق ولاية وإشراف وحفظ وصيانة والذي حلل الملكية إلى ثلاثة عناصر هي حق الاستعمال والاستغلال والتصرّف، ورأى أن هذه العناصر منعدمة بالنسبة للدولة فحق الاستعمال يكون ليس للدولة وإنما للأفراد كافة، كما أن الدولة ليس لها أن تستغل المال العام، والتصرف فيه محظور عليها ، ومتى ما انعدمت هذه العناصر الثلاثة فإن حق الدولة على الأموال العامة لا يكون إلا مجرد ولاية إشراف وحفظ وصيانة، وهذه الولاية هي مظهر من مظاهر سلطة الدولة وسيادتها وعليه فإن حق الدولة على الأموال العامة لا يمكن عده حق ملكية (8).
المدرسة الثانية: والتي نادى بها الفقيهان ( دوجي وجييز) واللذان أنكرا الشخصية المعنوية للدولة ، بما لا يسمح لها أن تكون صالحة لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، وأن يدها على المال العام مجرد حق في الإشراف والإدارة والصيانة، وأن الدولة لا يمكن أن تكون صاحبة الحقوق ومالكة للمال العام، وهم بذلك لا يعترفون بالشخصية المعنوية للدولة (9).
هذا وقد اتفق أنصار هذا الاتجاه من الفقه الفرنسي على عدم عد الإدارة مالكة للمال العام، واختلفوا في طبيعة الحق الذي تحوزه الدولة عليها ، فذهب الفقيهان ) ديكرو و برتلمي) فعداه حقاً في الإشراف والصيانة أما ( دي ريس وماجيرو ( إلى عده حقاً في السيادة (10).
وقد تأثر الفقه والقضاء المصري في هذا الاتجاه في ظل التقنين المدني وذهب إلى إنكار ملكية الدولة للمال العام، وأن حقها على المال العام يتمثل بولاية الإشراف والحفظ والصيانة (11).
فعند تمييزه الأموال العامة من الأموال الخاصة، عرف الأستاذ محمد كامل مرسي الأموال العامة هي الأموال المخصصة للمنافع العامة، وهي في يد الحكومة بصفتها حارسة عليها لا بصفتها مالكة لها، وملكيتها للأمة (12).
إن الحكومة تضع يدها على الأموال العامة بصفتها حارسة عليها لا بصفتها مالكة لها وقد ذهب القضاء المصري مؤيداً هذا الاتجاه في العديد من أحكامه، إذ قضى بأن حق الدولة في المال العام هو حق ولاية إشراف وحفظ وصيانة ليس بحق ملكية، إذ جاء في أحد أحكامه : إن طبيعة حق ملكية الحكومة للمنافع العامة تخالف طبيعة ملكية الأفراد، وأن حق الملكية الذي يتكون من ثلاثة عناصر هي حق الاستعمال وحق الاستغلال وحق التصرف، لا تتوافر عناصره هذه في حق ملكية الحكومة للمنافع العامة، فحق الاستعمال لا تملكه الدولة بل يملكه عموم الناس حتى الأجانب ، وحق الاستغلال لاوجود له لأن هذه الأموال في الغالب لا تنتج ثماراً ، وحق التصرف لا محل له لأن الاستعمال العام الذي تخضع له هذه الأموال يجعلها غير قابلة لأن تنتقل إلى أياد أخرى، لقد قال بعض الشراح بأن الدولة ليس لها على الأملاك العامة ملكية حقيقية ، بل ولها فرع من الولاية والإشراف وواجب الحفظ والمراقبة والإدارة (13).
يتبين مما تقدم إن الفقه والقضاء إلى وقت قريب كان ينكر ملكية الدولة للأموال العامة، فالدولة لا تملك الأموال العامة بل يكون لها الحق في الأشراف على هذه الأموال وحفظها وصيانتها، ولها أن تتخذ كل الإجراءات اللازمة للمحافظة عليها وضمان استمرار قيامها بالخدمات التي خصصت لها.
الفرع الثاني
الاتجاه المؤيد لحق الملكية
إذ يرى أنصار هذا الاتجاه الفقيه ( هوريو ) ومن اتبعه من الفقهاء المحدثين لملكية الدولة للمال العام (14) . هو حق ملكية حقيقية وهو ليس حقاً في الإشراف والرقابة فحسب، لا يختلف هو بطبيعته عن الحق الذي تملكه الدولة على أموالها الخاصة، وهذا ما سار عليه أحكام القضاء الإداري في فرنسا ومصر، وقد استند أنصار هذا الاتجاه على عدد من الحجج والأسانيد التي سنتناولها تباعاً : -
أولاً: توافر عناصر الملكية: أنّ حق الإدارة على المال العام حسب أنصار هذا الرأي يتضمن عناصر الملكية المعروفة كافة وهي حق الاستعمال والاستغلال والتصرّف ، فحق الاستعمال للأموال مثلا يظهر بوضوح في الأبنية الحكومية والحصون العسكرية المخصصة لخدمة المرافق العامة، إذ إن الإدارة في هذه المرافق تقوم باستعمال ما تحت يدها من أموال، وفي قواعد الملكية بالنسبة للأموال المخصصة لاستعمال الأفراد فليس هناك ما يمنع المالك من ترك حق استعمال أمواله للغير، وللدولة الحق في استغلال الأموال العامة، لأنها تمتلك ثمار هذه الأموال سواء كانت الثمار طبيعية نحو نتاج الحدائق أو مدنية نحو الدخل الذي تحققه مقابل انتفاع الأفراد بالأموال العامة أو استعمالها، أما حق التصرف، فيحق للشخص الإداري التصرف بالأموال العامة بعد انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة وتحويلها إلى أموال خاصة (15) .
ثانياً: الملكية وظيفة اجتماعية: إنّ انصار مؤيدي النظرية المنكرة لحق الملكية بوجود فروق بين سلطة الدولة على الأموال العامة، وتلك المقررة في مجال الملكية الخاصة بصورة ينعدم معها وجود هذا الحق بالنسبة للأموال العامة هو ادعاء غير صحيح إذ لم يعد حق الملكية حقاً مطلقاً في الوقت الحاضر إذ إن الفكرة القديمة عن الملكية الفردية بعدها تتمثل باستبداد المالك بملكه قد أنقضت ، وحل محلها تكييف جديد يعد الملكية وظيفة اجتماعية تستهدف أغراضاً معينة بحيث يمارس هذا الحق في إطار مجموعة من القيود حماية للمصلحة العامة، والقيود المفروضة على ملكية المال العام لا تنال من طبيعة حق المال أو تغير من جوهره، ومن الأمثلة على ذلك أن يستعمل المالك حقه بصورة لا تضر بالمصلحة العامة أو بملك الجار (16).
ثالثاً: الاعتراف بحق ملكية الدولة لأموالها العامة: إن الاعتراف للدولة بحق ملكيتها على الأموال العامة يحقق فوائد كثيرة ومهمة هي: تحديد المسؤول عن تعويض الاضرار الناتجة عنه، ومن الذي تعود إليه عوائد وثمار المال العام، أو الذي يرفع دعوى حماية الملكية وغرها (17).
رابعاً: دعاوى حماية الملكية : يحق للدولة رفع كافة الدعاوى القضائية لحماية أموالها العامة المقررة للمالك في حماية ملكة، مثل دعوى الحيازة ودعوى الاسترداد أو منع التعرض، فضلاً عن ذلك في إنكار حق الملكية على أموال الدولة يثير كثيراً من المشاكل، الذي يصعب تقديم الحلول المقبولة لها، ومنها تفسير السلطات التي تمارسها الدولة على أموالها العامة، وتحديد المسؤول عن صيانة حقوقها والتعويض عن الأضرار الناشئة عنها ، وتحديد صاحب الحق في ثمنها إذا بيعت بعد أنهاء تخصيصها للمنفعة العامة أو دخلها (18).
فقد اتخذ الفقه في مصر من القانون المدني الحالي في نص المادة (87) محلاً لإثبات ونفي ملكية الدولة للمال العام إذ إنّ أصل هذه المادة (119) من المشروع التمهيدي للقانون المدني كانت تنص على أن تعتبر أموالاً عامة العقارات والمنقولات المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة ....) حيث أن هذه المادة عندما عرضت على لجنة المراجعة حذفت كلمة (المملوكة) والسبب في ذلك قولها تجنياً للأخذ برأي قاطع في كون الأموال العامة مملوكة للدولة أو أن الدولة حارسة على هذه الأموال . وصدرت المادة (87) بشكلها الحالي التي نصت على تعتبر أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة ......)
وهذا وقد عد جانباً من الفقه المصري دليلاً لتأييد رأيهم المنكر لملكية الدولة للمال العام بأن يتخذ من حذف لجنة المراجعة لكلمة (المملوكة) وتسويغها في ذلك إن المشرع لو أراد أن يقر بملكية الدولة للمال العام لما أقدم على حذف هذه الكلمة (19).
يرى غالبية الفقه المصري الحديث (20) من حذف كلمة (المملوكة) في نص المادة (87) من القانون المدني لا يمنع القول بملكية الدولة للأموال العامة إذ أنّ المادة (87) من القانون المدني نصت على عدّ العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص المعنوية العامة أموالاً عامة متى كانت مخصصة للمنفعة العامة، وفي ذلك يؤيد المشرع بنظريّة تعدّد المال العام، بحيث يكون هناك مال عام للدولة، ومال عام لكل شخص من الأشخاص المعنوية العامة، ويعد هذا اعتراف ضمني بملكية الدولة وغيرها من الأشخاص المعنوية العامة للمال العام.
ذهب القضاء الإداري في مصر انسجاماً مع ما رآه غالبية الفقه المصري إلى تكييف حق الدولة على المال العام بأنه حق ملكية وذلك في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بما يأتي ... أن الأموال التي تصبح من الأموال العامة بمجرد تخصيصها بالفعل لمنفعة عامة هي الأموال المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة عملاً بالمادة 87 من القانون المدني ......)(21) كما قضت في حكم أخر الأشياء التي تصبح من الأموال العامة بمجرد تخصيصها للمنفعة العامة بطريق رسمي أو فعلي الأموال المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة وذلك عملاً بنص المادة 87 من القانون المدني.......) (22)
اعترف المشرع الدستوري المصري بملكية الدولة على المال العام في دستور 2012 وبموجب المادة 21 التي تنص على ملكية الدولة على أربعة أنواع من الملكية ومن ضمنها الملكية العامة (23).
فقد جاءت المادة (71) من القانون المدني العراقي متوافقة لما نصت عليه المادة (87) من القانون المدني المصري التي اعترفت بملكية الدولة للمال العام إن أغلب الفقه العراقي قد أشار إلى ملكية الدولة للمال العام (24) .
أما القوانين التي صدرت بعد القانون المدني فإنها لم تميز بين أموال الدولة العامة والخاصـــــــة وبعضها الآخر ميز بينهما، إلا إن الأهم في الموضوع هو أن المشرع العراقي قد اعترف بملكية الدولة لبعض الأموال التي تعد من الأموال العامة، كما جاء في قانون إدارة البلديات بالقول ( تسجل باسم البلدية بدون عوض كافة الشوارع الواقعة داخل حدودها والمتروك استعمالها للنفع العام ......) (25)، وجاء في قانون الطرق العامة بالنص (تسجل أراضي محرمات الطرق العامة المستملكة باسم وزارة المالية وتخصص للهيئة وتعدل السجلات العقارية للأراضي التي تم استملاكها ...... )(26).
وجاء في الدستور العراقي لعام 2005 النص على ملكية النفط والغاز بالقول (هو ملك كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات) (27).
وفي هذه المادة يثار تساؤل هل يعد الشعب كياناً قانونياً يتمتع بشخصية معنوية تؤهله تملك الأموال أم أنه مجرد تعبير سياسي أو اجتماعي، وفي هذا السياق من الناحية القانونية في هذه المادة نرى أن المشرع لم يكن دقيقًا، إذ إنّ الشعب ما هو إلا عنصر من العناصر المكونة للدولة، وليس لديه شخصية معنوية بذاته تميزه عنها وتؤهله للتملك، وإنما هناك كيان يُعبر ويتصرف نيابة عنه ويتملك باسمه بوصفه ممثلاً للشعب، وهذا الكيان يتجسد بالدولة، لذا كان الأجدر بالمشرع الدستوري أن يستعمل مصطلح الدولة بدل مصطلح الشعب لأن ذلك أقرب إلى المنطق القانوني السليم.
وبعد هذا العرض يتبين إن غالبية الفقه المصري يرى ترجيح القول بملكية الدولة للأموال العامة، وفي صدور التقنين المدني الحالي قد رجح المشرع هذا الاتجاه أيضاً، وإن لم يكن ذلك صراحة، لكن جميع الدلائل والأسانيد التي ساقها الفقه تؤيد اعتراف المشرع الضمني بملكية الدولة والأشخاص المعنوية العامة للمال العام.
إن اختلاف الفقه المصري في تكييف حق الدولة والأشخاص المعنوية العامة على الأموال العامة هو نتيجة لعدم تحديد المشرع هذا المعيار بشكل قاطع والحجج التي عرضها المؤيدون لملكية الدولة على المال العام ، يصدق القول بها لجميع التشريعات التي لم تبين موقفاً قاطعاً تجاه هذه المسألة ، وتوافق نصوصها النص المصري الذي حدد الأموال العامة، إذ يوافق نص المادة (87)(28) من التقنين المدني المصري نص المادة (90)(29) من التقنين المدني السوري، أما المشرع اليمني فقد كان أكثر وضوحاً في الخلاف الدائر حول هذه المسألة ، فنص بشكل واضح على حق الملكية إن حق الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة على المال العام، فنصت المادة (120)(30) من التقنين المدني على أن (... المال العام هو كل مال تملكه الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة ويكون مخصصاً للمنفعة العامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو قرار .... فالرأي واضح وبين في التشريع على إن حق الدولة على المال العام هو حق ملكية.
من الواضح فإن توجه المشرع اليمني توجهاً موفقاً ، لأنه يتوافق مع النظرية الحديثة على ملكية الأموال العامة.
وهذا ولم يختلف موقف المشرع العراقي، عن موقف نظرائه في التشريعات التي لم تحدد موقفاً واضحاً تجاه هذه المسألة كالقانون المصري والأردني، إذ تنص الفقرة الأولى من المادة (71) من القانون المدني على أنه : (1- تعتبر أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص المعنوية العامة...). إذ نفهم من هذه المادة إن المشرع لم ينص صراحة على ملكية الدولة أو الأشخاص المعنوية العامة للأموال العامة، وإنما لم يكن له رأي واضح في هذا الشأن.
ويمكن القول إن الفقه المصري شهد خلاف حول تكييف حق الدولة والأشخاص المعنوية العامة على الأموال العامة بسبب عدم بيان الاتجاه الذي يؤيده المشرع بشكل واضح كما اسلفنا بيانه وكذلك مؤيدو اتجاه ملكية الدولة للأموال العامة في القانون العراقي وذلك لتماثل النصين (31) هذا وقد استند الأستاذ السنهوري في الفقرة الأولى من المادة (71) في ترجيحه لملكية الدولة للأموال العامة إن المشرع يأخذ بتعدد الدومين العام وهنا نكون أمام مال عام للدولة ، ومال عام لكل شخص من الأشخاص المعنوية العامة، إذ إن من النتائج التي تترتب على القول بملكية المال العام هي تعدد الدومين (32)، إذ إن المشرع قد قيد حق التصرف في هذه الأموال ومنع حجزها أو تملكها بالتقادم (33) ، ويعد هذا إثبات لملكية الأموال العامة، وإذا قلنا بخلاف ذلك فإن الشخص الإداري لا يملك المال العام وبذلك سوف نكون أمام منع عديم الفائدة، ومن الواضح إن اتجاه المشرع مؤيد للأخذ بالنظريات الحديثة التي تعد الملكية وظيفة اجتماعية في تشريعاته المختلفة(34).
ومن خلال ذلك يتضح إن المشرع العراقي أخذ بالاتجاه المؤيد لملكية الدولة للمال العام ، رغم إنه لم ينص على ذلك صراحة ، إنما جاء هذا التأييد ضمنياً، وفي ضوء ما تقدم كان الأجدر بالمشرع اتخاذ موقف صريح حول تحديد حق الدولة والأشخاص المعنوية العامة على الأموال العامة بحيث يكون تأييده لملكية الدولة أو الأشخاص المعنوية العامة للأموال العامة صريحاً لا خلاف فيه.
خامساً: النتائج المترتبة على مملوكية المال العام: يترتب على تكييف حق الدولة والأشخاص الإدارية على الأموال العامة بأنه حق ملكية مجموعة نتائج وهي:
1- حق الأشخاص العامة في رفع دعاوى الاستحقاق أو الاسترداد ورفع دعاوى الحيازة أو وضع اليد لرد الاعتداء الواقع من الأفراد على حيازتها للمال العام (35).
2- وللشخص الإداري الجمع في الدعويين الحيازة والاسترداد. وحقها في إزالة التعدي بالطريق الإداري.
3- يقع على عاتق الأشخاص العامة المالكة للمال العام صيانته وتلتزم بتعويض الأفراد بسبب الأضرار التي لحقت بهم من جراء أهمالها في القيام بصيانة المال العام.
4- يحق للأشخاص الإدارية المالكة للأموال العامة مطالبة المعتدي على أموالها بالحق في التعويض إدارياً وقضائياً عما يصيبها من أضرار .
5- للأشخاص العامة الحق في تملك الثمار والحاصلات التي يغلها المال العام والركاز المدفون لأن ملكتها للأرض المعتبرة من الأموال العامة تشمل سطح الارض وباطنها، واكتساب ملكية طمي الأنهر المجاورة (36).
6- إلتزام الأشخاص العامة بواجب صيانة الأموال العامة.
7- تعدد حق الملكية على المال العام بتعدد الأشخاص العامة المالكة لها (37). فالدومين العام يتعدد بتعدد الأشخاص الإدارية التي تملك المال العام، فيكون لكل شخص إداري دومين عام يملكه بشكل مستقل عن الدومين العام المملوك للأشخاص الإدارية الأخرى ، فمن الخطأ القول أن وحدة الدومين العام أو تعدده يكون موقوفاً على الاعتراف بالشخصية الإدارية لغير الدولة ، أو اقتصارها على الدولة، فالشخصية الإدارية ضرورية لإمكان القول بتملك المال العام ولكنها لا تكفي وحدها لتقرير ذلك(38)، ولكن القول بملكية المال العام يجعل جميع الأشخاص الإدارية مالكة لدومينها العام، وهذا يؤدي إلى تعدد الدومين العام.
8- عند انتهاء تخصيص الأموال العامة للمنفعة العامة يجوز للأشخاص الإدارية المالكة لها التصرف بالبيع أو الايجار، ويدخل ثمن البيع أو الايجار ضمن الذمة المالية لهذه الأشخاص (39).
ويرى الباحث إن اختلاف الفقه المصري لتكييف حق الدولة والأشخاص المعنوية العامة على الأموال العامة بسبب عدم تحديد المشرع بشكل قاطع وصريح حق ملكية الدولة على المال العام، وكان من الواضـــــــح في توجه المشرع اليمني توجهاً موفقاً ، لأنه يتوافق مع النظرية الحديثة على ملكية الأموال العامة.
ومن خلال ذلك يتضح إن ملكية الدولة للمال العام مشابهة للملكية الاعتيادية التي ينظمها القانون المدني ، مع توفر عناصرها الثلاث (استعمال ، استغلال ، تصرّف ) ، وأن أنصار حق ملكية الدولة على المال العام ، برهنوا هذا الحق عن طريق أثباتهم في توافر عناصر الملكية على المال العام ، لكن إن مايميز هذه الملكية هو تخصيصها للمنفعة العامة، إذ إن هي ملكية اعتيادية مقيدة في تخصيصها للمنفعة العامة ، مثل القيود الأخرى التي ينظمها القانون المدني على حق الملكية ، وان الأمتيازات التي تتمتع بها الإدارة اتجاه الأموال العامة بسبب ارتباطها بالمصلحة العامة إن المشرع العراقي أخذ بالاتجاه المؤيد لملكية الدولة للمال العام ، رغم إنه لم ينص على ذلك صراحة ، إنما جاء هذا التأييد ضمنياً، ونشد على يد المشرع اتخاذ موقف صريح لا جدل فيه حول تحديد حق الدولة والأشخاص المعنوية العامة على الأموال العامة والاخذ بالاتجاه المؤيد لملكية الدولة على المال العام.
______________
1- سعاد الشرقاوي، القانون الإداري ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2009 ، ص 469 ، محمد فاروق عبد الحميد ، المركز القانوني للمال العام، ط ا ، مطبعة خطاب للنشر ، القاهرة 1983 ، ص ص115- 116 .
2- طعيمة الجرف ، القانون الإداري، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1985 ، ص 362 .
3- محمد كامل مرسي بك الاموال الخاصة والعامة في القانون المصري ، مجلة القانون والاقتصاد ، ع ، س9، 1939، ص 675.
4- حمد زيدان نايف محمد العنزي الحماية الجنائية للمرافق والاموال العامة، مكتبة حقوق المنصورة، 1995، ص 50.
5- سليمان محمد الطماوي، مبادئ القانون الإداري دراسة مقارنة، دار الفكر العربي ، القاهرة، 2007،، ص 576.
6- طعيمة الجرف القانون الاداري دراسة مقارنة في تنظيم ونشاط الادارة العامة، مصدر سابق، ص 365.
7- سعاد الشرقاوي، القانون الإداري، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2009 ، ص469 .
8- محمد عبد الحميد أبو زيد ، حماية المال العام ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1987 ، ص 215 .
9- محمد فاروق عبد الحميد ، المركز القانوني للمال العام، ط1 ، مطبعة خطاب للنشر ، القاهرة 1983، ص 116 .
10- إبراهيم عبد العزيز شيحا، أصول القانون الإداري، اموال الادارة وامتيازاتها دراسة مقارنة، منشأة المعارف، بلا سنة نشر، ص 119.
11- محمد علي عبد الله العربي، مبادئ علم المالية العامة والتشريع المالي ، ج 2، 1938 ، ص 19.
12- محمد كامل مرسي بك الاموال، فتح الله الياس وأولاده ط 2 ، مصر ، 1937،ص57.
13- قرار محكمة المنصورة الكلية بتاريخ 1937/12/13 ، مجلة المحاماة ، السنة 20 رقم 46 ، ص 106
14- المؤيدين لهذا الرأي في فرنسا (بونارد – رولاند – دي لوبادير ) .
15- ماجد راغب الحلو ، القانون الإداري، دار المطبوعات الجامعية ، الإسكندرية ، 1994، ص 208.
16- محمد عوض رضوان ، حُرمة المال العام في التشريع الوضعي والإسلامي ، ط1، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2011 ، ص 48 .
17- علي محمد بدير ، عصام البرزنجي، مهدي ياسين ،السلامي، مبادئ واحكام القانون الاداري العاتك لصناعة الكتاب، 2011، ص 394 و خالد الزعبي، القانون الأداري وتطبيقاته في المملكة الأردنية الهاشمية مكتبة دار الثقافة للنشر 2001 ، ص20.
18- ماجد راغب الحلو ، القانون الإداري، دار المطبوعات الجامعية ، الإسكندرية ، 1994 ،ص210.
19- إبراهيم عبد العزيز شيحا الأموال العامة، مصدر سابق، ص 400
20- ينظر، سليمان الطماوي، مبادئ القانون الإداري، ط5 ، دار الفكر العربي، بلا مكان نشر 1966 ، ص 612 ، وينظر، طعيمة الجرف ، القانون الإداري، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1985 ، ص 364 ، وتوفيق شحاته، مبادئ القانون الإداري، الجزء الأول، ط الأولى، دار النشر للجامعات المصرية، القاهرة، 1954 1955، ص 588
21- قرار المحكمة الإدارية العليا ، طعن رقم 420 لسنة 64ق ، في 2002/11/24 ، منشور في موقع هيئة قضايا الدولة بتاريخ 2013/5/17.
22- قرار المحكمة الإدارية العليا ، طعن رقم 6840 لسنة 63ق ، في 2002/12/17 ، منشور في موقع هيئة قضايا الدولة بتاريخ 2013/5/17 .
23- ينظر: المادة (21) من دستور مصر لسنة 2012 0
24- علي محمد بدير ، عصام البرزنجي، مهدي ياسين ،السلامي، مبادئ واحكام القانون الاداري العاتك لصناعة الكتاب، 2011 ، ص 393 ، د. ماهر صالح علاوي ، مبادئ القانون الإداري ، العاتك لصناعة الكتاب بالسنة نشر ، ص 139.
25- ينظر: المادة (97) من قانون ادارة البلديات رقم (165) لسنة 1964.
26- ينظر: المادة (5/ رابعاً) من قانون الطرق العامة رقم (35) لسنة 2002
27- ينظر المادتين ( (111) ، (112) من دستور جمهورية العراق الدائم لسنة 2005 .
28- ينظر: المادة (78) من لقانون المدني المصري رقم (131) لسنة 1948.
29- ينظر: المادة (90) من القانون المدني السوري رقم (84) لسنة 1949.
30 ينظر: المادة (120) القانون المدني اليمني رقم (14) لسنة 2002.
31- يماثل النص العراقي النص المصري، عدا إن التقنين العراقي لا يشمل في الفقرة الأولى من ينظر: المادة (71) عبارة : (أو قرار جمهوري أو قرار من الوزير المختص) التي تضمنها النص المصري
32- عبد الرزاق احمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني حق الملكية مع شرح مفصل للأشياء والاموال الجزء الثامن، بيروت، دار احياء التراث العربي، ص 147.
33- ينظر: المادة (71) الفقرة الثانية من القانون المدني على أنه : (( وهذه الأموال لا يجوز التصرف بها أو الحجر عليها أو تملكها بالتقادم )
34- نصت ينظر : المادة (16) من دستور (1970) على أن : (أ. الملكية وظيفة اجتماعية تمارس في حدود . أهداف المجتمع ومناهج الدولة وفقاً لأحكام القانون). وقد أكد مشروع دستور (1990) هذا الاتجاه في نص ينظر: المادة (30) فجاء فيها : (الملكية وظيفة اجتماعية، ينظم القانون كيفية التصرف بها، واستعمالها والانتفاع بها، بما يتفق والمصلحة العامة والأسس الاقتصادية والاجتماعية المحددة في الدستور).
كما أخذ القانون المدني بهذا الاتجاه طريق إيراده في نص ينظر: المادة (1051) بعض القيود التي ترد على حق الملكية.
35- إبراهيم عبد العزيز شيحا، أصول القانون الإداري، اموال الادارة وامتيازاتها دراسة مقارنة، منشأة المعارف، بلا سنة نشر ، ص 137.
36- عبد الرزاق السنهوري، حق الملكية مع شرح مفصل للاشياء والاموال ج 8 بيروت دار احياء التراث العربي ، ص 146.
37- ابراهيم عبد العزيز شيحا، مصدر سابق، ص 148.
38- محمد زهير جرانة ، حق الدولة والأفراد على الأموال العامة، مطبعة الاعتماد القاهرة 1943 ، ص 94.
39- محمد عبدالله الحراري، القانون الاداري الليبي، ط7، المكتبة الجامعية للنشر، بنغازي، 2019 ، ص173




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .