بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى عام 1918، انعقد أكبر مؤتمر في قصر فرساي في باريس لتحديد مصير دول ما بعد الحرب عام 1919، وأبرمت بعده عدة معاهدات من القوى المتحالفة المنتصرة منها "سيفر" في 10 أغسطس/ آب 1920، وتقاسمت بموجبها أراضي الدولة العثمانية، وأعطت معظم الجنسيات غير التركية فيها استقلالها عن الإمبراطورية، لكن الأتراك رفضوا ذلك، وخاضوا حربًا شرسة ضد الحلفاء، حتى حققوا انتصارًا كبيرًا عليهم، خصوصا على اليونان في حرب الاستقلال التركية 1922-1923. بعد ذلك، عُقد "مؤتمر لوزان الثاني" الذي استغرقت أعماله ثلاثة أشهر، وأسفر عن توقيع "معاهدة لوزان" بوصفها اتفاقية سلام دولية، أبرمت في 24 يوليو/ تموز 1923 في فندق "Beau Rivage Plus" في لوزان، جنوب سويسرا، (جرى توقيع معاهدة لوزان الأولى 1912 في قصر دوشي في لوزان في أعقاب الحرب الإيطالية التركية 1911-1912 في ليبيا). وكان أطراف معاهدة لوزان الثانية من القوى المنتصرة بعد الحرب (خصوصا بريطانيا وفرنسا وإيطاليا)، ومعها ممثل عن الإمبراطورية العثمانية مترئسا وفدها إلى المؤتمر، عصمت إينونو، الرجل الثاني بعد كمال أتاتورك. وعلى أساس المعاهدة رسميًا، جرى تقسيم الإمبراطورية العثمانية، فتأسّست الجمهورية التركية، برئاسة مصطفى كمال باشا، وقد تسمّى "أتاتورك" (أبو الأتراك). وعاش بين 1881-1938.
اذاً يمكن ان نقول عن معاهدة لوزان للسلم هي المعاهدة التي وقعت في 24 يوليو/ تموز 1923، في مدينة لوزان السويسرية بين تركيا من جهةٍ بريطانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان واليونان ورومانيا والبرتغال وبلغاريا وبلجيكا ويوغسلافيا من جهةٍ أخرى. وقد تم توقيعها من قبل حكومة أنقرة التي كانت منافسة لحكومة إسطنبول بقيادة الصدر الأعظم المسؤول أمام السلطان العثماني.
قبل توقيع معاهدة لوزان، قامت الدولة العثمانية في 10 أغسطس/ آب 1920، بتوقيع معاهدة "سيفر" التي فسرتها حكومة أنقرة على أنها معاهدة "مُذلة" لا يمكن القبول بها. ولم تحصل اتفاقية "سيفر" اعتراف دولي سوى من قبل اليونان. ونتيجة لاستمرار حرب التحرير في تركيا وتحقيقها انتصارات ملموسة، حظيت حكومة أنقرة بالاعتراف الدولي الذي أهلها لتمثيل تركيا في مؤتمر توقيع معاهدة لوزان للسلام.
مبدئيا هذه المعاهدات لم توقع بين العراق وتركيا وانما بين بقايا الدولة العثمانية المنهارة والقوى الاوروبية المنتصرة في الحرب العالمية الاولى و حتى لو احتوت هذه المعاهدات على اية اشارات واضحة او ضمنية لمدة انتهاء العمل بها فان الامر يكون قد اختلف بعد تأسيس العراق دولة موحدة لان تأسيس دولة يعني تمتعها بحق السيادة و السيادة هي الحق الفاصل في النظام الدولي بين الدول وفق مفهوم الدولة القومية (الوطنية)… وهذا يعني ان ليس من حق اي طرف التراجع عن الالتزام بالمعاهدات لان الطبيعة القانونية للمعاهدة قد تغيرت بعد تأسيس دول ذات سيادة.
رغم الخطاب الايديولوجي لبعض القوى السياسية في تركيا الا ان الدولة التركية من حيث كونها مؤسسات قانونية لا يمكن ان تفكر او تعمل باي شكل على تغير جغرافية المعاهدات السابقة لان ذلك سيؤدي ايضا الى العودة الى قانون المنتصرين و الذي يعني اعادة سيطرة دول الحلفاء على تركيا قبل اعادة التفاوض من جديد في مرحلة لاحقة .. ما يحصل الان في محاولة تركيا التمدد خارج حدودها يعود الى عوامل عديدة … اي الدوافع الداخلية في تركيا و اهتزاز النظام الدولي و التراجع في قوة و فعالية القانون الدولي، بالنسبة للعراق لابد من الاخذ بنظر الاعتبار العامل الكردي، ليس اقليم كوردستان وحده باعتباره منظومة مؤسساتية وأنما دور الكرد في تطورات النظام الدولي، وهذه حالة جديدة تختلف كلياً عن سنوات منح العراق الحق للقوات التركية بملاحقة المقاتلين الكرد في داخل الاراضي العراقية، ولابد ايضاً عدم نسيان الصراع المتفاعل بقوة بين الولايات المتحدة و ايران و محاولة تركيا توظيف هذا الصراع لصالحها بخصوص مشروع تمددها في منطقة الشرق الاوسط واعادة هيبة الدولة العثمانية في المنطقة.
وسط هذا و ذاك فان الدولة العراقية لا تتمتع كثيرا بقوة ذاتية لفرض سيادتها، كما انها تفتقد الى دعم دولي للحفاظ على هذه السياد، وهذا ما يفسح المجال امام تركيا لتوسيع مناوراتها على حساب العراق و كذلك على حساب سوريا، لكن هل يصل ذلك الى تقسيم العراق او سوريا بشكل يضمن “استرداد تركيا للموصل و كركوك و حلب” كما يصور الخطاب السياسي التركي فهذا امر صعب و يحتاج الى تغييرات هيكلية في النظام الدولي .







وائل الوائلي
منذ 5 ساعات
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN