المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

بمختلف الألوان
ـ نشأ أميرُ المؤمنينَ وسيِّدُ الوصيّينَ عليُّ بن أبي طالبٍ (عليه السّلام) منذُ نعومةِ أظفارِهِ في حِجرِ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله) وتغذَّى من مَعِينِ هَديهِ، وكانَ أوَّلَ المؤمنينَ بِهِ والمُصدِّقِين، وفدى النبيَّ بنفسِهِ حتَّى نزلَ فيهِ قولُهُ تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مختارات
مرض الاستسهال
مسار رياض
2022/05/01
يمكن اعتبار هذا المرض احد اخطر واكثر الامراض انتشاراً في عصرنا هذا ولا ينازعه في ذلك لا مرض السكري ولا ضغط الدم ولا غيرهما من الامراض.
يكمن جوهر هذا المرض في وهم يسيطر على من يصيبه أسماه بعض الكتاب بـ (وهم المعرفة), وهذا الأخير يجعل المريض موهوماً بأنه صار بارع عصره وفريد دهره في ما يحب ويرغب, فحين يقرأ مجموعة مقالات عن الزراعة سيصبح خبيراً زراعياً وخبيراً اجتماعياً بعد عدد من المقالات التي تتحدث عن علم الاجتماع أو باحثاً دينياً لمطالعته مقولات على تويتر وفيسبوك وقراءة كتاب أو اثنين وربما ناقداً حاذقاً بمط شفتيه بمصطلحات لا يعرف معنى أغلبها ولكنه الوهم على كل حال.
تدفق المعلومات الهائل نتيجة التقدم التكنلوجي وصعوبة مراجعتها والتأكد من صحتها يجعل العقل يستسلم لهذا التدفق الكبير ويقبله كما هو بعد فترة من الزمن كنوع من الكسل الفكري وهذه السهولة في الحصول على المعلومة اوهمت الكثير من الذين يحصلون عليها أنها علم قطعي فصار ادعاء العلمية في ذلك المجال امراً مستسهلاً.
هنالك نوعان من المعرفة تقدمهما العلوم الحديثة وهما Explicit knowledge و Tacit knowledge او ما يعرف بالمعرفة القابلة للشرح والمعرفة غير القابلة للشرح بالكلام او الصور.
يتم الحصول على النوع الأول من خلال التعليم كأن يعلمك استاذ الميكانيك كيفية عمل محرك السيارات بينما يتحصل الثاني بتراكم الخبرات وهو حين ترى عاملا ماهرا يقوم بعمله بلا ادنى تفكير كما وصف ابن الرومي خبازاً شاهده فقال:
ما أنسَ لا أنسَ خبازاً مررتُ به
يدحو الرقاقةَ وشكَ اللمح بالبصرِ
ما بين رؤيتها في كفه كرةً
وبين رؤيتها قوراءَ كالقمر
إلا بمقدارِ ما تنداح دائرةٌ
في صفحة الماء يرمَى فيه بالحجر
وحتى يصل الانسان الى هذه المرحلة من المعرفة يجب عليه ان يمر بتراكم من الخبرات بمرور السنين والتجارب لا أن يقرأ منشوراً هنا وكتاباً هناك أو يطالع بعض الآراء فيشكل حكما قطعياً لا يقوم به حتى صاحب الخبرة والتخصص, وهذا التراكم المعرفي هو ما يقوم به العلماء في كل المجالات, فلن تسمع في الاوساط العلمية التي تحترم نفسها أن عالماً بنى ما يقوله على منشور فيسبوك او تعليق في تويتر او صورة في انستغرام, هذا لأنه يعرف مقدار السخرية التي سينالها من أناس يحترمون أنفسهم ويعرفون ما يقولون.
محاولة تبسيط كل شيء تقود في الكثير من الأحيان إلى خداع المتلقي بأنه صار فاهماً وملماً بهذا الشيء المبسط وهي تشبه إلى حد كبير مشاهدة أحد ابطال الرياضة المحترفين وهو يمارس حركات رياضية صعبة بسلاسة بالغة تجعل المشاهد (يتوهم) أنه قادرٌ على فعل ذات الأمر لفرط ما يبدو عليه الأمر ظاهراً من إتقان, والمشاهد في هذه اللحظة يتناسى الساعات الطويلة والمضنية من التمارين الشاقة والسلسلة الطويلة من الفشل والمحاولة حتى الوصول الى هذا المستوى, كل هذا الجهد الكبير لايبدو واضحاً للمشاهد لأنه يرى في النهاية خلاصة كل هذا الجهد ويتصور أنه بدون بذل هذا التعب المطلوب سيصل الى مستوى ذلك اللاعب.
يدعم الاستسهال نزعة السذاجة والسطحية التي تعصف بالعالم ويدعو الى تبسيط وتسخيف كل شيء, فمن حق كل من له حساب على موقع للتواصل الاجتماعي أن يصبح خبيراً بما يريد , يكفي أن يحدث أي حدث يسترعي انتباه روّاد هذه المواقع حتى تشاهد الخبراء في ذلك الشأن يخرجون من ثقوب العالم الافتراضي ليدلو كل بدلوه في ما يريد حتى ضاع الخيط والعصفور.
اعضاء معجبون بهذا
ثقافية
أدبية
علمية
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات