جاء في كتابِ (أخلاقِ الإمامِ عليٍّ عليهِ السلام)
للسيد مُحمد صادق مُحمد رضا الخِرسان
قالَ أميرُ المؤمنينَ -عليهِ السَّلام-:
(كَمْ مِن أكلةٍ مَنعَتْ أكلاتٍ)
إنّ هذهِ الحكمةَ تُبيّنُ نظاماً غذائياً مفيداً لو إلتزمَ بهِ الواحدُ مِنّا، بحيثُ يُنظِّمُ أكلَهُ بِما يَلتئِمُ معَ حالتِهِ ووضعِهِ الصّحيِّ والنّفسيِّ فلا يُسرِفُ على أساسِ أنّها فرصةٌ ولا يَتركُ على أساسِ الزُّهدِ.
بلْ يتوازنُ بِما يَحفَظُ لهُ قوامَهُ، ويعينُهُ على مقاصدِهِ المشروعةِ وأهدافِهِ المرجوّةِ في الحياةِ؛ لأنَّ اللهَ تعالى خلقَ الإنسانَ وأرادَ إسعادَهُ، وخَلقَ الدُّنيا وما فِيها لخِدمتِهِ وتَذليلِ الصُّعوباتِ المُواجهةِ لهُ بما يجعلُهُ القائمُ بحكمِ اللهِ في الأرضِ.
فلا مانعَ إذَنْ مِنَ التّنَعُّمِ بالمأكولاتِ والالتذاذِ بها، لكنَّ مقياسَ السّيطرةِ متروكٌ تَحتَ يدِ الفردِ ذاتِهِ، لا يتحكّمُ فيهِ سواهُ إذ هُوَ على نفسِهِ بصيرٌ، فلا يَبقى جائعاً، شَرِهاً، مُتطلِّعاً لِما عندَ غيرِهِ يَنْفَسُ (يَحسِدُ) عليهِم نِعَمِ اللهِ، كما عليهِ أنْ لا يتحوّلَ إلى حاويةِ طعامٍ وشرابٍ بما يُخرجُهُ عن حدِّ الإنسانِ الطّبيعي وقدْ يلتحقُ بغيرِهِ مِنَ المخلوقاتِ التي تقضي أوقاتِها بالأكلِ.
وبهذا نأمَنُ عدمَ حدوثِ أزماتٍ صحيةٍ أو اقتصاديةٍ فلا نشكو مجاعةً أو حصاراً أو تضييقاً، وإنّما الجميعُ يتوازَنُ وِفقَ هذهِ الحكمةِ التي تُؤكّدُ أنَّ بعضَ الأكلِ يُهدّدُ وجودَ الإنسانِ او يمنعُهُ مِنَ الالتذاذِ بالأكلِ مرةً أُخرى وإلى الأبدِ – أحياناً – فيكونُ طبيبَ نفسِهِ مِن دونِ ما مشاورةٍ واستشارةٍ طبيةٍ فلا أمراضَ القلبِ ولا السُّكرِ ولا الضّغطِ ولا الرَّبو ولا أمراضَ المعدةِ بعوارضِها المختلفةِ، مِمّا يتعرّضُ لهُ الإنسانُ بسببِ التّركيزِ على بعضِ المأكولاتِ ولو في سِنٍ معينٍ او مُدّةٍ مُعينةٍ ولو كانَ لظروفٍ خاصةٍ فللأكلِ تأثيرُهُ في الإنسانِ مَهما كانَ.
فالدعوةُ إلى أنْ يلتزمَ الإنسانُ بما يُوافقُ مزاجَهُ ويلائمُ طبيعتَهُ، وأنْ لا يُسرفُ في الأكلِ لأنّهُ سيتحملُ – وحدَهُ – بعدَ ذلكَ تَبِعاتِ عدمِ الالتزامِ، والإسرافِ في الأكلِ.