بقلم : السيد ليث الموسوي
جرت العادة على وسم من يتقلب بين البلدان ومجتمعاتها بأنه (مثقف) ومتزن في شخصيته وطريقة تفكيره..
باعتباره قد امتلك كما كبيرا من ثقافات الشعوب التي عاشرها، فجعلته مؤهلا لأن يحسن اتزانه الشخصي، وهذا ما كان يبدو على منطقه وخطابه بشكل ظاهر..
ولسنا نهتم كثيرا لمعرفة صدقيّة هذه الملازمة، بل الذي يهمنا هو الوقوف على أسباب تدني ثقافات المجتمعات (أجمع) وسلوكياتها في ظل انفتاح ومعايشة الشعوب والمجتمعات لبعضها، والتي البعض وفرتها تقنية التواصل والاتصال الحديثة.
فلايخفى على أحد حجم الخروقات االسلوكية والذوقية على صفحات برامج التواصل (الاجتماعي)!
حتى بات يصعب على الكثير ممن يحترف الاتزان الفكري والذوقي أن يتواجد أو يمارس دوره من خلال تلك الصفحات!
حيث أصبحت اللغة السائدة بالتخاطب مع الآخرين هي لغة (التهكم والتسقيط والألفاظ النابية)!
فما الذي حدا بالجمهور للوصول إلى هذا المستوى من الفراغ الذوقي والسلوكي؟!
هل البيئة التي وفرتها التقنية الحديثة غير منضبطة بلوائح الأنظمة والقوانين الرادعة لتفشي هذه الحالات؟
أم أن أصل الانفتاح (المنفلت) على ماعند الشعوب يولد هذه الثقافات الهجينة؟ وهل من سبيل لعلاج هذه الظاهرة المقيتة؟
من هو المسؤول للمبادرة إلى وضع الحلول والمعالجات؟
وأيا كان ... فلا تخلو مسؤولية المجتمعات نفسها عن تفشي هذا الخلل في مقوماته الشخصية.
فالمفروض أنه هو من يمتلك الترياق اللازم لصد الخروقات التي تحصل في منظومته الخلقية والسلوكية.
فلا يقف عاجزا ـ لا حول له ولا قوة لديه ـ أمام كل ما تفرضه (وتفرزه) برامج التواصل فبمجرد أن يعلن تحفظه ـ أولاـ على عدم مراعاة تلك البرامج لأطر المجتمعات المحافظة.
ويبرز ـ ثانيا ـ عدم تفاعله واشتراكه في تلك البرامج ما لم تسن قوانين تحافظ على خصوصياته.
حينها سنمتلك سبيلا رادعا يحول تحكم التقنية بمقدرات مجتمعاتنا الراغبة بالتواصل الايجابي مع الآخرين ولكن دون المساس بركائز ثقافته النبيلة الداعية إلى الالتزام بأدب التخاطب والتحاور تحت أي ظرف كان.