بقلم: الشيخ ناصر مكارم الشيرازيّ.
الجواب الإجماليّ:
إنَّ حبّة النباتات موجود محكم، والنواة أكثر إحكامًا منها، إذ ليس فلقها بالأمر الممكن بسهولة. ومع هذا فالبرعم الخارج من داخل الحبّة والنواة من الرقة واللطافة بحيث لا يوصف. أمّا كيف يمكن لذلك البرعم اللطيف أن يفلق تلك القلعة والحصن الحصين فيخرج من خلال جدرانه ويستمر في طريقه؟ فليس ذلك سوى القدرة الإلهيّة الفريدة وكأنَّ عبارة: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} [الأنعام: 95] إشارة دقيقة إلى هذا المعنى.
الجواب التفصيليّ:
ینبغي أن نعلم أنَّ أهم لحظة فی حیاة الحبّة والنّوى هي لحظة الفلق، وهي أشبه بلحظة ولادة الطفل وانتقاله من عالم إلى عالم آخر، إذ في هذه اللحظة یحصل أهم تحوّل فی حیاته.
وممّا یلفت الانتباه أنّ الحبّة والنّواة غالبًا ما تکونان صلبتین، فنظرة إلى نوى التمر والخوخ وأمثالهما، وإلى بعض الحبوب الصلبة، تكشف لنا أنّ تلك النطفة الحیاتیّة التي هي فی الواقع صغیرة، محصّنة بقلعة مستحكمة تحیط بها من کل جانب، وأنَّ ید الخالق قد أعطت لهذه القلعة العصیّة على الاختراق خاصیّة التسلیم واللیونة أمام اختراق نطفة النبات، کما منحت النطفة قوّة اندفاع تُمکّنها من فلق جدران قلعتها فتطلع النبتة بقامتها المدیدة، هذه حقًّا حادثة عجیبة فی عالم النبات لذلك یشیر إلیها القرآن على أنّها من دلائل التوحید، ویقول القرآن الکریم: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} [الأنعام: 95].