جمعَ الإمامُ الحُسينُ -عليهِ السَّلامُ- ما بينَ فضيلَتي النَّسَبِ والسَّبَبِ، فمنزِلَتُهُ عندَ اللهِ كبيرةٌ وكرامَتُهُ عظيمَةٌ، والاعتداءُ عليهِ بعدَ المعرِفَةِ يُعَدُّ ذنبًا كبيرًا وإثمًا عظيمًا.
كانَ في مُعسكرِ ابنِ زيادٍ رَجُلٌ اسمُهُ عبدُ اللهِ بنُ حَوزةَ التميميّ، فصاحَ مُخاطِباً مُعسكرَ الإمامِ الحُسينِ: أفيكُمْ حُسينٌ؟ وفي الثالثةِ قالَ أصحابُ الحُسينِ –عليهِ السَّلامُ-: هذا الحُسينُ فما تريدُ منهُ؟ قال: يا حُسينُ أبشِرْ بالنَّارِ؟!
قالَ الحُسينُ -عليهِ السَّلامُ-: كذبت بل أقدم على ربٍّ غفور كريم مطاع شفيع؛ فمَن أنت؟
قال أنا ابن حوزة؛ فرفع الحسين -عليهِ السَّلامُ- يديهِ حتَّى بانَ بياضَ إبطَيهِ؛ وقالَ: اللهُمَّ حِزهُ إلى النّارِ.
فغضبَ ابنُ حوزةَ وأقحَمَ الفرسَ إليهِ، وكانَ بينَهُما خندقٌ فسقطَ عَنها وعَلِقَتْ قدمُهُ بالرِّكابِ وجالتْ بهِ الفَرَسُ وانقطَعَتْ قدمُهُ وساقُهُ وفَخِذُهُ وبَقِيَ جانبُهُ الآخرُ مُعَلَّقاً بالرِّكابِ، وأخذتْ الفَرَسُ تضرِبُ بهِ كُلَّ حَجَرٍ وشَجَرٍ، وألقَتْهُ في النّارِ المُشتَعِلَةِ في الخندَقِ فاحترقَ بِها وماتَ.
فخَرَّ الحُسينُ ساجِداً شاكراً حامدًا على إجابةِ دُعائِهِ.
وهُنا عِبرةٌ ودرسٌ لكُلِّ مَن يُنكِرُ استجابةَ الدُّعاءِ على الظالمينَ، وأنَّ اللَه تعالى لا يَرُدُّ يدَ المظلومِ خاليةً دونَ أنْ يستجيبَ لَهُ: أمّا عاجِلًا كما حدثَ لابنِ حوزةَ؛ أو آجلِاً كما حدثَ لعُمرِ بنِ سعدٍ وغيرِهِ مِنَ المُجرمينَ حينَما حاكَمَهُم المختارُ الثَّقفيُّ وقتَلَهُم.
يقولُ الشاعِرُ:
واحذرْ مِنَ المظلومِ سَهماً صائِباً ... واعلَمْ بأنَّ دعاءَهُ لا يُحجَبُ