جاء في كتابِ (أخلاقِ الإمامِ عليٍّ عليهِ السلام)
للسيد مُحمد صادق مُحمد رضا الخِرسان
قالَ أميرُ المؤمنينَ -عليهِ السَّلام-:
(الصَّدقةُ دواءٌ مُنجِحٌ، وأعمالُ العبادِ في عاجِلِهم نُصبُ أعيُنِهِم في آجلِهِم)
الدّعوةُ إلى التّصدُّقِ والتّفقُّدِ بما يُوفّرُ فرصةَ الحياةِ الكريمةِ لـِمَنْ لمْ تُساعدْهُ ظروفُهُ الخاصَّةُ على ذلكَ، وبذلكَ نضمنُ التقاربَ في المستوياتِ الاجتماعيةِ وتقليلَ فُرَصِ وقوعِ الجرائمِ والمشكلاتِ وما إلى ذلكَ مما يُـخيّمُ على المجتمعِ الآمِنِ فيُفقِدُهُ السَّلامةَ والاطمئنانَ.
وقدْ اجتمَعَتْ في الصّدَقَةِ مقوماتٌ كثيرةٌ تُساعدُ على ديمومةِ العملِ بها والمداومةِ عليها، فمنها: إنَّ الصّدَقةَ يَستَدفِعُ بها الإنسانُ الشرورَ والآفاتِ وذلكَ بما يُلازِمُها – غالِباً- مِن دعاءٍ وقَبولٍ مما يعني وصولَها إلى محلِّها المناسبِ والانتفاعَ بها.
ولأجلِ ترسيخِ الفكرةِ أكثرَ بيَّنَ (عليهِ السّلام) أنَّ الصدقةَ كسائرِ أعمالِ الإنسانِ مما يُلاقيهِ في الآخرةِ فيجِدُهُ حيثُ يسرُّهُ، إذ للصّدَقةِ أجرٌ وثوابٌ فيُدَّخَرُ ذلكَ إلى يومِ الفاقَةِ والحاجَةِ وهُوَ يومُ الحسابِ، ولا يَستغني أحَدٌ مَهما كانَ عن رصيدٍ ينفَعُهُ في تجاوزِ المحنَةِ.
فهذا كلُّهُ مُحفّزٌ نحوَ المُداومَةِ على الصّدَقةِ فإنَّها تنفَعُ المُتصدِّقَ ومَن تَصِلُ إليهِ الصدقةُ.
والصَّدقةُ تَدخُلُ في مختلفِ قضايا الحياةِ فقدْ تكونُ بالمالِ كما هُوَ المعتادُ غالباً.
أو بالأعيانِ كالملابسِ والموادِ الغذائيةِ وقِطعِ الأثاثِ والدواءِ وما إلى ذلكَ مما يُقوِّمُ حياةَ الفردِ أو العائلةِ.
أو بالجاهِ والشّأنِ الاجتماعيِّ؛ فقدْ يتدخَّلُ أحدٌ لإنجازِ مُهمّةِ آخرَ يتوسَّطُ عندَ أحدٍ لأجلِ رفعِ كُلفَةٍ عنهُ او توفيرِ شيءٍ لهُ كالمنصبِ أو العملِ أوِ الوصولِ إلى حالةٍ أفضلَ.
أو بالكلمةِ والنصيحةِ بما يحمي إنساناً مِن شرِّ الوقوعِ في المكروهِ والبأسِ.
ومِنَ المُؤكّدِ القويِّ أنَّ الالتزامَ بالصّدقةِ يُوفّرُ حالةً اجتماعيةً يَعوزُنا – فعلاً – التّوفُّرُ عليها والشّعورُ بها فإنَّ مُنذُ أمدٍ ليسَ بالقريبِ يكادُ يُفتَقَدُ التّراحمُ، والتّواصلُ، والتّواسيّ، والشّعورُ بالمسؤوليةِ بما يُعينُ المحتاجَ ويساعدُ الفقيرَ إلا ببعضِ المستوياتِ الشَّكليةِ التي لا تتّصِفُ بالعُمقِ، والجدّيةِ، والحلِّ الوافي، بلْ تتعلّقُ عندَ المظهرياتِ والمُباهاةِ أمامَ الآخرينَ.