النحو
اقسام الكلام
الكلام وما يتالف منه
الجمل وانواعها
اقسام الفعل وعلاماته
المعرب والمبني
أنواع الإعراب
علامات الاسم
الأسماء الستة
النكرة والمعرفة
الأفعال الخمسة
المثنى
جمع المذكر السالم
جمع المؤنث السالم
العلم
الضمائر
اسم الإشارة
الاسم الموصول
المعرف بـ (ال)
المبتدا والخبر
كان وأخواتها
المشبهات بـ(ليس)
كاد واخواتها (أفعال المقاربة)
إن وأخواتها
لا النافية للجنس
ظن وأخواتها
الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل
الأفعال الناصبة لمفعولين
الفاعل
نائب الفاعل
تعدي الفعل ولزومه
العامل والمعمول واشتغالهما
التنازع والاشتغال
المفعول المطلق
المفعول فيه
المفعول لأجله
المفعول به
المفعول معه
الاستثناء
الحال
التمييز
الحروف وأنواعها
الإضافة
المصدر وانواعه
اسم الفاعل
اسم المفعول
صيغة المبالغة
الصفة المشبهة بالفعل
اسم التفضيل
التعجب
أفعال المدح والذم
النعت (الصفة)
التوكيد
العطف
البدل
النداء
الاستفهام
الاستغاثة
الندبة
الترخيم
الاختصاص
الإغراء والتحذير
أسماء الأفعال وأسماء الأصوات
نون التوكيد
الممنوع من الصرف
الفعل المضارع وأحواله
القسم
أدوات الجزم
العدد
الحكاية
الشرط وجوابه
الصرف
موضوع علم الصرف وميدانه
تعريف علم الصرف
بين الصرف والنحو
فائدة علم الصرف
الميزان الصرفي
الفعل المجرد وأبوابه
الفعل المزيد وأبوابه
أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)
اسناد الفعل الى الضمائر
توكيد الفعل
تصريف الاسماء
الفعل المبني للمجهول
المقصور والممدود والمنقوص
جمع التكسير
المصادر وابنيتها
اسم الفاعل
صيغة المبالغة
اسم المفعول
الصفة المشبهة
اسم التفضيل
اسما الزمان والمكان
اسم المرة
اسم الآلة
اسم الهيئة
المصدر الميمي
النسب
التصغير
الابدال
الاعلال
الفعل الصحيح والمعتل
الفعل الجامد والمتصرف
الإمالة
الوقف
الادغام
القلب المكاني
الحذف
المدارس النحوية
النحو ونشأته
دوافع نشأة النحو العربي
اراء حول النحو العربي واصالته
النحو العربي و واضعه
أوائل النحويين
المدرسة البصرية
بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في البصرة وطابعه
أهم نحاة المدرسة البصرية
جهود علماء المدرسة البصرية
كتاب سيبويه
جهود الخليل بن احمد الفراهيدي
كتاب المقتضب - للمبرد
المدرسة الكوفية
بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الكوفة وطابعه
أهم نحاة المدرسة الكوفية
جهود علماء المدرسة الكوفية
جهود الكسائي
الفراء وكتاب (معاني القرآن)
الخلاف بين البصريين والكوفيين
الخلاف اسبابه ونتائجه
الخلاف في المصطلح
الخلاف في المنهج
الخلاف في المسائل النحوية
المدرسة البغدادية
بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في بغداد وطابعه
أهم نحاة المدرسة البغدادية
جهود علماء المدرسة البغدادية
المفصل للزمخشري
شرح الرضي على الكافية
جهود الزجاجي
جهود السيرافي
جهود ابن جني
جهود ابو البركات ابن الانباري
المدرسة المصرية
بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو المصري وطابعه
أهم نحاة المدرسة المصرية
جهود علماء المدرسة المصرية
كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك
جهود ابن هشام الانصاري
جهود السيوطي
شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك
المدرسة الاندلسية
بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الاندلس وطابعه
أهم نحاة المدرسة الاندلسية
جهود علماء المدرسة الاندلسية
كتاب الرد على النحاة
جهود ابن مالك
اللغة العربية
لمحة عامة عن اللغة العربية
العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)
العربية الجنوبية (العربية اليمنية)
اللغة المشتركة (الفصحى)
فقه اللغة
مصطلح فقه اللغة ومفهومه
اهداف فقه اللغة وموضوعاته
بين فقه اللغة وعلم اللغة
جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة
جهود القدامى
جهود المحدثين
اللغة ونظريات نشأتها
حول اللغة ونظريات نشأتها
نظرية التوقيف والإلهام
نظرية التواضع والاصطلاح
نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح
نظرية محاكات أصوات الطبيعة
نظرية الغريزة والانفعال
نظرية محاكات الاصوات معانيها
نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية
نظريات تقسيم اللغات
تقسيم ماكس مولر
تقسيم شليجل
فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)
لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية
موطن الساميين الاول
خصائص اللغات الجزرية المشتركة
اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية
تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)
اللغات الشرقية
اللغات الغربية
اللهجات العربية
معنى اللهجة
اهمية دراسة اللهجات العربية
أشهر اللهجات العربية وخصائصها
كيف تتكون اللهجات
اللهجات الشاذة والقابها
خصائص اللغة العربية
الترادف
الاشتراك اللفظي
التضاد
الاشتقاق
مقدمة حول الاشتقاق
الاشتقاق الصغير
الاشتقاق الكبير
الاشتقاق الاكبر
اشتقاق الكبار - النحت
التعرب - الدخيل
الإعراب
مناسبة الحروف لمعانيها
صيغ اوزان العربية
الخط العربي
الخط العربي وأصله، اعجامه
الكتابة قبل الاسلام
الكتابة بعد الاسلام
عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه
أصوات اللغة العربية
الأصوات اللغوية
جهود العرب القدامى في علم الصوت
اعضاء الجهاز النطقي
مخارج الاصوات العربية
صفات الاصوات العربية
المعاجم العربية
علم اللغة
مدخل إلى علم اللغة
ماهية علم اللغة
الجهود اللغوية عند العرب
الجهود اللغوية عند غير العرب
مناهج البحث في اللغة
المنهج الوصفي
المنهج التوليدي
المنهج النحوي
المنهج الصرفي
منهج الدلالة
منهج الدراسات الانسانية
منهج التشكيل الصوتي
علم اللغة والعلوم الأخرى
علم اللغة وعلم النفس
علم اللغة وعلم الاجتماع
علم اللغة والانثروبولوجيا
علم اللغة و الجغرافية
مستويات علم اللغة
المستوى الصوتي
المستوى الصرفي
المستوى الدلالي
المستوى النحوي
وظيفة اللغة
اللغة والكتابة
اللغة والكلام
تكون اللغات الانسانية
اللغة واللغات
اللهجات
اللغات المشتركة
القرابة اللغوية
احتكاك اللغات
قضايا لغوية أخرى
علم الدلالة
ماهية علم الدلالة وتعريفه
نشأة علم الدلالة
مفهوم الدلالة
جهود القدامى في الدراسات الدلالية
جهود الجاحظ
جهود الجرجاني
جهود الآمدي
جهود اخرى
جهود ابن جني
مقدمة حول جهود العرب
التطور الدلالي
ماهية التطور الدلالي
اسباب التطور الدلالي
تخصيص الدلالة
تعميم الدلالة
انتقال الدلالة
رقي الدلالة
انحطاط الدلالة
اسباب التغير الدلالي
التحول نحو المعاني المتضادة
الدال و المدلول
الدلالة والمجاز
تحليل المعنى
المشكلات الدلالية
ماهية المشكلات الدلالية
التضاد
المشترك اللفظي
غموض المعنى
تغير المعنى
قضايا دلالية اخرى
نظريات علم الدلالة الحديثة
نظرية السياق
نظرية الحقول الدلالية
النظرية التصورية
النظرية التحليلية
نظريات اخرى
النظرية الاشارية
مقدمة حول النظريات الدلالية
موضوعات أخرى
الهمزة ـ هَلْ ـ لَوْ
المؤلف:
حسن عباس
المصدر:
حروف المعاني بين الأصالة والحداثة
الجزء والصفحة:
ص: 133-144
20-4-2020
2972
(الهمزة ـ هَلْ ـ لَوْ)
لقد محصنا حتى الآن (63) حرفاً معنوياً و(7) من أسماء الكناية و(5) من ضمائر الغائب وأربعين مفردة من أسماء الإشارة بما مجموعه (119) حرفاً واسماً وكانت الخصائص الفطرية للحروف العربية التي شاركت في تراكيبها تتوافق مع معانيها واستعمالاتها، ما شذّ عن ذلك إلا قلة قليلة منها اعتبرناها مصطلحات على معان أو معاني شاذة لا يؤبه لها.
وعلى الرغم من ذلك رأيت أن أتحدث أيضاً وبشيء من التفصيل عن ثلاثة أخرى من حروف المعاني، هي: (-الهمزة –هل-لو): وذلك ليس لإقناع القارئ، بصحة هذه العلاقة بين معانيها التراثية، وخصائص الأحرف ـ التي تشارك في تراكيبها، وإنما لكثرة استعمالاتها وتفرعات معانيها، مما لا غنى لأي كاتب أو مثقف عربي عن معرفة أصولها الفطرية كيما يحسن التعامل معها ويتقنه.
1 ـ الهمزة:
أولاً ـ حول خصائصها ومعانيها الفطرية:
باستعراض معاني المصادر الجذور التي تبدأ بـ(الهمزة) في المعجم الوسيط لم نلحظ أي تأثير يذكر لخصائصها الصوتية في معانيها، مما جعلنا نتوهم أنها من الأحرف الضعيفة الشخصية. على أنه كان لهذه الخصائص تأثيرها البالغ في القطاع الصرفي ـ النحوي، كما لحظنا ذلك في حروف المعاني وضمائر المتكلم والمخاطب التي تصدرتها (الهمزة)، فماذا عن خصائصها ومعانيها؟
إن (الهمزة) المزمارية المخرج ذات صوت انفجاري. وهو كأي صوت انفجاري في الطبيعة يوحي بالحضور والعيانية والوضوح، وذلك بما يثيره من الانتباه في سمع السامع وفي ذهنه. فكانت (الهمزة) في مقدمة ضمائر المتكلم والمخاطب: ((أنا ـ أنت..)). وفي مقدمة أربعة من أحرف النداء السبعة. كما كانت في مقدمة ستة أسماء من الألوان الطبيعية السبعة، هي: ((أبيض ـ أسود ـ أحمر ـ أخضر ـ أزرق ـ أصفر))، وذلك لخاصية الوضوح في صوت (الهمزة)، كما أسلفنا.
ولما كان صوتها يترافق خروجه مع انفراج الفكين عن بعضهما بعض في حركة إلى الأعلى، فإنه يشير إلى البروز ويوحي به، كمن يقف على تُكأة. وهذا الموقع الذي تتبوأه في السمع بموحياته البصرية، يمنحها فعالية خاصة يجعلها صالحة للتعالي على الآخرين في (افعل التفضيل)، نحو: ((زيد أكرم من عمرو))، وللاعتداء عليهم، فكانت من أحرف التعدية، كما في قوله تعالى: ((فأجاءها المخاض إلى جِذع النخلة)).
ثانياً ـ حول معانيها واستعمالاتها التراثية:
يسميها (ابن هشام) تارة (الهمزة)، وتارة أخرى: (الألف المفردة) وتأتي على وجهين:
أ ـ حرف ينادي به القريب: نحو ((أفاطم مهلاً)) وقد مرَّ ذكرها مع أحرف النداء.
ب ـ للاستفهام: وهو على وجهين اثنين:
1 ـ للاستفهام الحقيقي: وهو طلب الفهم، نحو ((أزيد قائم)). والهمزة هي أصل أدوات ـ الاستفهام، ولها أربعة أحكام:
أ ـ جواز حذفها إذا تقدمت على (أم) كقول مجنون ليلى.
وكَفٌّ خَضيبٌ زُينَّتْ بِبَنانِ)). |
|
((بدا ليَ منها مِعْصَم حينَ جَمَّرتْ |
(بِسَبعٍ) رَميتُ الجَمْرَ أمْ بثمانِ)). |
|
((فو اللهِ ما أدري وإنْ كنتُ داريا |
أرادَ (أبسبع)). كما يجوز حذفها وإن لم تتقدم على (أَمْ)، نحو:
ولا لَعِبَاً منّي (وذو) الشيبِ يلعبُ)). |
|
((طرِبتُ وما شوقاً إلى البيضِ أطربُ |
أراد (أو ذو) الشيب يلعب؟
ب ـ إنها ترد بطلب التصور. وهو (السؤال عن شيء)، نحو: ((أزيد قائم)). والشيء هنا هو زيد). كما ترد لطلب التصديق، وهو (السؤال عن الحدث)، نحو: ((أقائم زيد)). فالحدث هن هو (القيام)، القابل للتصديق والتكذيب. على العكس من (الشيء) في (زيد) فهو من حيث ذاته ليس موضوعاً للتصديق والتكذيب، وإنما للتصور، فيما إذا كان ((قاعداً ـ قائماً ـ نائماً ـ محتبْياً..)). وإن باقي أدوات الاستفهام مختصة بطلب التصور باستثناء (هل) فهي مختصة بطلب التصديق حصراً. نحو: ((هل قام زيد)). ولا يقال: ((هل زيد قام))، كما سيأتي:
ج ـ تدخل على الإثبات، كقوله تعالى: ((أَلَمْ نشرح لك صدرك))
(94)؟ وعلى النفي، نحو: ((أقائم زيد أم لم يقم))؟..
د ـ يجب تصديرها على كل شيء، حتى على أحرف العطف، كقوله تعالى: ((أفلم يسيروا في الأرضِ..))(95).
2 ـ الاستفهام غير الحقيقي: وهي ترد على ثمانية معان، وهي:
أ ـ التسوية: كقوله تعالى: ((سواء عليهم (أستغفرت) لهم، أم لم تستغفر لهم))(96).
ب ـ الإنكار الإبطالي، كقوله تعالى: ((فاستفتهم (ألربك) البنات ولهم البنون)).(97).
ج ـ الإنكار التوبيخي، كقوله تعالى:((أتعبدون ما تنحتون))(98).
د ـ التقرير ـ ومعناه حملك المخاطب على الإقرار بما أنت عالم به، كقوله تعالى: ((أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم)).(99).
هـ ـ التهكم كقوله تعالى: ((أصلاتك تأمرك أن تترك ما يعبد آباؤنا)).(100).
وـ الأمر، كقوله تعالى: ((أأسلمتم))، أي أسلموا.(101).
ز ـ التعجب، كقوله تعالى: ((ألم تر إلى ربك كيف مدّ الظل))(102).
ح ـ الاستبطاء، كقوله تعالى: ((ألم يأنِ للذين آمنوا أن تخشعَ قلوبهم لذكرِ الله)).(103).
في الخلاصة:
وهكذا فإن معاني (الهمزة) وضروب استعمالاتها التراثية تتوافق إلى حد بعيد مع خصائصها الصوتية في الانفجار، بما يثير انتباه السامع.
فاستعمالها للنداء القريب يعود إلى إثارة الانتباه بانفجار صوتها القصير. وإذا مُدَّ صوتها فصارت (آ) كانت للنداء البعيد كما أسلفنا.
أما اعتبارها أصل أدوات الاستفهام جميعاً، فقد تأتّى ذلك فيما نرى من أن الأصل في الاستفهام هو أن يبدأ المتكلم بإثارة انتباه المخاطب. وذلك إما بحركة جسمية يلفت بها نظر المخاطب. أو بحركة يدوية يضرب بها على أحد أعضائه. وإما بصوت انفجاري يضرب به على سمعه، مما يضاهي وقع الحركة الجسمية في نظره، أو وقع اليد على جسده.
لذلك كان لـ (الهمزة) الصدارة إطلاقاً، كما جاز استعمالها للاستفهام بلا قيد ولا شرط: ((للتصور والتصديق، للإثبات والنفي)).
كما أن استعمالاتها الثمانية للاستفهام غير الحقيقي بعضها يميل إلى الشدة بما يتناسب مع صوتها الانفجاري إذا ضُغط على مخرجه المزماري، وذلك في معاني: ((الإنكار الإبطالي، والتوبيخي والتهكم، والتقرير، والأمر)). وبعضها الآخر أقل شدة، بما يتناسب مع صوتها غير مضغوط على مخرجه كما في معاني: ((التسوية والتعجب والاستبطاء))..
ولو أن المتكلم رغب عن إثارة انتباه المخاطب بـ(الهمزة)، إلى إثارة انتباهه باليد مثلاً لكانت حركة يده في المعاني الأولى أشد وقعاً منها في المعاني الثانية.
وهكذا يتضح لنا أن العربي قد استخدم الحروف ذوات الخصائص الصوتية الانفجارية أو الاهتزازية بما يضاهي المعاني والمقاصد التي أراد التعبير عنها: ((حذوا لمسموع الأصوات على محسوس الأحداث)).
كما قال ابن جني. سواء أكان ذلك في ضمائر المتكلم والمخاطب أو في أسماء الإشارة وأدوات الاستفهام، وكان هاديه في ذلك كله: سمع مرهف ونظر ثاقب، وشعور متأجج، وذوق أدبي فطري شعري النزعة مما لا مثيل له.
2 ـ هل:
أولاً ـ حول خصائص حرفيها ومعانيها الفطرية:
أ ـ(الهاء) ـ هي مخفف (ها) للتنبيه. فمن شأن صوتها المهتز أن يثير انتباه السامع إلى ما سيأتي بعدها.
ب ـ(اللام) ـ للإلصاق والإلزام.
ومحصلة خصائص حرفيها، تتوافق مع معانيها في الطلب. من عيانية ووضوح وإلزام.
ثانياً ـ حول معانيها واستعمالاتها التراثية:
هي على ثلاثة أوجه:
1 ـ حرف استفهام:
يقرر الأنطاكي في (محيطه)، آخذاً عن (ابن هشام)، إن (هل) حرف موضوع لطلب ـ التصديق كما أسلفنا في (الهمزة) الاستفهامية. وهو السؤال عن الحدث. أما طلب التصور وهو السؤال عن (الشيء) زماناً أو مكاناً أو ذاتاً، فليس من اختصاصها. وهي تختص بما يلي:
أ ـ طلب التصديق: وهو يتعلق بالسؤال عن الحدث حصراً. وذلك لأن وقوع الحدث هو أصلاً موضوع التصديق والتكذيب، فيقال: ((هل جاء زيد))، ولا يقال: ((هل زيد جاء)). وذلك لأن خاصية الإلصاق في (اللام) تستلزم التصاق (هل)مباشرة بالموضوع المستفهم عنه موضوع التصديق والتكذيب وهو (المجيء)، وليس (زيداً) موضوع التصور باعتباره ذاتاً. فهو من حيث ذاته لا يمكن أن يكون موضوع تصديق أو تكذيب، كما أسلفنا.
ب ـ الإيجاب: إن طلب التصديق هو بطبيعته إيجابي، فلا محل معه للسلبي لتعارضه أصلاً ـ وعقلاً مع طلب التصديق. فيقال: ((هل قام زيد))؟ ولا يقال: ((هل لم يقم زيد))؟ وهذا ناتج فيما نرى عن ضرورة إلتصاق (لام) الإلصاق والإلزام في (هل) بمتعلقها مباشرة. فكانت (هل) بذلك للإيجابي، لا للسلبي، وإن جاء الجواب (كلا) خلافاً لتوقع السائل. أمَّا (الهمزة) فهي للإثبات والنفي لانفرادها عن اللام اللاصقة.
ج ـ تخصيصها المضارع بالاستقبال: نحو: (هل تسافر))، أي في المستقبل.
د ـ لمعنى النفي أو الإنكار. الأول، كقوله تعالى: ((وهل جزاء الإحسان إلاَّ الإحسْان؟))(104).
والثاني، كقوله تعالى: ((فهل على الرسل إلاّ البلاغ المبين؟)).(105).
على أن خاصيّة الإلصاق في (هل) لا تزال على حالها من حيث المعنى العام، وإن جاءت بمعنى (النفي أو الإنكار)، وذلك بتقديري أقل بلاغة: (أنَّ جزاء الإحسان هو الإحسان مؤكداً))، و((على الرسل البلاغ المبين حتماً)).
2 ـ حرف تحقيق:
قال بعضهم بأنها تأتي بمعنى (قد)، بدليل قوله تعالى: ((هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً)).(106).
3 ـ حرف تمني:
وقد سبق الحديث عن هذا المعنى مع أحرف التمني، وعن دور (لام) الإلصاق في أداء هذا المعنى. وهكذا قد توقفت الخصائص الفطرية لحرفي (هل) مع معانيها واستعمالاتها التراثية. دليل آخر على أصالة اللغة العربية وعراقتها وفطرتها وبداءتها…
4 ـ لو:
تمهيد:
على الرغم مما لاحظناه وعانيناه من التعقيد والتشابك في معاني بعض حروف المعاني واستعمالاتها التراثية، كما في ((لا ـ ما ـ اللام…))، فإن (لو) تفوقها جميعاً تعقيداً وتشابك معان، مما أثار حولها كثيراً من الجدل والخلاف، ما جعلني أتردد طويلاً في إثباتها هنا تخفيفاً عن القارئ، لاسيّما غير المتخصص ولكنني عدلت عن حذفها لأن هذه المعجزة اللغوية الصغيرة في حجمها (لو)، الكبيرة في معانيها لم تخرج في استعمالاتها التراثية عن الخصائص الفطرية لحرفيها وذلك للبرهان على مصداقية العلاقة الفطرية بين خصائص حرفيها وبين معانيها في أعقد وجوهها وأقسامها واستعمالاتها التراثية فينسحب ذلك كله على فطرة اللغة العربية وبداءتها. فصبراً جميلاً عليها.
أولاً ـ حول خصائص حرفيها ومعانيهما الفطرية:
أ ـ (اللام) ـ للإلصاق والإلزام.
ب ـ (الواو) للعطف والجمع العشوائي، وذلك بحكم تدافع النفس أثناء خروج صوتها. فتكون محصلة المعاني الفطرية لحرفيها: ((الإلصاق والعطف والجمع)).
ثانياً ـ حول معانيها واستعمالاتها التراثية:
هي لدى (ابن هشام) على خمسة أوجه:
الوجه الأول: كما في قولنا: ((لو جاءني زيد لأكرمته)). (لو) هنا تفيد ثلاثة أمور:
الأمر الأول ـ الشرطية: ومعناها ربط السببية (المجيء) بالمسبّبية (الإكرام). وهذه الخاصية في الربط تتوافق مع خاصية الإلصاق في (اللام) في بداية (لو)، ومع خاصية العطف والجمع في (الواو) في آخرها.
وهكذا تتعاون (اللام والواو) في تحقيق المعنى التراثي لـ(لو) الشرطية. أما (اللام) في (لأكرمته)، فهي لربط الجملة الثانية جواب الشرط بالمسببية (المجيء). وبذلك تقوم (لام) ـ الإلصاق والإلزام و(واو) العطف والجمع بشد الجملتين إلى بعضهما البعض في رباط متين من (السببية والمسبّبية). لا يجاري (لو) في متانة هذا الربط أي حرف شرط آخر.
الأمر الثاني: تقيد الشرطية بالزمن الماضي: وذلك على العكس من (إن) الشرطية التي تقيد (السببية والمسبّبية) في المستقبل، نحو: ((إن جئتني غداً أكرمْك)).. ولا يقال: ((لو جئتني غداً أُكرمُك)). بل يقال: ((لو جئتني البارحة لأكرمتك)).
الأمر الثالث: الامتناع: وما أكثر تفرعاته واستعمالاته واختلاف النحاة حوله، فلهم في هذا الأمر المزيد من الأقوال والتفرعات والتعليلات والاستشهادات، وبلا طائل يذكر، وما كان (الأنطاكي) قد وفِّق في معالجة هذه المسألة الشديدة التعقيد، فقد اقتصرت على استعراض رأيه حولها بشيء من التوسع والتفصيل.
لقد عزا (الأنطاكي) اختلاف النحاة حول مسألة الامتناع في (لو) الشرطية إلى خلطهم بين أنواع الشرط. فهو لديه على خمسة أنواع:
النوع الأول: الشرط الاحتمالي:
وأدواته ((إن ـ إذما ـ إذا)). فهو شرط سببي يقوم على ربط حدثين برابطة (السببية) يكون فيه الحدث الأول (السبب) على وجهين اثنين، هما: احتمال الوجود واحتمال عدم الوجود: ((إن هطل المطر نبت الزرع)). فهطل المطر احتمالي قد يقع وقد لا يقع. وهو للمستقبل سواء جاء الحدث الأول بصيغة الماضي أو المستقبل.
النوع الثاني ـ الشرط الامتناعي:
وأداته الوحيدة (لو). هو كالشرط الاحتمالي بفارق وحيد بينهما. هو أن الحدث الأول (السبب)، ليس له إلاّ وجه واحد هو (الامتناع). نحو: ((لو جاء زيد لأكرمته)). فبامتناع مجيء زيد امتنع إكرامه. وهي هنا ((حرف شرط امتناع لامتناع)). خلافاً لرأي ابن هشام الذي أنكر عليها ذلك.
النوع الثالث ـ الشرط الوجودي:
وأداته الوحيدة (لمّا). هو شرط سببي أيضاً، يقوم على ربط ـ الشرط بالجواب برباط السببية. نحو ((لما علمت بنجاحك فرحت)) ولكنه على عكس الشرط الامتناعي فالسبب هنا متحقق على صورة الوجود لا على صورة الامتناع.
النوع الرابع: الشرط الامتناعي الوجودي؟
وأداتاه (لولا ـ لوما). كما في قولنا: ((لولا المطر لهلك الزرع)) و((لوما رحمة من ربك لهلك الناس)). فجملتا ((لولا المطر)) و(لوما رحمة من ربك))، كل منهما شرط سببي موجود قد سبب وجوده امتناع الجواب: وهو هنا: ((هلاك الزرع، وهلاك الناس)). فكان امتناع هلاك الزرع والناس لوجود المطر ورحمة الله.
النوع الخامس ـ الشرط اللا سببي: وأداتاه ((لو ـ إن)):
هذا الشرط يختلف عن بقية الأنواع. فهو لا يرمي إلى إقامة علاقة سببية بين الحدثين بل إلى نفي العلاقة السببية المتوهمة، فسمى ((الشرط اللاّسببي)).
ففي قولنا: ((ستموت ولو كنت حذراً)) نريد أن ننفي أي رابطة سببية بين الموت والحذر، فالموت واقع مع الحذر وبدونه.
وكثيراً ما يلتبس الشرط الامتناعي (الامتناع لامتناع) بالشرط (اللاسببي) ـ والقاعدة في التمييز بينهما، أن الشرط الامتناعي يصح أن يعقبه حرف الاستدراك ولكن داخلاً على فعل الشرط منفياً، نحو ((لو جئتني لأكرمتك، ولكنك لم تجيء)). والثاني يصح أن يعقبه اسم الاستفهام (كيف)، داخلاً على فعل الشرط منفياً، نحو: ((لو حلفت بالله ما صدقتك، فكيف إذا لم تحلف)).
وللشرط اللا سببي أداة أخرى هي: ((إن)) نحو ((يعمل زيد وإن كان متعباً)). فكيف إذا لم يكن متعباً؟..
ويرى (الأنطاكي) إن اضطراب قواعد النُّحاة واختلافهم في (لو) الشرطية يعود إلى عدم التفريق بين (الشرط الامتناعي) أي امتناع لامتناع، وأداته (لو) حصراً، وبين (الشرط اللا سببي)، وأداتا (لو +إن) – (المحيط ج2
ص 52-68).
الوجه الثاني من أوجه (لو):
أن تكون حرف شرط في المستقبل، إلا أنها لا تجزم، كما في قول الشاعر مجنون ليلى:
ومِنْ دونِ رسمينا مِنَ الأرضِ سبسبُ)) |
|
لو تلتقي أصداؤنا بعدَ موتنا |
لِصَوت صدى ليلى يَهَشُ ويطربُ)). |
|
لظلَّ صدى صوتي وإِنْ كنتُ رُمَة |
ولقد اختلف النحاة كثيراً حول هذا الوجه، مما لا مجال لسرده. وقد خلص (ابن هشام) إلى صحته.
الوجه الثالث:
أن تكون (لو) حرفاً مصدرياً بمنزلة (أن)، إلاّ أنها لا تنصب. وأكثر وقوعها بعد (ودّ يودّ) كقوله تعالى: نحو: ((ودوا لو تدهن فيدهنون)). وكقوله: ((يود أحدهم لو يعّمرُ ألفَ سنة)).
وقد تقع (لو) بدون (ودَّ ـ يودُّ ـ رغبَ ـ يرغبُ…)، كقول الشاعر:
منَّ الفتى وهو المَغيظُ المُحَنَّقُ)). |
|
ما كان ضرَّكَ لو مننتَ ورُبَّما |
بتقدير: ((وددتُ لو مننت))..
الوجهان الرابع والخامس: أن تكون (لو)) للتمني والعرض. وقد سبق الحديث عن هذين المعنيين مع أحرف التمني والعرض. وخلصنا منه إلى توافقهما مع خصائص حرفي (اللام والواو) في الإلصاق والإلزام والعطف والجمع.
ولكن ما الأصل في استعمال (لو)؟
باستعراض أوجه استعمال (لو) وأنواعها، أجدني أميل إلى القول بأن أصل استعمالها وأقدم معانيها كان (للتمني). وذلك نظراً لبساطته وعفويته وكثرة الحاجة إليه بمعرض التعامل والتخاطب اليومي بين الناس. ويليه في ذلك معنى (العرض). فمعانيهما واستعمالاتهما التراثية تتوافق مع الخصائص الفطرية لحرفي (اللام والواو). أقول ذلك ولم يغب عن ذاكرتي أن هذا يخالف رأي النحويين ومنهم (ابن هشام والأنطاكي) بقولهما: ((أما أن تكون (لو) حرفاً قد وضع للتمني مثل (ليت) فممنوع)) فاستعمالات (لو) للشرط: لربط (السببية بالمسببية))، فيما أرى أو حرف (امتناع لامتناع)، أو للشرط (اللا سببي). أو بمنزلة (أن) المصدرية، وما استتبع ذلك من التفرعات والاستعمالات، فقد جاءت في زمن متطور من مراحل اللغة العربية، تلبية لحاجات فصحاء العرب وشعرائهم، ولكن بما يتوافق مع الخصائص الصوتية لحرفيها.
ويبدو لي أن العربي قد تناول هذه المادة الصوتية، من (اللام) اللينة المرنة و(الواو) الأشد ليونة ومرونة، فراح يروضها بذكاء وحساسية شديدين على تلبية معانيه المبتكرة، مع حفاظه على الخصائص ـ الفطرية لحرفيها. لا يحد له من قابليتهما للتكيف وجود حرف ثالث، أو خاصية صوتية في أحدهما من قساوة أو اهتزاز وشدة، وما إلى ذلك مما يحد من حريتهما وتحررهما، فتمادى العربي في استغلال هذه الخصائص فيهما إلى أبعد الحدود، في (حداثة) مغرقة في الزمن أصبحت تراثاً، على مثال ما لحظناه في حرفي (لا ـ ما).
الاكثر قراءة في الحروف وأنواعها
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
