الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
مفهوم المحاكاة عند الفلاسفة المسلمين
المؤلف:
د. عصام قصبجي
المصدر:
أصول النقد العربي القديم
الجزء والصفحة:
ص58-60
14-08-2015
12117
لما كان لكل حضارة طابعها الخاص، او نظرتها الخاصة إلى الحياة بحيث تولد (وهي تحمل معها صورة وجودها) فقد كان من الصعب على الحضارة الاسلامية الناشئة ان تفهم صور الحضارات الاخرى على نحو حقيقي صادق، وذلك اذا شئنا ان نصغي إلى ما يقوله "شبنجلر" في نظريته الحضارية الشهيرة من ان لكل حضارة طابعها او طرازها الخاص الذي يتجلى في شتى مظاهرها الدينية، والعلمية ، والفنية التي لا يمكن فهم احدها بمعزل عن الآخر، وايضاً فإن لكل حضارة ما هو خاص بها وما هو غريب عنها، ولذا يستحيل على من ينتمي الى حضارة ما ان يفهم حضارة اخرى فهماً صادقاً، دقيقاً، شاملاً لما تنطوي عليه من عناصر غريبة، فاذا حاول فإما ان يكون هذا الفهم ناقصاً كاذباً، او محرفا خاضعاً لطابع حضارته الخاصة(2). وسواء اكانت
هذه النظرية صوابا
ام غلطا، فيلوح انها تنطبق على محاولة النقاد العرب فهم طبيعة الشعر اليوناني بوجه
عام، ونظرية المحاكاة بوجه خاص، فلا ريب ان هذا الفهم كان ناقصاً طورا، ومحرفاً
طورا آخر، وخاضعاً غالباً لطابع الشعر العربي، ذلك ان "متى بن يونس"
حاول منذ البداية تطبيق ظواهر الشعر اليوناني على الشعر العربي، فترجم المأساة
بالمديح، والملهاة بالهجاء، ويبدو أنه لم يكن ثمة مناص من هذا، لان الشعر العربي
مظهر من مظاهر الحضارة العربية، و"متى" كان يقرأ "هوميروس" من
خلال "امرئ القيس"، ولعله لم يكن يتصور نمطاً من الشعر يختلف عن النمط
العربي، والحق انه لو قدر "لأرسطو" ان يقرأ امرأ القيس" فربما كان
قرأه من خلال "هوميروس" ايضاً، وليس في ذلك غض من الفكر العربي أو
اليوناني وانما هو ملاحظة تنبئ عنها طبيعة الحضارة ولا سيما من خلال نظرية
"شبنجلر".
لا غرابة اذن في
ان العرب ترجموا افكار "ارسطو"، ولكنهم فهموا افكار "افلاطون"
ذلك ان مفهوم "افلاطون" عن المحاكاة كان أقرب إلى طبيعة الشعر العربي،
ولكن المعضلة حقاً هي انه كان ايضاً علة حملته على الشعر. فكأن النقاد العرب أقروا
"افلاطون" على ان الشعر تصوير حسي لمظاهر الاشياء، ولكنهم لم يجعلوا ذلك
سبباً في ازدراء الشعر وانما جعلوه ــ تبعاً لطابع شعرهم ــ مظهر الابداع الفني.
وربما كان ابلغ كان ابلغ دليل على الشكل الفني المحرف الذي ظهرت به نظرية المحاكاة
عند العرب، هو ان النقاد ــ والفلاسفة منهم خاصة ــ فهموا من الناحية النظرية
غالباً مذهب "ارسطو" في المحاكاة، ولكنهم كانوا يقعون في الغلط عندما
يحاولون تطبيقه على الشعر العربي على نحو يشير إلى انهم ظلوا يجهلون التناقض بين
محاكاة ارسطو، ومحاكاة العرب، ولعل اهم ملاحظة في هذا المجال هي ان الذهن العربي
لم يجد مصطلحاً يقابل مصطلح المحاكاة سوى مصطلح التشبيه(3). وحقاً ان
التشبيه قد يصدق على مفهوم "افلاطون" للمحاكاة، بيد أنه لا يصدق على
مفهوم "ارسطو" مطلقاً، ولقد كان لتفسير المحاكاة بالتشبيه ابلغ الاثر في
قصر الشعر العربي على دائرة المجاز، من خلال الاعتقاد بأن المجاز عموماً، والتشبيه
خصوصاً هو غاية الفن، ويبدو أنه لم يكن ثمة سبيل إلى فهم الشعر من حيث محاكاته للأخلاق
والأفعال الانسانية، لأن النقد كان يغالي كثيراً في جعل التشبيه معياراً
للفن، حتى غدا اسير هذه المغالاة، فإذا
نظرنا في مفهوم التشبيه عند النقاد وما يشترطونه من حسيته ووضوحه، وتطابق حديه،
ادركنا ما خلفه ذلك التفسير من أثر في النقد العربي على نحو حرمه فرصة التحرر من
إسار الحس.
________________________
(1) المصدر نفسه: ص62-63.
(2) شبنجلر تدهور
الحضارة الغربية بيروت ــ مكتبة الحياة انظر مقدمة المترجم الاستاذ احمد الشيباني:
1/12-14.
(3) حقاً لقد ورد
أيضاً مصطلح "التخييل" ولكن لم يكن ثمة فارق دقيق واضح بين "التشبيه"
و "التخييل بحيث كان يرد أحدهما في موضع الآخر غالباً.
الاكثر قراءة في النقد القديم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
