x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

ترجمة منذر في المطمح

المؤلف:  أحمد بن محمد المقري التلمساني

المصدر:  نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب

الجزء والصفحة:  مج1، ص:375-379

4/9/2022

1468

ترجمة منذر في المطمح

وقال في المطمح (1) : منذر بن سعيد البلوطي، آية حركة وسكون،وبركة لم تكن معدة ولا تكون، وآية سفاهة في تحلم، وجهامة ورع في طي تبسم، إذا جد وجد (2) ، وإذا هزل نزل، وفي كلتا الحالتين لم ينزل للورع من مرقب، ولا اكتسب إثما ولا احتقب، ولي قضاء الجماعة بقرطبة أيام عبد الرحمن، وناهيك من عدل أظهر، ومن فضل أشهر، ومن جور قبض، ومن حق رفع ومن باطل خفض، وكان مهيبا صليبا صارما غير جبان ولا عاجز ولا مراقب لأحد من خلق الله في استخراج حق ورفع ظلم، واستمر في القضاء إلى أن مات الناصر لدين الله ثم ولي ابنه الحكم فأقره، في خلافته استعفى مرارا فما أعفي، وتوفي بعد ذلك لم يحفظ عنه (3) مدة ولايته قضية جور، ولا عدت عليه في حكومته زلة، وكان غزير العلم، كثير الأدب، متكلما بالحق، متبينا بالصدق، له كتب مؤلفة في السنة والقرآن والورع، والرد على أهل الأهواء والبدع، وكان خطيبا بليغا وشاعرا محسنا، ولد عند ولاية المنذر بن محمد (4) ، وتوفي سنة 355، ومن شعره في الزهد قوله:

كم تصابى وقد علاك المشيب ... وتعامى عمدا وأنت اللبيب؟

كيف تلهو وقد أتاك نذير ... أن سيأتي الحمام منك قريب؟

يا سفيها قد حان منه رحيل ... بعد ذاك الرحيل يوم عصيب

إن للموت سكرة فارتقبها ... لا يداوي إذا أتتك طبيب

كم توانى حتى تصير رهينا ... ثم تأتيك دعوة فتجيب

(375)

بأمور المعاد أنت عليم ... فاعملن جاهدا له يا أريب (5)

وتذكر يوما تحاسب فيه ... إن من يدكر فسوف ينيب

ليس من ساعة من الدهر إلا ... للمنايا بها عليك رقيب ولعلنا نذكر شيئا من أحوال منذر في غير هذا الموضع.

رجع لأخبار الناصر لدين الله - حكي (6) أنه لما أعذر لأولاد ابنه أبي مروان عبيد الله اتخذ لذلك صنيعا عظيما بقصر الزهراء لم يتخلف أحد عنه من أهل مملكته وأمر أن ينذر لشهوده الفقهاء المشاورون ومن يليهم من العلماء والعدول ووجوه الناس، فتخلف من بينهم المشاور أبو إبراهيم، وافتقد مكانه لارتفاع منزلته، فسأل في ذلك الخليفة الناصر، إذ أبو إبراهيم من أكابر علماء المالكية الذي عليهم المدار، ووجد الناصر بسبب ذلك على أبي إبراهيم، وأمر ابنه ولي العهد الحكم بالكتاب إليه، والتفنيد له، فكتب إليه الحكم رقعة نسختها: بسم الله الرحمن الرحيم، حفظك الله وتولاك، وسددك ورعاك، لما امتحن أمير المؤمنين مولاي وسيدي - أبقاه الله - الأولياء الذي يستعد بهم وجدك متقدما في الولاية، متأخرا عن الصلة، على أنه قد أنذرك - أبقاه الله - خصوصا للمشاركة في السرور الذي كان عنده، لا أعدمه الله توالي المسرة، ثم أنذرت من قبل إبلاغا في التكرمة، فكان منك على ذلك كله من التخلف ما ضاقت عليك فيه المعذرة، واستبلغ أمير المؤمنين في إنكاره ومعاتبتك عليهن فأعيت عليك عنك الحجة، فعرفني - أكرمك الله - ما الذر الذي أوجب توقفك عن إجابة دعوته، ومشاهدة السرور الذي سربه وغب المشاركة فيه، لنعرفه - أبقاه الله - بذلك، فتسكن نفسه العزيزة غليه إن شاء الله تعالى. فأجابه أبو إبراهيم: سلام على الأمير سيدي ورحمة الله، قرأت - أبقى الله الأمير

 (376)

سيدي - هذا الكتاب وفهمته، ولم يكن توقفي لنفسي، إنما كان لأمير المؤمنين سيدنا أبقى الله سلطانه، لعلمي بمذهبه، وسكوني إلى تقواه،واقتفائه لأثر سلفه الطيب رضوان الله عليهم، فإنهم يسبقون من هذه الطبقة بقية لا يمتهنونها بما يشينها، ولا بما يغض منها نطرق إلى تنقيصها، يستعدون بها لدينهم، ويتزينون بها عند رعاياهم ومن يفد عليهم من قصدهم، فلهذا تخلفت، ولعلمي بمذهبه توقفت، إن شاء الله تعالى. فلما أقرأ الحكم أباه الناصر لدين الله جواب أبي إبراهيم إسحاق أعجبهن واستحسن اعتذاره، وزال ما بنفسه عليه.

وكان الفقيه أبو إبراهيم المذكور معظما عند الناصر وابنه الحكم، وحق لهما أن يعظماه؛ وقد حكى الفقيه أبو القسم بن مفرج قال (7) : كنت أختلف إلى الفقيه أبي إبراهيم ؟ رحمه الله تعالى ، فيمن يختلف إليه للتفقه والرواية، فإني لعنده في بعض الأيام في مجلسه بالمسجد المنسوب لأبي عثمان الذي كان يصلي به قرب داره بجوفي قصر قرطبة، ومجلسه حافل بجماعة الطلبة، وذلك بين الصلاتين، إذ دخل عليه خصي من أصحاب الرسائل، جاء من عند الخليفة الحكم، فوقف وسلم، وقال له: يا فقيه، أجب أمير المؤمنين أبقاه الله، فإن المر خرج فيك، وها هو قاعد ينتظرك، وقد أمرت بإعجالك، فالله الله، فقال له: سمعا وطاعة لأمير المؤمنين، ولا عجلة فارجع إليه وعرفه وفقه الله عني أنك وجدتني في بيت من بيوت الله تعالى معي طلاب العلم أسمعهم حديث ابن عمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم يقيدونه عني، وليس يمكنني ترك ما أنا فيه حتى يتم المجلس المعهود له في رضا الله وطاعته، فذلك أوكد من مسيري إليه الساعة، فإذا انقضى أمر من اجتمع إلي من هؤلاء المحتسبين في ذات الله الساعين لمرضاته مشيت إليه إن شاء الله تعالى. ثم أقبل على

 (377)

شأنه، ومضى الخصي يهينم متضاجرا من توقفه، فلم يك إلا ريثما أدى جوابه، وانصرف سريعا ساكن الطيش، فقال له: يا فقيه، أنهيت قولك على نصه إلى أمير المؤمنين أبقاه الله، فأصغى إليه، وهو يقول لك: جزاك الله خيرا عن الدين وعن أمير المؤمنين وجماعة المسلمين، وأمتعهم بك، وإذا أنت أوعبت (8) فامض إليه راشدا إن شاء الله تعالى، وقد أمرت أن أبقى معك حتى ينقضي شغلك وتمضي معي، فقال له: حسن جميل،ولكني أضعف عن المشي إلى باب السدة، ويصعب علي ركوب دابة لشيخوختي وضعف أعضائي، وباب الصناعة الذي يقرب إلي من أبواب القصر المكرم أحوط وأقرب وأرفق بي، فإن راى أمير المؤمنين - أيده الله تعالى - أن يأمر بفتحه لأدخل إليه منه هون علي المشي، وودع جسمي، وأحب أن تعود وتنهي إليه ذلك عني حتى تعرف رأيه فيه، وكذلك تعود إلي فإني أراك فتى سديدا، فكن على الخير معينا. ومضى عنه الفتى، ثم رجع بعد حين وقال: يا فقيه، قد أجابك الأمير إلى ما سألت، وأمر بفتح باب الصناعة وانتظارك من قبله، ومنه خرجت إليك، وأمرت بملازمتك مذكرا بالنهوض عند فراغك، وقال: افعل راشدا؛ وجلس الخصي جانبا حتى أكمل أبو إبراهيم مجلسه كأفسح (9) ما جرت به عادته غير منزعج ولا قلق، فلما انفضضنا عنه قام إلى داره فأصلح من شأنه ثم مضى إلى الخليفة الحكم فوصل إليه من ذلك الباب، وقضى حاجته من لقائه، ثم صرفه على ذلك الباب، فأعيد إغلاقه على إثر خروجه. قال ابن مفرج: ولقد تعمدنا في تلك العشية إثر قيامنا عن الشيخ أبي إبراهيم المرور بهذا الباب المعهود إغلاقه بدبر (10) القصر لنرى تجشم الخليفة له، فوجدناه كما وصف الخصي مفتوحا (11) ، وقد حفه الخدم والأعوان منزعجين ما بين

 (378)

كناس وفراش متأهبين لانتظار أبي إبراهيم، فاشتد عجبنا لذلك، وطال تحدثنا عنه، انتهى. فهكذا تكون العلماء مع الملوك والملوك معهم (12) ، قدس الله تلك الأرواح.

ثم توفي الناصر لدين الله ثاني - أو ثالث - شهر رمضان، من عام خمسين وثلاثمائة، أعظم ما كان سلطانه، وأعز ما كان الإسلام بملكه.

قال ابن خلدون: خلف الناصر في بيوت الأموال خمسة آلاف ألف ألف ألف ثلاث مرات، انتهى.

وقال غير واحد (13) : إنه كان يقسم الجباية أثلاثا: ثلث للجند، وثلث للبناء، وثلث مدخر، وكانت جباية الأندلس يومئذ من الكور والقرى خمسة آلاف ألف وأربعمائة ألف وثمانين ألف دينار، ومن السوق والمستخلص سبعمائة ألف وخمسة وستين ألف دينار، وأما أخماس الغنائم العظيمة فلا يحصيها ديوان.

وحكي (14) أنه وجد بخط الناصر - رحمه الله - أيام السرور التي صفت له دون تكدير يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا ويوم كذا من كذا، وعدت تلك الأيام فكانت أربعة عشر يوما، فاعجب أيهاالعاقلهذه الدنيا وعدم صفائها، وبخلها بكمال الأحوال لأوليائها، هذا الخليفة الناصر حلف السعود، المضروب به المثل في الارتقاء في الدينا والصعود، ملكها خمسين سنة وستة - أو سبعة - أشهر وثلاثة أيام، ولم تصف له إلا أربعة عشر يوما، فسبحان ذي العزة القائمة، والمملكة الدائمة، لا إله إلا هو.

ومما ينسب للناصر من الشعر، وقيل: لابنه الحكم، قوله (15) :

 (379)

ما كل شيء فقدت إلا ... عوضني الله منه شيا

إني إذا ما منعت خيري ... تباعد الخير من يديا

من كان لي نعمة عليه ... فإنها نعمة عليا

 

 

__________

(1) المطمح: 37.

(2) المطمح: تجرد.

(3) المطمح: تحفظ عليه.

(4) زاد في المطمح سنة ثلاث وسبعين ومائتين (وفي طبعة الجوائب: ثلاث وعشرين، وهو خطأ).

(5) في الأصول ما عدا ج: ربيب.

(6) أزهار الرياض 2: 282.

(7) أزهار الرياض 2: 285.

(8) ك: أوعيت.

(9) ك: بأكمل وأفسح.

(10) في الأصول: بدير.

(11) ك: مفتوحا كما وصف.

(12) ك: مع العلماء.

(13) المغرب 1: 179 وأزهار الرياض 2: 271.

(14) المغرب 1: 177 وأزهار الرياض 2: 282.

(15) المغرب 1: 179.