الإستخدام
المؤلف:
إبن أبي الإصبع
المصدر:
تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر
الجزء والصفحة:
ص49-50
24-09-2015
2028
وهو
أن يأتي المتكلم بلفظة لها معنيان، ثم يأتي بلفظتين تتوسط تلك اللفظة بينهما،
ويستخدم كل لفظة منهما لمعنى من معنى تلك اللفظة المتقدمة، وربما التبس الاستخدام بالتورية
الضاً من كون كل واحد من البابين مفتقراً إلى لفظة لها معنيان.
والفرق
بينهما أن التورية استعمال أحد لمعنيين من اللفظة، وإهمال الآخر، والاستخدام
استعمالهما معاً.
ومن
أمثلته قول البحتري [كامل]:
فسقى
الغضا والساكنيه وإن هم ... شبوه بين
جوانح وقلوب
فإن
لفظة الغضا محتملة الموضع والشجر والسقيا الصالحة لهما، فلما قال والساكنيه استعمل
أحد معنيي اللفظة، وهو دلالتها بالقرينة على الموضع، ولما قال: شبوه: استعمل
المعنى الآخر، وهو دلالتها بالقرينة أيضاً على الشجر.
وفي
الكتاب العزيز من الاستخدام قوله تعالى: (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ * يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ)، فإن لفظة كتاب
يراد بها الأمد المحتوم، والكتاب: المكتوب، وقد توسطت بين لفظتي أجل ويمحو،
فاستخدمت أحد مفهوميها وهو الأمد، واستخدمت يمحو لمفهوم الآخر، وهو المكتوب والله
أعلم.