الهزل الذي يُراد به الجد
المؤلف:
إبن أبي الإصبع
المصدر:
تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر
الجزء والصفحة:
ص14
26-09-2015
6190
وهو
أن يقصد المتكلم مدح إنسان أو ذمه، فيخرج ذلك المقصود مخرج الهزل المعجب، والمجون
المطرب، كما فعل أصحاب النوادر، مثل أشعب وأبي دلامة وأبي العيناء ومزبد ومن سلك
سبيلهم، كما حكى عن أشعب أنه حضر إعذاراً صنعه بعض ولاة المدينة، وكان مبخلاً،
فدعا الناس ثلاثة أيام وهو يجمعهم على مائدة عليها جدي مشوي، فيحوم الناس حوله،
ولا يمسه منهم أحد لعلمهم ببخله، وأشعب في كل يوم يحضر ويرى الجدي، فقال في اليوم
الثالث: زوجته طالق إن لم يكن عمر هذا الجدي بعد أن ذبح وشوي أطول منه قبل ذلك.
ومن
شواهد الهزل الذي يراد به الجد من الشعر العربي قول الشاعر: [طويل]
إذا
ما تميمي أتاك مفاخراً ... فقل عد عن ذا كيف أكلك
للضب
وقد
أنشد ابن المعتز في هذا الباب قول أبي العتاهية [بسيط]:
أرقيك
أرقيك باسم الله أرقيكا ... من بخل نفسك علَّ الله
يشفيكا
ما
سلم كفك إلا من يتاركها ... ولا عدوك إلا من يرجيكا
والفاتح
لهذا الباب امرؤ القيس حيث يقول [طويل]:
وقد
علمت سلمى وإن كان بعلها ... بأن الفتى يهذي وليس بفعّال
وما
رأيت أحسن من قوله ملتفتاً: وإن كان بعلها.