x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

التوافق

المؤلف:  د. محمد أيوب شحيمي

المصدر:  مشاكل الاطفال...! كيف نفهمها؟

الجزء والصفحة:  ص217 ــ 223

2023-03-28

1172

يسعى الفرد طيلة حياته مجاهداً من اجل التوافق، وهو هدف أساسي من أهداف الانسان، يتعلم كيف يدور حول الصعوبات، وكيف يسلك لمواجهة المشكلات التي تعصف به، ونجاحه في عملية التوافق هذه يصبح أكثر كفاءة في علاقاته مع بيئته، (وحياة الفرد سلسلة مستمرة من عمليات التوافق، فحينما يشعر الفرد أو الكائن الحي بدافع معين فإنه يقوم بنشاط يؤدي إلى إشباع هذا الدافع، وما دام الكائن الحي قادراً على القيام بهذا التوافق فإنه يستطيع الحياة والبقاء)(1)، وإذا فشل في تحقيق هذا التوافق ترتب على ذلك القلق والاضطراب.

وطالما أن هناك في الحياة اليومية جديداً، فإن ذلك يستدعي توافقاً جديداً، والتوافق عملية نسبية، ولا بد أن تتوفر فيها العناصر المادية والاجتماعية والنفسية. وهي أحياناً مفروضة على الفرد بحكم تكوينه، وتربيته على كيفية التوافق.

(وفي كل موقف توافقي هناك ثلاثة عناصر هي: الفرد، وحاجاته من البيئة أو إمكانيات الظروف الميسرة له، والآخرون الذين يشاركونه الموقف، ولا غنى له عن استرضائهم إلى جانب ترضية نفسه أيضاً)(2).

وإذا صُدمت رغبات الفرد بشكل أو بآخر فإنه يعدل من سلوكه، ويعود لاتباع التقاليد، وتنفيذ الالتزامات التي يطلبها من المجتمع، فيغير من سلوكياته ليتكيف مع الجماعة التي يعيش معها، فنحن من أجل التكيف مع مواقف الحياة، نستخدم مختلف الأساليب التوافقية.

ففي مرحلة الطفولة يكتسي التكيف طابعاً مميزاً، فهو عند الطفل توافق مع الموقف الجديد فعندما يولد طفل جديد للأسرة تهتز عملية التوافق السابقة عند الطفل الأول، فيعمل لمواجهة الموقف الجديد، بواحد من الأساليب المتوفرة لديه. فإما أن يظهر اهتمامه بالطفل الجديد، والمشاركة في العناية به، باعتبار أن ذلك يشد الأنظار إليه، ويزيل الظن بوجود الغيرة الطفلية، وتغطية النزعة العدوانية، أو أن ينصرف إلى نشاطات تعويضية - بديلة، فيلجأ إلى القراءة والرسم والأشغال اليدوية وهذه نشاطات إيجابية، وقد يقوم بنشاطات سلبية (كالشقاوة)، والعدوان وإذا لم يجد مجالاً بالطرق المشار إليها فإنه يلجأ - لاستعادة الاهتمام المفقود - إلى المرض أو التمارض، ليعيد انتباه والديه إليه، وينعم بالقسط اللازم من العطف.

وقد يلجأ بعض الأطفال إلى أسلوب آخر من التوافق الشاذ فيسرف في احلام اليقظة، فيتصور نفسه بطلاً من أبطال المغامرات، أو نجماً سينمائياً معروفاً، وقد ينتهي به الأمر إلى المرض العقلي أو الجنون إذا ما أغرق في هذه الأحلام أو قد يفكر في الانتحار، وهذا ما يحدث لبعض الأطفال العصابيين.

ولا شك في أنه من أجل التوافق يبذل الفرد نشاطاً، للتغلب على الصعوبات الناشئة، فالطفل الذي يشعر أنه تخلف عن رفاقه في الفصل، وبدأت توجه إليه الملاحظات، وعبارات التأنيب من الأهل والمدرسين، يشعر بأن عملية التوافق قد هددت فلا بد هنا من أن يكثف جهوده، ويغير الكثير من أنماط سلوكه، وطريقة عمله المدرسي ليعيد التوازن المفقود، ويزيل كابوس النقد واللوم والقصاص، ويزيل الشعور بالنقص والدونية الذي ألم به نتيجة الإهمال، وهذه وسيلة من وسائل التوافق الايجابي. أما الوسيلة السلبية، فتتمثل بالسلوك الانسحابي والاستغراق في الوهم والخيال - وهذا أسلوب نكوصي - في التوافق - وقليلون هم الذين يستخدمون وسيلة ناجحة لإعادة التكيف من المرة الأولى، فالغالبية العظمى من التلامذة يستخدمون وسائل عدة بطريقة غير مباشرة، ليستقروا بعد ذلك على الوسيلة الأفضل والأمثل، الوسيلة الإيجابية في إعادة التوافق. والشخصية القوية السليمة هي التي يقوم صاحبها بعملية المواءمة فور اختلال عملية التكيف، حيث يقدر على مواجهة المواقف الجديدة بحكمة وحزم وواقعية، وفي حال نجاح التجربة التوافقية الأولى وثباتها فإنه من السهل تكرارها في مواقف أخرى مشابهة (وكما الاحباط يبتدىء منذ الميلاد وينتهي بالوفاة، فإن التوافق يبتدىء مبكراً جداً في الحياة ويستمر حتى الوفاة)(3)، وفي الحالات السلبية يكون التوافق بالنكوص (والنكوص عملية لا شعورية يعود فيها المرء تحت تأثير ظروف معينة إلى أنماط سلوكية طفلية مبكرة)، وهذا نوع من أنواع التقهقر إلى الوراء، وأسلوب شاذ من أساليب التوافق، هذا في حين يعتمد الأفراد من ذوي الصحة النفسية السليمة إلى الروية والتفكير ومواجهة المشكلات بعقلانية.

والتوافق غاية مهمة من غايات الإنسان، وهدف من أهدافه، يسعى إليه من أجل الاستقرار النفسي والاطمئنان. والتكيف مع البيئة مبعث للارتياح في النفس، ومن دواعي السرور، ووضع حد للقلق، والوهم والتوتر.

منذ أقدم العصور لجأ الإنسان إلى عملية التوافق بطرق بدائية، وعن طريق السحر والتعاويذ والطلاسم، ومحاولة كشف الغيب، ومن ذلك الوقت وحتى تاريخه، ما يزال الكثيرون يعتقدون بالحظ وبالتفاؤل والتشاؤم، وبأيام سعد، وأيام نحس، ومن أرقام تبعث على التشاؤم، وأخرى تبعث على التفاؤل، وكأنها مؤشرات إلهية على حسن أو سوء طالعنا.

(والتوافق اتصال مباشر للفرد ببيئته، بقصد إشباع حاجاته، فلا تجاوز للواقع العِلي إلى الغيبيات، ولا لزوم للتوسط أو الشفاعة، ولنأخذ بالأسباب بدل الرغبات والتخيلات)(4).

ولكي يتوافق الإنسان، عليه أن يعرف ما يريد، وما هو مطلوب منه، وما المطلوب من الآخرين بالمقابل، حتى لا يحدث تعارض بين رغبته ورغباتهم.

سوء التوافق:

من الأخطاء الشائعة عند الأهل، التي تنعكس سلباً على الطفل وتؤدي إلى سوء توافقه، ترداد القول: (لقد ولد خطأ... لقد جاء بالخطأ)، وكأنها إشارة من الأهل إلى أنه طفل غير مرغوب فيه، أو أنهم متعبون من تكلفة تربية الأبناء، وأنه ولد، ليكون بمثابة عبء جديد، وهم يرضخون للواقع ويقومون بتربيته تكفيراً عن الخطأ الذي ارتكبوه، أو أنهم لم يكونوا بحاجة إلى أولاد من جنسه إذ قد رزقوا كثيراً من هذا الجنس.

كل هذه الأحاديث التي تتردد على سبيل الدعابة تترك أثراً بالغاً في نفس الطفل حيث تتضاءل فائدة التدليل والاعتزاز بعد ذلك، فهو سيظل يشعر بأنه طفل لم يكن مرغوباً فيه، وهم يتعاملون معه على أنه أمر واقع.

وحتى التدليل المقصود والموجه لإشباع رغبة الوالدية والأمومة الزائدتين عند الأب والأم، يفقد معناه عند الطفل بعد فترة من الزمن، حيث يكتشف أن والديه يمارسان حبا يعود لراحة نفسيهما، فهو مصدر بهجة غير مقصودة لذاتها. لكن هذه الفئة قليلة من الوالدين - إذ أنه غالباً ما يمتزج هذا النوع من المحبة بالأثرة والتضحية فيتعب الأهل ليرتاح الولد، ويسهرون لينام، ويجوعون ليأكل ويغتذي، وينمو ويتألمون لينعم بالفرح والسرور.

وقمة الرفض وسوء التوافق، يظهر عند الطفل في السنة الثالثة من العمر، فهو معاكس، سلبي عنيد، وغالباً ما يكون ذلك نتيجة عدم تسامح الوالدين أو إعطاء الفرصة الكافية للكلام، أو التعبير عن أفكاره. وليس أصعب عليه في هذه المرحلة من أن يقطع كلامه بعبارات (اسكت. . . كفى ثرثرة. . . الخ)، إن هذه الموانع والزواجر تتحول إلى رفض الخضوع والانتقام من الأشياء المحيطة به، من أدوات المنزل، فيكسر عمداً أو يتلف بعض الأغراض، ليشد الأنظار إليه، ويستعيد الرضا والقبول المفتقدين وهذا الأسلوب من التحدي لإرادة الكبار يرافق الطفل ولا تخف سلبيته قبل سن الرابعة من العمر.

عقبات التوافق:

هناك عوائق تحول دون التوافق النفسي والاجتماعي لدى الفرد، وهي تنقسم إلى مجموعتين أساسيتين:

أ- عوائق خاصة بالفرد نفسه، وبقدرته وأساليب توافقه.

ب- عوائق متعلقة بطبيعة الموقف ذاته ناشئة عن ظروف بيئية.

فالعقبات الخاصة بالقدرة، قد تكون ممثله في نقص السمع أو البصر، او أي مرض جسمي اخر، يضاف إليها اختلال نظام الغدد. أو قد يكون نقصاً في الأداء والاستعدادات وانخفاض درجة الذكاء، أو مبالغة الوالدين في نظرتهم إلى الطفل وأنه سيكون من الأوائل في صفه الدراسي، أو سيكون موهوباً، ومتفوقاً، وهذه التبعية الملقاة على الطفل تقف عائقاً ضد توافقه.

وقد يضطر الطفل لتغيير مفاجئ في توافقه كما في حالات، وفاة الوالدين، أو أحدهما، أو ولادة أخ جديدة في الأسرة، أو في حالة تغير اقتصادي هائلة (قفزة نوعية)، نحو الأعلى أو الأسفل، فهنا يبدو الطفل أمام موقف جديد من هذه المواقف، فهو سيبذل جهداً كبيراً في سبيل التوافق معه، وسيزيل السلوكيات القديمة التي كانت متوافقة مع النهج القديم ليستبدلها بتوافقات جديدة، وأنماط سلوكية جديدة، تتفق مع الموقف الجديد.

وهناك نوع من عدم التوافق سببه الأهل والمدرسون، لعدم تدريبهم الأطفال على مواجهة المواقف الجديدة، كاكتساب العادات الحسنة، وطريقة صرف النقود والتعامل مع الآخرين، وغالباً ما توجد هذه الأنماط في البيوت التي تعمل فيها الأمهات خارج المنزل، وفي المدارس التي لا يهتم فيها المدرسون باعتماد الطرق التربوية والنفسية الخاصة بالطفل والداعية إلى فهمه فهماً صحيحاً، والتعامل معه على هذا الأساس.

ومن هذه العقبات التي تقف في طريق التوافق، هي فرض هوايات معينة على الطفل لا يحبها ولا تتفق مع ميوله، كدفعه إلى دراسة الموسيقى أو الرسم أو غيرها من الفنون. فهو سيشعر بالتخلف عن رفاقه البارعين في هذا المضمار والذين أقبلوا على هذه الدراسة بدافع الرغبة الشديدة. وكذلك فإن الأطفال الذين يتخذون لهم رفاقاً من مستويات اجتماعية ومالية عالية تفوق مستوى أسرهم الاجتماعي والاقتصادي، فهم سيعانون مشاعر النقص بحيث يصعب عليهم التوافق في هذه الحالة أو التوفيق بين الصداقة وقبول الفوارق كذلك يمكن القول نفسه بالنسبة للأجنبي الذي يرافق أبناء البلاد الأصليين فهو سيبقى مدفوعاً إلى الشعور بأنه دون غيره، ولو لناحية المواطنية والانتماء.

وهناك عقبات تنشأ عن التشبث بعقائد باطلة التي تبدو غير منسجمة مع التطلعات الجديدة للمجتمع الجديد، ومعظم نماذج هذه الفئة هم من غير الناضجين انفعالياً واجتماعياً، لذلك يجب أن يتم تزويد الطفل بعوامل هذا النمو منذ السنوات الأولى لطفولته.

ومن العقبات التي تقف حجر عثرة في طريق التكيف هي الانتقال المتتالي لسبب أو لآخر من مدرسة إلى مدرسة أخرى، حيث نجد الطفل في كل منها معرضاً لنوع جديد من التكيف وكذلك الانتقال من بيت إلى بيت، أو من حي إلى حي. كل ذلك يتطلب من الطفل إعادة تنظيم مواقفه من جديد، وتنظيم توافقه من جديد، وأحياناً يحدث أنه ما أن يتكيف مع هذا المجتمع الجديد حتى ينقل إلى مجتمع آخر، ويقال الأمر عينه بالنسبة للانتقال من عمل إلى اخر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ د. محمد فرغلي فراج، مرضى النفس في تطرفهم واعتدالهم، ص 9.

2ـ د. كمال الدسوقي، علم النفس ودراسة التوافق، ص 385.

3ـ د. عبد المنعم المليجي، د. حلمي المليجي، النمو النفسي، ص392.

4ـ د. كمال دسوقي، علم النفس ودراسة التوافق، ص 385.

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+