x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

بعث الرشد والكبرياء للطفل

المؤلف:  د. علي القائمي

المصدر:  تربية أولاد الشهيد

الجزء والصفحة:  ص51 ــ 56

2023-04-25

745

تعتبر مرحلة الطفولة، مرحلة حساسة، على أساسها يتقرر مصير الطفل. فالإحساس بالافتخار أو بالنكبات وطريقة التعلم الإيجابية والسلبية التي ستؤثر بمرحلة المراهقة والشباب ترتبط جميعها بهذه المرحلة ارتباطاً وثيقاً خصوصاً في السنوات السبع الأولى من عمر الطفل.

ففي هذه المرحلة تتشكل سمات شخصية الطفل ثم تأتي المراحل التالية من عمره ليصوب مسارها عن طريق تربية الوالدين وتدخل المربين. وتحمّل الوالدين للتربية الصحيحة والالتفات لأصولها، الذي يمنع عن الطفل تلقي الصدمات في شخصيته، أمر صعب نسبياً.

وممارسة برامج التربية الخاصة بالأطفال تواجه في أبعادها التوجيهية، النواقص وبعض التقصير. خاصة بالنسبة إليك أختي العزيزة التي لا زلت في حالة الحداد على إنسان عظيم فإنك تحتاجين للوعي ودقة العمل، وفي كل الأحوال، فإن مسؤوليتك ثقيلة ولكن الاضطلاع بها من الأمور الهامة والمثمرة.

ـ البحث عن الاب

لعله من اللطف الإلهي أن الطفل وحتى حدود عمر الثلاث سنوات لا يدرك شيئاً عن مفهوم الموت. وموت الوالد يمثل بالنسبة إليه فقد أحد الأصدقاء والرفاق. ولكنه عندما يتدرج بعمره يبدأ بقياس وضعه مع الأطفال الآخرين.

فبملاحظته للواقع والمشهد الاجتماعي، ورؤيته للأطفال الآخرين يمسكون يد ابائهم يحفزه على التذكر أنه ماذا حل بأبي؟ وبالتدريج يجد الجواب من أترابه لكنه في هذه الحال يجد صعوبة بقبول هذا الجواب وبتصديق ما يقال له. لهذا وفي الوقت المناسب نجده يطرح على أمه السؤال: أمي، أين أبي؟

ونفترض أنه هذه اللحظة حساسة. فمن الممكن أن يكون جواب الأم وموقفها، وكذلك الآخرين، أمام هذا السؤال بنّاءً يبعث في الطفل الثقة والاطمئنان ليدرك وضعه ومستقبله. أو أن يكون الجواب سبباً لتعاسته وآلامه وعجزه وحقارته.

بعض الأمهات عندما تقع في ذكرى أحزانها الماضية تبدأ بالأنين والنواح، وتلطم صدرها ورأسها وتتأوه وتبكي، والطفل المسكين وبشكل لا واع، يحتار من هذا التصرف، وبرؤيته لهذه الواقعة يدرك أن هناك فاجعة كان غافلاً عنها.

أما الأمهات الواعيات اللاتي تضبطن أنفسهن فإنهن يتخذن موقفاً مختلفاً فيسعين للسيطرة على أنفسهن ويقابلن أطفالهن بوجه بشوش ويقلن له طفلي العزيز إن أباك لبى دعوة الله، صعد إلى الجنة، ولن تراه بعد اليوم، ونحن سنموت بعد مدة، فإن كنا أشخاصاً مؤمنين وأعزاء فإننا سنذهب إلى الجنة... حقاً، تعال وكُل هذه الفاكهة، تعال لنذهب سوية لمنزل خالك و... (نسعى جدياً أن نجيب على سؤاله على هذا الأساس، حتى يكبر ويفهم).

ـ الأطفال الودعاء:

نعرف أطفالاً يفهمون معنى موت أبيهم، فإن عمرهم بشكل ما أتاح لهم فهم الواقع وحتى أن بعضهم كان دائماً في حضن أبيه، علاقته به كانت متينة جدا لأنه كان يعيش معه أغلب الأيام. فقد الأب بالنسبة لهكذا نوع من الأطفال صعب جداً والكثير من هؤلاء الأطفال يعانون من علاقتهم بأمهم بشكل لا يطاق.

في هكذا موارد تحتاج الأم للسيطرة على نفسها وأن تزيد من أمر رعايتها، مع إعطاء الطفل التوضيحات العقلانية، بمساعدة المحيطين به، ليخفف من حدة تصرفه، يجب أن تطمئنه انه في حياته الجديدة ورعايتها له ستزيل القلق من نفسه وسيتابع حياته كما لو أن أباه ما زال حياً.

ومن الممكن أن يصاب الطفل لدى استشهاد أبيه، في البدايات، أو لدى سماع الخبر بحالة الانطواء والصدمة. وقد يصل به الأمر إلى أنه لا يستطيع حتى البكاء وهذا أمر مضر في حال استمر. يجب علينا أن نخرجه من هذه الحالة ونساعده ليبكي ولو قليلاً، فبكاؤه طريق للهدوء والراحة، وفي الوقت نفسه يجب تسليته وتفهيمه أن أباه صعد إلى الجنة، ويعيش في مكان جميل. ألم تكن تحب أباك؟ ألم تحب أن يكون مسرورا؟ هو الآن مسرور وسعيد و...

ـ ذكر بطولات الأب:

لا شك أن موت الأب يولد الانكسار والحسرة ولكن يمكن من طريق آخر أن نعوض عن هذا الإحساس بذكر البطولات والافتخارات التي قام بها الأب لإيجاد حالة الكبرياء لدى الطفل وبذلك وعبر البطولة والفخر نوجد التعويض عن الانكسار والحسرة.

يجب أن نبحث معه مواضيع: الشهيد، الأجر وقرب الشهيد، ذكرى شهداء الإسلام العظيمة، سيرة حياة بواسل الإسلام. وطرحنا يجب أن يكون بشكل يستوعبه، ففي الوقت نفسه الذي شكل له موت أبيه حادثة أليمة فإن أباه نال رتبة ومقاماً. فعليه تلقي هذا الأمر لا على أساس الجحد بل على أساس الشكر لله.

والطفل بحاجة لمواجهة نقاط ضعفه، وهو بهذه الوضعية يفهم أهمية وجوده وإن صادفته بعض التقصيرات والحرمان فإنه سيواجهها بإباء وعزة النفس.

والأطفال لم يصقلوا لمواجهة مثل هذه الوقائع خاصة أمام خطأ بعض الناس الجاهلين الذين يحنون ويرحمون أبناء الشهداء بشكل زائد، فيتصور هؤلاء الأطفال أنهم، لترحم الناس عليهم، لديهم نقصاً أو عيباً، الأمر الذي ينعكس سلبا على مجريات حياتهم وفي تشكيل شخصياتهم في السنوات التالية من أعمارهم.

علينا أن نربيه على أساس مواجهة الضعف وأن لا يترك ترحم ومقالات الآخرين فيه أثراً سلبياً. وتستطيع الأمهات أن تلعب دورا مهماً عن طريق توضيح طريق الشهادة العظيم وأن تغرس فيه الإحساس بأنه موجود مرتبط بشخصية عظيمة ومن نسل فرد عزيز وكريم.

ـ بعث الشجاعة:

من المسائل المهمة في تربية الطفل بعث الجرأة والقوة في قلبه، ليستفيد منها في الوصول إلى أهدافه في الحياة، عادة ما يحس الأطفال نتيجة للتصرفات الخاطئة من الآخرين بالنقص في حياتهم لذلك ويتخذون المواقف الحذرة ويرتجفون عند مواجهة الأحداث.

لذلك من الضروري أن تمضي حياتهم على أساس الأمل والشجاعة المتناسبة مع أحوالهم وأن يعتمدوا على أنفسهم، هذه المسائل مطلوبة منك لتعليمه الجرأة والشهامة والأخلاق الحسنة بالشكل المطلوب وأن يعتمد على نفسه في حياته القادمة. وعليك تطييب خاطره وطمأنته بشكل يستطيع فيه التقدم، وأحد هذه الطرق أن توثقي علاقته بالله عز وجل عن طريق التعاليم والمعارف والتربية لروحيته ليحصل على الرشد المطلوب.

ـ بعث الكبرياء والافتخار:

من مواضع التربية الهامة إيجاد الكبرياء والافتخار في نفس الطفل، وأن ما أراده الله له ليس بالعار والحقارة بل الكبرياء والافتخار، فبموت أبيه لم يذل، لكنه رفع رأسه وسُر وأصبح سيداً.

وعن طريق قصص من شهداء كربلاء وأصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله)، والأئمة (عليهم السلام) تستطيعين أن تجعليه يشعر أن وضعه أصبح مشابها لوضع رقية (عليها السلام) وسكينة (عليها السلام) وهو كما بقية أولاد شهداء كربلاء ويستطيع أن يصبح بدرجة وعيهم، وأن يصبح عظيماً، قائداً وسيداً.

وعن طريق التقدير والإهتمام تستطيعين تسليحه بأجنحة الرشد، والعمل الذي يستطيع القيام به أوكليه إليه، وبعد إنهاءه ثمّني تعبه، امدحي عمله واجعليه مورد المدح، وأفهميه على الخصوص أنه كإبن لشهيد فالواجب أن ينجز أعمالاً أهم وأجل وامدحيه وافتخري به حيثما استطعت.

•التعليم اللازم:

إن كل ما يجب أن يتعلمه يجب أن يتماثل مع ما يتعلمه الأطفال الآخرون، لكن مع محتوى أغنى، واعتماد المربي في تربيته يجب أن لا يختلف عن أسس التربية أبداً، سواء عن طريق عمله أمامه أو عن طريق القدوة، أو قص القصص، أو سيرة عظماء وأبطال الإسلام، مع الاستفادة من أسلوب التذكير والنصح، والترغيب والترهيب لصقل وزرع الروحية العالية فيه.

والتوقع من أبناء الشهيد أن يكونوا القدوة في الأخلاق، ويجسدوا الفضيلة، ويمتلكوا روح الإيثار والفداء، وأن يكونوا محبين للإيثار والشهادة، يشخصون أهدافهم، يترفعون عن الأنانية في سبيل أهداف الإسلام والإنسانية، يتحلون بروحية عالية، يعتمدون على أنفسهم، وأن يكونوا أحراراً مستقلين، يقاومون في سبيل تحقيق أهدافهم، لا يتوانون أمام الصعاب، محبي الحقيقة ومريدي العدالة.... كل هذه المسائل تتحقق بسعي ومنهجة وقت الأم، لتوصل أبناءها لهذه الأهداف.

البحث مع الطفل:

للطفل أسراره ومنطقه الخاص به، يتقبل الأدلة بطريقته الخاصة. ويقنع بالأمور بطريقة مختلفة كلياً عما في عالم الكبار. وأنت أيتها الأم العزيزة أدرى الناس بهذه المسائل.

لن أقول لك كيف تقومين بذلك، لكن أقول: إنك وعلى هذا الأساس تستطيعين أن تعطيه المنهج والفهم الذي يتقبله، أن تعرفيه على كل مجهول لديه، بالتزامن مع العطف الصافي والحس اللطيف اللذين يستتبعان رشده وتحقيق أبعاد وجوده.

إن توعيته على التفكير العميق، مع كونه لا يزال طفلاً، فعليك ان تحسبي حساب تربيته لينشأ كالكبار، وكما وأننا نسعى لتحقيق رشده الفكري والعقلاني علينا ان ندرك انه لن يستطيع الاضطلاع بكل المسائل والنجاح بها فالتدرج في هذه الأمور هو الأولى ليجد نفسه ويتقدم إلى أهدافه.

ـ تنبيه مهم:

قد نرى في بعض الأحيان أن بعضاً من الأرامل يقعن تحت تأثير ابنائهن. بشكل لا يستطعن بعده تربيتهم وبناء شخصياتهم. في هكذا حالات على الأم وفي الحد الأدنى أن تطلب العون من العم، الخال، الجد.

حضن الأمهات هو مدرسة وجامعة الطفل، ويجب العمل على أن يتخرج هذا الطفل من هذه المدرسة متحلياً بالانضباط، والأدب، والجرأة، والشهادة، والتواضع، والنزاهة والتقوى والذكاء، والاستدلال، والإحساس بالكبرياء، والرشد، والتفكير المقبول، ووعي الأم وحسن اطلاعها هو المؤثر في هذا المجال.

وعلاقتك بطفلك ورغباته يجب أن لا تمنعه من القيام بواجباته الملقاة على عاتقه أو بعدم الاكتراث بحقوق الآخرين، أنت كأم إسعِ بكل ما أوتيتِ من قوة أن تتذكري دائماً: أنك زوجة شهيد وأبناؤك أولاد الشهيد، فكوني لائقة لزوجك الشهيد وربِ أولاد بقية الشهيد.