x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

القانون العام

القانون الدستوري و النظم السياسية

القانون الاداري و القضاء الاداري

القانون الاداري

القضاء الاداري

القانون المالي

المجموعة الجنائية

قانون العقوبات

قانون العقوبات العام

قانون العقوبات الخاص

قانون اصول المحاكمات الجزائية

الطب العدلي

التحقيق الجنائي

القانون الدولي العام و المنظمات الدولية

القانون الدولي العام

المنظمات الدولية

القانون الخاص

قانون التنفيذ

القانون المدني

قانون المرافعات و الاثبات

قانون المرافعات

قانون الاثبات

قانون العمل

القانون الدولي الخاص

قانون الاحوال الشخصية

المجموعة التجارية

القانون التجاري

الاوراق التجارية

قانون الشركات

علوم قانونية أخرى

علم الاجرام و العقاب

تاريخ القانون

المتون القانونية

دساتير الدول

الحقوق المالية للأجنبي.

المؤلف:  ادريس علي ورد

المصدر:  النظام القانوني لدخول وخروج الاجنبي

الجزء والصفحة:  ص 101-117

2023-05-09

891

إن الاعتراف للأجنبي بالشخصية القانونية في التشريعات المقارنة، وما يترتب عليه من تمتعه بالأهلية اللازمة للقيام بمختلف التصرفات القانونية، منح الحق للأجنبي في التمتع بالحقوق المالية وتملك الأموال المادية منها والمعنوية، ولما كانت الأموال ليست بذات الدرجة من الأهمية فمن الطبيعي أن تتسامح الدول في تملك الأجانب لأنواع معينة من الأموال وتتشدد في تملكهم لأنواع أخرى منها، وحق الملكية يكاد يكون من أهم الحقوق المالية لما يترتب من سلطة يخولها القانون من شخص على شيء معين، فإذا كان هذا الشخص أجنبيا فان الأهمية والخطورة تكون بمستوى أعلى، لما يترتب عليه تملك المال من تأثير سياسي واقتصادي للأجانب في الدول التي يقيمون فيها، وهذا التأثير هو الذي يبرر للدول وضع القيود على تملك الأجانب للأموال بشكل عام والأموال العقارية منها بشكل خاص رغم أن التشديد يكون في بعض الأحيان على الأموال المادية المنقولة (1) ، أما الحقوق المالية الأخرى فتتمثل بالترخيص للأجنبي بالعمل وممارسة المهن الحرة، وعلى هذا الأساس نقسم هذا الموضوع إلى حق الأجنبي في التملك وحق الأجنبي في العمل وممارسة المهن الحرة.

أولًا- حق الأجنبي في التملك

يعد التملك في إطار القانون الوضعي من أهم الحقوق التي يتمتع بها الأجانب في الدولة فالأصل هو اعتبار الحق في التملك من الحقوق اللصيقة بالشخصية ؛ لأن اكتساب ملكية الأموال أو التمتع بتمارها هو مظهر من مظاهر الشخصية القانونية للفرد وتلعب المعاملة بالمثل دورا بارزا في تنظيم تمتع الأجانب في الدول والرعايا في الخارج لهذا الحق ، كونه يمثل واحداً من أهم الحقوق الخاصة، وكما نعلم فان حق الملكية يقع على الأموال المادية والمعنوية والأموال المادية تشمل المنقولات والعقارات وإن الاتجاه الغالب في معظم دول العالم هو السماح للأجانب بتملك معظم المنقولات ذات القيمة الاقتصادية الكبيرة التي شأنها التأثير في الكيان الاقتصادي للدولة (2)، إن التنمية الاقتصادية والاجتماعية أصبحت اليوم على جانب كبير من الأهمية وإن العزلة عن العالم غير ممكنة مهما كان وضع الدولة غنيًّا أو فقيرا لا يمكن له أن يلبي كل حاجاتها من الداخل ما لم يتم الاستعانة برؤوس الأموال الأجنبية ومن هنا تأتي أهمية الموضوع والتي يمكن إيجازها بالنقاط الآتية:

1.  ارتباط هذا الحق بركن من أركان الدولة إلا وهو ركن الإقليم إذ إن السماح للأجانب بتملك العقارات في دولة معناه تملك جزء من إقليم هذه الدولة والإقليم هو : " ذلك الحيز المكاني الذي تستأثر به الدولة لتمارس عليه سيادتها " (3) ، وهذا يؤدي إلى المساس أو الانتقاص من سيادة الدولة على إقليمها.

2. إن قرار المستثمر الأجنبي بالأقدام أو بالأحجام عن الاستثمار في بلد ما لا تتوقف على تقديره للأوضاع السياسية والاقتصادية السائدة في ذلك البلد فحسب، وإنما يتأثر أيضًا بالأوضاع القانونية ؛ لأنها تحدد مجالات الاستثمار والمشروعات التي يسمح للأجانب بتملكها بصورة منفردة أو بمشاركة مواطني البلد المضيف للاستثمار. وكذلك فأن حق التملك يعد من أهم المزايا الجاذبة للاستثمارات الأجنبية في وقتنا الحالي.

3.  سياسة التحول الاقتصادي من القطاع العام إلى القطاع الخاص وإن المستثمرين الأجانب هم أصحاب المقدرة المالية على شراء أو تملك المؤسسات والهيئات المعروضة للبيع. إن حق الأجنبي في التملك في دولة ما يعد تمرة العمل والجهد الذي يمارسه داخل هذه الدولة طالما سمحت له بالإقامة أو التوطن فيها ورخصت له بالعمل داخل إقليمها، حيث إن النفس البشرية قد جبلت على حب التملك وحيازة اكبر قدر من المال فحب المال كما جاء في القرآن الكريم غريزة متأصلة في نفس البشر جميعاً لأنه عصب الحياة ونعمة من نعمها ووسيلة الإنتاج والاستهلاك والتعامل والتعاقد داخل المجتمع أي المحرك الفاعل لعجلة الاقتصاد داخل الدولة وحق الملكية حق أصيل للإنسان واهم حقوقه الأساسية باعتباره مرتبطاً بحقه في الحياة والوجود ولذلك فان الملكية والحياة البشرية أمران متلازمان منذ اللحظة التي يجد فيها الإنسان مالاً قابلاً لإشباع حاجة معينة لديه فان غريزته تتجه إلى تملك هذا المال والاستئثار به لإشباع هذه الحاجة وما دام الأمر كذلك فلا يجوز حرمان أي إنسان من هذا الحق كأصل عام. قد صدر قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006 حيث أباح للمستثمر الأجنبي الاحتفاظ بالأرض في المادة العاشرة منه وقد تم تعديل النص باتجاه جواز السماح له بالتملك ومن أسباب صدور التعديل، تشجيع الاستثمار وتنمية الاقتصاد الوطني، والعراق يحتاج في الوضع الحالي إلى ذلك ويمكن أن نصف الاستثمار في حالة توفير مناخ صالح لجذب رؤوس الأموال الأجنبية بأنه أحد أهم مصادر تمويل الاقتصاد الوطني وفي سبيل تحقيق ذلك عمد العراق إلى تصديق بعض الاتفاقيات الدولية ، ومن الجدير بالذكر أن المشرع العراقي في قانون الاستثمار الجديد ميز في المعاملة بين المستثمر العراقي والأجنبي على أساس معيار شخصي وهو جنسية المستثمر لا على أساس معيار موضوعي وهو طبيعة رأس المال المستثمر ، فكان من المفروض أن يحدد الصفة الأجنبية للاستثمار من خلال أجنبية رأس المال لا الصفة الأجنبية للمستثمر ؛ لأن في هذا التوجه تشجيع الوطنيين وكذلك الأجانب على جذب رؤوس الأموال الأجنبية إلى العراق فاعتماد المعيار الشخصي سيجعل الأجنبي الذي يستثمر رأس مال موجود أصلا في العراق في معاملة أفضل من المستثمر العراقي.

أما بالنسبة إلى القانون المصري فإنه أخذ بموقف مغاير لموقف المشرع العراقي، بموجب القانون المرقم 230 سنة 1996 (4) والخاص بتملك الأجانب للعقارات في مصر.

فقد أجاز هذا القانون للأجانب إن يتملكوا العقارات في مصر ( ما عدا العقارات المتاخمة للحدود والأراضي الزراعية ) ودون أن يعلق ذلك على شرط المعاملة بالمثل.

حيث نصت المادة الثانية من هذا القانون على ما يأتي :

" يجوز لغير المصري تملك العقارات مبنية كانت أو أرض فضاء، بالشروط الآتية :

1. أن يكون التملك العقاريين على الأكثر في جميع أنحاء الجمهورية بقصد السكني الخاص له ولأسرته وذلك دون الإخلال بحق تملك العقارات اللازمة لمزاولة النشاط الخاص المرخص به من السلطات المصرية المختصة.

2. ألا تزيد مساحة كل عقار على أربعة ألاف متر.

3. ألا يكون العقار من العقارات المعتبرة أثرًا في تطبيق إحكام قانون حماية الآثار " أما بالنسبة لموقف القانون الفرنسي، على الرغم من أنه علق حق التمتع الأجنبي بجميع الحقوق الخاصة بفرنسا على شرط تحقق المعاملة الدبلوماسية بالمثل بموجب نص المادة (11) من القانون المدني الفرنسي المشار إليها ،آنفًا، إلا أنه تبنى موقفًا خاصا من الأجنبي في تملك العقارات حصراً في فرنسا، وذلك بموجب التشريعات المتعددة والخاصة بحق الأجنبي بالتملك الأجنبي في فرنسا والتي ساوت بين الأجانب والوطنيين من حيث الاعتراض لهم بتملك العقارات في فرنسا دون أن يخضع ذلك لحكم المادة (11) من القانون المدني الفرنسي والتي تشترط المعاملة الدبلوماسية بالمثل باعتبار أن هذا الحق من حقوق القانون الطبيعي، غير أن المشرع الفرنسي فرض رقابة على تملك الأجانب للعقارات في فرنسا، وتمثلت هذه الرقابة في إخضاع تملك الأجانب لشرط مسبق هو ضرورة الحصول على تصريح من وزير المالية وذلك لمنع المضاربات العقارية من قبل الأجانب الغير مقيمين في فرنسا بصفة دائمة (5).

يجد البعض (6) بأن سياسة المشرع الفرنسي هذه تجاه السماح للأجانب بتملك العقارات في فرنسا تجد ما يبررها " إذ إن فرنسا دولة جاذبة للسكان وبصفة خاصة الأيدي العاملة الأجنبية، ويمثل الأجانب نسبة كبيرة من العدد الإجمالي للسكان، واحتياج الدولة لهؤلاء الأجانب أم يفرض عليها سياسة تقوم على توطين الأجانب في الدولة واندماجهم في الكتلة البشرية الوطنية " (7).

أما موقف المشرع العراقي من حق الأجانب في التملك في إطار مبدأ المعاملة بالمثل فيجب ملاحظة قسمين هما القسم الأول : الأجانب من غير رعايا الدول العربية حيث نظم قانون تملك الأجنبي للعقار العراقي رقم 38 لسنة 1961(8) موضوع تملك العقار، واشترطت المادة الأولى من ضرورة تحقق مبدأ المعاملة بالمثل بين العراق والدولة التي ينتمي إليها الأجنبي طالب التملك حيث نصت هذه المادة " على أنه يعامل الأجنبي في حق الملكية وفي المعاملات التصرفية التي ترد على العقار بما يعامل به العراقي في بلد ذلك الأجنبي وفقاً لقاعدة المقابلة بالمثل......." ، وقد جاءت المادة 154 من قانون التسجيل العقاري رقم 43 لســــــــنة 1971 النافذ والمعدل مؤكدة لموقف المشرع العراقي من اشتراط المعاملة بالمثل غير أن هناك مأخذ على موقف المشرع العراقي بهذا الخصوص، إذ إن دقة الصياغة القانونية واللغوية للنص كانت تستوجب على المشرع العراقي إن يستعمل مصطلح المعاملة بالمثل بدلا من استخدامه المقابلة بالمثل، على الرغم من الفرق الواضح بين المصطلحين من حيث المعنى، بالإضافة إلى أن المشرع لم يبين بصورة واضحة الكيفية التي يتحقق فيها مبدأ المعاملة بالمثل مع دولة من الدول الأجنبية فمن المعلوم إن مبدأ المعاملة بالمثل يمكن أن يتحقق استنادا إلى مصدره بثلاثة صور ( دبلوماسي، تشريعي، واقعي ) ولكن يمكن إن نفترض إن المشرع العراقي قصد ضرورة تحقيق المعاملة الفعلية أو الواقعية بالمثل مع الدولة التي ينتمي إليها الأجنبي طالب التملك، ويمكن الاستدلال على ذلك بالشطر الأخير من نص المادة الأولى التي جاءت كالآتي " ... وتضع وزارة العدل العراقية تعليمات وقواعد المقابلة بالمثل " وهذا يعني أن وزارة العدل تقوم بالتأكد من أن تلك الدول تجيز العراقيين فعلاً تملك العقارات فيها وهي تقوم بهذه المهمة من خلال الاستفسار عن طريق وزارة الخارجية التي تقوم بدورها بالاتصال بمكاتب السفارات والقنصليات العراقية في تلك الدول للتعرف عن مواقف تلك الدول من تملك العراقيين للعقارات في أراضيها، ثم تقوم بإشعار وزارة العدل بمواقف تلك الدول في هذا الخصوص، وفي ضوء ذلك تقوم وزارة العدل بإصدار التعليمات الخاصة بأسماء الدول التي تتحقق معها بالمثل، من عدمه وبالفعل فان وزارة العدل العراقية قد أصدرت قائمة بأسماء الدول التي تتحقق معها بمبدأ المعاملة بالمثل. وعلى الرغم على تأكيد المشرع العراقي بمبدأ المعاملة بالمثل إلا انه لم يجعل الأمر مطلق لكل أنواع العقارات وهذا ما أوضحته المادة الرابعة من قانون تملك الأجنبي للعقار ( حيث نصت لا يجوز أن يملك الأجنبي عقاراً في العراق بأي سبب من أسباب الملكية ولا أن يشترك في مزايدة بيعة إلا بعد توفر الشروط التالية واستحصال موافقة وزير الداخلية.

ينبغي الإشارة إلى إن مبدأ المعاملة بالمثل في هذه الحالة لا يمكن أن يتحقق إلا بالصورة الدبلوماسية وذلك من خلال عقد اتفاقية مع الدولة الأجنبية تقضي بتبادل تمليك كل منهما للأخرى في إقليمها العقار المراد اتخاذاً مقراً لها أو لسكنا ممثليها ودبلوماسيتها ، كما إن المشرع العراقي قد اشترط مبدأ المعاملة بالمثل في ما يتعلق إجارة الأراضي المملوكة للدولة إلى الدول الأجنبية بموجب المادة 23 من قانون بيع وإيجار أموال الدولة رقم 32 لسنة 1986، وتعديلاته (9) والتي نصت على " لوزير المالية بناءً على طلب وزارة الخارجية وبموافقة رئيس الجمهورية إجارة الأراضي المملوكة للدولة إلى الدول الأجنبية لإنشاء مقرات لممثليتها السياسية أو القنصلية أو لغرض إنشاء دور سكن عليها أو مكاتب لملحقتيها ، وذلك لمدة لا تزيد على مدة الإجارة المسموح بها في بلد الطرف الأخر ويبدل تقدره لجنة خاصة يعينها وزير المالية أو بدون بدل وذلك بشرط المقابلة بالمثل " .

1. سبق الإقامة في العراق مدة لا تقل عن سبع سنوات.

2. عدم وجود مانع إداري أو عسكري.

3. أن لا يكون قريباً من الحدود العراقية بما لا يقل عن ثلاثين كيلو متر.

4. أن لا يكون العقار أرض زراعية أو أرض أميرية مهما كان نوعها ويشمل ذلك تفوض

الأرض وفراغها بطريق الانتقال أو بأي سبب أخر " .

أما القسم الثاني : وهم رعايا الدول العربية وقد خصهم المشرع العراقي بقانون خاص غير قانون تملك الأجنبي للعقار في العراق رقم 38 لسنة 1961 والذي نصت المادة الثالثة منه على " لا تسري أحكام هذا القانون على رعايا وأبناء الدول والأقطار العربية، ويطبق بشأنهم الأحكام المنصوص عليها في القوانين الخاصة " .

أما بشأن تملك المستثمرين الأجانب للعقار في العراق فقد صدر قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 والمعدل بالقانون رقم 2 لسنة 2010 الذي سمح للمستثمر الأجنبي تملك العقار أسوة بالمستثمر العراقي بشروط حددها بالمادة العاشرة من قانون الاستثمار النافذ (10) ، التملك أمر لصيق بطبيعة الإنسان فهو أحد الحقوق الأساسية المقررة للأجانب على قدم المساواة مع مواطني الدولة فحق الملكية هو حق الاستئثار بشيء عن طريق استعماله واستغلاله والتصرف فيه على وجه دائم وفقاً للقانون (11) ، وبما أن جميع الأموال ليست على درجة واحدة من الأهمية فيكون من الطبيعي أن تتسامح الدولة في تملك الأجانب لأنواع معينة منها وتشدد في تملكهم لأنواع أخرى بحسب نوع الملكية وتبعاً للنظام القائم في الدولة من الناحية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

أما حق الأجنبي في تملك المنقول في إطار القانون، فالمنقول هو كل شيء يمكن نقله وتحويله من مكان إلى أخر دون تلف ويشمل النقود والعروض والحيوانات والمكيلات والموزونات وغيرها ويتمتع الأجنبي في العراق بحق تملك المنقولات كأصل عام ويظهر ذلك من خلال نص المادة 23/ تانياً من الدستور الدائم ، فقد أجازت للأجانب تملك المنقولات في العراق إلا ما استثنى تملك منها بقانون فحق الدول في حماية كيانها الاقتصادي والسياسي جعلها تحرم الأجانب . من المنقولات ذات القيمة الاقتصادية الخاصة كالسفن والطائرات ، إذ لا يجوز تملكها من قبل الأجانب كونها تشكل ثروة أساسية للمجتمع وأجاز المشرع العراقي للأجنبي تملك بعض المنقولات بعد أخذ موافقة السلطة المختصة كالسندات وأسهم شركات النفط  (12).

ثانيا: حق الأجنبي في العمل وممارسة المهن الحرة

إن حق الأجنبي في العمل هو ما استقرت عليه قواعد القانون الدولي الخاص عند تنظيمها لمركز الأجانب سواء في المعاهدات أم في المواثيق الدولية، وأساس هذا المبدأ هو أن حياة الأجنبي في إقليم دولة ما تستلزم ممارسته للعمل من أجل أن يحصل على مقابل يكفل له معيشته والحفاظ على كرامته الإنسانية من التسول أو اللجوء إلى وسائل معيشية غير مشروعة يكون فيها الأجنبي عالة على نفسه وعلى مجتمع الدولة التي يقيم فيها، ولذلك تشترط قوانين إقامة الأجانب في غالبية الدول إن تكون للأجنبي وسيلة عيش مشروعة وجلية من أجل الحصول على إقامة أو الحصول على جنسية البلد الذي يقيم فيه الأجنبي، وقد تضع الدول قيودا متعددة على حق الأجنبي في العمل حماية لأمنها واقتصادها الوطني، أو منعًا لمنافسة العمالة الأجنبية للأيدي العاملة الوطنية(13)، في الوقت الذي نجد فيه قانون إقامة الأجانب العراقي النافذ (14) خاليا من أية ضوابط تحول دون حصول هذه المنافسة مما أدى إلى تفاقم البطالة بين أوساط الشباب العاطلين عن العمل وعدم الاستفادة من هذا المورد البشري ومن المؤهلات العلمية التي يمتلكها ألاف بل مئات الآلاف من خريجي الجامعات وحملة الشهادات العليا واستقطابهم في عملية البناء وإعادة الأعمار، وهذا ما يؤشر خلل في عملية التخطيط للاستفادة من الموارد البشرية أولًا وخلل اكبر في ضوابط قانون إقامة الأجانب ثانيًا، ففي إطار القانون الوضعي، فنجد أن هناك فرق بين العمل والمهنة، فالمهنة هي الحرفة ولكن العمل والفعل والمهنة لذلك فإن كل مهنة عمل ولكن ليس كل عمل مهنة ويمتاز العمل عن المهنة من حيث إن المهنة تكون مصدرًا للرزق في أغلب الأحيان أما العمل فلا يكون كذلك دائما فالمحامي إذا ترافع في دعوى متطوعاً في ذلك فقد عمل عملا أما إذا طلب أجرة فقد أصبح فعله أو عمله مهنة (15).

الأصل إن الإعمال والمهن في العراق جميعها من حق العراقيين وحدهم ويتضح ذلك من خلال نص المادة (1) من قانون حصر المهن بالعراقيين رقم (21) لسنة 1936 ، إذ منع غير العراقيين من الاشتغال بالإعمال والمهن الآتية " الطباعة والتصوير الفوتوغرافي وعرض الرقوق السينمائية والحدادة والحلاقة والنجارة والبناء والخياطة والصياغة والحياكة والرقص و الغناء والنقل بكافه مرافقه المحلية والأهلية والتحميل والتفريغ التنوير والتدفئة وإسالة الماء والاستخدام الدائم في سوق السيارات والآلات البخارية والعجلات وصنع السكائر والعمل في المطاعم والمخابز والاشتغال بأي محل كان كعامل أو حارس و الخدمة في مختلف الإعمال والمحلات والفنادق والنوادي والحمامات والمقاهي والخانات والحانات والملاهي وغيرها من الإعمال والمهن التي تعين من وقت إلى أخر بأنظمة خاصة كما يمنع على الأجنبي من تعاطي البيع في الحوانيت أو الطرق وكذلك من الدلالة " ، إلا إن المادة الثالثة من هذا القانون أجازت للأجنبي ممارسه الإعمال المذكورة إذا كانت تتطلب خبرة وتحتاج إلى تحسين أو رقي أو إتقان ولا يوجد من العراقيين من يقوم بها، كما أجاز المشرع العراقي للأجنبي الاشتغال في بعض أو كل المهن والأعمال المذكورة إذا كانت دولته تجيز للرعايا العراقيين الإشغال بها على أساس المعاملة بالمثل، واستثنى القانون المذكور في المادة الرابعة منه والإعمال المنصوص عليها في الامتيازات المعقودة مع الشركات أو بموجب معاهدات واتفاقيات خاصة والاستخدام في السفارات والمفوضيات والقنصليات الأجنبية ويجد الباحث أن هذا القانون لا يتفق مع التطور الذي أصاب التبادل التجاري بين الدول الاتفاقيات التي سمحت للعمالة الأجنبية بالاشتغال خارج بلدانها في شتى مجالات الحياة ، ولذلك ندعو إلى إلغائه لعدم الحاجة إليه خصوصا في ظل وجود قوانين وأنظمة العمل الحالية والاتفاقيات الدولية الخاصة بالعمل والعمال التي تغني عن بقاء القانون المذكور حيًّا.

وقد قررت تعليمات ممارسة الأجانب العمل في العراق (16) بعدم السماح لصاحب العمل في القطاع الخاص والمختلط والتعاوني بتشغيل أي شخص أجنبي ما لم يكن قد حصل على إجازة العمل ، ويراعى في منح هذه الإجازة الصالح العام وعدم مزاحمة الأيدي العاملة في العراق فإذا أتبت صاحب العمل حاجة المجتمع لخدمات العامل الأجنبي في أغلب المشاريع مع عدم وجود من يحل محله من العراقيين أو قلة عددهم في ذلك المشروع ، فتمنح عندئذ إجازة العمل للعامل الأجنبي بعد التأكد من عدم وجود مانع أمني من الجهات الأمنية المختصة، وتقدر وزارة العمل والشؤون الاجتماعية حاجتها للعامل الأجنبي من عدمه عن طريق دائرة العمل والضمان الاجتماعي في بغداد ومكاتبها في المحافظات.

يجد الباحث من الضروري اليوم تشغيل العامل الأجنبي في العراق لحاجة الاقتصاد الوطني إليه في أغلب المشاريع خصوصاً المشاريع العملاقة التي تهتم بإعادة أعمار البني التحتية ، فهذه تحتاج إلى وجود الخبرة الأجنبية إلى جانب تشغيل عدد أكبر من الأيادي العاملة العراقية في تلك المشاريع لامتصاص البطالة من البلد، والاستفادة من الخبرة الأجنبية داخل

المشروع. يعتبر حق الأجانب في العمل مبدأ مسلما به في المجتمعات الدولية سواء أكان على أساس المقابلة بالمثل أم لوجود معاهدة أم لأسباب إنسانية أم بسبب العرف الدولي، لذا فإن الاعتراف بحق الأجنبي في العمل أضحى اليوم التزاما يقع على الدول عبء تنفيذه وتحميه نصوص تشريعية فلم يعد الأمر مجرد منحة منها بل أصبح من الواجبات الملقاة على عاتقها ، وقد نظم المشرع المصري العمل في قانون العمل رقم (12) لسنة 2003 ، وقد منح فيه للأجنبي العمل داخل مصر إلا إنه قيده بعدة شروط منها شرط المعاملة بالمثل وشرط إعطاء تصريح للأجنبي لدخول البلاد والإقامة فيه بقصد العمل والحصول على ترخيص لمزاولة العمل من وزارة الصحة(17)، كما يحدد وزير العمل المصري المهن والإعمال والحرف التي يحظر على الأجانب العمل فيها بتاتا كما ويحدد الوزير حالات إعفاء الأجانب من الحصول على ترخيص العمل، أما المشرع الفرنسي وبموجب قانون العمل الفرنسي لسنة 2008 منح الأجنبي حق العمل داخل الأراضي الفرنسية شريطة أن يكون دخوله فرنسا قد تم بصورة مشروعة، كما اشترط وجوب أن يكون عقد عمل الأجنبي مؤشرًا عليه من جانب السلطة المختصة أو تلك السلطة المخولة بمنح التراخيص بالعمل ، وهذا ما نصت عليه المادة (2-5221L ) (18)، ويلاحظ أن قانون العمل الفرنسي لم يشترط المعاملة بالمثل على الرغم من اشتراطه شروط معينة تحد من منافسة العامل الأجنبي للعامل الوطني كاشتراط المادة (31-5221) على أنه يجب على الأجنبي الذي يرغب العمل في فرنسا أن يكون على دراية باللغة الفرنسية.

أما المشرع العراقي فقد نظم العمل في قانون العمل العراقي الملغي رقم 71 لسنة 1987 والمعدل بالقانون المرقم (17) لسنة 2000، وقد صدر قانون جديد للعمل رقم 37 لسنة 2015 وقد جعل الأصل في حق العمل للعراقيين (19) ، إلا أنه عاد وأجاز للأجانب الحق بالعمل في العراق استثناءاً بعد أن يحدد بتعليمات خاصة نوع الإعمال والحالات التي يجوز لغـيـر العراقيين بممارستها في العراق (20) ، وكانت تعليمات رقم (18) لسنة 1987 قبل صدور قانون العمل الجديد والخاصة بممارسة الأجانب العمل في العراق قد أشارت في المادة الرابعة منها إلى الشروط المطلوبة لمنح إجازة العمل للأجانب في العراق، دون أن يكون من بين هذه الشروط. شرط المعاملة بالمثل (21). غير أن من الملاحظ هنا إن المشرع العراقي في وقتها وأن لم يستلزم توفر مبدأ المعاملة بالمثل ضمن الشروط اللازمة لمنح الأجانب إجازة العمل في العراق، إلا أنه عاد واشترطها، كشرط لإعفاء الأجنبي في العراق من الخضوع لهذه الشروط عند ممارسته لحق العمل في العراق. وهذا ما يستشف ضمنا من أحكام المادة الحادية عشرة من تعليمات ممارسة الأجانب العمل في العراق رقم (18) لسنة 1987، فبعد أن بينت هذه التعليمات الشروط والقيود اللازمة لمنح إجازة العمل للأجانب في العراق، عادت في المادة الحادية عشرة منها، بالنص على :

أولا - يستثنى من أحكام هذه التعليمات :

أ- العاملون لدى الهيئات الدولية والبعثات الدبلوماسية والقنصليات التجارية والأجنبية المعتمدة في العراق.

ب الأجانب الذين تسمح لهم القوانين والاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تكون الحكومة العراقية طرفاً فيها بممارسة الأعمال في العراق.

ج- الأجانب المشتغلون لدى الحكومة.

يتأمل دقيق لما سبق، نجد أن المشرع العراقي قد ميز بين طائفتين من الأجانب، وفقاً

لقانون العمل رقم (71) لسنة 1987، والتعليمات الصادرة بموجبها:

الطائفة الأولى - وهم الأجانب الذين يسمح لهم قانون العمل بمزاولة العمل في العراق دون استلزام مبدأ المعاملة بالمثل، ولقد رأينا أن تعليمات ممارسة الأجانب للعمل في العراق قد حددت الشروط اللازمة لمنح الأجنبي إجازة العمل في العراق، دون أن يكون فيما بينها (شرط المعاملة بالمثل).

الطائفة الثانية - وهم الأجانب الذين تسمح لهم الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تكون الحكومة العراقية طرفاً فيها بممارسة العمل في العراق دون الخضوع للقيود والشروط التي تضعها قوانين الدول الداخلية، استناداً بالطبع على مبدأ المعاملة الدبلوماسية بالمثل، بين العراق والدولة التي ينتمي إليها الأجنبي، سواء أكانت هذه المعاملة تشريعية أم دبلوماسية. وعليه، فأن المعاملة في القانون العراقي ليست شرحا من شروط منح العامل الأجنبي إجازة مزاولة العمل في العراق، بل هي شرط لإعفاء الأجنبي من الخضوع لهذه الشروط.

كان الأجدر بالمشرع العراقي إن ينص صراحة على شرط المعاملة بالمثل من ضمن الشروط اللازمة لمنح العامل الأجنبي إجازة للعمل في العراق، خاصة وأن المشرع العراقي قد تبنى شرط المعاملة بالمثل بالنسبة لممارسة الأجانب لمعظم المهن والحرف في العراق، وكما سنرى ذلك لاحقاً. أما بالنسبة إلى القانون المصري، فأن المشرع المصري قد تبني موقفاً أكثر وضوحاً من الموقف الذي تبناه المشرع العراقي، وذلك بأنه اشترط صراحة، بنص عام ضرورة تحقق مبدأ المعاملة بالمثل بين مصر والدولة التي ينتمي إليها الأجنبي كشرط لممارسة الأجنبي العمل في مصر (22)، وذلك بموجب قانون العمل المصري رقم (137) لسنة   1981 (23).

والتي نصت المادة (26) منه على " لا يجوز للأجانب أن يزاولوا عملًا إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من وزارة العمل، وان يكون مصرحاً لهم بالإقامة، وبشرط المعاملة بالمثل مع الدولة التي ينتمي إليها وفي حدود تلك المعاملة . . ومبدأ المعاملة بالمثل وفقًا لذلك، ليس شرط ابتداء فحسب وإنما هو شرط استمرار كذلك، بحيث لا يسمح للأجنبي بالاستمرار في العمل إذا عدلت دولته عن معاملة المصريين فيها بالمثل (24).

المعاملة بالمثل التي اشترطها المشرع المصري في هذه الحالة يجب أن تتحقق بالتطابق، أي تبادل الحق بالحق)، بحيث يلقى العامل الأجنبي في مصر نفس المعاملة التي يلقاها العامل المصري في بلد الأجنبي من حيث نوع العمل المسموح له بممارسته فيها (25).

في هذا الصدد يرى البعض (26) بأنه : " لا يكفي للسماح للأجنبي بمزاولة عمل معين في الجمهورية العربية، أن تقر هذه الدولة للرعايا المصريين الحق في مزاولة ذات العمل الذي يطلب الأجنبي السماح له به في الجمهورية العربية، فإذا كانت تمنعهم من مزاولة إعمال معينة تعين منع رعايا هذه الدولة من مزاولة هذه الإعمال في الجمهورية العربية ".

إلا أنه ورغم وضوح صياغة النص، فأن البعض الأخر (27) يذهب، بأنه ليس بشرط أن تتحقق المعاملة بالمثل هنا بالتطابق، بل يكفي تحقق التعادل لأعمال مبدأ المعاملة بالمثل هناء " لأن هذا التشدد لا يتلاءم مع المرونة التي يحسن مراعاتها في إعمال فكرة المعاملة بالمثل بما يتفق ويتلاءم مع مصلحة الدولة، وهي المرد الأخير في هذا الشأن، بل أنه قد يتعارض مع هذه المصلحة ذاتها إذا دعت الحاجة فعلا إلى الترخيص لأجنبي ما بالعمل في قطاع معين وكانت دولته لا تمنح معاملة مماثلة للمصريين فيها ".

رغم ما استند عليه هذا الرأي الأخير من مبررات منطقية وفعالة، إلا أنه لا يسلم من النقد ؛ وذلك لأن صياغة نص المادة (26) من قانون العمل المصري، جاءت واضحة جدًا - وبما لا يقبل الشك - باشتراط المشرع المصري تحقق (المطابقة) في مبدأ المعاملة بالمثل، الأمر الذي يتنافى معه القول بخلاف ذلك، والمشرع المصري لم يكتف باشتراط هذا المبدأ بالنسبة لعمل الأجانب في مصر فحسب، بل اشترطها كذلك في خصوص استفادة الأجانب الخاضعين لقانون العمل المصري فيما يتعلق بانتفاعهم من مزايا التأمينات الاجتماعية (28). حيث نصت المادة الثانية، فقرة (ب) من قانون التأمينات الاجتماعية المصري رقم 79 لسنة 1975 والمعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1977 والقانون رقم 93 لسنة 1980 على سريان أحكام هذا القانون على الأجانب الخاضعين لقانون العمل، بشرط إلا تقل مدة عقد العمل على سنة وأن توجد اتفاقية معاملة بالمثل (29).

يتضح من ذلك، أن المشرع المصري قد اشترط لضرورة انتفاع العمال الأجانب من مزايا قانون التأمينات الاجتماعية المصري تحقق مبدأ المعاملة بالمثل الدبلوماسية حصرا (بناءً على اتفاقية دون الأشكال الأخرى، وبناءً على ذلك تعد المعاملة الدبلوماسية بالمثل متحققة بين مصر والعراق فيما يتعلق بانتفاع العاملين من رعاياها في كلا البلدين من مزايا التأمينات الاجتماعية (الضمان الاجتماعي والتي قررتها الاتفاقية العربية في نظم التأمينات الاجتماعية، وذلك باعتبارهما دولتين عضويتين فيها. والتي نصت المادة الرابعة منها على :

" يتمتع المؤمن عليهم المنتمون لجنسية إحدى الدول المتعاقدة بنفس المزايا التي يقرها تشريع الدولة المتعاقدة الأخرى التي يقيمون بها مع مراعاة الشروط والأوضاع المعمول بها في هذه الدولة" ، وبصدور قانون العمل المصري الجديد رقم (12) لسنة 2003، تأكد منح الأجنبي حق العمل، إلا أنه مشروط بتحقق المعاملة بالمثل مع شروط أخرى (30) ، وبغض النظر عن تحقق هذا المبدأ التي تقررها التشريعات الداخلية، فأن الدول قد تعقد مع بعضها البعض، اتفاقيات ثنائية أو جماعية في سبيل تسهيل إجراءات القيام بممارسة الأعمال والمهن من قبل الأجانب، وهذه الاتفاقيات تبنى بالطبع على تحقق المبدأ  (31)

من قبيل هذه الاتفاقيات اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن التمييز في الاستخدام والمهنة رقم 111 لسنة 1958 (32) ، والتي ألزمت الدول الأعضاء فيها، بإلغاء التمييز بين رعاياها ورعايا إحدى الدول الأخرى في الاتفاقية، وفيما يتعلق باستخدام العمال الأجانب في الإعمال والمهن في أقاليمها وذلك من خلال خلق نوع من التكافؤ في فرص العمل والمساواة في المعاملة بين رعاياها ورعايا الدول الأخرى الأعضاء في الاتفاقية، وعلى أساس المعاملة بالمثل.

أما حق الأجنبي في ممارسة المهن الحرة سبق وأن بينا في موضع سابق إن من حق الأجنبي في ممارسة المهن الحرة في بلاد المسلمين، وإنها كفلت له إن يمارسها إلا ما كان يتعارض منها مع أحكام الشريعة الإسلامية، إن حق مزاولة المهن الحرة في الأصل مقرر للوطنيين كقاعدة عامة، أما فيما يتعلق بحق الأجانب بممارسة المهن والحرف، فأن المعاملة بالمثل، شأنها في ذلك، شأن المعاملة بالمثل اللازمة لممارسة الأجانب لحق العمل، تلعب الدور نفسه فيما يتعلق بتنظيم ممارستها من قبل الأجانب مع وضع قيود أو شروط تقتضيها طبيعة مزاولة المهنة كقيد الحصول على ترخيص بالعمل والقيد المتعلق بقصر مزاولة بعض المهن على الوطنيين، ومن هذه المهن أو الحرف على سبيل المثال : التجارة، المحاماة، الطب، الصيدلة، وإلى أخره .... من المهن والحرف الكثيرة.

هنا يجد الباحث أن المشرع المصري، يشترط تحقق مبدأ المعاملة بالمثل كشرط عام لممارسة الأجانب لأغلب الحرف والمهن الحرة في مصر.

فعلى سبيل المثال، بالنسبة إلى مهنة المحاماة، يستلزم قانون المحاماة المصري رقم (61) لسنة 1968، فيمن يدرج اسمه بجدول المحامين المصري، أن يكون مصري الجنسية أو متمتعاً بجنسية إحدى الدول العربية بشرط المعاملة بالمثل (33).

ونلاحظ هنا إن المشرع المصري لم يورد قيد المعاملة بالمثل بالنسبة إلى الأجانب بشكل عام، بل قصره على رعايا الدول العربية فقط، أي إنه أجاز لرعايا الدول العربية فقط بممارسة مهنة المحاماة في مصر وذلك إذا كانت دولهم تعامل المصريين بالمثل، ولكنه اشترط أيضًا إلى جانب المعاملة بالمثل أن يكون ترافع المحامين العرب أمام المحاكم المصرية في الدرجة المقابلة للدرجة المقررين للمرافعة فيها في بلدانهم وذلك بشرط الاشتراك مع محام مصري، وبإذن خاص من مجلس نقابة المحامين (34). أما الأجانب من غير رعايا الدول العربية فمنعهم المشرع المصري من ممارسة المحاماة سواء أتحققت المعاملة بالمثل أم لا.

وبالنسبة إلى مهنة الطب، فقد اشترط قانون مزاولة مهنة الطب المصري رقم 415 لسنة 1954، أن يكون الطبيب مصري الجنسية، ومع ذلك يجوز للأجنبي مزاولة مهنة الطب في مصر في جميع الأحوال، إذا كان قانون الدولة التي ينتمي إليها هذا الأجنبي يجيز للمصريين مزاولة هذه المهنة فيها (35). أي شرط المعاملة التشريعية بالمثل (36).

نلاحظ هنا، بأن المشرع المصري، قد خص المعاملة بالمثل هنا على الأجانب بشكل عام على عكس الحالة السابقة والتي خص بها رعايا الدول العربية فقط. وكذلك نهج المشرع المصري النهج نفسه بالنسبة لمهن الصيدلة وطب الأسنان والطب البيطري.

فقد اشترط القانون 127 لسنة 1955 بشأن مهنة الصيدلة، أن يكون من يزاولها مصري الجنسية أو من بلد تجيز قوانينه للمصريين الاشتغال بها ، أي مبدأ المعاملة التشريعية بالمثل وذلك باستثناء الأجانب الذين التحقوا بالجامعات المصرية قبل العمل بهذا القانون (37).

هذا الأمر نفسه بالنسبة لمهنة طب الأسنان، حيث استلزم القانون رقم (537) لسنة 1954 بشأن مهنة طب الأسنان، فيمن يمارس مهنة طب الأسنان في مصر أن يكون مصريا ، ومع ذلك يجوز للأجانب بصفة عامة ممارسة المهنة دون التقيد بالشروط المنصوص عليها في القانون المذكور وذلك بشرط المعاملة التشريعية بالمثل، أي شرط أن يكون قانون الدولة التي يتبعها الأجنبي يسمح للأطباء المصريين بممارسة مهنة طب الأسنان هناك (38)، والحكم نفسه أيضًا يطبق بشأن ممارسة الأجانب لمهنة الطب البيطري في مصر، بموجب القانون رقم 416 لسنة 1954، أي شرط تحقق مبدأ المعاملة التشريعية بالمثل (39).

أما المشرع العراقي فقد حصر مجموعة كبيرة من المهن بالعراقيين فقط (40)، إلا أنه استثنى من ذلك ممارسة بعض المهن إذا كانت تتطلب خبرة أو تحتاج إلى تحسين أو رقي أو اتقان ولا يوجد من العراقيين من يقوم بها، كما أجاز للأجانب ممارسة بعض المهن الحرة في العراق بموجب قوانين خاصة، كما أن موقفه لم يختلف عن موقف المشرع المصري، بل سار معه في نفس المسار، من تقييد ممارسة الأجانب لبعض الحرف والمهن في العراق على تحقق مبدأ المعاملة بالمثل، فبالنسبة إلى مهنة المحاماة، اشترط قانون المحاماة العراقي رقم (173) لسنة 1965 والمعدل بالقانون المرقم (15) لسنة 1997 تحقق مبدأ المعاملة بالمثل، فيما يتعلق بترافع المحامين العرب (حصراً) أمام المحاكم العراقية، حيث نصت الفقرة (أ) من المادة الثالثة من هذا القانون على أنه : " يحق للمحامي المنتسب لإحدى نقابات المحامين في الأقطار العربية إن يترافع في " قضايا معينة " أما محاكم العراق في الدرجة المقابلة بعد التثبت من استمراره على ممارسة المحاماة، شرط المقابلة بالمثل وموافقة النقيب ..." . وكذلك بالنسبة إلى مزاولة مهنة الطب في العراق، حيث أجازت المادة (45) من قانون نقابة الأطباء العراقي رقم (81) لسنة 1984، للعرب والأجانب بمزاولة مهنة الطب في العراق - شرط أن لا يكونوا قد حرموا من حق الممارسة في بلادهم بسبب إساءتهم للمهنة - وممن تعامل بلادهم العراق بالمثل ولم يحدد المشرع العراقي فيما إذا كانت هذه المعاملة تتحقق دبلوماسيا أم تشريعيا أم فعليًّا.

نفس هذا الأمر بالنسبة لمهنة طب الأسنان، حيث اشترط قانون نقابة أطباء الأسنان رقم 446 لسنة 1987، أن يكون عضو النقابة عراقي الجنسية، أما العرب والأجانب فيجوز قبول انتسابهم، شرط أن لا يكونوا قد حرموا من حق الممارسة في بلادهم بسبب إساءتهم للمهنة، وممن تعامل بلادهم العراق بالمثل دون أن يحدد كذلك الكيفية التي تتحقق فيها مبدأ المعاملة بالمثل، من دبلوماسية أو تشريعية أو فعلية.

أما بالنسبة إلى مهنة الصيدلة فأن المشرع العراقي منع الأجانب من مزاولة هذه المهنة، وبموجب قانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم 444 لسنة 1984 والمعدل بالقانون المرقم (27) لسنة 1996، وعلى خلاف المشرع المصري الذي اخضع إمكانية ممارسة الأجانب لهذه المهنة على مبدأ المعاملة بالمثل أيضا.

ولا نعلم ما الحكمة من وراء عدم اشتراط المشرع العراقي لمبدأ المعاملة بالمثل بالنسبة إلى مزاولة هذه المهنة دون المهن الطبية الأخرى والتي اشترط لممارستها تحقق مبدأ المعاملة بالمثل .

ساد نفس هذا الاتجاه في القانون الفرنسي، حيث اشترط مبدأ المعاملة التشريعية بالمثل كشرط لإجازة الأجنبي بممارسة سائر الأنشطة المهنية في فرنسا، وذلك بموجب القانون الصادر في 17 حزيران 1938، والذي حظر على الأجانب بممارسة أي نشاط صناعي أو تجاري أو حرفي في فرنسا، إذا لم يتم السماح للفرنسيين بأن يمارسوا النشاط نفسه أو الحرفة نفسها، في دول هؤلاء الأجانب، وذلك بأن يتضمن القانون الأجنبي لنص مشابه قابل التطبيق على الفرنسيين، دون أن يتطلب الأمر وجود معاهدة تمنح هذا القانون صفة الالتزام الدولي (41)

___________

1- د. هادي رشيد الجاوشلي، الوضع القانوني للأجانب في العراق المكتبة الأهلية في بغداد، 1961، ص 60.

2- د. فؤاد عبد المنعم رياض، الوجيز في الجنسية ومركز الأجانب، دار النهضة العربية، القاهرة، 1987 ص 288

3-  د. محمد سامي عبد الحميد أصول القانون الدولي العام، ج1، الجماعة الدولية، ط5، سنة 1996، دار الجامعيين للطباعة الأوفست والتجليد الناشر دار المطبوعات الجامعية بالإسكندرية، ص126.

4- دكتور أبو العلا النمر، التنظيم القانوني لدخول وإقامة الأجانب في جمهورية مصر العربية والخروج منها  ، 1999ص 151.

5- د. أبو العلا النمر، التنظيم القانوني لدخول وإقامة الأجانب في جمهورية مصر العربية والخروج منها  ، ص 56 .

6- د. أبو العلا النمر، التنظيم القانوني لدخول وإقامة الأجانب في جمهورية مصر العربية والخروج منها  ، ص 153.

7- د. أبو العلا النمر، التنظيم القانوني لدخول وإقامة الأجانب في جمهورية مصر العربية والخروج منها .ص .154

8-  نشر هذا القانون في جريدة الوقائع العراقية ذات العدد 538 بتاريخ 1961/6/15.

9- نشر هذا القانون بجريدة الوقائع العراقية ذات العدد 3090 في 24 / 3 / 1986.

10- تنص المادة العاشرة من قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 فقرة ثانيا - ا للمستثمر العراقي أو الأجنبي حق تملك الأراضي والعقارات العائدة للدولة ببدل تحدد أسس احتسابه وفق نظام خاص وله حق تملك الأراضي والعقارات العائدة للقطاعين المختلط والخاص لغرض إقامة مشاريع الإسكان حصرا.

11- د. عبد الرزاق السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني، ج 8، دار احياء التراث العربي، بيروت، 1973 ص 493.

12- د. محمد جلال حسن المزوري القانون الدولي الخاص الجنسية والموطن ومركز الأجانب، كلية القانون جامعة السليمانية  ، ص383.

13- د شمس الدين الوكيل الموجز في الجنسية للأجانب، ط3، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1986 ، ص431.

14-  قانون الإقامة العراقي رقم 76 لسنة 2017

15- على ضياء عباس ، العناصر الأساسية لعقد العمل الفردي ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الحقوق ، جامعة النهرين 2006 ، ص 50 .

16- تعليمات رقم 18 لسنة 1987 ، منشورة في الوقائع العراقية العدد 3175 في 11/9/، 1987 والمعدلة بموجب تعليمات ممارسة الأجانب العمل في العراق رقم 4 المنشور في الوقائع العراقية بالعدد 3241 في 1989/2/13

17- تنص المادة (28) من قانون العمل المصري رقم (12) لسنة 2003 على أنه لا يجوز للأجانب إن يزاولوا عملا إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الوزارة المختصة وأن يكون مصرحًا لهم بدخول البلاد والإقامة بقصد العمل ) .

18- تنص المادة (29) من القانون نفسه يحدد الوزير المختص بقرار منه شروط الحصول على الترخيص بالعمل المشار إليه في المادة السابقة وإجراءاته والبيانات التي يتضمنها وإجراءاته والبيانات التي يتضمنها وإجراءات تجديده والرسم الذي يحصل عليه بما لا يقل عن الف جنيه، كما يحدد حالات إلغاء الترخيص قبل انتهاء مدته وحالات إعفاء الأجانب من شرط الحصول عليه .

19-  تنص المادة الرابعة من قانون العمل الجديد رقم 37 لسنة 2015 على أنه (العمل حق لكل مواطن قادر عليه، وتعمل الدولة على توفيره على أساس تكافؤ الفرص دونما أي نوع من أنواع التمييز) .

20-  تنص المادة الثلاثون من قانون العمل الجديد رقم 37 لسنة 2015 على أنه ( يحظر على الإدارات وأصحاب العمل تشغيل أي عامل أجنبي بأي صفة ما لم يكن حاصلا على إجازة العمل التي تصدرها الوزارة مقابل رسم يحدد بتعليمات يصدرها الوزير .

21- وهذه الشروط هي : أولاً- مدى حاجة العراق إلى الأيدي العاملة الأجنبية على ضوء ما يتطلبه الاقتصاد الوطني، وحسب متطلبات كل محافظة بعد التثبت من ذلك من قبل دائرة العمل والضمان الاجتماعي في بغداد وأقسام العمل والضمان الاجتماعي في المحافظات. ثانيا- تأييد الدوائر الأمنية المختصة عدم وجود مانع أمني من اشتغال الشخص الأجنبي في العراق.

22- ونفس هذا الموقف، تبناه أيضا القانون اللبناني، حيث نصت المادة (69) من قانون العمل اللبناني على أنه : (يتمتع الإجراء الأجانب عند صرفهم من الخدمة بالحقوق التي يتمتع بها العمال اللبنانيون على أساس شرط المعاملة بالمثل ويترتب عليهم الحصول من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية على إجازة عمل).

راجع : د. حمدي عبد الرحمن ود محمد يحيى مطر قانون العمل الدار الجامعية بدون مكان نشر 1987، ص98.

23- د. عوض الله شيبة الحمد أحكام مركز الأجانب والجنسية المصرية دار النهضة العربية، القاهرة، 2000 ، ص 248 ؛ وفي المعنى نفسه انظر : د. عبد الناصر توفيق العطار، شرح إحكام قانون العمل، مؤسسة البستاني، القاهرة، 1989، ص101.

24- د. حسن كيره، أصول قانون العمل، ط3، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1979، ص206.

25-  في هذا المعنى انظر : د. محمد كمال فهمي، اصول القانون الدولي الخاص ط1 دار الطالب الاسكندرية 1955 ، ص304؛ ود. شمس الدين الوكيل الموجز في الجنسية للأجانب، ط3، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1986 ، ص425؛ و د. حسن كيره، أصول قانون العمل، ط3، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1979 ، ص206.

26- د. فؤاد عبد المنعم رياض، تطور تنظيم مركز الأجانب في القانون المصري، مجلة القانون والاقتصاد، العدد الثاني، السنة الثالثة والأربعون مطبعة جامعة القاهرة، 1973، ص383.

27-  د. احمد قسمت الجداوي، الوجيز في القانون الدولي الخاص، الجزء الأول، دار النهضة العربية، 1988  ، ص157.

28- د. عوض الله شيبة الحمد السيد، مصدر سابق، ص254.

29-  المصدر نفسه، ص254.                

30- تنص المادة (27) من قانون العمل المصري الجديد رقم (12) لسنة 2003 على أنه ( يخضع استخدام الأجانب في جميع منشئات القطاع الخاص ووحدات القطاع العام وقطاع الإعمال والهيئات العامة والإدارة المحلية والجهاز الإداري للدولة للأحكام الواردة في هذا الفصل، وذلك مع مراعاة شرط المعاملة بالمثل، ويحدد الوزير المختص حالات إعفاء الأجانب من هذا الشرط  ).

31-  د. صلاح الدين احمد حمدي،  ص325.

32-  صادقت على هذه الاتفاقيات حتى 1 تموز من عام 1997، (127) دولة راجع : حقوق الإنسان الأساسية، اتفاقيات منظمة العمل الدولية الصادرة عن مكتب منظمة العمل الدولية للدول العربية بيروت.

33- د. عوض الله شيبه الحمد السيد، مصدر سابق، ص251 ؛ وانظر في ذلك أيضًا : د. إبراهيم احمد إبراهيم القانون الدولي الخاص – مركز الاجانب دار النهضة العربية 1998  ، ص 160.

34- د. احمد أبو الوفاء المرافعات المدنية والتجارية، ط13، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1980، ص 100.

35- د. إبراهيم احمد إبراهيم القانون الدولي الخاص – مركز الاجانب دار النهضة العربية 1998  ، ص 160.

36- د. محمد كمال فهمي، اصول القانون الدولي الخاص ط1 دار الطالب الاسكندرية 1955 ، ص307.

37- راجع : د. عوض الله شيبه الحمد ، مصدر سابق، ص552 ؛ وانظر أيضًا : د. محمد كمال فهمي، مصدر سابق، ص107.

38- د. إبراهيم احمد إبراهيم مصدر سابق، ص167 ؛ وانظر أيضًا : د. هشام علي صادق، الجنسية والموطن ومركز الأجانب، منشاة المعارف، الإسكندرية، 1979 ، ص287.

39- د. إبراهيم احمد إبراهيم، مصدر سابق، ص161.

40-  تنص المادة الأولى من قانون حصر المهن بالعراقيين رقم (21) لسنة 1936 على أنه يمنع غير العراقيين من الاشتغال بالإعمال والمهن المدرجة أدناه وفق إحكام هذا القانون : الطباعة والتصوير الشمسي وعرض الرقوق السينمائية والحدادة والحلاقة والتجارة والبناء والخياطة والصياغة والحياكة والغناء والنقل بكافة مرافقه المحلية الأهلية وتحميل البضائع وتفريغها والتنوير والتدفئة وإسالة الماء والاستخدام الدائم في سوق السيارات والآلات البخارية أو العجلات وصنع السكائر والستائر والقبعات والأحذية والعمل في المطاعم والمخابز والاشتغال بأي محل كان كعامل أو حارس والخدمة في مختلف الإعمال والمهن التي تعين من وقت إلى أخر بأنظمة خاصة ويمنع الأجنبي من تعاطي البيع في الحوانيت أو الطرق وكذلك من الدلالة.

 41-Henri Batifol -Droid international Privet Tom I-Op. Cit. pp. 221-222.

 

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+