الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
تخميس لأبيات لسان الدين
المؤلف:
أحمد بن محمد المقري التلمساني
المصدر:
نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
الجزء والصفحة:
مج5، ص: 112-115
2024-01-02
1598
تخميس لأبيات لسان الدين
قلت: ورأيت بحضرة فاس - حاطها الله تعالى - تخميساً لهذه الأبيات بديعاً منسوباً إلى بعض بني الصباغ، وزاد في الأصل بعض أبيات على ما ذكره ابن خلدون من هذه القطعة، والمزيد يشبه نفس لسان الدين ابن الخطيب، فلعل ابن خلدون اختصر منها، أو لم يقف على الزائد، ولنثبت جملته تتميماً للمقصود، فنقول: قال رحمه الله تعالى(1):
أيا جاهلاً غره ما يفوت ... وألهاه حال قليل الثبوت
تأمل لمن بعض أنس يقوت (2) ... بعدنا وإن جاورتنا البيوت
وجئنا بوعظ ونحن صموت
لقد نلت من دهرنا رفعة ... تقضت كبرق مضى سرعة
فهيهات نرجو لها رجعة ... وأصواتنا سكنت دفعة
كجهر الصلاة تلاه القنوت
بدا لي من العز وجه شباب ... يؤمل سيبي وبأسي يهاب
فسرعان مزق ذلك الإهاب ... ومدت وقد أنكرتنا الثياب
علينا نسائجها العنكبوت
فآهاً لعز تقضى مناما ... منحنا به الجاه قوماً (3) كراما
وكنا نسوس أموراً عظاما ... وكنا عظاماً فصرنا عظاما
وكنا نقوت فها نحن قوت
113
وكنا لدى الملك حلي الطلى ... فآهاً عليه زماناً خلا
نعوض من جدة بالبلى ... وكنا شموس سماء العلا
غربنا فناحت علينا السموت
تعودت بالرغم صرف الليالي ... وحملت نفسي فوق احتمالي
وأيقنت أني سوف يأتي ارتحالي ... ومن كان منتظراً للزوال
فكيف يؤمل منه الثبوت
هو الموت يا ما له من نبا ... يحوز الحجاب إلى من أبى
ويألف أخذ سني الحبا ... فكم أسلمت ذا الحسام الظبى
وذا البخت كم جدلته البخوت
هو الموت أفصح عن عجمة ... وأيقظ بالوعظ من خفقة
وسلى عن الحزن ذا حرقة ... وكم سيق للقبر من خرقة
فتى ملئت من كساه التخوت
تقضى زماني بعيش خصيب ... وعندي لذنبي انكسار المنيب
وها الموت قد صبت منه نصيبي ... فقل للعدا ذهب ابن الخطيب
وفات ومن ذا الذي لا يفوت
مضى ابن الخطيب كمن قبله ... ومن بعده يقتفي (4) سبله
وهذا الردى ناثر شمله ... فمن كان يفرح منهم له
فقل: يفرح اليوم من لا يموت
114
هو الموت عم فما للعدا ... يسرون بي حين ذقت الردى
ومن فاته اليوم يأتي غدا ... سيبلى الجديد إذا ما المدى
تتابع آحاده والسبوت
أخي توخ طريق النجاة ... وقدم لنفسك قبل الممات
وشمر بجد لما هو آت ... ولا تغترر بسراب الحياة
فإنك عما قريب تموت
وقد ذكرني قوله رحمه الله تعالى " فمن كان يفرح منهم له - إلى آخره " قول بعض العلماء الشاميين:
يا ضاحكاً بمن استقل غباره ... سيثور عن قدميك ذاك العثير
لا فارس بجنودها منعت حمى ... كسرى، ولا للروم خلد قيصر
جدد مضت عاد عليه وجرهم ... وتلاه كهلان وعقب حمير
وسطا بغسان الملوك وكندة ... فلها دماء عنده لا تثأر
لعبت بهم فكأنهم لم يخلقوا ... ونسوا بها فكأنهم لم يذكروا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا التخميس في أزهار الرياض 1: 231.
(2) الأزهار: يصوت.
(3) الأزهار: دوما.
(4) ق: يبتغي.