x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

القلق وعلاجه

المؤلف:  جماعة من العُلماء

المصدر:  نحو حياة أفضل

الجزء والصفحة:  ص 31 ــ 42

2024-02-03

402

كيف نكافح انماط القلق الفكري؟

ان الملايين من الناس تعيش أسيرة أنياب عدو خفي، عدو يبتليهم بأنواع من البلايا تفوق بلايا الكثير من الأمراض وغيرها.

ان هذا العدو يهدد طاقاتنا وسلامتنا، ويحول حياتنا جحيماً ويقصر من أعمارنا.

انه (القلق الفكري) الذي يلقي حياة الإنسان غالباً عبر التوهمات والخيالات الباطلة في ظلام دامس ويبتليه بعذابه الجهنمي فيقضي على المجتمعات بطبقاتها المختلفة ويبتلع كل مظاهر الحضارة.

ولكن هذا المرض الخبيث قابل للمعالجة والمراقبة رغم كلما فيه من خسائر لا تحتمل.

فالإنسان يستطيع ان يضبط أفكاره، ويبعد القلق عن ذهنه فيتخلص من الهموم والغصص ويعيش حياة مطمئنة هانئة.

وهذا العمل انما يصبح ممكناً إذا عرف أسلوب السيطرة على أنماط القلق الفكري وأسلوب مكافحتها وكيف يمكنه القضاء عليها.

والأهم من هذا كله معرفة عللها وعواملها، وعندما يطلع عليها من خلال ملاحظاته فإنه يستطيع ان يدخل مجال المكافحة من طريق الخاص ويتم العلاج فإن الآلام والقلق لو كانت ناشئة من أمراض جسمية فانه يلزم الاسراع إلى الطبيب المختص - قبل استفحال المرض وصيرورته إلى حالة يصعب علاجها - والعمل بما يعطيه من أدوية وتوجيهات ليحصل بالتالي على الراحة المنشودة كما انه يجب ان لا يغفل عن دور التلقين المؤثر تماماً في إيجاد المرض أو شدته، فمن الممكن أن يكون الإنسان سالماً ولكنه بالإيماء لنفسه بالمرض يعيش حالة من الاضطراب ويكون لهذا الايحاء أثره في اضعاف قواه في حين انه على العكس من ذلك يستطيع ان يصل إلى الشفاء بالإيحاء لنفسه بذلك.

وهذا الأسلوب مؤثر جداً في كثير من الأمراض وخصوصاً الأمراض (النفسية الجسمية). فإذا لم ينفع العلاج ولم يقع الايحاء مؤثراً أو ان نتائج الفحص كشفت عن مرض غير قابل للعلاج وجب حينذاك التحلي بالصبر وإعداد النفس لتحمل ذلك المرض وتسلية النفس بالهوايات المختلفة والمطالعة لكي ينسى حالته ويوقف المرض عند حده ولربما يقلل من تأثيراته.

ولكن - وكما قلنا - فان أكثر أنواع القلق لها جذور فكرية ومن ثم فان هذه الأنواع هي التي توجد أنواعاً من الأمراض النفسية والجسمية. ومن هنا ولأجل الحصول على علاج لذلك نحتاج للالتفات للنقاط التالية:

1ـ القضاء على العقد النفسية عن طريق مناقشتها مع الآخرين:

ان الاخصائيين النفسيين يعتقدون ان الغم والقلق يجب القضاء عليهما قضاء جذرياً وإلا فهما يوجدان في النفس عقدة الحقارة وهي عقدة شديدة الخطر في حياة الإنسان.

نعم يجب تخلية الفكر والقلب عن القلق، وأفضل سبيل لذلك طرح هذه العقد للبحث والمناقشة مع الأحباء، طبعاً مع الأصدقاء المتعاطفين مع الإنسان المتألمين لألمه أو مع شخص مطّلع على أسلوب الحل لكي يكون هذا العمل مانعا عن الانفجار الداخلي ودافعا نحو الحل الصحيح للعقد.

وعلى هذا فلو تعرضتم لمشكلة، وواجهتم حادثة أو اشتباهاً خاصاً كان باعثاً على القلق فانه يلزم ان تعرضوا هذا المعنى على أبويكم أو أصدقائكم الحميمين فتفرغوا ما لديكم من هم في القلب ثم تعملوا على الحل الصحيح.

وإذا كان الباعث على القلق مصيبة داهية أو حادثة مؤسفة فان شيئاً من البكاء مفيد جداً لدفع عوارض هذه الصدمة. وقد سمع من الكثير كما روي ايضاً - على اختلافهم - انهم يقولون بعد شيء من البكاء (لقد ارتحت. كدت أهلك لولا البكاء) ان من المسلم به ان الإطمئنان الروحي والتسكين القلبي ناتج عن عملية بكاء من هذا القبيل ومن الطبيعي ان البكاء لا يعني العتاب والاعتراض لا يتنافى مع الصبر (1).

2- التوبة وطلب الغفران:

اما إذا كان القلق ناشئاً عن معصية وذنب ارتكب، مما ترك الروح الإنسانية والفكر معذبين بسياط الوجدان فان من الطبيعي ان تلجأوا إلى التوبة وتطلبوا من الله العفو والغفران وان لا يدعكم تعودون إلى تكرار مثل ذلك العمل، كل ذلك لكي يعود للروح اطمئنانها وقد اقترح الإسلام في هذا المجال أروع سبيل، فهو لا يوافق المسيحية في قولها (يجب عليك ان تذهب أيام الأحد فقط إلى الكنيسة وتركع أمام القسيس وتعترف بذنوبك لكي يعفو الأب الروحاني عن ذنبك) كلا فليس للقسيس أي أثر، وانما يجب على الإنسان ان يعيش مع الله ويناجيه ويشكو له آلامه ويطلب منه العفو والمغفرة فما أكثر الأشخاص الذين لا يستطيعون ان يبوحوا بأسرارهم وذنوبهم عند كل أحد أو أنهم لا يريدون ان يطلع عليها أحد، سواء كان صديقاً أو قسيساً بل وحتى الأب والأم.

ومن هنا فان الإسلام قد سهل الأمر كثيراً - بمقتضى واقعيته فقال : انك تستطيع في أي وقت وبأي حال وحتى في منتصف الليل - وفي قلب الظلمات حيث الجو خال من كل احد - تستطيع ان تبوح لربك بسرك وتناجيه وتشكو إليه وتعرض عليه كل ما ألم بك، وتطلب من ربك الرحيم القادر الغفور، المغفرة، وتعاهده على ان ترجع حقوق الناس إليهم، وان لا تتلوث مرة ثانية بالذنب؛ وحينذاك يعفو عنك الله تعالى - مهما كان ذنبك عظيماً - فتحصل بالتالي على سكينة قلبية واطمئنان بال وخاطر من جديد بدون ان تحطم شخصيتك لدى أي إنسان او تطلع إنساناً على أعمالك وأسرارك.

3- سبيل الموفقية في المجال العلمي.

وإذا كان الباعث على القلق، الفشل في مجالات العلم فبدلاً من ترك القلق يعشعش في الأعماق فيقضي على الحياة بالتالي، يجب السعي لمعرفة علل الفشل ثم القيام بسلوك طريق يتجنبها بكل تصميم وعزم قويين... فيجب المطالعة والدرس إلى حد يتيقن معه الإنسان بالنصر، مع الإلتفات بالطبع إلى عدم تكرار الاشتباهات السابقة وترك الكل والتكاسل، والإضطراب والتردد خصوصاً عند الامتحانات حيث ينبغي ان يأوي الإنسان إلى فراشه ليلة الامتحان مبكراً ثم ينهض مبكراً ولربما قبل آذان الصبح وذلك لان هذا الوقت يجدد القوى ويهيء الفهم بالإضافة إلى عدم الضوضاء المشوشة على الأذهان كما انه يجب ان لا ننسى انه ينبغي ان يستريح الطالب قبل الامتحان لساعة أو ساعتين ليحصل على استعداد كامل لفهم الأسئلة وليحصل على سرعة انتقال ضرورية للإجابة فان المطالعة السريعة في مثل هذه الأوقات - أي ما قبل الامتحان مباشرة - مضرة تماماً.

والنتيجة: هي ان الإضطراب والتألم والخوف الوهمي يجب ان لا يجدوا طريقهم إلى نفوسكم وعندها ستكون الموفقية من نصيبكم بلا ريب.

4- سبيل الموفقية في الكسب والعمل:

يمكن ان يكون الإنسان موفقاً في هذا المجال باستعراض نماذج من الناس العاملين والتوكل على الله والإعتماد على النفس. وما أكثر ما نجد أو نسمع ان اناساً كانوا فاشلين في مجالٍ كسبيٍ معين او انهم أعلنوا إفلاسهم فيه ولكنهم بتغيير وجهة عملهم أو أسلوب دراستهم حصلوا على موفقيات تامة في المجالات العلمية أو التجارية أو الصناعية بل وحتى السياسية والعسكرية.

يقول الإمام الصادق (عليه السلام): (ما سد الله عز وجل على مؤمن باب رزق إلآ فتح الله له ما هو خير منه) (2).

كما انه لو لم يمكن الكسب في مدينة خاصة ينبغي الارتحال إلى مدينة أخرى فهذا الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) يقول: (إذا أعسر أحدكم فليخرج ولا يغم نفسه وأهله) (3).

اما إذا خسر الإنسان في تجارته فان من الواضح ان لهذا الخسران عللاً اقتصادية ولذا فيجب الرجوع إلى المتخصصين التجاريين ليدرسوا علل الخسارة، كما يجب التشاور مع التجار الموفقين ومن لهم رأيهم في هذا المجال، وذلك لكي يأخذ الإنسان منهم درساً وعبرة في العمل فان من أحسن سبل الموفقية بديهية، الإستفادة من تجارب الآخرين الذين قضوا عمراً وتمرسوا في هذا الفن.

وعلاوة على هذا فانه يجب التوجه إلى حقيقة هامة هي ان المئات من التجار المعروفين - في البلد - قد فقدوا ثروتهم في لحظة أو أعلنوا افلاسهم وهناك الكثير من الأفراد الذين بدأوا من نقطة الصفر فأداموا العمل وصمموا وسعوا بكل صبر وتحمل واستفادوا من تجارب الآخرين ولم يكرروا اشتباهاتهم فحصلوا على كل ما كان لديهم من قبل أو ما كانوا يطمحون إليه من ثروة ورأسمال، وشخصية ممتازة، وأنتم يمكنكم ان تكونوا كذلك فماذا ينقصكم بالنسبة للآخرين؟!

5- طريق موفقية من لا يملكون ربحاً فائضاً:

وإذا لم تستطيعوا بالسعي والتحرك ان تحصلوا على ربح جيد فتنموا أموالكم فانه يجب ان لا تقلقوا مطلقاً، وطريق الحل هو أن تبدأوا بالصرف المعقول لهذا المقدار المتوفر من الربح وتبسطوا حياتكم أكثر فأكثر، وتقللوا من احتياجاتكم لكي تكون الحياة لكم ألذ وأحلى واعلموا ان أكثر التشويشات والآلام ناتجة من الطموح غير المعقول وعدم امتلاك فكر معاشي مقتصد.

يقول الإمام علي (عليه السلام): (ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر) (4).

ويقول الإمام الصادق (عليه السلام): (الكمال كل الكمال في ثلاثة: فذَكَرَ في الثلاثة: التقدير في المعيشة) (5).

ويقول الإمام الباقر (عليه السلام): (لا خير في رجل لا يقتصد في معيشته ما يصلح لا لدنياه ولا لأخرته (6).

وما أروع ان تكون الحياة كنزاً للقناعة إذا لم تكن كنزاً للذهب كما ورد (ان القناعة كنز لا يفنى).

6- أسلوب نسيان الحب:

اننا نجد الكثيرين من الشباب يتعلقون بخطيباتهم او زوجاتهم تعلقاً شديداً بحيث انهم يعيشون قلقاً شديداً إذا استلزم الأمر انفصالهم عنهن. وليس هذا أمراً صعب الحل وإن بدا لأول وهلة ان نسيانهن أمر صعب جداً ولكنه على أي حال ليس محالاً. فيمكن ان ينسى بالتدريج عن طريق الإنشغال ببعض الأمور المفيدة، أو الاتجاه نحو اختيار زوجة جديدة بإعمال نظر وفكر صحيح ودراسة مستوعبة وقد تكون الزوجة المنتخبة أو الخطيبة الجديدة أفضل بكثير من سابقتها وأقدر على السير بالإنسان نحو التوفيق والسعادة وقد يكون الانفصال السابق من مصلحة الإنسان وان لم يكن يعلم بذلك.

7ـ الشي، الذي بسهل المشاكل:

ان التوجه لرضا الله تعالى يعتبر أهم السبل الرئيسة لرفع القلق إذ أننا نجد ان القلق في بعض موارده يرتبط بالأعمال الشاقة مثلا أو الربح القليل للعمل أو كون العمل يؤدي إلى بعض الآلام والمصائب أو يوجب انتقاد الناس في حين ان أصل العمل أساسي وصحيح.

وفي مثل هذه الموارد يكون (قصد القربى) دوره الأساسي ويكون القيام بمثل هذا العمل لرضا الله وتأميل ثوابه أكبر مشوق للإنسان، كما يشكل ذلك دافعاً على التحمل والصبر الشديد على المشاكل الناتجة، والصعوبات التي تعترض الإنسان والظروف القاسية له فلا يهم الإنسان ما يقوله الآخرون وما يحكمون به ما دام قد أرضى ربّه بعمله وتعلقت نفسه بثوابه.

فهذا الإمام الحسين (عليه السلام) نجده في أحرج اللحظات وأشد المصائب والآلام التي لا تحتمل يقول حينما كان الدم يسيل من نحر رضيعه على يديه (هون عليّ ما نزل بي انه بعين الله) (7)، فإذا كانت روحية الإنسان قوية إلى هذا الحد استطاع ان ينطلق إلى ساحات الحوادث ويتحمل كل الآلام والشدائد.

8- الهوايات المفيدة:

يمكن القضاء على بعض انماط القلق بالهوايات المفيدة فمتى ابتلى الإنسان بالقلق والتشويش الفكري المؤلم عمد إلى مطالعة الكتب التاريخية والقصص المربية عن تضحيات العظماء. وصمود العلماء وسعيهم الحثيث في سبيل العلم متجنباً طبعاً الهوايات المهيجة للغريزة وغيرها سواء بمطالعة الكتب المربوطة بذلك أو برؤية المسرحيات والأفلام المهيجة لان ذلك مضر في نفسه وموجب لازدياد القلق.

وبدلاً من ذلك يمكن قضاء أوقات الفراغ بالرياضة والتجول والذهاب لوحده أو مع صديق خصوصاً في الصباح الباكر إلى جولة في عالم الطبيعة والتمتع برؤية الجمال الطبيعي الساحر في الحقول والجبال والصحاري والساحل وغير ذلك؛ والتفكير قليلاً في التناسق التكويني الرائع والعمل الهادئ الذي تقوم بها هذه المظاهر الحية... حيث تشرق الشمس شيئاً فشيئاً من الأفق ثم تتوهج، وتتسرب المياه وتسري لتحقق وظيفتها الطبيعية، وهكذا تقف الأشجار بكل متانة لخدمة الإنسان، في حين تظل الجبال بوقارها وهيبتها تنتظر الأمر... نعم كل هذا الهدوء والطاعة والتحمل يمنح الإنسان العبرة والحكمة ويعطيه درساً في الحياة السالمة الهادئة.

ومما ينقل عن (تولستوي) الكاتب الروسي المشهور انه كان يدفع عن نفسه ظلام الهموم بالتجول أثناء الغروب ورؤية الشمس تتوارى خلف الصحاري الواسعة بما يشكل منظراً وهاباً للحياة الجديدة.

ومن هذا القبيل الأسفار وبالخصوص الأسفار التي تحقق غرضاً دينياً وزيارات المشاهد المشرفة والتي تبدو بنظر البعض أمراً بسيطاً ولكنها مؤثرة جداً لرفع القلق والحصول على الراحة الفكرية والسلامة الروحية والجسمية.

وقد ورد عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): (سافروا تصحوا) (8).

وعلاوة على هذا - يستطيع الإنسان ان يقوم بعمل بيتي كتشذيب بستان البيت، أو تهيئة الوسائل الإبتدائية، وبعض الحرف اليدوية، وتعمير بعض لوازم البيت وغير ذلك... بكل هذا يستطيع الإنسان ان يقضي على هذا الغول المهول (القلق)... ان العمل والرياضة الخفيفة يمنحان الإنسان طاقة وسلامة... نعم ان العمل لن يفني أحداً بل انه يشكل منبعاً للسلامة في حين ان الغم والهم هما اللذان ينفيان الإنسان.

لنفكر بالجوانب الايجابية من حياتنا وما نملكه من نعم:

انا نجد الآلام والغصص أحياناً تحول حياة الإنسان إلى ظلام مطبق تسد سبل النجاة حتى ليخيل له انه أشقى إنسان على وجه الأرض... وانه إنسان لا حيلة له ولا قيمة ولذا فهو لا يستحق الحياة... ولأجل ان لا يصل القلق بنا إلى هذه الحالة يمكننا ان نترك التفكير فيه مطلقاً. لقد اعتدنا التفكير بالأشياء التي لا نملكها وانتظار تحققها، وبدلاً عن التفكير بذلك والتألم للفقدان نستطيع ان نفكر بما هو متوفر لدينا وبالجهات الإيجابية في حياتنا؛ فمثلاً بدلاً من ان يقول الإنسان: أخاف ان ابتلي بالزكام.

إذا ابتليت مرة ثانية به وأنا على هذه الحالة من الضعف البدني فسوف أفقد كل قواي!! إذا رسبت في الامتحان فاني لا أدري ماذا سأفعل وماذا سيكون؟! أو إذا لم أنجح فلا أدري العاقبة...إذا... إذا... بدلاً من كل هذا يجب ان ينظر الإنسان للجانب الإيجابي من الأمر فيقول: يجب ان أحافظ على صحتي لئلا ابتلي بالزكام ودعني أقوي نفسي بالرياضة ومراعاة القواعد الصحيحة لكي لا أمرض... سأدرس حتى أنجح... سأصل إلى مقصودي بكل عزم وتصميم وإرادة صلبة وتوفيق من الله تعالى. ترى هل فكرنا في الواقع بقيمة سلامة أجسامنا؟ وهل نحن مستعدون للتضحية بيدٍ أو رجلٍ في مقابل الملايين؟ ان من المسلم به ان اي عاقل لا يفعل ذلك ويهتم أشد الاهتمام بأعضاء بدنه، فإذا رضينا بما لدينا ولدت لنا نظرة أخرى للحياة تعبر عن تفاؤل وتمنح الإنسان نشاطاً وسروراً أكبر.

يقول الإمام الصادق (عليه السلام): قال الله عز وجل: (عبدي المؤمن لا أصرفه في شيء الا جعلته خيراً له. فليرض بقضائي...) (9).

وعنه (عليه السلام) قال: (ان أعلم الناس بالله أرضاهم بقضاء الله عز وجل) (10).

10- المحاسبة والتفتيش:

إذا استطعنا ان نكتب كل ليلة عوامل قلقنا وأسباب تخوفنا ثم نراجعها في نهاية الأسبوع فإنا سنرى ان 95 في المائة منها على الأقل كانت خيالاً لم يقع وان قلقنا كان بلا مبرر، وأن 5 في المائة الباقية اما كانت خفيفة الوطء بحيث لم نكن نحس بها أو أنها كانت مما يمكن الإستعداد له ودفعه... وهذا المعنى ينطبق على أكثر أنواع قلقنا وذلك لأنا اعتدنا ان نحرق أنفسنا بالجحيم الذي نوجده لها ونحبسها في السجون التي بنيناها بأنفسنا.

لماذا لا نشغل أنفسنا وأفكارنا بتأمل جمال الكون ومظاهر السعادة المنشطة للروح، والجوانب الإيجابية والنافعة، والنعم المتعددة التي نستفيد منها؟ ترى أليس من الأفضل لنا بدلاً من ان نخلق كابوساً في أفكارنا ان نخطط الذهن بأفكارنا جنّة تنفس الروح وتحيي القلب لكي نعيش في نشاط وسرور دائمين.

11- لنفكر ثم نعالج:

يجب في البدء ان نلاحظ العوامل والموجبات للقلق ثم نقوم باستعراض طرق الحل التي فكرنا فيها فندقق فيها أكثر ومن ثم ندخل مرحلة العمل وحسب قول (جارلز كيترنيك) فان المشكلة التي تدرس بعمق وتحلل يكون نصفها قد حل فعلاً (11) وعليه فإنا لأجل رفع أي قلق يجب ان نقوم بما لي:

1ـ تحليل علل القلق وموجباته.

2ـ معرفة ما يمكن عمله لرفعها.

3ـ التصميم النهائي لتحقيق أقرب سبل الحل الممكنة وأبسطها.

4ـ البدء بالفعالية والعمل على رفعها.

ومن المحتم اننا حتى لو جزأنا المشكلة وحللناها إلى عوامل ولم نجد أي سبيل للحل فلا معنى لان نسلم أنفسنا للغم والألم واليأس من الحل إذ أن اليأس يعبر عن عدم اعتقاد بالله تعالى وقدرته... اننا يجب ان لا نيأس في أي حال من قدرة الله تعالى: {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87].

ان الإنسان إذا اعتقد ان الطرق كلها مسدودة بوجهه وحتى طريق اللطف والمعونة الإلهيين وسلم نفسه للغم والغصة والقلق فان لسان حاله يقول: إني سوف لن أتخلص من هذا الغم مطلقاً او أنه ليس هناك إله يخلصني ويمدني بالعون وهذا يعني عدم الإيمان والاعتقاد بوجود الرب القادر الرحيم.

يجب ان نتوجه إلى ان هناك نظاما فوق هذا النظام الطبيعي المحسوس يوجده الله تعالى في أحرج اللحظات وآخر دقائق الحياة فيغير مسير الحوادث ويخلق ما هو صالح لنا.

ومن هنا نجد العديد من المرضى المأيوس من حياتهم الذين شفوا بمجرد اشراقات ايمانهم وأملهم بالشفاء، ووصلوا إلى حياة هانئة.

وعليه فيجب ان نأمل الخير في كل حال وتحت كل ظرف ونطلب منه تعالى الطاقة لحل المشاكل المختلفة.

وأخيراً

فان علينا ان نعيش مع المؤمنين الذين حملوا لواء الإيمان والإسلام العظيم لنستلهم منهم معاني الرضا بأمر الله ونعرف كيف تربى النفس الواثقة المطمئنة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ وانما هو لأجل ان لا تتحول المصيبة إلى عقد نفسية فتفجر الإنسان في داخله.

2ـ وسائل الشيعة، ج 12، ص 33.

3ـ المصدر السابق، ص 12.

4ـ المصدر السابق، ج 12، ص 41.

5ـ المصدر السابق، ص 42.

6ـ المصدر السابق.

7ـ بحار الأنوار، ج 45، ص 46.

8ـ مستدرك الوسائل، ج 2، ص 22.

9ـ أصول الكافي، ج 2، ص 60.

10ـ المصدر السابق. 

11ـ كتاب (منهج الحياة)، ص 65، تأليف ديل كارنكي. 

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+