x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

القانون العام

القانون الدستوري و النظم السياسية

القانون الاداري و القضاء الاداري

القانون الاداري

القضاء الاداري

القانون المالي

المجموعة الجنائية

قانون العقوبات

قانون العقوبات العام

قانون العقوبات الخاص

قانون اصول المحاكمات الجزائية

الطب العدلي

التحقيق الجنائي

القانون الدولي العام و المنظمات الدولية

القانون الدولي العام

المنظمات الدولية

القانون الخاص

قانون التنفيذ

القانون المدني

قانون المرافعات و الاثبات

قانون المرافعات

قانون الاثبات

قانون العمل

القانون الدولي الخاص

قانون الاحوال الشخصية

المجموعة التجارية

القانون التجاري

الاوراق التجارية

قانون الشركات

علوم قانونية أخرى

علم الاجرام و العقاب

تاريخ القانون

المتون القانونية

دساتير الدول

صلة الواقعة محل الاستنباط القضائي بالواقعة موضوع النزاع

المؤلف:  طارق عبد الرزاق شهيد الحمامي

المصدر:  الاستنباط القضائي في الدعوى المدنية

الجزء والصفحة:  ص34-42

2024-03-30

208

بعد أن ثبتت الواقعة محل الاستنباط في الدعوى المنظورة ، فإن القاضي سينظر في مدى صلتها بالواقعة موضوع النزاع .
ولكي يأتي الاستنباط سليما لابد أن يتحقق القاضي من صلتها بالواقعة الأصلية المراد إثباتها ، وصفة هذه الصلة وعلاقتها بكفاية الدلالة أو ضعفها أو عدمها على ما هو مطلوب في الدعوى وارتباط قوة الدلالة وضعفها بمدى الصلة بين الواقعتين ومدى تأثير عدد الوقائع على هذه الصلة .
ومن ثم ما هو الأساس لوجود الملازمة بين الواقعتين وما نوع هذه الملازمة ، فكل هذه المسائل تشخص الصلة بين الواقعة محل الاستنباط والواقعة موضوع النزاع.
لذا نسلط الضوء في هذا الموضوع على ما ذكرناه أعلاها وذلك في فرعين ، نتطرق في الفرع الأول تحقق الصلة بين الواقعتين ، وفي الفرع الثاني أساس الصلة بين الواقعتين .
الفرع الأول
تحقق الصلة بين الواقعتين
لكي يأتي استنباط القاضي سليما لابد أن يتحقق بعد ثبوت الواقعة محل الاستنباط ، ان هذه الواقعة لها صلة بالواقعة موضوع النزاع ، فبعد ان افتقر الدليل المباشر على هذه الواقعة وصارت مجهولة تحول الإثبات إلى الواقعة الثابتة المعلومة فلابد أن يكون بين الواقعتين ارتباط وصلة(1).
ومعنى الصلة بأن يسمح الأمر الثابت وهو الواقعة المعلومة أن يستنبط القاضي منه ما يدل على ثبوت الواقعة المجهولة موضوع النزاع (2) .
وتبعا لهذه الصلة فإن دلالة الواقعة الثابتة تختلف من حيث القوه فمنها ما له دلالة قوية فيستنبط القاضي هذه الدلالة بشكل قاطع (3) ، وقد لا تبلغ هذا الحد من القوة فيستنبط منها على سبيل الترجيح ، وقد تصل إلى درجة الاحتمال الضعيف (4).
فالقاضي عندما يقوم بالاستنباط تكون أمامه جهتان ، راجحة ومرجوحة ، فما يصل إليه في إستنباطه هو ما يغلب على ظنه إنه الأمر الراجح ، فالعمل القضائي في الاستنباط يقوم على عنصر الرجحان ، فإذا كانت دلالة الوقائع المعلومة بحكم صلتها بالواقعة المجهولة تدل على هذه الأخيرة بنسبه 80% مثلا فيعني أن الجهة الراجحة هي الغالبة على ظنه (5)
فالاستنباط ينطلق من واقعة ليصل إلى واقعة أخرى وأن دلالة الواقعة الأولى على الثانية هي الغالبة ، أي أغلب الاحيان تؤدي تلك الواقعة إلى تلك الدلالة ، فالقاضي يبدأ بتحليل الظروف الواقعية ويضع افتراضا يقتضينه السير الطبيعي للأشياء ، وأن الأحداث لا يمكن أن تجري بخلاف ذلك حسب المجرى العادي للأمور ولكن لا على نحو مطلق ، وهذا يؤكد لنا فكرة ما هو راجح الوقوع ، فالإنسان يكتفي في أغلب الأحوال بما هو راجح بعد تعذر الوصول إلى اليقين بالحقيقة الواقعية أو استحالة الوصول إلى الدليل القطعي الذي ينتفي معه كل احتمال . ولهذا لابد من الاكتفاء بما هو راجح في الاستنباط القضائي في دلالة الواقعة المعلومة على الواقعة المجهولة (6) .
ومع ذلك فإن القاضي لا يأخذ إلا بالوقائع ذات الصلة القوية والوثيقة بالواقعة موضوع النزاع بحيث يؤدي استنباطه إلى ما سيقضي به مباشرة (7). وبناءً على ما تقدم فإذا كان أمام القاضي وقائع متعددة وهو يريد أن يستدل منها على الواقعة موضوع النزاع ، فعليه ان يختار الواقعة المنتجة المؤثرة في الواقعة الاصلية ، وهذه لا تكون كذلك إلا إذا كانت ذات صلة قوية بهذه الواقعة الأخيرة .
ولكي يتأكد القاضي من وجود الصلة بين الواقعتين فعليه أن يُحلل الواقعة أو الوقائع المعلومة إلى عناصرها ويستقرئ هذه العناصر كي يصل منها إلى الصورة الحقيقية للواقعة ومدى صلتها بالواقعة محل الإثبات (8)
وإذا لم تكن هناك صلة قوية بين الواقعتين فهذا يعني أن الواقعة التي تحوّل إليها الإثبات لا تصلح محلا للاستنباط ، حينئذ ، كما لو قام المشتري بسداد مقدم عن منقول من المنقولات فإن هذا التسديد لا يصلح أساسا لإثبات ملكية البائع لهذا المنقول لاحتمال الحصول عليه بطريقة غير مشروعة (9) وفي هذه الصورة لو أن القاضي اعتمد هذه الواقعة في استنباطه ستكون المُقدمات غير مؤدية إلى النتائج المطلوبة وعندها ومن ملاحظة تسبيبه تكشف المحكمة الأعلى عدم صحة الاستدلال القضائي الذي وصل اليه ، مما يعيب التسبيب كونه خلاف المنطق ويؤدي ذلك إلى نقض حكمه (10).
ومن الأسئلة التي تُعرض فيما يتعلق بقوة الصلة ، هل أن هذه القوة تتوقف على كثرة وقلة الوقائع بحيث كلما كانت الوقائع متعدّدة كانت الصلة أقوى بعكس ما لو كانت الواقعة الثابتة واحدة فقط ؟
يرى فقه الاثبات أنه لا دخل لعدد الوقائع في قوة الصلة فقد تكون واقعة واحدة وهي ذات صلة قوية بالواقعة موضوع النزاع فيكون لها دلالة كافية على إثباتها ، في حين قد تتعدد الوقائع ولا تنهض لإثباتها لأنها ذات دلالة وصلة ضعيفة بها، فلا يتوقف الاستدلال والاستنباط على كثرة الوقائع من أجل أن نتوصل إلى إثبات الواقعة موضوع النزاع فكثرة الوقائع لا تضيف شيئا إلى القوة الإثباتية ، إذ العبرة بقوة صلتها ودلالتها على الواقعة المراد إثباتها . ومع ذلك هناك من يشترط اجتماع عدة وقائع وقد قاس ذلك بمسألة الشهادة ، على أساس من أن يُراعى في نصابها التعدد فلا تكفي شهادة واحدة ، ولاشك أنه كلما كان عدد الوقائع أكثر كلما كان ذلك أبلغ أثراً ، وكلما كانت متطابقة ومتوافقة كلما نالت قيمة حقيقية في عملية الاستنباط ، فلو كانت الدعوى المنظورة حول تصرف في عقار هل هو بيع أم وصية، فالقاضي في وسعه أن يستنبط من وقائع متعددة ان هذا التصرف وصية ، فيستظهر نية وارادة المتصرف من استمرار وضع يده على العقار ، واستغلاله لحين وفاته ، وثانيا من عدم تسجيله للعقد، وثالثا من استمرار البائع بدفع الديون العقارية ، ورابعا من فقر المشتري وعدم قدرته على دفع الثمن المسمى بالعقد ، لاسيما إذا وجد بالإضافة إلى ذلك شرط عدم تصرف المشتري فيه طول حياته (11).
وفي مجال التشريع المقارنة ، لم يتعرض المشرع العراقي والمشرع المصري إلى هذه المسألة في صياغة نصي المادة ( 102) من قانون الإثبات والمادة (100) من قانون الإثبات المتقدمتين ؛ لأن ذلك أمر يرجع إلى سلطة القاضي (12). ومن الطبيعي إنه لا يختار إلا الواقعة ذات الصلة القوية حتى يأتي استنباطه سليمة (13).
وأما المشرع الفرنسي فإنه أوجب على القاضي حسب صياغة المادة ( 1353 ) من القانون المدني على أنه .... لا يقبل الا بالقرائن المهمة والدقيقة والمتوافقة ). وفي ترجمة أخرى للنص الفرنسي المذكور بإن القاضي (يجب عليه أن لا يحكم بها [ أي بالقرائن ] إلا إذا كانت قوية ظاهرة موافقة لما دلت علية ..)(14).
وهذه الصياغة تكشف عن اهتمام المشرع بقوة الصلة بين الواقعتين ، ولكن هناك رأياً في الفقه والقضاء يذهب إلى القول (( أن هذا النص ليس إلا مجرد توجيه مع أن ظاهرة قد يُوحي - خطأ - بان يقيم شرطا لقبول الإثبات بالقرائن)) (15) .
وحسنا فعل المشرع الفرنسي ، إذ إن شرط سلامة الاستنباط القضائي في نطاق الوقائع أن تكون هناك صلة بين الواقعة المعلومة والواقعة المراد إثباتها ولابد ان تكون هذه الصلة قوية ووثيقة لكي يعتمد على دلالتها بين الواقعتين .
وقضت محكمة التمييز العراقية في واقعة أن تسلم) المؤجر لبدلات الايجار تُعد قرينة قضائية على ان المؤجر أسقط حقه في طلب التخلية (16) ، بأن الواقعة موضوع النزاع هي طلب التخلية ، والواقعة الثابتة هي استلام المؤجر لبدلات الايجار المودعة لدى الكاتب العدل للأشهر السابقة ، فاستنبط القاضي من هذه الواقعة الأخيرة دلالة على أن المؤجر تنازل عن دعوى التخلية على أساس من أن هناك ارتباطاً بين الواقعتين .
وهناك من يرى أن ما قضت به المحكمة أعلاه غير صحيح، إذ لا علاقة بين طلب التخلية المستند إلى عدم تسديد المستأجر لبدل الايجارات مخالفا بذلك أحكام قانون ايجار العقار 87 لسنة 1979 وبين قبضه لبدلات الإيجار المودعة لدى الكاتب العدل التي تُعدُّ حقا من حقوقه (17) .
والباحث يرجح هذا الرأي ؛ وذلك لتخلف الصلة القوية بين الواقعتين التي أدت إلى عدم سلامة الاستنباط القضائي، فواقعة استلام الإيجارات ليست فيها الدلالة الكافية على أن المؤجر تنازل عن دعوى التخلية ، فهذه الإيجارات إنما هي قبال انتفاعه بالعين المؤجرة، فلا تلازم بينها وبين دعوى التخلية المذكورة.
وذهبت محكمة النقض المصرية إلى أن ( اتمام الخطبة وابرام عقد الزواج وفقا لطقوس الطائفة التي ينتمي إليها أحد الزوجين لا يسوغ له التحدي بانضمام الزوج الآخر إلى ذات الطائفة التي تمت الخطبة وابرام الزواج على أساسها ، ولا ينهض بذاته دليلا على تغيير طائفته أو مذهبه لأنه يكون المراد به مجرد تيسير توثيق العقد دون مساس بالملة أو المذهب الذي يدين به، ومن ثم فإن رضاء المطعون عليها اجراء الخطبة وعقد الزواج وفقا لشريعة الأقباط الارثوذكس التي ينتمي إليها الطاعن وقبولها اتباع طقوسها لا يفيد بذاته بتغيير طائفتها وانضمامها في طائفة الطاعن) (18) .
إذ ليس بالضرورة مراعاة تلك المراسيم الشكلية لعقد الزواج يعني تغيير الاعتقاد الديني فلا صلة لازمة بينهما .
وذهبت محكمة النقض الفرنسية ، وهي بصدد إثبات دعوى المسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة وتطبيقها على الرابطة السببية للقاح ضد التهاب الكبد المعدي وتصلب الأنسجة ، إلى أن ( إثبات الضرر والعيب ووجود الرابطة السببية بين عيب المنتج والضرر يمكن ان تستنتج من القرائن بشرط ان تكون مهمة ودقيقة ومتوافقة)(19).
والباحث يعتقد بأن الدلالات التي تتصف بهذا الوصف لا تكون كذلك إلا إذا كانت الصلة بين الواقعة محل الاستنباط والواقعة موضوع النزاع قوية ووثيقة كما تقدم مراراً.
الفرع الثاني
أساس الصلة بين الواقعتين
أن من شروط الواقعة محل الاستنباط أن يكون بينها وبين الواقعة موضوع النزاع صلة ، ومن الضروري أن تتصف هذه الصلة بالقوة فيما بينهما .
ويكمن أساس هذه الصلة بين الواقعتين في وجود ملازمة بينهما ، وهي إما أن تكون ملازمة عقلية وإما ملازمة عرفية .
والملازمة العقلية يُراد بها أن العقل يرى وجود أحدى الواقعتين يستدعي وجود الواقعة الأخرى كالعلية والمعلولية فلا يمكن أن نتصور المعلول دون علته ، فمقتضى الاستدلال على الأمر المجهول من الأمر المعلوم على أساس علية تحقق الأمر الأول إذا تحقق الأمر الثاني ، وقد يكون الترابط بينهما سببيا ، أعني عندما ينظر القاضي في الواقعة الثابتة فيجد أنها تبعا للغالب هي السبب في قيام الواقعة المتنازع عليها المسببة للأثر القانوني (20) ، فلو حصل نزاع حول نسب طفل ولم يكن هناك دليل مباشر يثبت ذلك إلا أنه من المعلوم بعد الفحص الطبي ، تبين أن البصمة الوراثية تحمل جينات هذا الأب وهذه الأم ، فالقاضي يستنبط دلالة من هذه البصمة الثابتة في الدعوى تصل إلى حد الاطمئنان بأن هذا الطفل ينتسب لهما إذ العقل يجد ملازمة بين هذين الأمرين .
وعليه فالدلالة تستخلص من واقعة أو من وقائع متعدّدة تؤدي بالنتيجة المطلوبة بحكم اللزوم العقلي ، وتكون النسبة بينها وبين مدلولها ثابتة يستنتجها العقل (21) ، فالقاضي لا يقرر واقعة ما أو يحدد صلة واقعة بواقعة إلا عن سبب ، فعند نظره في ظروف الدعوى والوقائع المعلومة فيها لأجل إثبات الدعوى فإنه ينظر إلى العلاقة السببية بينهما (22) .
ويكفي في هذا اللزوم العقلي أن يحصل منه الاطمئنان بل الظن الراجح كما تقدم لا درجة اليقين وإلا ((انعدمت الحاجة إلى الاستنباط الذي يعتمد أساسا على أقيسة منطقية تختلط بالصفة الشخصية للقاضي بما يتمتع به من مؤهلات علمية وشخصية )) (23) .
وعليه إذا كانت الملازمة بين الواقعتين غير قابلة للأنفكاك فإن القاضي يصل إلى الدلالة القطعية اليقينية ولكن في العمل القضائي يكفي الرجحان والاطمئنان وإن لم يصل إلى درجة القطع كما مر آنفا . وأما الملازمة العرفية ، فيُراد بها أن العُرف يرى وجود الصلة بين الواقعتين ، فالقاضي يستند إلى الأمر المعلوم ويجد له صلة بالأمر المجهول حسب ما تعارف عليه المجتمع ويستنبط من ذلك دلالة لإثبات المطلوب ، فالعُرف يرى ارتباط الأمرين وجودا وعدم (24) .
ففي هذه الحال إن الأعراف والعادات هي التي تحدد النسبة بين الواقعة ومدلولها ، فإذا اختلف الزوجان في أمتعة البيت يترجح قول الرجل فيما هو معد للرجال وقول الزوجة فيما هو معد للنساء بدلالة عادة الاستعمال والعُرف وإن كان من المحتمل أن يملك كل منهما مـا هـو فـي الـعـادة في حوائج الآخر (25) .
والواقع ان الدلالة ليست وقفا على العقلية والعرفية ، فقد تكون طبعية أي إن الطبع يقتضي التلازم بين الواقعتين ، أو وضعية أي إن هناك واضعاً جعل تلازما بينهما (26). وإن كنا نعتقد في مجال الصلة بين الواقعتين أن الدلالة الطبعية غير اللفظية تندرج تحت العقلية ، لأن العقل هو الذي ينتقل من المعلوم إلى المجهول ، وأما الدلالة الطبعية اللفظية والدلالة الوضعية سواء اللفظية أو غير اللفظية فتندرج تحت العرفية ، لأن العُرف هو الواضع لهذه الصلات بين الوقائع وعلى أساس منها يستنبط القاضي الدلالة من المعلوم على المجهول، ومن الواضح أن التشريعات لا تتناول هذا الأساس في نصوصها لأنها مسألة منطقية وفقهية بحتة ، ولكننا سنعرض بعض التطبيقات القضائية التي هي مصداق لوجود أو نفي الملازمة العقلية أو العرفية .
لقد ردت محكمة استئناف القادسية الاتحادية بصفتها التمييزية قرار محكمة البداءة القاضي بعدم توجه الخصومة في طلب الكشف المستعجل من المدعي القائم بتشييد مركز شرطة النغيشية في غماس ضد المدعى عليه وزير الداخلية إضافة إلى وظيفته ؛ كون هذا الأخير ليس طرفا في عقد المقاولة الخاص بتشييد المركز المذكور ، وقضت - أي محكمة الاستئناف - أعلاه - بان سبب عدم توجه الخصومة غير كاف لرد اجراء الكشف المستعجل لأن موضوع الكشف المستعجل برمته هو أداة لضمان تحقيق الحماية للحق وتحصينه عند إقامة الدعوى بأصل الحق وهو بهذا الوصف أداة مجردة للاحتياط وينتج عن هذا بان شروط الخصومة في القضاء المستعجل تختلف عن شروط الخصومة عند اقامة الدعوى بأصل الحق وطالب الكشف المستعجل يهدف حماية حقه المحتمل الوجود ويترتب على هذا بان المطلوب الكشف ضده باعتباره جهة مستفيدة من العقد أن يكون خصماً محتملاً عند اقامة الدعوى بأصل الحق مستقبلا ، فكان ينبغي على محكمة البداءة أن تتعاطى مع طلب الكشف وفقا للمعطيات طالما احتمالية خصومة المطلوب الكشف المستعجل ضده واردة مستقبلا، وأن تستنبط الخصومة من جملة قرائن قد طرحت في طلب الكشف لأن القرينة القضائية هي استنباط أمر مجهول من أمر معلوم فالأمر المعلوم هو إدعاء طالب الكشف بقيامه بتشييد مركز للشرطة يُستنتج من هذا الأمر المعلوم امرا مجهولا هو استفادة وزارة الداخلية من هذا المركز ومن ثم يتم استنباط خصومتها لطالب الكشف المستعجل المحتملة فكان على محكمة البداءة إجراء الكشف المستعجل وتثبيت الوضع المادي الراهن دون المساس بأصل الحق . . وصدر القرار بالاتفاق وفق م 3 ، 210 ، 216 من قانون المرافعات المدنية و م 102 من قانون الإثبات في 2012/3/13 (27) . وعلق القاضي سالم روضان على هذ القرار بأن الاستنباط المتقدم، بعد أن قرر إن من وظيفة القضاء إعطاء نتائج منطقية ، هل يتعلق بواقعة الخصومة ؟ وأن الواقعة المستنبطة تتعلق بعنصر الاستفادة والاستفادة لابد أن تكون بموجب سند قانوني والا كان الانتفاع غير مشروع ، ولا يمكن أن يكون الاستنباط من واقعة غير مشروعة ، إذ لا يكون عنصر الانتفاع بمفرده سببا لإنشاء الرابطة القانونية أو العلاقة التعاقدية ، ويبقى السؤال هل هذا الاستنباط توفر على أسبابه القانونية على وفق احكام القانون؟ والباحث يعتقد أن هذا الاستنباط لم يكن موفقا لعدم توفر مستلزماته على النحو المطلوب ؛ وذلك لضعف الملازمة بين الواقعة المعلومة مصدر الاستنباط وهي واقعة تشييد المركز والواقعة المجهولة موضوع النزاع وهي مسألة توجه الخصومة من عدمها ، إذ لم تكن الملازمة بينهما قوية حسب ما تعرصنا له آنفا ، ناهيك عن ذلك إن توجه الخصومة استنبطت من أمر مستنبط وهي الاستفادة المحتملة ، وهذا يؤيد ما لاحظناه أعلاه على الصلة بين الواقعتين .
وذهبت محكمة النقض المصرية إلى أنه (.. إذا اثبت المريض أن الترقيع الذي اجراه له جراح التجميل في موضع الجرح الذي نتج عنه تشويه ظاهر بجسمه لم يكن يقتضيه السير العادي لعملية التجميل وفقا للأصول الطبية المستقرة فان المريض يكون بذلك قد أقام قرينة قضائية على عدم تنفيذ الطبيب لالتزامه. . ) (28) .
فعدم إجراء العملية وفق الأصول الطبية كونها الواقعة الثابتة في الدعوى هي السبب في أن الطبيب لم يبذل العناية المطلوبة منه قانونا ، فالواقعة موضوع النزاع هل أن الطبيب أدى التزامه ببذل العناية الطبية المطلوبة منه أم أنه كان مقصرا في ذلك ؟ فنظرا لعلاقة السببية في الصلة بين الواقعتين استنبط القاضي دلالة من الواقعة الأولى أثبت فيها الواقعة موضوع النزاع وهي مقصرية الطبيب . وذهبت المحكمة المتقدمة أيضاً إلى أنه مؤدى صحة القول لقيام العُرف في النزاع الماثل على ملكية لمثل المنقولات المحجوزة عليها دون المدين هو قيام قرينة على الملكية في جانب الزوجة ولها وحدها الأستفادة منها إذا ما نازعته هي فيما توقع عليه الحجز وليس لغيرها الأستناد إليها)(29) أي إن هناك ملازمة عرفية بين الأثاث التي تستعملها الزوجة في بيت الزوجية وبين كون ملكيتها تعود إليها .
___________
1- د. عباس العبودي ، شرح احكام قانون الاثبات المدني، ط1، دار الثقافة ، عمان ، 2005 ، ص 282 . د. أحمد عبد العال أبو قرين ، أحكام الإثبات ، ط دار النهضة العربية ، القاهرة، 2006 ، ص 175 . د. عبد الله عبد الحي الصاوي، نظرية القرائن في قانون المرافعات المدنية والتجارية ، ج 1، المركز القومي للإصدارات القانونية ، القاهرة، 2018 ، ص38.
2- عز الدين الدناصوري والأستاذ حامد عكاز، موسوعة التعليق على قانون الإثبات ، ط 12، ج 2، المركز القومي للإصدارات القانونية ، دون مكان ، 2009، ص678.
3- لا يراد بالقطعية هنا العلم الذي لا يوجد معه احتمال النقيض المعبر عنه بعلم اليقين بل يوجد احتمال ولكن لم ينشا عن دليل والمعبر عنه (بالاطمئنان أنظر د. عبد الله عبد الحي الصاوي، نظرية القرائن في قانون المرافعات المدنية والتجارية ، ج 1، المركز القومي للإصدارات القانونية ، القاهرة، 2018 ، ص 60
4- د. حمود أحمد محمد، الاثبات بالقرائن القضائية في الفقه الاسلامي والقانون اليمني، بحث منشور في مجلة جامعة الناصر العدد السادس ، المجلد الثاني ، 2015، ص78. عز الدين دناصوري والأستاذ حامد عكاز ، مصدر سابق، ص 681 .
5- ويُعبر عن النسبة الباقية %20% بالجهة المرجوحة ويقال عنها منطقيا (الوهم) الذي يقابله الظن الراجح ، اما اذا تساوت النسبتان أي كل منهما 50% نكون أمام (الشك) فالدلالة منطقيا تتدرج من يقين) ، ثم اطمئنان ، ثم ظن ، ثم شك ، ثم وهم ) أنظر بهذا الصدد : د. مصطفى ابراهيم الزلمي، المنطق القانوني في التصورات ، ط ، المكتبة القانونية ، بغداد ، 2009، ص28-31 . سعيد عبد الله المدلوح ، توضيح المنطق ، مؤسسة المنارة ، بلا مكان نشر ، 1996 ، ص 14 .
6- قيس عبد الستار عثمان ، القرائن القضائية ودورها في الإثبات ، ط 1 ، مطبعة شفيق ، بغداد ، 1975، ص 21-23 وص 401 .
7- أحمد نشأت ، رسالة الاثبات ، ط 1، ج 2، مكتبة العلم للجميع ، القاهرة ، 2005 ، ص418 .
8- د. ياسر باسم ذنون ، دور الاستدلال المنطقي لفهم الواقع والأدلة في الدعوى المدنية ، بحث منشور في مجلة الرافدين للحقوق الصادرة من كلية الحقوق، جامعة الموصل، المجلد 9، السنة الثانية عشر ، العدد 33 لسنة 2007 ، ص 105 .
9- د. عبد الله عبد الحي الصاوي، نظرية القرائن في قانون المرافعات المدنية والتجارية ، ج 1، المركز القومي للإصدارات القانونية ، القاهرة، 2018 ، ص 41 .
10- الياس أبو عيد ، نظرية الاثبات في اصول المحاكمات المدنية والجزائية ، ج 3، منشورات زين الحقوقية ، بيروت ، 2005، ص 162 قندوز عبد الجبار ، رقابة المحكمة العليا على تسبيب الأحكام الجزائية ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الحقوق والعلوم السياسية ، جامعة قاصدي مرباح ، الجزائر، 2015 ، ص 20 .
11- قيس عبد الستار عثمان ، مصدر سابق، ص 101 و ص 157. مجموعة الأعمال التحضرية للقانون المدني المصري ، ج 3، وزارة العدل ، الحكومة المصرية ، مطبعة أحمد مخيمر ، بلا سنة نشر ، ص 429-430
12- د. محمد حسن قاسم ، قانون الإثبات في المواد ، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت ، 2009 ، ص 341.
13- يُلاحظ أن المشرع المغربي في المادة (454) من قانون العقود والالتزامات لسنة 1913 نص على انه ليس للقاضي أن يقبل إلا القرائن القوية الخالية من اللبس أو القرائن المتعددة التي حصل التوافق بينها ...) ومن المعلوم أن قوة الدلالة تأتي من قوة الصلة بين الواقعتين. أنظر في هذا الصدد: رشيد العراقي ، طرق إثبات الالتزام، بحث منشور في مجلة الملحق القضائي ، العدد 30 أكتوبر 1990 ، الصادرة من المعهد الوطني للدراسات القضائية في وزارة العدل ، المملكة المغربية ، ص33.
14- رفاعة بك و عبد الله بك، مصدر سابق ، ص 842-843 . و أنظر أيضاً مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ، ج 3، مصدر سابق، ص 429-430
15- د. سيد حسن البغال ، المطول في الاثبات ، الناشرون المتحدون القاهرة بلا سنة نشر ، ص308
16- القرار رقم 1187 / ح ع / 1970 في 4 / 11 / 1970، نقلا من : د. عصمت عبد المجيد بكر ، أصول تفسير القانون ، ط2 ، الناشر صباح صادق جعفر بغداد ، 2009 ، ص230.
17- د. عصمت عبد المجيد بكر، شرح قانون الإثبات ، مصدر سابق ، ص231.
18- الطعن رقم 3 سنة 46 ق ، احوال شخصية ، جلسة 29م12 / 1976 ، س ص 1851 ، منشور في مجموعة : القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض في خمسين عاما ، بلا ناشر ، ص 709 .
19- نقض مدنية اولى ، 22 ايار / مايو/ 2008 ، دالوز 2009 ، مصدر سابق ، ص1322. و أنظر:
Cour de cassation, civile, Chambre commerciale, 5 juin 2019, 17.22.192.
https://www.legifrance.gouv.fr/affichJuriJudi.do?oldAction=rech JuriJudi&idTe
xte=JURITEXT000038629626&fastReqId=2040296756&fastPos-20.
Cour de cassation, civile, Chambre commerciale, 3 avril 2019, 18.11.293. https://www.legifrance.gouv.fr/affichJuriJudi.do?oldAction=rech JuriJudi&idTexte=JURITEX T000038488513&fastReqId=2040296756&fastPos=22.
20- د. علي أحمد الجراح، مصدر سابق، ص 616 . د. آدم و هيب النداوي، شرح قانون الاثبات ، مصدر سابق ، ص 194 - 195 جعفر فاضل هاشم، الحجية القانونية للقرينة القضائية ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون ، جامعة بابل ، 2018، ص22.
21- د. حمود أحمد محمد، الاثبات بالقرائن القضائية في الفقه الاسلامي والقانون اليمني، بحث منشور في مجلة جامعة الناصر العدد السادس ، المجلد الثاني ، 2015 ، ص106.
22- البروفيسور باجيرن ملكيفيك و د. فهر عبد العظيم ، المنطق القضائي ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2011 ، ص 73 - 74 .
23- عزالدین دناصوري و الأستاذ حامد عكاز ، موسوعة التعليق على قانون الاثبات ط12 المركز القومي للاصدارات القانونية بلا مكان نشر 2009 ، ص 681 سنتعرض لمؤهلات القاضي من حيث الكفاءة العلمية والكفاءة الشخصية في المبحث الثاني من هذا الفصل باعتبارها مما يستلزمها الاستنباط القضائي للدلالات والقرائن من الوقائع والظروف المحيطة بالدعوى .
24- د. محمد حسین منصور ، قانون الإثبات ، دار الجامعة العربية الجديدة ، الإسكندرية ، 2004 ، ص 162
25- د. حمود أحمد محمد، الاثبات بالقرائن القضائية في الفقه الاسلامي والقانون اليمني، بحث منشور في مجلة جامعة الناصر العدد السادس ، المجلد الثاني ، 2015 ، ص 106 ، و ص 116
26- أنظر بهذا الصدد .د. مصطفى إبراهيم الزلمي، المنطق القانوني في التصورات ، مصدر سابق ، ص70. وفيه يتعرض إلى إن الدلالة منطقيا تكون إما عقلية وإما طبعيه وإما وضعية . وكل واحدة منها إما لفظية وإما غير لفظية ، فالدلالة العقلية اللفظية هي أن يدل لفظ على معنى على أساس من علاقة العلية والمعلولية كدلالة الألفاظ المتناقضة والمضطربة على عدم صدق الشاهد ، وأما العقلية غير اللفظية فهي مثل دلالة المؤثر على اثره والعلة على معلولها والسبب على مسببه نحو الاستدلال بآثار البصمات على المطلوب ، والدلالة الطبعية اللفظية هي أن يدل لفظ على معنى لم يوضع له ولكن غلب بمقتضى الطبع نحو أنين المصاب على الأمه ، وأما الدلالة الطبعية غير اللفظية فهي مثل تغير لون قسمات وجه المدعى عليه حين يُسئل عن موضوع الدعوى . والدلالة الوضعية اللفظية هي أن يدل لفظ على معنى وضع له في اللغة أو في العرف ، وأما الوضعية غير اللفظية فهي مثل دلالة العلامات التجارية على الشركات .
27- قرار محكمة استئناف القادسية الاتحادية بصفتها التمييزية العدد /77 / ت / ح / في /2012/3/13 ، منشور علی الصفحة الرئيسية للموقع الالكتروني لمجلس القضاء الأعلى العراقي مع تعليق القاضي سالم روضان الموسوي، الرابط
https://www.hjc.iq/view./1383.
28- رقم الطعن 111 ، لسنة 35 ق ، في 1969/6/26 ، نقلا من : د. حمود أحمد محمد ، مصدر سابق ، ص110.
29- طعن رقم 442 ، لسنة 47 ق ، جلسة 1984/1/8 ، منشور في مجموعة : د. محمد عزمي البكري ، موسوعة الفقه والقضاء في قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية ، مج 3 ، دار محمود ، القاهرة ، بلا سنة نشر ، ص1388.

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+