النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
الخطبة الغراء لأمير المؤمنين "ع"
المؤلف:
الشريف الرضي
المصدر:
نهج البلاغة
الجزء والصفحة:
ص135-145
2025-02-01
253
ومن خطبة له عليه السلام وهي الخطبة العجيبة تسمى الغراء وفيها نعوت اللّه جل شأنه ثم الوصية بتقواه ثم التنفير من الدنيا ثم ما يلحق من دخول القيامة ثم تنبيه الخلق إلى ما هم فيه من الأعراض ثم فضله عليه السلام في التذكير
صفته جل شأنه
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَلَا بِحَوْلِهِ وَدَنَا بِطَوْلِهِ مَانِحِ كُلِّ غَنِيمَةٍ وَفَضْلٍ وَكَاشِفِ كُلِّ عَظِيمَةٍ وَأَزْلٍ أَحْمَدُهُ عَلَى عَوَاطِفِ كَرَمِهِ وَسَوَابِغِ نِعَمِهِ وَأُومِنُ بِهِ أَوَّلًا بَادِياً وَأَسْتَهْدِيهِ قَرِيباً هَادِياً وَأَسْتَعِينُهُ قَاهِراً قَادِراً وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ كَافِياً نَاصِراً وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ لِإِنْفَاذِ أَمْرِهِ وَإِنْهَاءِ عُذْرِهِ وَتَقْدِيمِ نُذُرِهِ .
الوصية بالتقوى
أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ الَّذِي ضَرَبَ الْأَمْثَالَ وَوَقَّتَ لَكُمُ الْآجَالَ وَأَلْبَسَكُمُ الرِّيَاشَ وَأَرْفَغَ لَكُمُ الْمَعَاشَ وَأَحَاطَ بِكُمُ الْإِحْصَاءَ وَأَرْصَدَ لَكُمُ الْجَزَاءَ وَآثَرَكُمْ بِالنِّعَمِ السَّوَابِغِ وَالرِّفَدِ الرَّوَافِغِ وَأَنْذَرَكُمْ بِالْحُجَجِ الْبَوَالِغِ فَأَحْصَاكُمْ عَدَداً وَوَظَّفَ لَكُمْ مُدَداً فِي قَرَارِ خِبْرَةٍ وَدَارِ عِبْرَةٍ أَنْتُمْ مُخْتَبَرُونَ فِيهَا وَمُحَاسَبُونَ عَلَيْهَا .
التنفير من الدنيا
فَإِنَّ الدُّنْيَا رَنِقٌ مَشْرَبُهَا رَدِغٌ مَشْرَعُهَا يُونِقُ مَنْظَرُهَا وَيُوبِقُ مَخْبَرُهَا غُرُورٌ حَائِلٌ وَضَوْءٌ آفِلٌ وَظِلٌّ زَائِلٌ وَسِنَادٌ مَائِلٌ حَتَّى إِذَا أَنِسَ نَافِرُهَا وَاطْمَأَنَّ نَاكِرُهَا قَمَصَتْ بِأَرْجُلِهَا وَقَنَصَتْ بِأَحْبُلِهَا وَأَقْصَدَتْ بِأَسْهُمِهَا وَأَعْلَقَتِ الْمَرْءَ أَوْهَاقَ الْمَنِيَّةِ قَائِدَةً لَهُ إِلَى ضَنْكِ الْمَضْجَعِ وَوَحْشَةِ الْمَرْجِعِ وَمُعَايَنَةِ الْمَحَلِّ وَثَوَابِ الْعَمَلِ. وَكَذَلِكَ الْخَلَفُ بِعَقْبِ السَّلَفِ لَا تُقْلِعُ الْمَنِيَّةُ اخْتِرَاماً وَلَا يَرْعَوِي الْبَاقُونَ اجْتِرَاماً يَحْتَذُونَ مِثَالًا وَيَمْضُونَ أَرْسَالًا إِلَى غَايَةِ الِانْتِهَاءِ وَصَيُّورِ الْفَنَاءِ .
بعد الموت البعث
حَتَّى إِذَا تَصَرَّمَتِ الْأُمُورُ وَتَقَضَّتِ الدُّهُورُ وَأَزِفَ النُّشُورُ أَخْرَجَهُمْ مِنْ ضَرَائِحِ الْقُبُورِ وَأَوْكَارِ الطُّيُورِ وَأَوْجِرَةِ السِّبَاعِ وَمَطَارِحِ الْمَهَالِكِ سِرَاعاً إِلَى أَمْرِهِ مُهْطِعِينَ إِلَى مَعَادِهِ رَعِيلًا صُمُوتاً قِيَاماً صُفُوفاً يَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ وَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي عَلَيْهِمْ لَبُوسُ الِاسْتِكَانَةِ وَضَرَعُ الِاسْتِسْلَامِ وَالذِّلَّةِ قَدْ ضَلَّتِ الْحِيَلُ وَانْقَطَعَ الْأَمَلُ وَهَوَتِ الْأَفْئِدَةُ كَاظِمَةً وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ مُهَيْنِمَةً وَأَلْجَمَ الْعَرَقُ وَعَظُمَ الشَّفَقُ وَأُرْعِدَتِ الْأَسْمَاعُ لِزَبْرَةِ الدَّاعِي إِلَى فَصْلِ الْخِطَابِ وَمُقَايَضَةِ الْجَزَاءِ وَنَكَالِ الْعِقَابِ وَنَوَالِ الثَّوَابِ .
تنبيه الخلق
عِبَادٌ مَخْلُوقُونَ اقْتِدَاراً وَمَرْبُوبُونَ اقْتِسَاراً وَمَقْبُوضُونَ احْتِضَاراً وَمُضَمَّنُونَ أَجْدَاثاً وَكَائِنُونَ رُفَاتاً وَمَبْعُوثُونَ أَفْرَاداً وَمَدِينُونَ جَزَاءً وَمُمَيَّزُونَ حِسَاباً قَدْ أُمْهِلُوا فِي طَلَبِ الْمَخْرَجِ وَهُدُوا سَبِيلَ الْمَنْهَجِ وَعُمِّرُوا مَهَلَ الْمُسْتَعْتِبِ وَكُشِفَتْ عَنْهُمْ سُدَفُ الرِّيَبِ وَخُلُّوا لِمِضْمَارِ الْجِيَادِ وَرَوِيَّةِ الِارْتِيَادِ وَأَنَاةِ الْمُقْتَبِسِ الْمُرْتَادِ فِي مُدَّةِ الْأَجَلِ وَمُضْطَرَبِ الْمَهَلِ .
فضل التذكير
فَيَا لَهَا أَمْثَالًا صَائِبَةً وَمَوَاعِظَ شَافِيَةً لَوْ صَادَفَتْ قُلُوباً زَاكِيَةً وَأَسْمَاعاً وَاعِيَةً وَآرَاءً عَازِمَةً وَأَلْبَاباً حَازِمَةً فَاتَّقُوا اللَّهَ تَقِيَّةَ مَنْ سَمِعَ فَخَشَعَ وَاقْتَرَفَ فَاعْتَرَفَ وَوَجِلَ فَعَمِلَ وَحَاذَرَ فَبَادَرَ وَأَيْقَنَ فَأَحْسَنَ وَعُبِّرَ فَاعْتَبَرَ وَحُذِّرَ فَحَذِرَ وَزُجِرَ فَازْدَجَرَ وَأَجَابَ فَأَنَابَ وَرَاجَعَ فَتَابَ وَاقْتَدَى فَاحْتَذَى وَأُرِيَ فَرَأَى فَأَسْرَعَ طَالِباً وَنَجَا هَارِباً فَأَفَادَ ذَخِيرَةً وَأَطَابَ سَرِيرَةً وَعَمَّرَ مَعَاداً وَاسْتَظْهَرَ زَاداً لِيَوْمِ رَحِيلِهِ وَوَجْهِ سَبِيلِهِ وَحَالِ حَاجَتِهِ وَمَوْطِنِ فَاقَتِهِ وَقَدَّمَ أَمَامَهُ لِدَارِ مُقَامِهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ جِهَةَ مَا خَلَقَكُمْ لَهُ وَاحْذَرُوا مِنْهُ كُنْهَ مَا حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسِهِ وَاسْتَحِقُّوا مِنْهُ مَا أَعَدَّ لَكُمْ بِالتَّنَجُّزِ لِصِدْقِ مِيعَادِهِ وَالْحَذَرِ مِنْ هَوْلِ مَعَادِهِ .
التذكير بضروب النعم
و منها : جَعَلَ لَكُمْ أَسْمَاعاً لِتَعِيَ مَا عَنَاهَا وَأَبْصَاراً لِتَجْلُوَ عَنْ عَشَاهَا وَأَشْلَاءً جَامِعَةً لِأَعْضَائِهَا مُلَائِمَةً لِأَحْنَائِهَا فِي تَرْكِيبِ صُوَرِهَا وَمُدَدِ عُمُرِهَا بِأَبْدَانٍ قَائِمَةٍ بِأَرْفَاقِهَا وَقُلُوبٍ رَائِدَةٍ لِأَرْزَاقِهَا فِي مُجَلِّلَاتِ نِعَمِهِ وَمُوجِبَاتِ مِنَنِهِ وَحَوَاجِزِ عَافِيَتِهِ وَقَدَّرَ لَكُمْ أَعْمَاراً سَتَرَهَا عَنْكُمْ وَخَلَّفَ لَكُمْ عِبَراً مِنْ آثَارِ الْمَاضِينَ قَبْلَكُمْ مِنْ مُسْتَمْتَعِ خَلَاقِهِمْ وَمُسْتَفْسَحِ خَنَاقِهِمْ أَرْهَقَتْهُمُ الْمَنَايَا دُونَ الْآمَالِ وَشَذَّبَهُمْ عَنْهَا تَخَرُّمُ الْآجَالِ لَمْ يَمْهَدُوا فِي سَلَامَةِ الْأَبْدَانِ وَلَمْ يَعْتَبِرُوا فِي أُنُفِ الْأَوَانِ فَهَلْ يَنْتَظِرُ أَهْلُ بَضَاضَةِ الشَّبَابِ إِلَّا حَوَانِيَ الْهَرَمِ وَأَهْلُ غَضَارَةِ الصِّحَّةِ إِلَّا نَوَازِلَ السَّقَمِ وَأَهْلُ مُدَّةِ الْبَقَاءِ إِلَّا آوِنَةَ الْفَنَاءِ مَعَ قُرْبِ الزِّيَالِ وَأُزُوفِ الِانْتِقَالِ وَعَلَزِ الْقَلَقِ وَأَلَمِ الْمَضَضِ وَغُصَصِ الْجَرَضِ وَتَلَفُّتِ الِاسْتِغَاثَةِ بِنُصْرَةِ الْحَفَدَةِ وَالْأَقْرِبَاءِ وَالْأَعِزَّةِ وَالْقُرَنَاءِ فَهَلْ دَفَعَتِ الْأَقَارِبُ أَوْ نَفَعَتِ النَّوَاحِبُ وَقَدْ غُودِرَ فِي مَحَلَّةِ الْأَمْوَاتِ رَهِيناً وَفِي ضِيقِ الْمَضْجَعِ وَحِيداً قَدْ هَتَكَتِ الْهَوَامُّ جِلْدَتَهُ وَأَبْلَتِ النَّوَاهِكُ جِدَّتَهُ وَعَفَتِ الْعَوَاصِفُ آثَارَهُ وَمَحَا الْحَدَثَانُ مَعَالِمَهُ وَصَارَتِ الْأَجْسَادُ شَحِبَةً بَعْدَ بَضَّتِهَا وَالْعِظَامُ نَخِرَةً بَعْدَ قُوَّتِهَا وَالْأَرْوَاحُ مُرْتَهَنَةً بِثِقَلِ أَعْبَائِهَا مُوقِنَةً بِغَيْبِ أَنْبَائِهَا لَا تُسْتَزَادُ مِنْ صَالِحِ عَمَلِهَا وَلَا تُسْتَعْتَبُ مِنْ سَيِّئِ زَلَلِهَا أَ وَلَسْتُمْ أَبْنَاءَ الْقَوْمِ وَالْآبَاءَ وَإِخْوَانَهُمْ وَالْأَقْرِبَاءَ تَحْتَذُونَ أَمْثِلَتَهُمْ وَتَرْكَبُونَ قِدَّتَهُمْ وَتَطَئُونَ جَادَّتَهُمْ فَالْقُلُوبُ قَاسِيَةٌ عَنْ حَظِّهَا لَاهِيَةٌ عَنْ رُشْدِهَا سَالِكَةٌ فِي غَيْرِ مِضْمَارِهَا كَأَنَّ الْمَعْنِيَّ سِوَاهَا وَكَأَنَّ الرُّشْدَ فِي إِحْرَازِ دُنْيَاهَا .
التحذير من هول الصراط
وَاعْلَمُوا أَنَّ مَجَازَكُمْ عَلَى الصِّرَاطِ وَمَزَالِقِ دَحْضِهِ وَأَهَاوِيلِ زَلَلِهِ وَتَارَاتِ أَهْوَالِهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ تَقِيَّةَ ذِي لُبٍّ شَغَلَ التَّفَكُّرُ قَلْبَهُ وَأَنْصَبَ الْخَوْفُ بَدَنَهُ وَأَسْهَرَ التَّهَجُّدُ غِرَارَ نَوْمِهِ وَأَظْمَأَ الرَّجَاءُ هَوَاجِرَ يَوْمِهِ وَظَلَفَ الزُّهْدُ شَهَوَاتِهِ وَأَوْجَفَ الذِّكْرُ بِلِسَانِهِ وَقَدَّمَ الْخَوْفَ لِأَمَانِهِ وَتَنَكَّبَ الْمَخَالِجَ عَنْ وَضَحِ السَّبِيلِ وَسَلَكَ أَقْصَدَ الْمَسَالِكِ إِلَى النَّهْجِ الْمَطْلُوبِ وَلَمْ تَفْتِلْهُ فَاتِلَاتُ الْغُرُورِ وَلَمْ تَعْمَ عَلَيْهِ مُشْتَبِهَاتُ الْأُمُورِ ظَافِراً بِفَرْحَةِ الْبُشْرَى وَرَاحَةِ النُّعْمَى فِي أَنْعَمِ نَوْمِهِ وَآمَنِ يَوْمِهِ وَقَدْ عَبَرَ مَعْبَرَ الْعَاجِلَةِ حَمِيداً وَقَدَّمَ زَادَ الْآجِلَةِ سَعِيداً وَبَادَرَ مِنْ وَجَلٍ وَأَكْمَشَ فِي مَهَلٍ وَرَغِبَ فِي طَلَبٍ وَذَهَبَ عَنْ هَرَبٍ وَرَاقَبَ فِي يَوْمِهِ غَدَهُ وَنَظَرَ قُدُماً أَمَامَهُ فَكَفَى بِالْجَنَّةِ ثَوَاباً وَنَوَالًا وَكَفَى بِالنَّارِ عِقَاباً وَوَبَالًا وَكَفَى بِاللَّهِ مُنْتَقِماً وَنَصِيراً وَكَفَى بِالْكِتَابِ حَجِيجاً وَخَصِيماً .
الوصية بالتقوى
أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ الَّذِي أَعْذَرَ بِمَا أَنْذَرَ وَاحْتَجَّ بِمَا نَهَجَ وَحَذَّرَكُمْ عَدُوّاً نَفَذَ فِي الصُّدُورِ خَفِيّاً وَنَفَثَ فِي الْآذَانِ نَجِيّاً فَأَضَلَّ وَأَرْدَى وَوَعَدَ فَمَنَّى وَزَيَّنَ سَيِّئَاتِ الْجَرَائِمِ وَهَوَّنَ مُوبِقَاتِ الْعَظَائِمِ حَتَّى إِذَا اسْتَدْرَجَ قَرِينَتَهُ وَاسْتَغْلَقَ رَهِينَتَهُ أَنْكَرَ مَا زَيَّنَ وَاسْتَعْظَمَ مَا هَوَّنَ وَحَذَّرَ مَا أَمَّنَ .
و منها في صفة خلق الإنسان
أَمْ هَذَا الَّذِي أَنْشَأَهُ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْحَامِ وَشُغُفِ الْأَسْتَارِ نُطْفَةً دِهَاقاً وَعَلَقَةً مِحَاقاً وَجَنِيناً وَرَاضِعاً وَوَلِيداً وَيَافِعاً ثُمَّ مَنَحَهُ قَلْباً حَافِظاً وَلِسَاناً لَافِظاً وَبَصَراً لَاحِظاً لِيَفْهَمَ مُعْتَبِراً وَيُقَصِّرَ مُزْدَجِراً حَتَّى إِذَا قَامَ اعْتِدَالُهُ وَاسْتَوَى مِثَالُهُ نَفَرَ مُسْتَكْبِراً وَخَبَطَ سَادِراً مَاتِحاً فِي غَرْبِ هَوَاهُ كَادِحاً سَعْياً لِدُنْيَاهُ فِي لَذَّاتِ طَرَبِهِ وَبَدَوَاتِ أَرَبِهِ ثُمَّ لَا يَحْتَسِبُ رَزِيَّةً وَلَا يَخْشَعُ تَقِيَّةً فَمَاتَ فِي فِتْنَتِهِ غَرِيراً وَعَاشَ فِي هَفْوَتِهِ يَسِيراً لَمْ يُفِدْ عِوَضاً وَلَمْ يَقْضِ مُفْتَرَضاً دَهِمَتْهُ فَجَعَاتُ الْمَنِيَّةِ فِي غُبَّرِ جِمَاحِهِ وَسَنَنِ مِرَاحِهِ فَظَلَّ سَادِراً وَبَاتَ سَاهِراً فِي غَمَرَاتِ الْآلَامِ وَطَوَارِقِ الْأَوْجَاعِ وَالْأَسْقَامِ بَيْنَ أَخٍ شَقِيقٍ وَوَالِدٍ شَفِيقٍ وَدَاعِيَةٍ بِالْوَيْلِ جَزَعاً وَلَادِمَةٍ لِلصَّدْرِ قَلَقاً وَالْمَرْءُ فِي سَكْرَةٍ مُلْهِثَةٍ وَغَمْرَةٍ كَارِثَةٍ وَأَنَّةٍ مُوجِعَةٍ وَجَذْبَةٍ مُكْرِبَةٍ وَسَوْقَةٍ مُتْعِبَةٍ ثُمَّ أُدْرِجَ فِي أَكْفَانِهِ مُبْلِساً وَجُذِبَ مُنْقَاداً سَلِساً ثُمَّ أُلْقِيَ عَلَى الْأَعْوَادِ رَجِيعَ وَصَبٍ وَنِضْوَ سَقَمٍ تَحْمِلُهُ حَفَدَةُ الْوِلْدَانِ وَحَشَدَةُ الْإِخْوَانِ إِلَى دَارِ غُرْبَتِهِ وَمُنْقَطَعِ زَوْرَتِهِ وَمُفْرَدِ وَحْشَتِهِ حَتَّى إِذَا انْصَرَفَ الْمُشَيِّعُ وَرَجَعَ الْمُتَفَجِّعُ أُقْعِدَ فِي حُفْرَتِهِ نَجِيّاً لِبَهْتَةِ السُّؤَالِ وَعَثْرَةِ الِامْتِحَانِ وَأَعْظَمُ مَا هُنَالِكَ بَلِيَّةً نُزُولُ الْحَمِيمِ وَتَصْلِيَةُ الْجَحِيمِ وَفَوْرَاتُ السَّعِيرِ وَسَوْرَاتُ الزَّفِيرِ لَا فَتْرَةٌ مُرِيحَةٌ وَلَا دَعَةٌ مُزِيحَةٌ وَلَا قُوَّةٌ حَاجِزَةٌ وَلَا مَوْتَةٌ نَاجِزَةٌ وَلَا سِنَةٌ مُسَلِّيَةٌ بَيْنَ أَطْوَارِ الْمَوْتَاتِ وَعَذَابِ السَّاعَاتِ إِنَّا بِاللَّهِ عَائِذُونَ عِبَادَ اللَّهِ أَيْنَ الَّذِينَ عُمِّرُوا فَنَعِمُوا وَعُلِّمُوا فَفَهِمُوا وَأُنْظِرُوا فَلَهَوْا وَسُلِّمُوا فَنَسُوا أُمْهِلُوا طَوِيلًا وَمُنِحُوا جَمِيلًا وَحُذِّرُوا أَلِيماً وَوُعِدُوا جَسِيماً احْذَرُوا الذُّنُوبَ الْمُوَرِّطَةَ وَالْعُيُوبَ الْمُسْخِطَةَ أُولِي الْأَبْصَارِ وَالْأَسْمَاعِ وَالْعَافِيَةِ وَالْمَتَاعِ هَلْ مِنْ مَنَاصٍ أَوْ خَلَاصٍ أَوْ مَعَاذٍ أَوْ مَلَاذٍ أَوْ فِرَارٍ أَوْ مَحَارٍ أَمْ لَا فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ أَمْ أَيْنَ تُصْرَفُونَ أَمْ بِمَا ذَا تَغْتَرُّونَ وَإِنَّمَا حَظُّ أَحَدِكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ذَاتِ الطُّوْلِ وَالْعَرْضِ قِيدُ قَدِّهِ مُتَعَفِّراً عَلَى خَدِّهِ الْآنَ عِبَادَ اللَّهِ وَالْخِنَاقُ مُهْمَلٌ وَالرُّوحُ مُرْسَلٌ فِي فَيْنَةِ الْإِرْشَادِ وَرَاحَةِ الْأَجْسَادِ وَبَاحَةِ الِاحْتِشَادِ وَمَهَلِ الْبَقِيَّةِ وَأُنُفِ الْمَشِيَّةِ وَإِنْظَارِ التَّوْبَةِ وَانْفِسَاحِ الْحَوْبَةِ قَبْلَ الضَّنْكِ وَالْمَضِيقِ وَالرَّوْعِ وَالزُّهُوقِ وَقَبْلَ قُدُومِ الْغَائِبِ الْمُنْتَظَرِ وَإِخْذَةِ الْعَزِيزِ الْمُقْتَدِرِ .
قال الشريف : و في الخبر أنه ( عليه السلام ) لما خطب بهذه الخطبة اقشعرت لها الجلود و بكت العيون و رجفت القلوب ، و من الناس من يسمي هذه الخطبة الغراء .