1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الأدب الــعربــي : الأدب : الشعر : العصر الاسلامي :

خطب الفتن والاحداث

المؤلف:  د. ابتسام مرهون الصفار

المصدر:  أثر القرآن في الأدب العربي في القرن الأول الهجري

الجزء والصفحة:  ص: 154-159

2025-05-08

67

خطب الفتن والاحداث:
وقد ساهمت الخطابة مساهمة فعالة في الفتن والاحداث التي سادت أجواء الدولة الإسلامية منذ وفاة الرسول(ﷺ) وطيلة خلافة الراشدين والعصر الأموي. ومن اول هذه الفتن والاحداث التي هزت اركان الدولة الفتية وذهبت برجال عظام جندوا انفسهم للدفاع عن دينهم الجديد هذه الفتن هي حروب الردة واحداثها ومع اننا لم تصل الينا من خطب هذه الفتن الا القليل إلا أننا نقول ان الخليفة وقادة المسلمين لا بد أن يكونوا قد خطبوا كثيرا في جيوش المسلمين الذين يحاربون المرتدين كما خطبوا في صفوف المرتدين بعد أن انتصروا عليهم ليضموهم مرة أخرى الى الدين الاسلامي وانتهت احداث الفتنة وتلتها خلافة عمر بن الخطاب حتى اذا جاء آخر خلافة عثمان تجددت الفتن والمشاغبات ولم تشمل العرب المرتدين وانما كان قوامها نفس اهل المدينة من المسلمين. واشتد الخلاف بين جماعة عثمان والمناوئين لحكمه. وقد سجلت لنا المصادر العربية احداث هذه الفتنة في الخطب التي خطبها الخليفة المأخوذ على أمره. فحين قدمت وفود من أهل الأمصار يشتكون الى عثمان سيرة عماله وولاته وتماديهم في الظلم خرج ولكل أمر عامة وان أفــة عثمان وخطب الناس فقال: اما بعد فان لكل شيء آفة ولكل أمر عامة وآفة هذه الامة وعامة هذه النعمة عيابون طعانون يرونكم ما تحبون ويسرون لكم ما تكرهون مثل النعام يتبعون أول ناعق . أحب مواردهم اليهم البعيد. والله لقد نقمتم علي ما اقررتم لابن الخطاب مثله ولكنه وطنكم برجله وخبطكم بيده وقمعكم بلسانه قدمتم له على ما أحببتم وكرهتم (1) ثم اشتدت الفتنة وكثر الشغب واللغط فخرج عثمان يوم الجمعة فصلى بالناس وقام على المنبر خطيبا فشار القوم وحصبوه بالحجارة حتى صرع عن المنبر مغشيا عليه (2). ثم ان علي بن طالب قدم على عثمان وقد اشتد حصاره فقال له اخرج فتكلم كلاما يسمعه الناس ويحملونه عليك فخرج عثمان وخطب وأقر بما فعل واستغفر الله منه وقال سمعت رسول الله (ص) يقول : من زل فليتب وانا أول من اتعظ فاذا نزلت فليأتيني اشرافكم فليردوني برأيهم فوالله لو ردني الى الحق عبد لا تبعته وما الله مذهب الا اليه. فسر الناس بخطبته واجتمعوا الى بابه مبتهجين (3). ومع أن هذه الخطبة قد هدأت الناس وبشرتهم بالإصلاح فان الامور لم تلبث أن اضطربت مرة أخرى. واخذ الخليفة على امره ثم قتل وهو محاصر في داره. ولم تنته الفتنة بعد مقتل عثمان بل اتسعت جوانبها وشملت معظم المسلمين وكثرت الاحزاب والفرق هذه تناصر حكم الامام علي وأخرى اتخذت من قميص عثمان حجة لمعارضة حكمه وخرج الزبير وعائشة وطلحة في البصرة يطالبون بدم عثمان واقامة الحد على قاتله. فكانت الخطابة الوسيلة النشيطة التي عبرت عن أرائهم والمشعل الذي اذكى الخصومات ايام حرب الجمل (4). وكان معاوية بن ابي سفيان على رأس الفريق الذي شق عصا الطاعة على الخلافة وراح يحرض الناس على قتال الامام علي ونشطت الخطابة نشاطا ملحوظا. فالامام علي يجمع الناس ويحرضهم على قتال اهل الشام ويذكر لهم فضل الجهاد والثواب الذي اعده الله للمؤمنين وأن معاوية ممن يجب حربه ومقاتلته لأنه خرج على الجماعة. وخطب اصحابه يلهيون نفوس الناس بالحماس ويدفعونهم إلى القتال والحرب (5). وخطب معاوية واصحابه خطبا كثيرة يجمعون الآراء ويستدرجون الناس الى صفوفهم وحين قدمت رسل الامام علي الى معاوية قام الرسل خطباء أمام الناس تارة وامام معاوية تارة أخرى يبينون وجهات نظرهم (6) ثم انتهى حكم الامام علي وخلف تراثا ضخما من الخطب والوصايا من خطب الامام علي الذي ينقل لنا شرح نهج البلاغة صورة رائعة عنها وكذلك خطب القادة والمناوئين الذين خلفوا وراءهم خطبا حمة تمخضت عن احداث هذه الفترة وعكست لنا هذه الخطب حجج الفريقين المتخاصمين وما احتدم في هذه الفترة من احداث هزت العالم الاسلامي هزا وأودت بالكثير من المسلمين وحين توفى معاوية وآلت الخلافة الى ابنه يزيد سنة 60 هـ كتب إلى أمير المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان أن يأخذ الحسين وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر بالبيعة أخذا شديدا الا ان الحسين رفض البيعة وقد بلغته رسل وكتب من أهل العراق تدعوه للقدوم، وتعلن ولاءها وبراءتها من خلافة يزيد . فسار الحسين في جمع من أهل بيته واخوته وبني أخيه متوجها إلى العراق وهنا نشطت الخطابة نشاطا ملحوظا حيث عمد رجال من قريش لاقناع الحسين بالعدول عن الرحيل ثم كانت خطب الحسين (ع) حين قدم العراق. وقد رأى فيهم تخاذلا ومنها خطبته التي يقول فيها: (أما بعد أيها الناس فانكم ان تتقوا وتعرفوا الحق لأهله يكن أرضى الله ونحن أهل البيت أولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدعين ما ليس لهم. والسائرين فيكم بالجور والعدوان. وان انتم كرهتمونا وجهلتم حقنا وكان رأيكم غير ما اتاني وقدمت به علي رسلكم انصرفت). ثم انه واصل سيره الى الكوفة وبدأت هناك المعركة وكانت منها خطب الحسين في تحريض أصحابه على القتال ثم خطب أصحابه وخطب عبيد الله  بن زياد وقادته واصحابه (7). ولنأخذ لهذه الخطب مثالا يعكس لنا هذه الاحداث الجسيمة التي هزت الامة الاسلامية واودت بأهل بيت رسول الله (ص) ذلك هو خطبة السيدة زينب بنت على عليهما السلام بين يدي يزيد. وهي تبين لنا الجرأة الفائقة والشجاعة النادرة التي مكنت السيدة الاسيرة التي قتل اخوها وابناؤها في معركة خاسرة ومع ذلك فهي تواجه الخليفة بكلامها الشديد الموجع وذلك انه لما مثل آل الحسين امام يزيد بدمشق وقتلوا بين يديه فابرز رأس الحسين في طست فجعل يزيد ينكث ثناياه بقضيب في يده وهو يقول: لیت اشياخي بيدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الاسل الابيات قالت السيدة زينب صدق الله ورسوله يا يزيد (ثم كانت عاقبة الذين أساءوا السوء ان كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون. اظننت يا يزيد انه حين أخذ علينا بأطراف الارض واكناف السماء فأصبحنا نساق كما يساق الأسارى أن بنا هوانا على الله وبك عليه كرامة؟ وأن هـذا لعظيم خطرك؟ فهمخت بأنفك ونظرت في عطفيك جذلان فرحا حين رأيت الدنيا مستوسقة لك والامور منسقة عليك وقد أمهلت ونفست وهو قول الله تبارك وتعالى (ولا يحسبن الذين كفروا انما نملي لهم خير لانفسهم ثم تقول فلئن انما نملي لهم ليزدادوا اثما ولهم عذاب مهين) اتخذتنا مغنما لتتخذن مغرما حين لا تجد الا ما قدمت يداك  تستصرخ يا ابن مرجانة ويستصرخ بك وتتعاوى واتباعك عند الميزان وقد وجدت أفضل زاد زودك معاوية قتلك ذرية محمد ( ص ). فوالله ما اتقيت غير الله ولا شكواي الا الى الله  فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا يرحض عنك عار ما اتيت الينا ابدا والحمد لله الذي ختم بالسعادة والمغفرة السادات شبان أهل الجنة ، فأوجب لهم الجنة اسأل الله أن يرفع لهم الدرجات وان يوجب لهم المزيد من فضله فانه ولي قدير )(8) وكثرت الخطب بعد ذلك عندما خرج المختار بن أبي عبيدة طالبا بدم الحسين (9) ثم كانت احداث آل الزبير التي لعبت فيها الوحيدة التي فيها أثر إسلامي وليس هذا بغريب لان قوم عطارد الخطابة دورها الفعال في اذكاء نيران الحرب والفتن (10). ومن خطب الاحداث والفتن أيضا خطب الخوارج وذكر الحروب التي تطاحنت في ارجاء الدولة الإسلامية من غارات الخوارج على المدن وحروب الدولة معهم وذكرهم لهذه الحروب ووصفهم لجماعتهم المقاتلين وشبابهم المجاهدين (11).

 

 

 

___________

(1) البيان والتبيين 1: 77 انساب الاشراف ج 5 : 60-61

صبح الاعشى 1 : 214

(2) شرح نهج البلاغة 1: 374

(3) انساب الاشراف ج 5: 640 تاريخ الطبري 5 : 111

شرح نهج البلاغة 1: 376

(4) الامامة والسياسة 1: 54 بلاغات النساء: 9 - 10

تاريخ الطبري 5: 187 شرح نهج البلاغة 1: 192

(5) البيان والتبيين 1 : 16 ، تاريخ الطبري 6 : 21  شرح نهج البلاغة 1 : 407

(6) تاريخ الطبري 6 : 2

(7) انساب الاشراف ج 4 ق 2 : 16 ، مقاتل الطالبيين : 81

راجع الطبري 7 : 47 - 83

(8) بلاغات النساء: 26 وهناك جزء من الخطبة في الاقتباس الورقة 17 ( أ ) . (9) انساب الاشراف 5: 214 فما بعدها راجع جمهرة خطب العرب 66 - 83  وفيه ذكر للمصادر التي وردت فيها الخطب

10-انساب الاشراف ق2: 47 البيان 1: 46

11- انظر في هذا جمهرة خطب العرب 417- 428

 

EN