ماهي نظرة القرآن الكريم الى العلاقة بين سعة الرزق وفساد الأوضاع في المجتمع؟
المؤلف:
السيد بدري عباس محمد الاعرجي
المصدر:
كيف تدخل الى تفسير القران
الجزء والصفحة:
ص157 - 158
2025-05-10
671
قال تعالى: {وَلَوۡ أَنَّهُمۡ أَقَامُواْ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِم مِّن رَّبِّهِمۡ لَأَكَلُواْ مِن فَوۡقِهِمۡ وَمِن تَحۡتِ أَرۡجُلِهِمۚ مِّنۡهُمۡ أُمَّةٞ مُّقۡتَصِدَةٞۖ وَكَثِيرٞ مِّنۡهُمۡ سَآءَ مَا يَعۡمَلُونَ} [المائدة: 66] وقال تعالى: {وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡقُرَىٰٓ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَفَتَحۡنَا عَلَيۡهِم بَرَكَٰتٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذۡنَٰهُم بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} [الأعراف: 96] وقال تعالى: {إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ } [الرعد: 11] وقال تعالى: {ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعۡضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} [الروم: 41] وقال تعالى: {وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةٖ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ} [الشورى: 30] وقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): (إذا ظهرت في أمتي عشر خصال عاقبهم الله بعشر خصال قيل وما هي يا رسول الله قال إذا قللوا الدعاء نزل البلاء وإذا تركوا الصدقات كثر الأمراض وإذا منعوا الزكاة هلكت المواشي وإذا جار السلطان منع القطر من السماء وإذا كثر فيهم الزناء كثر فيهم موت الفجأة وإذا كثر الربا كثرت الزلازل وإذا حكموا بخلاف ما أنزل الله تعالى سلط عليهم عدوهم وإذا نقضوا عهد الله ابتلاهم الله بالقتل وإذا طففوا الكيل أخذهم الله بالسنين ثم قرأ رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): {ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعۡضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} [الروم: 41]
وقال الامام الصادق عليه السلام: (حياة دواب البحر بالمطر فإذا كف المطر ظهر الفساد في البر والبحر وذلك إذا كثرت الذنوب والمعاصي).
ومن خلال البحث في الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة الواردة والربط بينها نستنتج أنها تدل على أمرين هما:
- إن ظهور الفساد وهو الفقر والمرض والجهل ومنع المطر وهو من حكم الأرض وليس من حكم السماء ويأتي من أيدي الناس الذين أماتوا الحق وأحيوا الباطل وليس من قضاء الله تعالى وقدره وكل جماعة تعرف الحق وتعمل به تعيش في سعادة وهناء.
- إن تعبير الآيات الكريمة المشار اليها مرة بقوم ومرة بالناس (في وصف أفراد المجتمع) يعني أن الشقاء يستند الى فساد الأوضاع العامة. وإن صلاح فرد من الأفراد لا يجدي نفعا مادام هذا الفرد الصالح بين قوم فاسدين بل إن صلاحه يجلب له البلاء والشقاء لقوله تعالى: {وَٱتَّقُواْ فِتۡنَةٗ لَّا تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمۡ خَآصَّةٗۖ} [الأنفال: 25] . وهذا يعني إن الأوضاع السيئة لمجتمع فاسد تعم جميع أفراد ذلك المجتمع (الصالح منهم والطالح) وإن المجتمع الكسول الذي لا يعالج الفساد المنتشر فيه لا بد أن يعيش أفراده في الذل والهوان وعلى هذا فإن الايمان الموجب للرزق هو الايمان بالله ورسوله مع شرط العمل بجميع الأحكام والمبادئ المطلوبة وليس إقامة الصلاة والصيام فقط بل وأداء الزكاة وجهاد الفاسدين والمحتكرين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة العدل في كل شيء ومتى ما ساد العدل صلحت الأوضاع وذهب الفقر والشقاء وهذا ما يهدف اليه القرآن. وقد كشف القرآن عن الصلة بين فساد الأوضاع والتخلف والآلام والمآسي الإنسانية وسبق كل علماء الاجتماع وقادة الاشتراكية والديمقراطية وغيرها الى ذلك وقبل أكثر من ألف سنة.
الاكثر قراءة في هل تعلم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة