الوضع الليلي
انماط الصفحة الرئيسية

النمط الأول

النمط الثاني

0

تنويه

تمت اضافة الميزات التالية

1

الوضع الليلي جربه الآن

2

انماط الصفحة الرئيسية

النمط الاول

النمط الثاني

يمكنك تغيير الاعدادات مستقبلاً من خلال الايقونة على يسار الشاشة

1
المرجع الالكتروني للمعلوماتية

علم الحديث

تعريف علم الحديث وتاريخه

أقسام الحديث

الجرح والتعديل

الأصول الأربعمائة

الجوامع الحديثيّة المتقدّمة

الجوامع الحديثيّة المتأخّرة

مقالات متفرقة في علم الحديث

أحاديث وروايات مختارة

الأحاديث القدسيّة

علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)

علم الرجال

تعريف علم الرجال واصوله

الحاجة إلى علم الرجال

التوثيقات الخاصة

التوثيقات العامة

مقالات متفرقة في علم الرجال

أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)

اصحاب الائمة من التابعين

اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني

اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث

علماء القرن الرابع الهجري

علماء القرن الخامس الهجري

علماء القرن السادس الهجري

علماء القرن السابع الهجري

علماء القرن الثامن الهجري

علماء القرن التاسع الهجري

علماء القرن العاشر الهجري

علماء القرن الحادي عشر الهجري

علماء القرن الثاني عشر الهجري

علماء القرن الثالث عشر الهجري

علماء القرن الرابع عشر الهجري

علماء القرن الخامس عشر الهجري

فروع

المؤلف :   أبو الحسن علي بن عبد الله الأردبيلي التبريزي

المصدر :   الكافي في علوم الحديث

الجزء والصفحة :   ص 170 ـ 194

2025-05-19

59

[الاحتجاج والعمل بالحسن]:

الأوّل: أنّ الحسن وإن كان أدنى درجة عن الصّحيح، لكن مثله في الاحتجاج والعمل به.

[إطلاق الصحيح على الحسن ومظان وجوده]:

ولذلك أطلق جماعة من علماء الحديث اسم الصحيح عليه، وهو ظاهر من كلام أبي عبد الله الحاكم في تصرفاته (1)، ومن التّرمذيّ حيث سمّى كتابه "الجامع الصحيح(2)، ومن كلام الحافظ أبي بكر الخطيب (3) بإطلاق اسم الصحيح عليه، ومن كلام الحافظ أبي طاهر السِّلفي حيث ذكر الكتب الخمسة من "الصحيحين" و"سنن أبي داود" و"جامع الترمذي" و"سنن النسائي"، وقال: "اتفق على صحَّتها علماء الشرق والغرب"، (4) وهذا نوعُ تساهلٍ؛ لأنّ فيها ما صرَّحوا بكونه ضعيفًا، أو منكرًا، أو شبهه. وقال الشيخ محيي الدّين: "مراد الحافظ السّلفي أنّ معظَم كتب الثلاثة سوى "الصحيحين" يُحتَجُّ به" (5).

[عادة أصحاب "المسانيد" تخريج الصحيح والضعيف]:

وأمّا غير "الكتب الخمسة" من المساند (6) "كمسند أبي داود الطيالسي"، و"مسند أحمد بن حنبل"، و"مسند إسحاق بن راهويه"، و"مسند الدارمي"، و"مسند أبي يعلى الموصلي"، و"مسند البزّار أبي بكر"، وأشباهها (7)؛ فغير ملحقة بها في الاحتجاج بها؛ لأنّ عادة مصنّفيها أنّ يخرجوا في مسند كلِّ صحابي جميع ما رووه من حديثه صحيحًا كان أو ضعيفًا (8)، ولا يعتنون فيها بالصحيح، فلذلك تأخَّرتْ رتبتُها عن الكتب الخمسة، وإنْ جَلَّتْ لجلالة مُصنِّفيها.

[الحسن بتعدّد طرقه يصل لدرجة الصحيح ومثاله]:

الثاني: (إذا كان راوي الحديث دون درجة أهل الحفظ والإتقان، لكن من المشهورين بالصِّدق والصَّلاحِ، وروي حديثه من غير وجه فقد اجتمعت له قوَّة من الجهتين، فيرتفع حديثه عن درجة الحسن إلى درجة الصَّحيح، كحديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أنّ رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - قال: "لولا أشُقُّ أَشُقَّ على أمِّتي لأمرنَّهم بالسِّواكِ عند كُلِّ صلاة" (9).

مُحمَّد بن عَمرو بن عَلْقَمة (10) من المشهورين بالصِّدق والصِّيانة، وليس من أهل الإتقان؛ فحديثه إذا لم يتابع حسن، فلمّا روي حديثه هذا من وجه آخر انجبر عدم إتقانه، والتحق بدرجة الصحيح.

[تفاوت زوال الضعف بتعدد الطرق]:

ولا يلزم ذلك في الأحاديث المحكوم بضعفها وإن رويت بأسانيد كثيرة، مثل "الأذنان من الرأس" (11) ليلحق بالحسن؛ لأنّه ليس كلّ ضعيف يزول ضعفه بمجيئه من وجه آخر، بل ذلك على التفاوت، فإنْ كان ضَعفًا ناشئًا من ضَعف حَفظِ راويه مع كَونه عَدلًا، ثم جاء من وجهٍ آخرَ صحيحٍ يُعتبَر، وكذا إنْ كان ضعفُه للإرسال وزالَ ذلك بمجيئه من وجهٍ آخر مسندًا أو مرسلًا، وأمّا إن كان ضعفهُ لتُهمةِ الرَّاوي بالفِسقِ أو الكَذِب، فلا ينجبرُ بمَجيئه من وجهٍ آخر.

[تعقّب ابن الصلاح]:

قلت: هكذا أطلقه الشيخ تقي الدين، وفيه بحث (12)؛ لأنّا لو حكمنا بضعف حديثٍ، لكَذِبِ راويه أو فِسْقهِ، ثم رأينا جاء ذلك الحديث بطريق آخر صحيح إلى منتهاه، فلا نحكم قطعًا بضعف الحديث، بل غاية ما في الباب أنّ يقال له: هذا ضعيف من هذا الوجه إذا روي بالطريق الأول؛ وذلك لأنَّ الحُكمَ بضعف الحديث، لضعف الإسناد إنّما يمكن إذا كان شاذًّا من ذلك الطريق، نعم إذا كان الطريق الثاني فيه وهن أيضًا، فكثرة الطرق الضعيفة لا تفيد شيئًا، وكذلك قال بعضُهم في المرسل (13)، والله أعلم.

[مظانّ الحسن في دواوين السُّنّة]:

الثالث: كتاب الترمذي (14) أصلٌ في معرفة الحسن، وهو الذي شهر باسمه وأكثر من ذكره في "جامعه"، ويوجد في كلام بعض مشايخه كأحمد بن حنبل (15)، والبخاري، وطبقتهما (16)، ونصّ الدارقطني في "سننه" (17) على كثير من ذلك، وتختلف النسخ من كتاب الترمذي في قوله: "حسن"، أو "حسن صحيح" ونحو ذلك، فينبغي أنّ تصحِّح أصلَك بجماعة أصول، وتعتمد على ما اتَّفقت عليه (18).

[الحسن في "سنن أبي داود"]:

ومن مظانِّ الحسن "سنن أبي داود"، روي عنه أنّه قال: "ذكرت فيه الصحيح وما يشبهه"، وقال: "وما فيه وهن شديد فقد بيَّنتُه، وما لم أذكر فيه شيئًا، فصالح، وبعضُها أصحُّ من بعضٍ" (19).

قال الشيخ تقي الدين: "فعلى هذا ما وجدناه مذكورًا في كتابه مطلقًا وليس في أحد "الصحيحين"، ولا نصَّ على صحَّته ممَّن يميِّزُ بين الحسن والصحيح، فهو حسن عند أبي داود، وقد يكون فيه ما ليس بحسن عند غيره" (20).

[اصطلاح البغوي في "المصابيح والاعتراض عليه وردّه]:

وأمّا ما قسّم صاحب "المصابيح" (21) أحاديثها إلى نوعين:

الصِّحاح، والحسان، مريدًا بالصِّحاح ما ورد في "الصحيحين" أو في أحدهما، وبالحسان ما أورده أبو داود والترمذي وأشباههما في تصانيفهم (22)؛ فهذا اصطلاح لا يُعرَف؛ إذ ليس الحسن عند أهل الحديث عبارة عن ذلك، وهذه الكتب مشتملة على الحسن وغير الحسن.

وقال الشيخ محيي الدين: "هذا الكلام من البغوي ليس بصواب؛ لأنّ في السنن الصَّحيح والحسن والضعيف" (23).

قلت: ليست المشاحَّة في الاصطلاح، وتخطئة الشَّخص على اصطلاحه - مع نصّ الجمهور على أنّ من اصطلح في كتاب فليبيّن في أوّله - بعيد عن الصواب، فإنّ البغوي نصّ في ابتداء "المصابيح" بهذه العبارة، قال: "وأعني بالصحاح ما أخرجه الشيخان.." إلى آخرها، ثم قال: "وأعني بالحسان ما أورده أبو داود وأبو عيسى الترمذي أو غيرهما من الأئمّة … " إلى آخره، ثم قال: "فما كان فيها من ضعيف أو غريب أشرتُ إليه، وأعرضت عن ذكر ما كان مُنْكَرًا أو موضوعًا" (24).

هذه عبارته، ولم يذكر قط أنّ مراد الأئمّة بالحسان كذا، وبالصحاح كذا، ومع هذا لم نعرف وجه تخطئة الشيخين (25) إيّاه (26)، والله أعلم (27).

[الفرق بين إسناده صحيح أو حسن من جهة، وحديث صحيح أو حسن من جهة أخرى]:

الرابع: قولهم: هذا حديث صحيح الإسناد، أو حسن الإسناد دون قولهم: هذا حديث حسن أو صحيح؛ لأنّه قد يقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولا يصحّ، لكونه شاذًّا أو معلَّلًا، غير أنَّ المصنِّفَ المعتمدَ منهم إذا اقتصر على قوله: صحيح الإسناد أو حسنه، ولم يقدح فيه فالظاهر من حاله الحكم بصحته وحسنه؛ لأنّ الأصل والظاهر السلامة من القدح، هكذا قال الشيخ تقي الدين (28)، وتابعه الشيخ محيي الدين (29).

[تعقّب ابن الصلاح والنووي]:

وفيه بحث؛ لأنّا لا نُسلِّم إذا قيل: صحيح الإسناد أو حسنه يحتمل كونه شاذًّا أو معللًا مردودًا؛ فإنَّ صحَّة الإسناد من المبدأ إلى المنتهى مستلزمة لصحَّة المتن، والحكم بصحَّة الإسناد مع احتمال عدم صحَّتِهِ بعيد جدًّا (30).

ومع ذلك هذا الاحتمال قائم في قولهم: هذا حديث حسن أو حديث صحيح؛ لجواز إطلاق المطلق وإرادة المقيَّد، اللّهمَّ إلا إذا كان مراد الشيخين أنَّهم اصطلحوا على خلاف الظاهر، والله أعلم.

[معنى قولهم: حديث حسن صحيح]:

فإن قيل: قول الترمذي وغيره: "هذا حديث حسن صحيح" فيه إشكال؛ لأنّ الحسن قاصر عن درجة الصحيح، والجمع بينهما جمع بين نفي القصور وإثباته.

فأجيب: بأنّ ذلك راجع إلى الإسناد بأن روي ذلك الحديث بإسنادين، أحدهما إسناد حسن، والآخر إسناد صحيح، فاستقام أن يقال فيه: إنّه حسن صحيح (31).

وقال قاضي القضاة تقي الدين: "يجوز أن يقال: حسن باعتبار الصفات الأدنى، وهي الصِّدقُ والعَدَالة وعدم التهمة والكذب في رواته، وصحيح باعتبار الصفات الأعلى من الضبط والإتقان والحفظ، ولا تنافي بينهما، وكل صحيح حسن دون العكس"(32).

وفيه بحث؛ إذ لا نُسلِّم أنَّ كلَّ صحيح حسن، فإنَّ الصحيح الذي ليس له إلا راوٍ واحد - على ما تبيّن إن شاء الله تعالى - ليس بحسن، لمّا بيَّنَّا أنّ الحسن ما روي من غير وجه.

[في تحقيق الفرق بين الصحيح والحسن] (33):

نعم؛ لو قيل: بينهما عموم من وجه (34)، لكان متَّجهًا؛ إذ بعض الحسن ليس بصحيح أيضًا؛ لكون رجاله ليسوا من الضبط والإتقان والشهرة بذاك، وإنْ كان معروف المخرج، وروي من غير وجه فحينئذٍ بينهما عموم وخصوص من وجه، فحيث عرف مخرجه، واشتهر رجاله، وهم بمكانٍ من الضبط والإتقان بعد العدالة، وروي من غير وجه؛ فحسن صحيح، وحيث روي من وجه واحد، وليس له إلّا راوٍ واحد في كلِّ درجة، وهو ضابط مُتقن عدل ثقة؛ فصحيح دون الحسن، وحيث له مخرج مُشْتهر، وأخرج من غير وجه، ورجاله موصوفون بالصفة الأدنى، وهي الصدق والعدالة، وعدم التُّهمة؛ فهو حسن دون الصحيح، هذا هو التحقيق، والله أعلم (35).

قال الشيخ تقي الدِّين: "ويجوز أن يكون المراد بالصحيح الاصطلاحيَّ على ما ذكرنا، وبالحسن اللغويّ، وهو ما تميل إليه النَّفسُ من جودة الألفاظ" (36).

قال قاضي القضاة تقي الدين: "يلزم من ذلك أن يطلق على الحديث الموضوع إذا كان حسن اللفظ أنّه حسن، وذلك لا يقوله أحد في الاصطلاح" (37).

وفيه بحث؛ لأنّ الحسن الذي ذكره الشيخ هو الحسن المذكور مع الصَّحيح، فإن كان مراد الحافظ قاضي القضاة ذاك؛ فلا نُسلِّم أنّه موضوع، وأنّه لا يقال في الاصطلاح إنّه حسن، وإن كان مراده الحسن المطلق؛ فلا يرد على الشيخ تقي الدين؛ لأنّه يبحث في الحسن المذكور مع الصحيح، ومع ذلك لا نُسلِّم أنَّهُ لا يقال للحديث الموضوع الحسن اللفظ: هذا حسن، والله أعلم (38).

[استشكال قول الترمذي: "حسن غريب" أو "حسن لا يعرف إلا من هذا الوجه" وجوابه]:

فإن قيل: قول الترمذي: "هذا حديث حسن غريب" أو "حسن لا يعرف إلا من هذا الوجه" أو "من حديث فلان لا فيه إشكال؛ لأنّ شرط الحسن أن يكون مرويًّا من غير وجه، والغريب ما انفرد واحد من رواته بالرواية، فبينهما تناقض؟!

فالجواب: أنّ الغريب على أقسام - كما سنبيِّن إن شاء الله تعالى -: غريب من جهة الإسناد والمتن، وغريب من جهة المتن دون الإسناد، وغريب من جهة الإسناد دون المتن، وغريب في بعض السند فحسب أو في بعض المتن، فالذي يمكن أن يجمع من هذه مع الحسن هو الغريب من جهة الإسناد دون المتن؛ لأنّ هذا الغريب معروف عن جماعة من الصحابة، لكن تفرّد بعضهم بروايته عن صحابي، فبحسب المتن حسن لأنّه عرف مخرجه واشتهر رجاله في الصدر الأول، ووجد شروط الحسن في سائر الطبقات، وبحسب الإسناد غريب؛ لأنّه لم يروِ عن تلك الجماعة إلا واحد، فلا منافاة بين الغريب بهذا المعنى وبين الحسن، بخلاف سائر الغرائب؛ فإنّها تتنافى.

[فائدة [في أقسام الحسن والغريب بالنسبة إلى الحسن والصحيح]]

الحسن والغريب بالنسبة إلى الحسن والصحيح أربعة أقسام:

غريب حسن صحيح، على ما يقول الترمذي كثيرًا.

وغريب حسن دون الصحيح.

وغريب صحيح دون الحسن.

وغريب دون الصحيح والحسن، وهذا القسم ضعيف، والله أعلم.

فائدة جليلة [في شرط الأئمّة الخمسة في كتبهم]:

قال الشيخ الحافظ محمد بن الطاهر المقدسي (39): "إنّ الأئمّة الخمسة: البخاريَّ، ومسلمًا، وأبا داود، والترمذيَّ، والنسائي، لم ينقل عن أحد منهم أنّه قال: شرطي في إخراج الحديث كذا، لكن لمّا سبر كتبهم، واستقرئ رواياتهم علم بذلك شرط كلّ واحد منهم.

[شرط البخاري ومسلم في "الصحيحين"]:

فشرط البخاري ومسلم أن يخرجا الحديث المجمعَ على ثقة نَقَلَتِهِ إلى الصَّحابيَّ المشهور، فإنْ كان للصَّحابي راويان فصاعدًا، فحسن، وإن لم يكن إلا راوٍ واحد، وصَحَّ الطَّريق إلى ذلك الراوي أخرجاه أيضًا، إلا أنَّ مسلمًا أخرج حديث قوم تركهم البخاريّ لشُبهة وقعت في نفسه بما لا يزيل العدالة والثقة استغناء بغيرهم، كحمَّاد بن سَلَمة(40)، وسهيل بن أبي صَالح (41)، وداود بن أبي هِند (42)، وأبي الزبير(43)، وعلاء بن عبد الرحمن (44)، وغيرهم (45)؛ لما تكلم في سُهَيل بن أبي صَالح في سماعه من أبيه، فقيل: صحيفة (46)، وتكلَّموا في حمّاد بأنّه أدخل في حديثه ما ليس منه، وعند مسلم لم يصحّ هذا الكلام (47)، فأخرج أحاديثهم لإزالة الشُّبهة عنده، وأمّا أبو داود والنسائي فإنّ أحاديث كتابيهما ثلاثة أقسام:

قسم على شرط "الصحيحين" أو مخرَّج فيهما (48)، وقسم صحيح على شرط أنفسهما، فحكى أبو عبد الله بن منده (49) أنّ شرطهما إخراج أحاديث قوم لم يجمع على تركهم، فإذا صحَّ الحديثُ باتّصال الإسناد من غير قطع ولا إرسال، فيكون هذا القسم من الصحيح.

قلت: لكن دون القسم الأول في الرُّتبة، وسبيله سبيل الصحاح التي ما أوردها البخاري ومسلم في كتابيهما، والله أعلم.

وقسم أحاديثُ أخرجاها من غير قطع منهما بصحّته، وقد أبانا علَّتها بما يعرفه أهل العلم، وإنّما أودعا هذا القسم في كتابيهما؛ لأنّه رواية قوم لها، واحتجاجهم بها أقوى من رأي الرجال.

[شرط أبي عيسى الترمذي في "جامعه"]:

وأمّا أبو عيسى الترمذي فقسَّم كتابه أربعة أقسام:

الأول: صحيح مقطوع به، وهو ما وافق البخاريَّ ومُسلمًا.

الثاني: ما هو على شرط أبي داود والنسائي كما بيَّنا آنفًا.

والثالث: كالقسم الثالث لهما أخرجه وبيَّن علته وضعفه.

والرابع: أخرجه وأبان هو عنه، وقال: "ما أخرجت في كتابي إلا حديثًا قد عمل به بعضُ الفقهاء…" (50)، فعلى هذا الأصل كلّ حديث احتجَّ به محتجّ أو عمل بموجبه عامل أخرجه (51)، سواء صحّ طريقه أو لم يصحّ، وقد أزاح عن نفسه، فإنّه تكلّم على كلِّ حديث بما فيه، وكان من طريقه أن يترجم الباب الذي فيه حديث مشهور عن صحابي في حُكْمٍ، وقد صَحَّ الطريق إليه، وأخرج حديثه في الكتب الصِّحاح، فيورد في الباب ذلك الحكمَ عن صحابيٍّ آخر لم يخرجوه من حديثه، ولا يكون إليه كالطريق إلى الأول، إلا أنّ الحكم صحيح، ثم يتبعه بأن يقول: وفي الباب عن فلان وفلان(52)، ويعدّ جماعة، وفيهم الصحابي الأكثر الذي أخرج ذلك الحكم من حديثه.

[تعقّب الحاكم في "المدخل" في ذكره شرط المتفق عليه]:

وأمّا ما ذكر أبو عبد الله الحاكم في "المدخل" (53) من أنّ الشرط المتّفق عليه بين البخاري ومسلم في الإخراج أن يرويه الصّحابيُّ المشهورُ عن رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم -، وله راويان ثقتان، ثم يروي عنه التابعيُّ المشهورُ بالرواية عن الصَّحابي، وله راويان ثقتان، ثم يروي عنه من أتباع التابعين الحافظ المتقن المشهور، وله رواة من الطبقة الرابعة يكون فيها شيخ البخاري ومسلم حافظًا متقنًا مشهورًا بالعدالة، فهذه الدرجة الأولى من الصحيح، فهذا شرط حسن لو كان موجودًا فيما أخرجاه في كتابيهما، لكن ليس كل ما في كتابيهما كذلك، فإنّ البخاري أخرج حديث قيس بن أبي حازم، عن مرداس الأسلميّ: "ذهب الصالحون أوّلًا فأوّلًا"(54)، وليس لمرداس راوٍ غير قيس (55)، وأخرج حديث المسيّب بن حَزْن في وفاة أبي طالب(56)، ولم يرو عنه غير ابنه سعيد (57)، وأخرج حديث الحسن البصري، عن عمرو بن تَغْلِب: "إنّي لأعطي الرجل والذي أدع أحبّ إليّ"(58) الحديث، ولم يروِ عن عَمرو غيرُ الحسن (59)، هذا في أشياء كثيرة عند البخاري.

وأمّا مسلم فأخرج حديث الأغرّ المزنيّ: "إنّه ليغان على قلبي" (60) ولم يروِ عنه غير أبي بُردة (61)، وأخرج حديث أبي رفاعة العدويّ (62)، ولم يروِ عنه غير حُميد بن هِلَال العَدَويّ (63)، وأخرج حديث رافع (64) بن عَمرو الغِفَاريّ (65)، ولم يروِ عنه غيرُ عبدِ الله بن الصَّامت (66)، هذا في أشياء كثيرة (67)، وهكذا في التَّابعين وأتباعهم ومَن روى عنهم إلى عصر الشَّيخين كثير فيمن لم يروِ عنه إلا واحد، فعلم أنّ القاعدة التي أسّسها الحاكم لهما ليست بمطّردة، ثم يلزم أن تكون أحاديث "المستدرك" أصحّ من أحاديث "الصحيحين" التي لم يوجد فيها الشَّرط الذي شرطه الحاكم لهما ووجد في حديث بزعمه، وهذا بمعزل عن الإنصاف لما فيه، والله أعلم.

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أي في "المستدرك"، وسبق في التعليق على (ص 162) أنّ الحاكم يخرج فيه لمثل رجال "الصحيحين"، فالحسن موجود في "الصحيحين" أيضًا، وقد نصصتُ على هذا قريبًا في التعليق على (ص 160)، وعلى هذا درج ابن حبان وابن خزيمة، وقد أطلق الحاكم في "مستدركه" (الحسن) على عدة أحاديث، انظر منها - على سبيل المثال -: (1/ 440) و (3/ 149، 273).

وينظر للتفصيل: "لقط الدرر" (1/ 162) "فيض القدير" (1/ 26)، "توضيح الأفكار" (1/ 205)، "الحاكم وكتابه المستدرك" (334 - مرقوم على الآلة الكاتبة).

(2) وأطلق فيه (الحسن) على عشرات الأحاديث كما هو معلوم، وانظر الفقرة (36).

(3) انظر: "مقدمة تحفة الأحوذي" (181)، "زهر الربى على المجتبى" (1/ 5) للسيوطي.

(4) أفاد البلقيني في "محاسن الاصطلاح" (187) أنّ الحافظ السّلفي ذكره في "شرح مقدمة السنن" للخطابي، قلت: وهو فيه (2/ 357) بذيل "معالم السنن" بلفظ: "وكتاب أبي داود أحد الكتب الخمسة التي اتفق أهل الحل والعقد من الفقهاء وحفّاظ الحديث الأعلام النبهاء على قبولها، والحكم بصحّة أصولها" انتهى، وهذا لا إيراد عليه، ولا تساهل فيه؛ لأنّه لا يخالف بلفظ لا مؤاخذة فيه، بخلاف ما أورده ابن الصلاح، وينظر "التقييد والإيضاح" (60 - 62)، "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق 16/ أ).

(5) الإرشاد (1/ 143) وبنحوه في "المنهل الروي" (ص 54) لشيخ المصنف ابن جماعة.

(6) المسانيد المذكورة مطبوعة، كاد أنّ يكمل "مسند البزّار"، طبع منه لغاية هذه السطور (15) مجلَّدة، وأمّا "مسند أبي يعلى" فطبع كاملًا برواية أبي عمرو بن حمدان، والرواية المبسوطة له، هي رواية ابن المقرئ لم تطبع بعد، ويخرج منها ويكثر الضياء في "المختارة"، و"مسند الطيالسي" المطبوع منه ناقص وهو واسع ويمتاز بتخريج مسانيد كثيرة، وتفرّد بصحابة ليسوا في "مسند أحمد" - على سعته - والمكرّر من أحاديثه قليل جدًّا، و"مسند أحمد" كمل بطبع مؤسّسة الرسالة، وفي الطبعة الميمنيّة سقط مقطع في (مسانيد) بعض الصحابة، و"مسند إسحاق" طبع الموجود منه فيما نعلم، وبقيت قطعة يسيرة (ورقات) من آخره (نسخة دار الكتب المصريّة) وهي قسم يسير من (مسند ابن عباس) لم تنشر بعد، فرغنا من إعدادها للنشر عن الدار الأثريّة، بتحقيق الأخ الأستاذ عمر الصادق، ومراجعتي.

(7) لصديقنا توفيق السيدي "لقط العناقيد في بيان المسانيد"، جمع فيه جميع ما وقف عليه من (المسانيد) والجهود التي قامت حولها، مع تعريف بنسخها وتوثيقها، وهو عمل جيّد، يسّر الله خروجه إلى عالم النور.

(8) فصَّل الإمام ابن القيم في كتابه "الفروسيّة" (ص 246 وما بعد - بتحقيقي) في بيان أنّ ليس كلّ ما رواه الإمام أحمد في "المسند" وسكت عليه، يكون صحيحًا عنده، وأورد أمثلة عديدة على ذلك، ثم نقل تصريحه في مواطن خارج "المسند" على تضعيفها. وبهذا يعلم وهم أبي موسى المديني في كتابه "خصائص المسند" (ص 24): "إنّ ما خرّجه الإمام أحمد في "مسنده" فهو صحيح عنده"!! بقي التنبيه على أنّ "مسند الدارمي" ليس مرتّبًا على أسماء الصحابة وإنّما على الأبواب: الطهارة والصلاة، وما أشبهها، وأطلق عليه "الصحيح" جماعة من الحفّاظ، وقدّموه على "سنن ابن ماجه" بيَّن ذلك بما لا مزيد عليه الدكتور محمد عويضة في كتابه "الإمام الدارمي وأثره في علوم الحديث" (475)، وللبزّار بيان المعلّ من الحديث، وبيّنه أخونا الدكتور زياد العبادي في أطروحته "منهج التعليل عند البزار في مسنده (البحر الزخار)". وأمّا إسحاق، فقد ورد عنه قوله: "خرّجت عن كلّ صحابي أمثلَ ما ورد عنه"، ولذا قال أبو نعيم الحافظ - وذكر حديثًا فيمن الذكر -: "هذا إسناد صحيح؛ لأنّ إسحاق إمام غير مدافع، وقد خرجه في مسنده". نعم، المكرّر في أحاديثه مع الكتب الستّة كثير، وكذا الدارمي، ولذا قدّموا ابن ماجه في عدّه سادسًا عليها فحسب، وأحاديث "مسند الدارمي" - مثلًا - بالجملة أنظف من أحاديث "سنن ابن ماجه"، فتنبّه!

(9) الحديث في "صحيح البخاري" (887)، و"صحيح مسلم" (252) من طريق الأعرج عن أبي هريرة، وطريق محمد بن عمرو أخرجها الترمذي (22) وأحمد (2/ 259، 399) والنسائي في "الكبرى" (3042) والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/ 44) وغيرهم.

(10) انظر ترجمته في "الجرح والتعديل" (8/ 30 - 31)، "تهذيب التهذيب" (9/ 333)، وقد قال فيه الحافظ في "التقريب": "صدوق له أوهام"، وقد أخرج له الشيخان متابعة، وقال الذهبي في "الميزان" (3/ 673): "شيخ مشهور حسن الحديث" وقال في "السير" (6/ 136): "وحديثه في عداد الحسن".

(11) جاء هذا من حديث عدد من الصحابة منهم ابن عمر وابن عباس وجابر وأبو موسى الأشعري وأبو هريرة وأنس وأبو أمامة وعبد الله بن زيد وسمرة بن جندب وعائشة أجمعين، وقد فصلت الكلام على الحديث من طرقه جميعًا - ولله الحمد - تفصيلًا طويلًا في تعليقي على "الخلافيات" (1/ 347 - 450) للبيهقي، والخلاصة أنّه صحيح موقوفًا، ضعيف مرفوعًا" فما من طريق من طرقه إلّا وهي معلولة، والله أعلم.

(12) معنى كلامه: إذا ورد من طريق ليس فيه الفاسق أو الكاذب انجبر، ولم ينظر حينئذ إلى هذه العلّة، ولكن يبقى النظر مقصودًا على الطريق السالمة منه، وكلام الشيخ ابن الصلاح يقضي أنّه لا ينجبر، ولكن هذا متعقّب بأنّ الطريق التي فيها الكذّاب أو الفاسق هي التي لا تنجبر، إذ ضعفها شديد، فهي كالعدم، لا تُشدّ بها اليد، والكذّاب يروي على الجادة ليسوّق كذبه، فالباب مغلق دونه، وهذا لا دخل له بالحكم على الحديث الذي ليس له فيه ذكر، فثبوته من وجه آخر لا ينازع فيه، فافهم.

(13) ضعف المرسل ليس بشديد، ولذا يقوّى بسندٍ ضعيف مثله بخلاف الشذوذ، فهو وهم طرأ على الراوي، ولا حقيقة له في الخارج!

(14) الجامع لأحاديثه - في نظري - أنّه عمد للأحاديث التي تدور في مجالس الفقهاء وألسنتهم في زمانه، ولذا درجاتها متذبذبة، والغالب عليها الحسن، وجرّد منه بعض المتأخّرين ما أطلق عليها (الحسن)، وهي كثيرة، ومخطوطته في مكتبتي، والحمد لله وحده، ثم وجدت للدكتور عبد الرحمن بن صالح محيي الدين "الأحاديث التي حسنها أبو عيسى الترمذي وانفرد بإخراجها عن أصحاب الكتب الستّة، دراسة تحليليّة" وهي مطبوعة عن دار الفضيلة، الرياض.

(15) أحمد ليس من شيوخ الترمذي، وإنّما هو من طبقة شيوخ شيوخه، وكلام ابن الصلاح جاء على قاعدة اللف والنشر غير المرتّب.

(16) انظر "محاسن الاصطلاح" (180 - 1811)، "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق 13/ أ- ب).

(17) انظر منه - على سبيل المثال -: (1/ 36، 40، 48 - 50، 56، …).

(18) أشار المزّي - غالبًا - في "تحفة الأشراف" إلى اختلاف النسخ، واليوم - مع عدم تداول الأصول الخطية - يكفي الرجوع إليه في ذلك، فتنبّه!

(19) "رسالته إلى أهل مكة" (ص 37 - 41)، وتكلَّمتُ طويلًا على هذه العبارة في تعليقي على "شرح النووي على سنن أبي داود" نشر الدار الأثرية، فانظره لزامًا.

وممّا ينبغي التيقُّظ له أنّ أبا داود لم يتلفّظ بلفظ (الحسن) فيما ذكره في "رسالته"، ولا فيما ذكره عنه ابن الصلاح ومن اختصر كتابه، كالمصنّف وغيره.

نعم، صرّح بعضهم بأنّه عنى به بقوله: "وما يقاربه". انظر: "المنهل الروي" (55)، "اختصار علوم الحديث" (41)، "الإرشاد" (1/ 149)، "رسوم التحديث" (61).

والحق أنّ الذي أطلقه أقسام، منه ما هو صحيح متّفق عليه، وصحيح لذاته، وحسن لذاته، وحسن لغيره، وهذان القسمان يكثران في كتابه.

وكلمة (صالح) عنده للاعتضاد لا للاحتجاج، فلا ينبغي الاغترار بسكوته على الأحاديث، كما سيأتي في عبارة ابن الصلاح الآتية، وبيّنت ذلك بتفصيل في الموضع الذي أحلت إليه في أول هذا التعليق، والحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات.

(20) "المقدمة" (ص 36)، وينظر الهامش السابق.

(21) يشير إلى كتاب "مصابيح السنة" لأبي محمد البغوي، وهو مطبوع، ورزق حسن القبول من العلماء، وأثنوا عليه، ونقلت المصادر عن مصنّفنا (أبي الحسن التبريزي) قوله عنه: "وكان كتاب "المصابيح" أجمع كتاب صنّف في بابه، وأضبط لشوارد الأحاديث وأوابدها" كذا في "المشكاة" (1/ 3)، و"كشف المناهج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح" للصَّدر المناوي (1/ 15 مقدمة المحقّق).

(22) عبارة البغوي في "مصابيحه" (1/ 60 - مع "الكشف"): "وتجد أحاديث تنقسم إلى: صحاح وحسان، أعني بالصحاح: ما أخرجه الشيخان … أو أحدهما، وأعني بالحسان: ما أورده أبو داود والترمذي وغيرهما من الأئمة في تصانيفهم - رحمهم الله - وأكثرها صحاح، بنقل العدل عن العدل، غير أنّها لم تبلغ غاية شرط الشيخين في علو الدرجة من صحّة الإسناد، إذ أكثر الأحكام ثبوتها بطريق حسن، وما كان فيها من ضعيف أو غريب أشرتُ إليه، وأعرضت عن ذكر ما كان منكرًا أو موضوعًا، والله المستعان، وعليه التكلان".

(23) الإرشاد (1/ 144 - 145)، "التقريب" (1/ 242 - مع "التدريب").

(24) "المصابيح" (1/ 2) أو (1/ 61 - مع - "كشف المناهج والتناقيح" للمناوي) وتعقبه الصدر المناوي في مواطن عديدة من "كشف المناهج والتناقيح"، لأنه لم يفِ بشرطه، انظر - على سبيل المثال -: الأرقام (260، 293، 367، 571، 657، 833، 1030، 1034، 1166، 1200، 2846، 3150، 4532، 4539، 4724،..).

(25) يريد: ابن الصلاح والنووي - رحمهما الله تعالى -.

(26) نقل السيوطي في "البحر الذي زخر" (3/ 144) هذه العبارة عن التبريزي هكذا: "فلا يعرف لتخطئة الشيخين إياه وجه".

(27) قال الزركشي في "نكته" (1/ 343) متعقّبًا النووي: "قد تبعه النووي وغيره في الاعتراض على البغوي، وهو عجيب؛ لأنّ البغوي لم يقل إنّ مراد الأئمّة بالصحاح كذا، وبالحسان كذا، وإنّما اصطلح على هذا رعاية للاختصار، ولا مشاحة في الاصطلاح، فإنه قال: "أردت بالصحاح: ما خرجه الشيخان، وبالحسن: ما رواه أبو داود وأبو عيسى وغيرهما، وبيان ما كان فيهما من غريب أو ضعيف أشرت إليه، وأعرضت عن ذكر ما كان منكرًا أو موضوعًا". انتهى.

فقد التزم بيان غير الحسن، وبوب على الصحيح والحسن، ولم يميز بينهما لاشتراك الكل في الاحتجاج في نظر الفقيه، نعم، في "السنن" أحاديث صحيحة، ليست في "الصحيحين"، ففي إدراجه لها في قسم الحسن نوع مشاحة". وبنحوه عند السِّراج البُلقيني في "محاسن الاصطلاح" (11) والعراقي في "التقييد والإيضاح" (44)، ونقل انتصار التبريزي للبغوي ابن حجر في "النكت على ابن الصلاح" (1/ 445 - 446) والسخاوي في "فتح المغيث" (1/ 52 - ط المنهاج)، والسيوطي في "البحر الذي زخر" (3/ 1143 - 1145) وفي "تدريب الراوي" (1/ 243 - ط العاصمة) وفيه: "وكذا مشى عليه علماء العجم، آخرهم شيخنا العلامة الكافيجي في "مختصره"، وفيه: "إنّ هذا اصطلاح حادث ليس جاريًا على المصطلح العرفي" - وأوردوا عليه نحو المذكور، وينظر أيضًا: "المنهل الروي" (54)، "مختصر الكافيجي" (ص 114)، ثم وجدت مُغُلْطاي في "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق 14/ أ) يتعقَّب ابن الصلاح بنحو كلام المصنف، ويعتذر عن ابن الصلاح بقوله - بعد إيراده عبارة البغوي -: وأعرضت عن ذكر … " - فقال: "وكأنّ الشيخ - أي: ابن الصلاح - رأى نسخة من "المصابيح" ليس فيها ما ذكرناه، واعتمدها وليس جيدًا؛ لأنّ مِن سجيّته - على ما ذكر في كتابه - مقابلة الكتاب بعدّة أصول، وعدّة روايات …".

(28) المقدمة (ص 38).

(29) "التقريب" (1/ 234)، "الإرشاد" (1/ 143).

(30) نقله الزركشي في "النكت على ابن الصلاح" (1/ 367) وتعقّبه بقوله بعد إيراده كلام التبريزي هذا - ولم ينسبه له -: "فيه نظر" قال: "وقد تقدّم أنّهم قالوا: هذا حديث صحيح، فمرادهم اتّصال سنده، لا أنّه مقطوع به في نفس الأمر" قال: "وقد تكرّر في كلام المزّي والذهبي وغيرهما من المتأخّرين: إسناده صالح، والمتن منكر".

فلت: ووقع ذلك في كلام المتقدّمين، كالدارقطني والحاكم. انظر "فتح المغيث" (89)، و"توضيح الأفكار" (1/ 234).

واعتمد ابن حجر في "نكته" (1/ 474) هذا الجواب، فقال: "لا نُسلِّم أنّ عدم العلّة هو الأصل، إذ لو كان هو الأصل ما اشترط عدمه في شرط الصحيح، فإذا كان قولهم: صحيح الإسناد يحتمل أنّ يكون مع وجود علَّة، لم يتحقّق عدم العلّة، فكيف يحكم له بالصّحة"، وأقر كلامهما - كلام الزركشي وابن حجر - وتعقبهما للتِّبريزيِّ: "السيوطي في "البحر الذي زخر" (3/ 1249 - 1250).

قلت: ممّا ينبغي ذكره هنا:

1 - لا يشترط فَقْد العلّة إلا إذا كانت مؤثّرة.

2 - ثم القبول لا يلزم منه أنّه صحيح، فإنّهم يقبلون الحسن. راجع "توضيح الأفكار" (1/ 235).

3 - هنالك عبارات يكثر المخرّجون منها، وهي دالة على صحة السند فحسب، كقولهم: "رجاله ثقات" و"رجاله رجال الصحيح"، وأكثر من استعمال ذلك الهيثمي في "مجمع الزوائد"، ولا يلزم من هذه العبارات صحّة الحديث، لاحتمال العلّة القادحة فيه.

(31) قال عنه السيوطي في "التدريب" (1/ 164): "هو الذي أرتضيه، ولا غبار عليه". قلت: ليس كذلك قطعًا" ويؤيّده أنّه معروف في كلام الترمذي قوله في "جامعه": "هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه"، ينظر فيه: الأرقام (115، 202، 210، 480، …).

ويجاب على هذا الاعتراض بأمرين:

الأول: أنّ كلام الترمذي محمول على الغالب، فالذي ذكره الترمذي بقيد "إلا من هذا الوجه" مغمور وقليل بالنسبة إلى مطلقه. والآخر: يحتمل أنّ يريد به: لا نعرفه إلا من حديث بعض الرواة، لا أنّ المتن لا نعرفه إلا من هذا الوجه، أي: انفراد الراوي به من راوٍ آخر، لا أنّ المتن منفرد به. ويدلّ على هذا أنّه أخرج في كتاب الفتن: باب ما جاء في إشارة المسلم إلى أخيه بالسلاح (4/ 463 - 464) حديث خالد الحذّاء عن ابن سيرين عن أبي هريرة رفعه: "من أشار على أخيه بحديدة…"، قال: "حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، يستغرب من حديث خالد" فاستغربه من حديث خالد لا مطلقًا، وينظر منه أيضًا حديث (رقم 115)، وينظر أيضًا: "نكت الزركشي على ابن الصلاح" (1/ 370)، وكتابي "البيان والإيضاح" (66 - 67).

(32) "الاقتراح" (ص 176)، بتصرّف.

(33) هذا العنوان من هامش الأصل.

(34) انظر ما علقناه على فقرة (رقم 31).

(35) نقل كلام التبريزي وعزاه لـ"الكافي" السيوطي في "البحر الذي زخر" (3/ 1226) وكان قد أورد كلامًا طويلًا للزركشي في "نكته على ابن الصلاح" (1/ 305) وقال: "وبعضه مأخوذ عن كلام التبريزي، فإنه قال في "الكافي" … "وأورده بتصرف. وقارنه بـ "نكت ابن حجر" (1/ 476)، وينظر "إسبال المطر" (ص 50).

(36) المقدمة (ص 39)، والنقل بالمعنى.

(37) "الاقتراح" (ص 174).

(38) ذكر مثله البُلقيني في "محاسن الاصطلاح" (ص 186): "وأما الموضوع فلا يَرِد؛ لأنّ الكلام فيما بين الصحّة والحُسن، وهو غيرُ داخل"، وقد اعتمده ابن الملقن في "المقنع" (1/ 90) وابن حجر فقال في "النكت" (1/ 475) عقب كلام ابن دقيق العيد السابق: "هذا الإلزام عجيب، لأن ابن الصلاح إنما فرض المسألة حيث يقول القائل: حسن صحيح، فحكمه عليه بالصحة يمتنع معه أن يكون موضوعًا"، وأيّد السخاوي التبريزي، فقال في "فتح المغيث" (1/ 165 - ط المنهاج): "لكن أجاب بمنع وروده بعد الحكم عليه بالصحة الذي هو فرض المسألة، وهو حسن". ولكنّه قال أيضًا: "ولكن لا يأتي هذا إذا مشينا على أنّ تعريفه إنّما هو لما يقول فيه حسن فقط".

ولم يقبل السماحي في "المنهج الحديث" (ص 117 - 118/ قسم المصطلح) ما تقدم عن الأعلام السابقين، فقال: "حمل كلام ابن الصلاح على حسن اللفظ ليس حسن الإسناد، إذ الحسن في كلّ شيء بحسبه، ألا ترى قول ابن طاهر في شرط الصحيح: فإن كان له راويان فحسن، وإلا فصحيح فقط" قال: "فلو أراد الترمذي غير المعنى المصطلح عليه فيما إذا اجتمع الحسن مع غيره لبيَّنه، كما بيَّن الأول - أي: الحسن إذا انفرد - فإرادته للحسن اللغوي بعيد"، وقارنه بـ"شروط الأئمّة" لابن طاهر (ص 12)، وممن اعتنى بكلام التبريزي، فنقله، وعزاه لـ"الكافي" وأيده: السيوطي في "البحر الذي زخر" (3/ 1218). وتعقّب مُغُلْطاي في "إصلاح كتاب ابن الصلاح" (ق 15/ ب -16/ أ) بالذي سبق، وزاد وجهًا ثانيًا، قال: "لو ظفر بقول الترمذي إثر حديث: هذا حديث مليح، ونقله، لكان لقوله وجه، إذ الملاحة تكون غالبًا في الشيء المستحسن، ولكن الشيخ قاله من عنده، ولم يسنده إلى قول أحد، فتوجَّه الإيرادُ عليه ". قال أبو عبيدة: تغاير استخدام الترمذي بين (الحسن) و(المليح) يبعد الاحتمال المذكور، وأنّ الاستعمال الأوّل اصطلاحي محض، والثاني لغوي محض، فتأمّل!

انظر (المليح) في "شرح علل الترمذي" (1/ 143).

(39) "شروط الأئمّة" (ص 85 - 98)، بتصرّف واختصار.

(40) انظر: "تهذيب التهذيب" (4/ 11 - 13)، وانظر ما سيأتي قريبًا.

(41) انظر: "تهذيب التهذيب" (4/ 231)، وانظر ما سيأتي قريبًا.

(42) انظر: "تهذيب التهذيب" (3/ 177).

(43) انظر: "تهذيب التهذيب" (9/ 390 - 392).

(44) انظر: "تهذيب التهذيب" (8/ 166).

(45) أفرد الحاكم في كتابه "المدخل إلى الصحيح" (الباب الثامن) في (من عيب على مسلم إخراج حديثه، والإجابة عنه) (4/ 95 - 201)، وأورد تحته ثمانية وتسعين نفسًا، ومن ضمنهم (ص 106 رقم 4) (حمّاد بن سلمة). وقال: "لم يخرج له في الأصول إلا في حديثه عن ثابت". قلت: انظر "صحيح مسلم"(33) وقال: "فأمّا حديثه عن غير ثابت، فإنّه أخرج له في الشواهد أحاديث معدودة" وساقها، قلت: انظرها في "صحيح مسلم" - على ترتيب سياق الحاكم - (647، 677، 1722، 1723، 1809، 1821، 2351، 2361، (580)، 2862) وما بين (الهلالين) لم يقف عليه محققه حفظه الله تعالى. وأمّا سهيل بن أبي صالح، فترجم له الحاكم (ص 113، 115 رقم 9) وقال عنه: (أحد أركان الحديث، وقد أكثر مسلم الرواية له في الشواهد والأصول، إلا أنّ الغالب على إخراجه حديثه في الشواهد" وقال: "وشيخنا مسلم قد جهد في إخراجه وقرنه في أكثر رواياته بحافظ لا يدافع حفظه، فسلم بذلك من قول من نسبه إلى سوء الحفظ". قلت: ولمسلم مئة وثلاثة عشر حديثًا لسهيل: انظر - على سبيل المثال - منها: الأرقام (55، 101، 132، 188، 244، 857، 886، 971، 1153، 1515،...). وأمّا داود بن أبي هند فلم يذكره الحاكم، وأمّا أبو الزبير محمد بن مسلم بن تَدْرسُ المكي، فترجم له الحاكم (116 رقم 12) وقال: "احتج به مسلم في مواضع كثيرة، وأخرج عامة حديثه في الشواهد). قلت: وأخرج مسلم لأبي الزبير مئتين وحديثًا واحدًا، وآفته التي اشتهر بها التدليس، وله في "صحيح مسلم" (90) رواية صرّح فيها بالسماع، و (111) رواية عنعن فيها، وانظر حصرها مع دراستها في كتاب "روايات المدلسين في صحيح مسلم جمعها - تخريجها - الكلام عليها"، للأخ عواد الخلف (ص 223 - 363). وأمّا العلاء بن عبد الرحمن، فذكره الحاكم (153 رقم 47) وقال: "اعتمده مسلم في كل ما يصح عنه من الرواية عن أبيه وغيره" إذا كان الراوي عنه ثقة، وله في "صحيح مسلم" نحو (70) حديثًا انطر منها على سبيل المثال -: (46، 157، 188، 233، 251، 269، 1381، 1610،…) وللدكتور سلطان العكايلة دراسة عليهم نال بها الماجستير، وهي بعنوان "الرواة المتكلم فيهم في صحيح مسلم"، وللدكتور عبد الله دمفو" رجال مسلم الذين ضعّفهم ابن حجر في التقريب ورواياتهم في الصحيح"، وهي منشورة. وفي آخر "الأجوبة للشيخ أبي مسعود عمّا أشكل الدارقطني على صحيح مسلم" (ص 329): (فصل من الرواة الذين انتقد على مسلم الإخراج عنهم). وينظر كتابي "الإمام مسلم بن الحجاج ومنهجه في الصحيح" (2/ 430).

(46) نشر الأستاذ محمد مصطفى الأعظمي ضمن كتابه "دراسات في الحديث النبوي" (2/ 489 - 500) هذه (الصحيفة)، ودرسها فيه دراسة مستفيضة، وحدّث سهيل عن جماعة عن أبيه، وهذا يدل على ثقة الرجل، ويدلّ على تمييزه ما سمعه من أبيه وليس بينه وبين أبيه أحد، وبين ما سمع من غيره. ولذا كان النسائي إذا تحدّث بحديث لسهيل، قال: سهيل - والله - خير من أبي اليمان. قال السلميّ في "سؤالاته للدارقطني" (148) سألته: لِمَ ترك البخاري سهيلًا في الصحيح؟ فقال: لا أعرف له فيه عذرًا، وأورد كلام النسائي. وانظر: "هدي الساري" (408)، "النكت على ابن الصلاح" (1/ 287)، "نصب الراية" (1/ 341)، "صيانة صحيح مسلم" (94).

(47) قوله: "وعند مسلم لم يصحّ" فيه نظر! بدليل طريقة معاملته مع رواياته في "صحيحه"، وسبقت إلماحة قوية للحاكم قريبًا، ويعجبني - غاية - كلام الحازميّ في "شروط الأئمة الخمسة" (ص 60 - 61): "وعلى هذا يُعتَذَرُ لمسلم في إخراجه حديث حماد بن سَلَمة، فإنّه لم يخرج إلا رواياته عن المشهورين نحو ثابت البُنَاني وأيوب السَّختْياني، وذلك لكثرة ملازمته ثابتًا وطول صحبته إيّاه حتى بقيت صحيفة ثابت على ذكره وحفظه بعد الاختلاط كما كانت قبل الاختلاط، وأمّا حديثه عن آحاد البصريّين فإنّ مسلمًا لم يخرج منها شيئًا؛ لكثرة ما يوجد في رواياته عنهم من الغرائب، وذلك لقلّة ممارسته لحديثهم. وعلى هذا ينبغي أن يُسْبرَ حال الشخص في الرواية بعد ثبوت عدالته، فمهما حصل الفهمُ بحال الراوي على النحو المذكور، وكان الراوي محتويًا على الشرائط المذكورة؛ تَعَيَّنَ إخراجُ حديثه منفردًا كان به أو مشاركًا". ومنه تعلم مدى دقّة مسلم في انتقائه وأنّه ما وضع في "صحيحه" شيئًا إلا بحجّة، وما ترك شيئًا إلا بحجّة، فللَّه درّه ما أبعد غوره! وأثقب بصره! وفي مثل هذا يقول ابن القيّم في "الزاد" (1/ 364): "ولا عيب على مسلم في إخراج حديثه؛ لأنّه ينتقي من أحاديث هذا الضرب ما يعلم أنّه حفظه، كما يطرح من أحاديث الثقة ما يعلم أنّه غلط فيه، فغلط في هذا المقام من استدرك عليه إخراج جميع حديث الثقة، ومن ضعف حديث سيّئ الحفظ، فالأولى طريقة الحاكم وأمثاله، والثانية طريقة أبي محمد بن حزم وأشكاله، وطريقة مسلم هي طريقة أئمّة هذا الشأن، والله المستعان". وناقش العراقيُّ ابن طاهر في قوله هذا؛ فقال في "شرحه على الألفية" (ص 21 - 22). "ما قاله ابن طاهر ليس بجيّد، حيث قال: (المتّفق على ثقة نقلته)! لأنّ النسائي ضعّف جماعةَ أخرج لهم الشيخان أو أحدُهما؛ غير أنّ تضعيف النسائي لهم بدون تبيين السبب، وقد ذكر علماء الجرح أنّ الجرح الذي لم يبيّن سببه غير مفيد للجرح، ولكن يوجب الريبة والتوقّف في غير المشاهير بالعدالة والأمانة؛ فلا يؤثّر فيهم". وردّ السيوطيُّ اعتراض العراقي؛ فقال: "وأجيب بأنّهما أخرجا من أجمع على ثقته إلى حين تصنيفهما، ولا يقدح في ذلك تضعيف النسائي بعد وجود الكتابين". ويمكن أن يجاب بأنّ ما قاله ابن طاهر هو الأصل الذي بنينا عليه أمرهما، وقد يخرجان عنه لمرجّح يقوم مقامه، ولا شك أنّ مسلمًا خاصّة خرج من شملهم الستر والصدق، وفيهم من تكلّم فيه، ولكن كان له (ذوق) و(نقد) في ذلك، كما بسطناه قريبًا. وانظر "فتح المغيث" (1/ 46)، و"توضيح الأفكار" (1/ 101).

(48) بيّنت مقداره ومواطنه فيما يخص "سنن أبي داود" في تعليقي على شرحه "الإيجاز" للنووي وهو من منشورات الدار الأثريّة، عمان.

(49) قال في "شروط الأئمّة" (ص 73): "وسمعت محمد بن سعد البارودي بمصر يقول: كان من مذهب النسائي أن يخرج عن كل من لم يجمع على تركه، وكان أبو داود كذلك يأخذ مأخذه، ويخرج الإسناد الضعيف؛ لأنه أقوى عنده من رأي الرجال".

(50) "العلل الصغير" (5/ 736 - مع "جامع الترمذي") وتتمّة عبارته: "ما خلا حديثين" وذكرهما. وانظر لهما: "شرح علل الترمذي" لابن رجب (1/ 324)، "الإمام الترمذي والموازنة بين جامعه وبين الصحيحين" (ص 347) للعتر، "دراسات اللبيب في الأسوة الحسنة بالحبيب" (298)، تعليق العلامة أحمد شاكر على "مسند أحمد" (9/ 49 - 92)، "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" لابن الملقن (4/ 81 - 83)، "العرف الشذي على جامع الترمذي" (ص 486 - 487)، "شرح العيني على سنن أبي داود" (5/ 80)، "التعليقات الحافلة على الأجوبة الفاضلة" (ص 70 - 71)، "الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يفتِ بها الفقهاء" (ص 372 - 445)، كتابي "فقه الجمع بين الصلاتين" (114 - 117).

(51) همّه الأحاديث المشهورة على ألسنة فقهاء زمانه، بل العلماء بالجملة، لذا فكتابه "جامع" وليس بـ"سنن".

(52) صنفتْ في هذا مصنّفات منها: "اللباب" لابن حجر، ولعلّه مفقود! وأفرده بالتصنيف العراقي كما في "نكته على ابن الصلاح" ونشر خمسة مجلدات من "كشف النقاب عما يقوله الترمذي وفي الباب" طبع في الباكستان لمحمد حبيب الله مختار، وصل فيه إلى (باب ما جاء في كثرة الركوع والسجود).

(53) "المدخل إلى معرفة كتاب الإكليل" (ص 38) وعبارته: "اختيار البخاري ومسلم، وهو الدرجة الأولى من الصحيح، ومثاله: الحديث الذي يرويه الصحابي المشهور بالرواية، عن الرسول - صلى الله عليه [وآله] وسلم - وله راويان ثقتان، ثم يرويه عنه التابعي المشهور بالرواية عن الصحابة وله راويان ثقتان، ثم يرويه عنه من أتباع التابعين الحافظ المتقن المشهور، والرواة ثقات من الطبقة الرابعة، ثم يكون شيخ البخاري أو مسلم حافظًا متقنًا مشهورًا بالعدالة في روايته، فهذه الدرجة الأولى من الصحيح، والأحاديث المروية بهذه الشريطة لا يبلغ عددها عشرة آلاف حديث" انتهى كلامه، وقَبِلَهُ أبو حفص عمر بن عبد المجيد الميانجي (ت 581 هـ) في جزئه "ما لا يسع المحدّث جهله" (ص 27)! ومال إليه ابن العربي في أوائل "شرحه على البخاري" ثم رجع عنه في "شرحه على الموطأ"، وقال فيه: "وهو مذهب باطل" نقله السيوطي في "التدريب" (1/ 71)، وفي "علوم الحديث" (ص 242) للحاكم، جعل هذا شرطًا لصحّة الحديث مطلقًا ولم يقيده بالشيخين. واعترض عليه الحازمي بقوله في "شروط الأئمّة" (ص 129) فقال: "فهذا غير صحيح طردًا وعكسًا، بل لو عكس القضية وحكم كان أسلم له، وقد صَرَّح بنحو ما قلت من هو أمكن منه في الحديث وهو أبو حاتم محمد بن حبان البستي" ثم نقل قوله. وتعقّب الحافظ ابنُ حجر الحازمي فقال في "نكته" (1/ 240): "والظاهر أنّ الحاكم لم يروِ ذلك، وإنّما أراد كلّ راوٍ في الكتابين من الصحابة فمن بعدهم يشترط أن يكون له راويان في الجملة، لا أنّه يشترط أن يتّفقا في رواية ذلك الحديث بعينه عنه".

(54) في "صحيح البخاري" برقم (4156).

(55) كذا قال مسلم في "المنفردات والوحدان" (ص 28 - 29)، والدارقطني في "الإلزامات" (ص 78)، وأبو الفتح الأزدي في "المخزون" (رقم 229) والحاكم في "علوم الحديث" (158). وقيل: إنّ لزياد بن علاقة رواية عن مرداس، والتحقيق أنّ هنالك (مرداس بن عروة) صحابي آخر، انظر: "الإصابة" (3/ 401)، "التهذيب" (10/ 85)، "فتح الباري" (11/ 251)، "تحفة الأشراف" (8/ 370).

(56) في "صحيح البخاري" برقم (1360، 3884، 4675، 4772، 6681) و"صحيح مسلم" (24) أيضًا وخرجتهُ بتفصيل في مقدمتي لكتاب "أدلة معتقد أبي حنيفة في أبوي النبي - صلى الله عليه وسلم -" لعلي القارقي، وللمسيب حديث آخر في "الصحيحين" وثالث في "صحيح البخاري"، انظر: "تحفة الأشراف" (8/ 387).

(57) كذا قال مسلم في "المنفردات" (ص 31 - 32) والحاكم في "المعرفة" (159) والدارقطني في "الإلزامات" (ص 84)، وانظر: "فتح المغيث" (3/ 188)، "توضيح الأفكار" (2/ 481).

(58) في "صحيح البخاري" برقم (923)، وله حديث آخر في "صحيح البخاري" (2927) وهو: "إن من أشراط الساعة أن تقاتلوا أقوامًا … "، وينظر "تحفة الأشراف" (8/ 140 - 141).

(59) كذا قال مسلم في "المنفردات" (ص 46) وأبو الفتح "الأزدي في "المخزون" (رقم 175) والدارقطني في "الإلزامات" (ص 85) والحاكم في "المعرفة" (158) وابن الجوزي في "التلقيح" (407)! ولكن ذكر ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6/ 222) وابن عبد البر في "الاستيعاب" (2/ 518) أن الحكم بن الأعرج روى عنه أيضًا.

(60) في "صحيح مسلم" برقم (2702).

(61) كذا قال الدارقطني في "الإلزامات" (ص 93)، وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب" (1/ 95): "روى عنه أهل البصرة أبو بردة بن أبي موسى وغيره، ويقال: إنّه روى عنه ابن عمر، ويقال: إنّ سليمان بن يسار روى عنه. وأيضًا روى عنه معاوية بن قرة"، انظر "التهذيب" (1/ 365).

(62) في "صحيح مسلم" برقم (876) وهو حديث أبي رفاعة قال: "انتهيت إلى النبي - صلى الله عليه [وآله] وسلم - وهو يخطب، قال: فقلت: يا رسول الله، رجل غريب جاء يسأل عن دينه، لا يدري ما دينه!! قال: فأقبل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - وترك خطبته حتّى انتهى إليّ، فأتى بكرسي حسبت قوائمه حديدًا، قال: فقعد عليه رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - وجعل يعلّمني ممّا علّمه الله ثم أتى خطبته فأتمّ آخرها".

(63) كذا قال الدارقطني في "الإلزامات" (ص 93 - 94) وروى عنه صلة بن أشيم أيضًا: انظر "الإصابة" (4/ 70)، "التهذيب" (12/ 96).

(64) في الأصل: "عامر"، والصواب ما أثبت.

(65) في "صحيح مسلم" برقم (1067) من حديث عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - حديث: "قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز.." ثم قال عبد الله بن الصامت: فلقيت رافع بن عمرو الغفاري أخا الحكم الغفاري قلت: ما حديث سمعته من أبي ذر كذا وكذا؟ فذكرت له هذا الحديث، فقال: وأنا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم -.

(66) كذا قال الدارقطني في "الإلزامات" (ص 94) وقد روى عنه ابناه: عمران وعبد الله، انظر: "الإصابة" (1/ 498)، "الاستيعاب" (1/ 499)، "التهذيب" (3/ 231).

(67) انظرها في "شروط الأئمّة الستّة" للحازمي (34 - 35)، "السير" (12/ 578) وناقش كلام الحاكم جمع من العلماء، وحمله بعضهم على غير المتبادر منه. انظر: النكت على ابن الصلاح" لابن حجر (1/ 241، 367، 369)، "جامع الأصول" (1/ 162)، "شرح شرح النخبة" (33 - 39)، "لقط الدرر" (73)، "تدريب الراوي" (1/ 71)، "توضيح الأفكار" (1/ 109)، "الحاكم النيسابوري وكتابه المستدرك على الصحيحين" (329)، كتابي "الإمام مسلم ومنهجه في الصحيح" (2/ 466 - 484)، وما سيأتي (ص 445 وما بعدها).

 

 

 

 

EN