التاريخ والحضارة
التاريخ
الحضارة
ابرز المؤرخين
اقوام وادي الرافدين
السومريون
الساميون
اقوام مجهولة
العصور الحجرية
عصر ماقبل التاريخ
العصور الحجرية في العراق
العصور القديمة في مصر
العصور القديمة في الشام
العصور القديمة في العالم
العصر الشبيه بالكتابي
العصر الحجري المعدني
العصر البابلي القديم
عصر فجر السلالات
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
الاراميون
الاشوريون
الاكديون
بابل
لكش
سلالة اور
العهود الاجنبية القديمة في العراق
الاخمينيون
المقدونيون
السلوقيون
الفرثيون
الساسانيون
احوال العرب قبل الاسلام
عرب قبل الاسلام
ايام العرب قبل الاسلام
مدن عربية قديمة
الحضر
الحميريون
الغساسنة
المعينيون
المناذرة
اليمن
بطرا والانباط
تدمر
حضرموت
سبأ
قتبان
كندة
مكة
التاريخ الاسلامي
السيرة النبوية
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام
الخلفاء الاربعة
ابو بكر بن ابي قحافة
عمربن الخطاب
عثمان بن عفان
علي ابن ابي طالب (عليه السلام)
الامام علي (عليه السلام)
اصحاب الامام علي (عليه السلام)
الدولة الاموية
الدولة الاموية *
الدولة الاموية في الشام
معاوية بن ابي سفيان
يزيد بن معاوية
معاوية بن يزيد بن ابي سفيان
مروان بن الحكم
عبد الملك بن مروان
الوليد بن عبد الملك
سليمان بن عبد الملك
عمر بن عبد العزيز
يزيد بن عبد الملك بن مروان
هشام بن عبد الملك
الوليد بن يزيد بن عبد الملك
يزيد بن الوليد بن عبد الملك
ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك
مروان بن محمد
الدولة الاموية في الاندلس
احوال الاندلس في الدولة الاموية
امراء الاندلس في الدولة الاموية
الدولة العباسية
الدولة العباسية *
خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى
ابو العباس السفاح
ابو جعفر المنصور
المهدي
الهادي
هارون الرشيد
الامين
المأمون
المعتصم
الواثق
المتوكل
خلفاء بني العباس المرحلة الثانية
عصر سيطرة العسكريين الترك
المنتصر بالله
المستعين بالله
المعتزبالله
المهتدي بالله
المعتمد بالله
المعتضد بالله
المكتفي بالله
المقتدر بالله
القاهر بالله
الراضي بالله
المتقي بالله
المستكفي بالله
عصر السيطرة البويهية العسكرية
المطيع لله
الطائع لله
القادر بالله
القائم بامرالله
عصر سيطرة السلاجقة
المقتدي بالله
المستظهر بالله
المسترشد بالله
الراشد بالله
المقتفي لامر الله
المستنجد بالله
المستضيء بامر الله
الناصر لدين الله
الظاهر لدين الله
المستنصر بامر الله
المستعصم بالله
تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام
شخصيات تاريخية مهمة
تاريخ الأندلس
طرف ونوادر تاريخية
التاريخ الحديث والمعاصر
التاريخ الحديث والمعاصر للعراق
تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي
تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني
تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق
تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى
العهد الملكي للعراق
الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق
قيام الجهورية العراقية
الاحتلال المغولي للبلاد العربية
الاحتلال العثماني للوطن العربي
الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية
الثورة الصناعية في اوربا
تاريخ الحضارة الأوربية
التاريخ الأوربي القديم و الوسيط
التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر
صفط الحناء (ناووس من الجرانيت الأسود)
المؤلف:
سليم حسن
المصدر:
موسوعة مصر القديمة
الجزء والصفحة:
ج13 ص 209 ــ 219
2025-06-13
48
من أهم الآثار التي عثر عليها في «صفط الحناء» ناووس للملك «نقطانب» الأول، وقد كتب عنه جمعٌ غفيرٌ من الأثريين منذ العثور على قطعة (راجع: Brugsch, A.Z. 19 (1881) p. 15–18; Naville, Goscher. p. 2-3، 6–13 pl. 1. VII; Roeder, Cat. Gen. Naos, p. 58–99 & 33 b; Com p. Schott. Mitt. D. Inst. 2/1931, p. 54–56 & pl. X).
عثر بعضُ الفلاحين في أثناء أعمال الفلاحة على هذا الأثر الفاخر في هذه الجهة، وقد سمع به أحدُ الباشوات القاطنين في هذه المنطقة، وأمر على الفور بتسليمه إياه؛ ظنًّا منه أنه يحتوي في ثناياه على ذهب، وقد حمل هذا الباشا قطعتين من هذا الأثر إلى عزبته، وقد بقيتا هناك حتى حُملتا إلى متحف «بولاق» وقتئذٍ، وقد بُنيت عدة قطع من هذا الناووس في القناطر التابعة لصفط الحناء، وذلك بعد أن محيت أوجهُها المنقوشةُ، وقد قام الأثري «نافيل» بجمع هذه القطع بالإضافة إلى القِطَع الأُخرى التي عُثر عليها في أثناء الحفائر التي قام بها في هذه الجهة ورَكَّبَها على بعضها البعض، غير أنه ينقصه قطعٌ عدة.
وكان الناووسُ يتألف من قطعة واحدة، ويبلغ سمكُهُ ست أقدام وثماني بوصات ونصف بوصة، وعرضه ست بوصات، أما ارتفاعُهُ فلا يُمكن تحديدُهُ بالضبط، غير أنه لا يمكن أن يكون أَقَلَّ من سبع أقدام وثلاث بوصات على حسب رأي «نافيل»، ولم يبق شيءٌ مِن سقف هذا الناووس.
وهاك بعض النقوش التي على الجزء الباقي من هذا الناووس:
الواجهة الأمامية: نجد على هذا الجزء اسم «نقطانب» مكررًا ثلاث مرات ومسبوقًا بأحد النعوت الثلاثة التي توجد مجتمِعة في لقبه، فقد قيل عنه إنه يحب الإله المحلي «سبد» رب الغرب، وروح الشرق، و«حور» الشرق.
وفوق هذه النعوت الأناشيد التي كان ينشدها الملك متحدثًا كالإله «تحوت» الذي تُنسب إليه هذه الأناشيد، (راجع(Saft El-Hennah etc. p. 6 & pl. 1:.
وهاك الترجمة للأسطُر الأُفُقية العُليا: «الحمد لسبد من الإله الكامل، رب الأرضين «خبر-كا-رع» بن «رع» رب التيجان … عمل بوساطة «تحوت» نفسه في الزمن الأزلي تَعَبُّدًا لهذا الإله الفاخر».
ونقش عموديًّا تحت ذلك تسعة أَسْطُر، منها أربعةٌ أمام الملك ومن سطر 5 إلى سطر 8 فوقه، وسطر 9 خلفه:
وهاك ترجمة ما تبقى منها:
.. في بيته … على أعدائه … مرتين، وقد أتى وقتل «أبو فيس»، وافتتح السنة الجديدة، والآلهة والآلهات في فرح وتهليل في مكانه العظيم (محرابه)؛ لأنه غل العدو بأجنحته.
… والصقر المقدَّس، وأرض الشرق في الشرح، وقد ذبح أعداءه (ربما كان المقصود هنا «رع»)، والغرب قد أصبح في سرور، وعندما صعدت هذه الروح إلى أُفُقها قطعت أعداءها إربًا، وقد اخترق السماء في ريح رخاه، ووصل إلى الغرب الجميل، وفرح أهل الغرب برؤيته.
وعندما اقترب منهم كانت أجسامُهُم مبتهجةً لرؤيته تأمل! تأمل! أنه على أفواههم، ولم يكن في مقدور واحد منهم أن يستيقظ، بل كانت أجسامُهُم ممتدةً أمامه، وأنه هو الواحد الأحد الذي سيختار أين سيقترب من جبل «باخو» (الجبل الذي تغربُ فيه الشمسُ في الصحراء الغربية).
وعندما يشرق على الجبل تُهلل كُلُّ ذوات الأربع التي في البلاد له، وأشعتُهُ وبهجتُهُ في وجوههم، وأنه يجلب النهار عندما تمر الساعة الخفية في «نوت» (إلهة السماء) والنجوم السيارة والنجوم الثابتة (القطبية) دون أن يحدث له تعب، و«حور» قوي الساعد يَحمل في يده الحربة ويذبح «عبب» (أبو فيس). (5) أمام قاربه (أي قارب «رع»)، ويمسك «حور» بالدفة لأجل أن يدير القارب الكبير، والإلهة «سشات» الجبارة ربة الكتابة تنطق صيغها المقدسة في سفينته المقدسة، ولقد أتى «رع» وضرب أعداءه في صورته «أختي» (إله في صورة «بس» بوصفه حاميًا للأطفال المولودة حديثًا)، وأنه يجعل جسمه يزيد باسمه «حورسبد» وأنه يكمله في الوقت المعين باسمه «ماحس» (اسم إله)، وأنه هو نفسه يمده بأعضائه باسمه.
(7) «حور الشرق»، وقد ضربهم (أعداءه) بالحرارة التي في جسمه باسمه «حور» قوي الساعد، وقد اخترقهم بضربة واحدة، (وأجسامهم) ألقى بها في الشرق والغرب وقضى عليهم. (8) على جبل الشرق وأعضاؤهم التهمتها النار، ويحس «رع» الريح الطيبة كل يوم باسمه «حور» المنتصر، وأنه يكون ممتازًا كل يوم باسمه «حورسبد»، مرحبًا بك إلى حدود السماء يا سيد «حرمخيس» الذي في … (9) … والآلهة والآلهات … من الفرح كل يوم قد اجتمع السرور والانشراح، روح الشرق، وصقر الشرق الذي هو «رع» في الغرب، وأنه يخترق السماء هو نفسه … على شرق سفينته كل يوم.
وهذه الأنشودةُ كانت أول متن يعترض عين الناظرُ إلى الناووس؛ ونجد فيها التكرارات العادية جدًّا التي نجدُها في المتون الدينية مما يجعلها — في أغلب الأحيان — مملة للقارئ، وفيها نجد كثيرًا من التورية في الألفاظ، وكانت هذه التوريةُ محببة للمصري، غير أنه لا يمكن إظهارُها في الترجمة.
وأَهَمُّ ميزة للإله «حور سبد» أبرزها مؤلفُ الأنشودة هي: حبه للحرب؛ فهو إله محارب، وسنرى ذلك عندما نبحث الأشكالَ الخاصة التي اتخذها لنفسه، وسننتقل الآن إلى بعض المتون التي على الجوانب الأخرى، وسنبدأ بالمتون التي كُتبت بحروف كبيرة، وهي نقوش الإهداء.
فيشاهد على الجانب الأيسر (راجع The Shrine of Saft El-Hennah and the Land of Goschen, Edward Naville, p. 7 & pl. II)، متنٌ ذُكر فيه الأحوال التي أُقيم فيها هذا الناووسُ للإله.
(1) الإلهُ الكاملُ عظيمُ البطش قوي الساعد، الذي يصد البلاد الأجنبية، والبارع في النصيحة ومن يحارب من أجل «مصر»، ثور المقاطعات ومن يطأ بقدميه الآسيويين ومن يخلص مأواه من عبثهم، الثابت الجنان، ومن يتقدم ولا يتقهقر قط لحظة واحدة، ومن يفوق سهمه في اللحظة المناسبة، ومن يمد المعابد بذكائه العظيم، والذي يقولُهُ يَحدث في الحال، كالذي يخرج من فم «رع» ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع» ابن «رع» «نخت نبف».
(2) هذا الإلهُ المبجل «سبد» رب الشرق يذكر نيته الطيبة نحو جلالتِه، وكل الآلهة عندما يخرج (ابن الملك) أمامهم يحفلون به لأجل أنْ يَعتني بالأجسام المقدسة (أي تماثيل الآلهة) مدة حياته ولسنين عدة فيما بعد، وعندما أراد الملكُ أن يقدم إنعاماتٍ خاصة بهذا الإله (أي سبد) في محرابٍ خَفِيٍّ لم يكن معروفًا لدى الكهنة، وحيث كان كُلُّ آلهة الإقليم يُخفون أجسامهم؛ فإن الإله قد وضع في قلب الملك أن يجعله يرى …
(3) وبعد سنين عدة دُون أن يعرف كيف حدث ذلك، فإنهم رأوا بوضوح كيف أُقيم على مقعده، وبعد ذلك كان هناك سرورٌ قائلين: إن هذا الأمير قد ظهر في الشرق، وإنه قد زَيَّنَ العالم بأشعتِهِ وإنك قد رفعت عاليًا جدًّا إلى السيد المنتصر، وبعد ذلك فإن الإله الكامل قد زين محرابه وعمله، «أمن-خبرو» (= المكان الخلفي) لرب الشرق لجسمه هو، وكل الآلهة الذين كانوا في ركابه على يمينه وكل الآلهة الذين في مكانه على يساره، وعندما يخرج فإن كل آلهته تكون أمامه مثل «رع» عندما يشرق في أُفُقه، وكذلك تكونُ الحالُ عندما يأوي إلى محرابه كل يوم.
ومِن ثم نفهم أن سبب إقامة هذا الناووس كان وقوع أُعجوبة في عهده، ومما يؤسَف له جد الأسف؛ أن نهاية السطر الثاني وُجدت مهشمة؛ ولذلك لم نعرف ماذا حدث، وعلى أية حال يظهر واضحًا أن الكهنة، إما أنهم كانوا لا يعرفون أين كان مأوى الإله، أو أن هذا المأوى كان مكانًا غيرَ مسموح لهم بالدخول فيه، وهذا الرأي الأخير هو المرجح، وقد قرر الملك أن يعمل شيئًا لهؤلاء الآلهة بهذا الخصوص، غير أننا لا نعرف ما هو هذا الشيء؛ وذلك بسبب الكسر الذي في الناووس، والنتيجة أنه بعد مُضِيِّ سنين عدة ظهر فجاءة إله على مقعده وأظن أنه هو الإله «سبد»، وقد كان هذا الحادثُ مثارَ فرحٍ عظيمٍ في «مصر»، وقد سمي «نقطانب» هذا المحراب أو الناووس «مكان اختفاء سبد»، وتلك هي الحقائقُ القليلةُ التي أمكن جمعُها من هذا المتن المتكررة عباراتُهُ.
وعلى ظهر الناووس يُلحظ أن النقش الذي حُفر بحروفٍ كبيرة لا يحتوي على حقائقَ تاريخية، بل كُلُّها عباراتُ مدح تُثني على الأعمال العظيمة التي قام بها الفرعونُ كما تذكر لنا صفاته، (راجع: Ibid, pl. VI):
(1) الخاص بالشرق، قوي الساعد، نسل «حور» الشرق، بكر إله الأُفُق، الواحد الأحد وحصن «مصر» ومبيد الآثمين في الأرض، والثائرين حولها، ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع» بن «رع» «نخت نبف» العائش أبديًّا.
(2) ... إله الأفق الذي يُشرق في الأُفُق وأشعتُهُ الصفراءُ تضيء … وكل البشر يعيشون برؤية بهاء «حور» في الشرق، وكل الآلهة يحفلون به عندما يرونه.
(3) ... عرشك بمثابة «سبد» منتصرًا وكل القطرين قاطبة ينظر فرحًا عندما تشرق في أُفق «بخو» (المكان الذي تشرق منه الشمس) … وأنه ألقى الجبال في أوديتها وأنه هو الذي يحمي «مصر»، عين «رع»، والذي يحرس أجسام الآلهة، ولقد أغنيت المعابد بكل الأشياء الطيبة امنحن مكافأة نصر «رع» أبديًّا.
والنقش الذي على الجانب الأيسر أكثر أهمية جدًّا عن السابق (Ibid. p1. VD) فاستمع لما جاء فيه:
(1)ملك الوجه القبلي والوجه البحري رب الأرضين «خبر-كا-رع» ابن «رع» «نقطانب»، لقد عمله بمثابة أثر لوالده «سبد» رب الشرق، هذا الناووس من حجر الجرانيت الأسود والمصراعان اللذان في الأمام من البرونز الأسود موشيان بالذهب، والصور التي عليه من … وكل الذي دون على إضمامةٌ من الجلد قد عمل بصناعة جميلة باقية أبديًّا، وقد كوفئ على ذلك حكمًا طويلًا، وكل البلاد الأجنبية تحت قدميه وهو عائش مثل «رع» أبديًّا.
(2) الإله الكامل رب الأرضين أمر أن تعمل هذه الأشياء بمحض إرادته لأجل أن يحفظ الجسم الإلهي (أي تمثال الإله) في مسكنه بعد أن أتى جلالتُه إلى «قيس» ليقرب قُربانًا لهذا الإله المحترم «سبد» رب الشرق على عرشه بوصفه السيد المنتصر، وعلى ذلك فإن أحقابًا من السنين سترى … وقد اختار جلالتُه مسكنَه في مدة حياة «خبر-كا-رع» ابنه الذي يحبه «نقطانب» العائش أبديًّا.
(3) وأنه الملك الذي أمر بنفسه بإقامة التماثيل للآلهة «قيس» على هذا المحراب في مدة حياة جلالته، وكل الآلهة في أماكنها، وأنها كما دون على إضمامة الجلد، وكذلك كل الأحفال المقدسة دون أيِّ إهمال فيها عندما … «تحوت» مثل كل أتباع رب «حسرت» على حسب الأعياد الثلاثينية العديدة، عائشًا مثل «رع» أبديًّا.
والواقعُ أن هذا هو أهمُّ نقشٍ حُفر على المحراب؛ إذ إنه يخبرنا عن المكان الذي أقام فيه «نقطانب» الأول الناووس، وهذا المكان هو بلدة «قيس».
أما النقوش التي حُفرتْ بأحرُف صغيرة فإنها إما أن تصف ما حفر تحتها، أو تحدثنا ماذا فعل الآلهة، ليكافئوا الملك لفائدته، وليس من المستطاع أن تتبع القاعدة التي اتخذها الحفارون في اختيارهم الصور التي مثلوها.
ويُلحظ أن أهم صورة للإله «سبد» الذي عمل من أجله الناووس هي صورةُ صقر عاري الرأس (Pl. V. 4)، أو يلبس ريشتين (Pl. II 5)، ويُرى جاثمًا على مضجع (Pl. II 5)، أو على قاعدة من الحجر؛ ومن الجائز أن يكون أمامه مثلثٌ يقرأ «سبد» وهو اسمه، وهذا الشكلُ نراه في العلامة الهيروغليفية التي تُسَمَّى بها المقاطعة، والصقر هو الشكل العادي للإله «سبد» — غير أنه ليس أقدم صورة له — في عهد الملك «نقطانب»، وعلى ذلك فإنه يحمل ألقابه كاملة: «سبد» روح الشرق، والصقر أو «حور» الشرق، (pl. IV 6).
وقد مثل هذا الإله في هذا العصر بصورة قزم قبيح المنظر برأس كبير ولحية، ويتحلى بريش وبذراعين ممتدتين وجناحين، وفي كل يد من يديه سكينٌ، وهو في هذه الصورة يُشبهُ الإله «بس»، وهذا الشكل يُسمى «سبد» الذي يضرب الآسيويين (pl. II 6 & c)، وله صورة ثالثةٌ أخرى في هيئة رجل بجناحي ورأس صقر بدلًا من رأس إنسان، ويُلحظ أن جسمه قد اضطجع على مقعد وذراعه اليُسرى مرفوعةٌ مثل ذراع «آمون»، وفي يده اليُمنى قوسٌ وسهام، ويسمى هذا «سبدشو» بن «رع» (pl. II 6) وقد سُمي على أثر آخر في متحف «اللوفر» «رب الحرب».
ويُلحظ أن «سبد حور» لا يختلف إلا قليلًا عن «سبدشو» وذلك أن جزءه الأعلى مكونٌ في صورة صقر على جسم إنسان، (pl. V. 4).
والمقابلُ لهذه الصورة هي صورةُ إنسانٍ واقف، بذنب وجناحَي صقر وبيده اليُسرى سكين وفي يده اليمنى علامةُ الحياة، وهو يُسَمَّى هنا «سبد سيد للوجوه والمخيف والمخيف إلى أقصى حَدٍّ»، (راجع: Pl. II 5 & V. 4)
ويمكن أن يمثل الإله «سبد» كذلك في صورة إنسان يلبس ريشتيه، وفي إحدى يديه صولجان وفي الآخر رموزٌ أُخرى، وهو بهذه الصورة يُشبه الإله «أنحور»، وهذا التنوُّعُ قديمٌ جدًّا، ولدينا مثالٌ قديمٌ على لوحة عُثر عليها في «وادي جاسوس» على ساحل البحر الأحمر، وهي الآن موجودةٌ في قصر «النويك Alnwick Castie»، ويرجع تاريخها للملك «سنوسرت» الثاني (A. Z. 1882, p. 204).
ولدينا صورةٌ أخرى في «وادي مغارة» ترجع إلى الأسرة الثامنة عشرة (L.D. III p. 204)، وثالثة من عهد «رعمسيس» الثاني (Ibid. III 144)، وتدلُّ شواهدُ الأحوال على أن هذه الصورة هي أقدمُ شكلٍ لهذا الإله، وهو دائمًا كان يُسَمَّى من أجل ذلك «رب الشرق»، ولا نزاع في أنه إلهُ حرب، وإليه يُنسب الشرق (أي مقاطعات شرق الدلتا)، حتى تخوم «سوريا»، هذا بالإضافة إلى الإقليم الواقع بين النيل والبحر الأحمر وهو يُشرف على جبال «باخو» وهي مرادفٌ للشرق، وأنه هو الذي يحمي «مصر» من الغزاة الشرقيين، وهم «المنتو» أو «الفنخو» — كما يسمون هنا — ويعنى بذلك: الفُرس الذين كانوا أخطرَ أعداء الملك «نقطانب» الأول.
ويُلحظ أن الإله «سبد» تتبعه عدةُ آلهات تحمل اسم «خونست» (راجع( pI. V. 3 & 4:.
هذا بالإضافة إلى أشكالٍ عدةٍ للإله «حور» «حورمر» أو «حور سا إزيس»، كما يتبعُهُ الإله «آمون» ممثلًا بأشكالٍ مختلفة، وغالبًا ما يكون في صورة طائر (Pl. II 5)، ومِن بين أتباعه الذين نراهم معه كثيرًا جدًّا الأسد «ماحس» الذي يمثل عادة وهو يأكل رأس أسير )راجع Pl: III 3, Vl 6, VII 5)، وأحيانًا يُمثل بصورة إنسان برأس أسد (راجع: Pl. II 6, III 4).
هذا، ويمكنُ استخلاصُ معلوماتٍ أُسطورية كثيرة من ناووس «صفط الحناء» وغيره من الآثار المنقوشة التي عُثِرَ عليها من عهد الأسرة الثلاثين (راجع: مثلًا عن توحيد الإله «آمون» بالإله «حرمخيس» Pl. II 1, Pl. V. 1, 4) والواقع أنه لو فُحصت المتونُ المنسوبة للإله «سبد» فإن ذلك يؤدي إلى أنه ليس بالشمس المشرقة التي يمثلها، بل إلى أنه أحدُ النجوم السيارة، أو بعبارةٍ أُخرى الزهراء بوصفها نجم الصباح.
هذا، وقد مثل على الجانب الأيسر للناووس — بقدر ما يمكن استخلاصُهُ مما تَبَقَّى منه — عدةُ سفن كانت قد أُودعت في المعبد أمام الإله:
فنرى أولًا سفينتي الإلهة «باست» والإله «تحوت» (Ibid. p1. II 4)، وقد نقش مع كل سفينة، أنه أمام «سبد» وأسفل من ذلك يحتمل أنه كانتْ توجدُ سفينةُ «آمون» (5، 11)، وكذلك سفينة «سبدشو» ثم يأتي فلك «سبد» ضارب الآسيويين، (6) وفي نفس الصف نجد أشكال «سبد» الأربعة الرئيسية يقدم لها الملك «نقطانب» القُربان، وكذلك للإلهين حورمر والآلهة «خونست».
هذا، ويُلحظ أن النقوش التي على اللوحة (2) في السطر 4، 5 متشابهةٌ جدًّا، وهي تذكر لنا أن هذه السفن قد نُقشت على حسب إرادة «نقطانب» ومعه ألقابه العادية، وجاء في السطر السادس: أنها عملت بمثابة مكافأة حسب إرادة ابنهم (ابن الآلهة) الذين يحبهم وهو الملك «نقطانب» وقد أعطيت إياه رقعة «رع» … جب وأنه شجاعٌ مثل شجاعة الآلهة، وكل الأرض تقفز فرحًا، كما أن القلوب منشرحةٌ لرؤية جماله، وأن حبه يمتد على كل الدنيا مثل «رع» عندما يشرق في «باخو» (الشرق)، وذلك بسبب صلاحه العظيم نحو كل الأرض.
ويشاهد على ظهر الناووس (Pl. III & lv) مواكبُ طويلةٌ من الآلهة، فنجد هناك الأسماءَ الأربعةَ للمكان الذي نصب فيه الناووس، وقد كرر بعضها وهي: «سبد» بيت «سبد» ومأوى الجميزة وبيت الجميزة.
ويشاهد على ظهر الناووس (Pl. III 1-1)، مواكب طويلةٌ من الآلهة، أُمم مختلفة، أن الهمج قد وطأهم تحت قدميه، وأن ساعده قويٌّ بين رؤساء الإغريق.
ونجد في السطر الثاني من هذه اللوحة ذكر كتاب قد اقتبس فيما بعد، وهو الذي أخذت عنه الرسوم التي على الناووس على ما يظهر! هذه الصور التي عملت على هذا الناووس قد اختِيرت من الكتاب، وقد نقشت بإرادة الملك «نقطانب».
هذا، ونجد في السطر الثالث موضوعًا يكاد يكون طبق الأصل في اللوحة (Pl. VI 1–6)، وقد فسر بالطريقة الآتية: هؤلاء الآلهة الذين يأوون في محراب الإلهة «ونت» (إلهة في صورة ثعبان)، ويقفون على يمينها ويَسارها في مساكنهم في بيت الجميزة، وقد نقشوا بإرادة الملك «نقطانب» العائش أبديًّا وقد كوفئ على ذلك بمدائح كثيرة العدد، والجبال والرمل «السهل» قد نحت أمامه، وناووس الآلهة «ونت» الذي ذكر هنا يحتوي على نفس الآلهة يشاهد في اللوحة (Pl. Vl, 1–6)، وهناك إلهتان باسم «ونت» واحدةٌ للجنوب وأُخرى للشمال.
والسطر الرابع من نفس اللوحة يتحدث بنفس الطريقة عن آلهة ناووس الإله «سبد» ضارب الآسيويين: «إن هؤلاء الآلهة الذين يأوون في ناووس «سبد» ضارب الآسيويين على يمينه وعلى شماله، والذين يقفون في أماكنهم في «باسبد» قد نحتوا بإرادة الملك … إلخ، وهم نفس الآلهة الذين شاهدناهم (في اللوحة الثانية السطر السادس) مصاحبين الناووس الذي يأوون إليه.»
وفي اللوحة الثالثة السطر الرابع نشاهد الملك «نقطانب» يقدم قربانًا لأربعة حيوانات نقش فوقها: «إنك شجاع وبطل وإن ساعدك قد نما ليضرب أولئك الذين يعملون المتاعب (؟) لمصر»، والظاهرُ أنه أتى بعد ذلك تاريخ قد اختفى.
وفي اللوحة الرابعة (pl. IV 1–5) نقرأ: «هذه الآلهة التي تقف على مساكنها، وقد وجد لها مكان آخر سري في الساحة المقدسة في بيت النبقة، وقد صدرت على حسب إرادة الملك، وقد أراد جلالته أن يقدم احترامًا خاصًّا لآبائه مقدسًا صورهم وكل إله في مكانه وأشكالها على هذا الناووس أيضًا، والسطر السادس يبتدئ بالملك يتعبد لأربعة آلهة: مكان آخر وجد في داخل المعبد اختير لها وقد نحتت، إلخ.»
ونقرأ بعد ذلك: «منقوش من لفافة جلد خاصة بالمعبد وهي كتاب بالخط المقدس (هيروغليفي) وقد نحتت (الآلهة) على حسب الكتاب بإرادة الملك «نقطانب»، وقد أراد جلالتُه عمل هذه الأشياء المقدسة، وقد أقامها في بيت والده «سبد» رب الشرق، وعندما رفع الآلهة في مأواها حينما اختارت مسكنها في مدة حياته، وقد دعم عرش جلالته بين الأحياء كالسماء كل يوم.»
ويلاحظ أنه في نقوش التقدمة قد جاء ذكرُ لفافة جلد أُخرى، وهي الكتاب المقدس الذي يحتوي على القانون الذي على حسبه، كانت توضعُ الأحفال وعلى الجانب الأيمن (Pl. V. & vl.)، نجد الشجرة التي تُسمى «نبس» وهي التي منها اشتق الاسم الذي يطلق على «صفط الحناء» وهو «برنبس» كما يقول معظم الأثريين، ولكن «جوتييه» يقول: «يخيل إليَّ أنه من المحتمل كثيرًا أن اسم «آت نبس» أو «حات نبس» كان محرابًا أو حيًّا خاصًّا في هذه المدينة؛ أي «صفط الحناء».»
والغريب في الكلمة «نبس» أنه لم يحقق كنهها بعدُ، فمِن قائلٍ إنها شجرة الجميزة، ومِن قائل إنها شجرة النبق، ويحتمل أن المعنى الأخير يقرب من الحقيقة؛ لتقاربه من اللفظة العربية «نبق»، وفي السطر الثاني نقرأ من اللوحة رقم … لآبائه أسياد سكان الجميزة (؟) والجميزة الخضراء وأغصانها تخرج أوراقها الخضراء والأرض مخضرة في كل امتدادها ومقر هذه لإله مخضر كل يوم، وأنه ينبثق عن زهوره وكل الأشياء الطيبة، وأن أرض «كس» خضراء لأجل أن تكون لامعة في مدة حياته.
ويُلحظ أنه في هذا السطر قد مثلت شجرة «نبس» (الجميزة؟) مع الإله «حور» الذي اعتبر ساكنها، وكما نجد في السطر الرابع من نفس اللوحة الإله «شو» والإلهة «تفنت»، وفي السطر الثالث الإلهة «حتحور» قد مثلت بهذه الكيفية.
هذا، وتوجد صورة بيت «نبس» في السطر الثالث من نفس اللوحة، فهناك نجد الشجرة مسكونة بالإلهين «سبد» و«حرمخيس» وخلفها نشاهد ثلاثة أشكال مختلفة للإلهة «خنست» (وهي إلهة لم تظهر إلا في العهد المتأخر)، ويُشاهَد أمام الشجرة ثعبانان يلقبان بحارس باب القاعة، ويوجد أمام هذه القاعة دهليزٌ آخرُ يحتله ثعبانان ويلقبان حارس باب الدهليز المؤدي إلى بيت الشجرة «نبس» (؟).
والنقوش التي فوق هذه الأشكال هي:
عندما (أتى) الملك «خبر-كا-رع» صورة «رع» وسليل صقر الشرق و«سبد شو» المعابد والبناء العظيم — في هذه المقاطعة لأجل أن يقدم قربانًا لآبائه أرباب مأوى شجرة «نبس» مكملًا «مصر» في منظرها ومجددًا سكن شجرة «نبس» وجاعله كله جديدًا؛ فإن الأرض كلها كانت في سرور من أجل ذلك، وكل إنسان كان مبتهجًا؛ لأنه كان قد عمل على حسب كُتُب «رع»، وعندما اختلط «رع» بالشعب فإنهم جعلوا بيت شجرة «نبس» يزدهر.
ونجد كذلك في السطر الرابع من نفس اللوحة أشكالًا عدة للإله «سبد» والنقوش التي تتبع ذلك تتضرع للآلهة قائلة: تعالوا وانظروا كل ما قد عمل لكم على يد ابنكم الذي يحبكم الملك «نقطانب» الذي يعيش أبديًّا، وكل الآلهة والإلهات … عندما ينضم إليهم «رع» والشعب يشم الأشياء الجميلة التي عملها في مسكن «باخو» «الشرق»، فقد جعل موائد قرابينكم تفيض بكل الأشياء الطيبة وجدد الحدائق؟ دون انقطاع، وجعل الحقل ممتازًا مزودًا موائد قربانك، أعطه مكافأة ليكون ملك الوجهين القبلي والبحري اللذين يخضعان لإرادته مثل «رع» أبديًّا.
وجاء في السطر الخامس من نفس اللوحة ما يأتي: إن جلالته قد وَجَّهَ عزمه على تنفيذ كُلِّ هذه الأشياء المقدسة، والآلهة يرون ما يفعل في بيوتهم على يد ابنهم الذي عَلَى عرشهم الملك «نقطانب» العائش أبديًّا، وقد نال مدائحَ مثل «تاتنن» مكافأة له على بِناء معابدهم، وقد توج ملكًا على الأرضين، وعلية القوم وعامتهم يحتفلون به، وكل الأرض قاطبة منحنيةٌ أمام جلالته بسبب سلطانه عليهم، والماء يعلو في فصله وإنه ممتازٌ بسبب فائدته؛ لأنه سر قلوبهم حقًّا، والأرض تعيش به (أي الماء كل يوم).
وجاء في السطر السادس: تعالوا وشاهدوا ما فعل جلالتُه نحوكم يا أسياد مأوى «نبس» (شجرة؟) كافئوه بعزة «آتوم» وبعمر «رع» بوصفه أميرَ الأحياء، إن كل قلوبهم متعلقةٌ به وكل الأراضي الأجنبية … بحربته وإن رؤساءهم حامِين «مصر» وحارسين عين «رع» من الذين يجلبون السوء لها.
والملك «خبر-كا-رع» نفسه طفلها الذي يحرس معابد كل الآلهة أبديًّا؛ لأنه ابنك الذي يحميك وإنه الباني القدير في بيت «نبس» بن «رع» «نقطانب» العائش أبديًّا مثل «رع».
وفي السطر السادس نُشاهد الإله «آتوم» في صورة دمس، ونجد نفس هذا الإله ثانية في اللوحة رقم 7 (Pl. VII, 1). الصف الأول.
ويُلحظ أنه يسكن في (Pl. VI 1, 6)، واحد من ستة نواويس مختلفة، ويحتمل أنها كانت في المعبد مع بقية المحاريب، والآلهة الذين يُحيطون «ونت» نجدها كذلك للمرة الثانية، ومما تجدر ملاحظتُهُ أنه من أول السطر الثالث وما تحته تذكر النقوش المادة التي صنع منها تمثالُ الإله أو الرمز، كما تذكر ارتفاعَه، فنجد مثلًا في السطر الثالث (1) أنَّ تمثال «سبد» الواقف صُنع من الذهب، وارتفاعُهُ ذراعٌ في حين أن «حور» الواقف خلف «سبد» قد صنع من حجر موشًّى بالذهب، وارتفاعُهُ خمس قبضات أو في السطرين الخامس والسادس، نجد أن عددًا من الآلهة قد صنعت من حجر الجرانيت.
والجزءُ الداخليُّ من الناووس كان قد زين كله بالنقوش ومعظمها تكرارٌ لِما نقش خارج الناووس، وأول سطر يذكر اسم المخبأ (Cf. Pl. II 3)، وهو كما رأينا قد أُطلق على محراب الملك «نقطانب» بعد أنْ حدثت المعجزة.
ويوجد في متحف «اللوفر» قطعةٌ مِن ناووس، مثل عليها أسابيعُ السنة (كان الأسبوع يعد عشرةَ أيام)، وقد عثر على قطعة أُخرى من هذا الناووس في «الإسكندرية» ويُقال إن موضعه الأصليَّ كان في «صفط الحناء»، وقد تحدث مليًّا عن هذا الناووس الأثري «لبيب حبشي».
)راجع Journal of Near Eastern Studies Vol. XI. p. 251–263 (1952):).