تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
الأسرار المتبقية للثقوب السوداء(مفارقة المعلومات في الثقوب السوداء: صراع الحتمية بين الكم والنسبية)
المؤلف:
برايان غرين
المصدر:
الكون الأنيق
الجزء والصفحة:
ص372
2025-06-23
25
وحتى بعد هذه التطورات المثيرة ما زال هناك سرّان أساسيان يكتنفان الثقوب السوداء. الأول يختص بتأثير الثقوب السوداء في مفهوم الحتمية. أعلن عالم الرياضيات الفرنسي بيير- سيمون دي لابلاس في بداية القرن التاسع عشر أكثر النتائج صرامة وتأثيراً لعلم الكون الذي يشبه الساعة ونتج من قوانين نيوتن للحركة:
الذكاء الذي يمكن أن يدرك في لحظة معينة كل القوى التي بها تحيا الطبيعة، والوضع المتعلق بذلك للكائنات التي تكونها، إذا كانت هذه المكونات من الكبر بحيث يمكن إخضاع بياناتها للتحليل، فإنه (الذكاء) يمكن أن يتضمن في نفس المعادلة حركات الأجسام الكبرى في الكون وحركات أخف الذرات كذلك. ولمثل هذا الذكاء لا يوجد شيء غير مؤكد، فالمستقبل مثل الماضي مفتوح على مصراعيه أمام عينيه وبمعنى آخر، إذا كنت في لحظة معينة تعرف موقع وسرعة كل جسيمة في الكون فمن الممكن أن تستخدم قوانين نيوتن للحركة لتحديد – على الأقل من ناحية المبدأ - مكانها وسرعاتها في أية لحظة من الماضي أو المستقبل. ومن هذا المنظور فإن كل وجميع الأحداث، من تكون الشمس إلى صلب المسيح، إلى حركة عينيك عبر هذه الكلمة، تأتي بصرامة نتيجة لموقع وسرعة المكونات المعينة في الكون منذ اللحظة الأولى بعد الانفجار الهائل وتثير هذه النظرة الجامدة والمغلقة لحركة الكون كل أنواع المعضلات الفلسفية المحيرة التي تتعلق بحرية الإرادة، غير أن أهميتها تناقصت بشكل ملحوظ بعد اكتشاف ميكانيكا الكم. فقد رأينا أن مبدأ عدم التيقن لهيزنبرغ ينسف حتمية لابلاس، لأننا في الأساس لا نستطيع تحديد موقع وسرعة مكونات الكون بالضبط وبدلاً . من ذلك، فإن دوال الموجات الكمية قد حلت محل هذه الخواص الكلاسيكية، الأمر الذي ينبئنا بأنه لا يوجد إلا احتمالات لتواجد جسيمة ما في أي مكان، أو لأن تكون لها سرعة ما كذلك.
غير أن سقوط رؤية لابلاس لم يترك مفهوم الحتمية فاشلا تماماً، فتطور الدالات الموجية مع الزمن - احتمالات الموجات في ميكانيكا الكم – وفقاً لقواعد رياضية صارمة، مثل معادلة شرودنغر (أو مقابلها النسبي مثل معادلة ديراك ومعادلة كلاين - غوردون). ويدلنا ذلك على أن الحتمية الكمية قد حلت محل حتمية لابلاس الكلاسيكية تسمح معرفة الدالات الموجية للمكونات الأساسية للكون في لحظة معينة من الزمن بوسيلة ذكية بما فيه الكفاية لتحديد الدالات الموجية في أي لحظة سابقة أو لاحقة وتنبئنا الحتمية الكمية أن احتمال حدوث أي حدث معين في لحظة مختارة من المستقبل يمكن تحديده تماماً" بمعرفة الدالات الموجية في أي لحظة سابقة تخفف السمة الاحتمالية لميكانيكا الكم بشكل ملحوظ من حتمية لابلاس وذلك بالإزاحة الضرورية من المخرجات إلى مخرجات مثيلات لها علماً بأن الأخيرة تتحدد تماماً ضمن الإطار المتفق عليه لنظرية الكم.
أعلن هوكنغ في العام 1976 أنه حتى هذه الصيغة الحتمية المخففة قد انتهكت بوجود الثقوب السوداء. ومرة أخرى، فإن الحسابات التي وراء هذا الإعلان معقدة لكن الفكرة الأساسية مباشرة بشكل معقول. فعندما يسقط أي شيء في الثقب الأسود، فإن دالة موجته هي الأخرى في الثقب. غير أن هذا . ا يعني أن البحث لإيجاد دالات موجية لكل الزمن المستقبل لا يمكن أن يتم باستخدام الوسائل الذكية "بما فيه الكفاية" لأنها ستكون خادعة وغير قابلة للإصلاح. وللتنبؤ بالمستقبل كلية نحتاج إلى معرفة كل الدالات الموجية اليوم معرفة تامة. لكن إذا أفلتت بعض هذه الدالات في غياهب الثقوب السوداء فإن المعلومات التي تحملها ستفقد.
ولأول وهلة، قد لا تثير التعقيدات الناشئة عن الثقوب السوداء القلق. فحيث أن كل شيء وراء أفق حدث الثقب الأسود قد انقطعت صلته تماماً بباقي الكون، ألا نستطيع بذلك أن تهمل أي شيء أسقطه سوء الحظ داخل الثقب الأسود؟ وعلاوة على ذلك، ومن وجهة نظر الفلسفة، ألا نستطيع القول بأن الكون لم يفقد في الواقع المعلومات التي حملتها تلك الأشياء التي سقطت داخل الثقب الأسود؛ فهي ببساطة قد حبست في جزء من الفضاء الذي اخترنا نحن العقلاء أن نتجنبه بأي ثمن؟ وقبل أن يتحقق هوكنغ من أن الثقوب السوداء ليست سوداء تماماً، كان الجواب عن هذه الأسئلة سيكون نعم. لكن الرواية تغيرت بعد أن أخبر هوكنغ كل العالم بأن الثقوب السوداء تصدر إشعاعات. وحيث أن الإشعاع يحمل طاقة والثقوب السوداء تصدر إشعاعات، لذا فإن كتلتها تتناقص ببطء - أي أنها تتبخر ببطء. وعندما تفعل ذلك فإن المسافة من مركز الثقب إلى أفق الحدث ستقل ببطء وينكشف الغطاء ببطء وتعود المناطق التي كانت معزولة في السابق إلى ساحة الكون. وهنا فإن على تأملاتنا الفلسفية أن تواجه الموسيقى : هل سنسترجع المعلومات المتضمنة في الأشياء التي ابتعلتها الثقوب السوداء عندما تتبخر تلك الثقوب - البيانات التي تخيلنا وجودها داخل الثقوب السوداء؟ وهذه هي المعلومات المطلوبة لصحة الحتمية الكمية وهكذا فإن هذا السؤال يتعلق بجوهر حقيقة ما إذا كانت الثقوب السوداء تشغل تطور الكون بما هو أعمق من مجرد حدث معين.
وحتى كتابة هذا الكتاب لا يوجد هناك إجماع بين علماء الفيزياء حول الإجابة عن هذا السؤال. فقد زعم هوكنغ بقوة وعلى مدى سنوات عديدة أن المعلومات لا تسترجع - أي أن الثقوب السوداء تحطم المعلومات وبالتالي فإنها تدخل مستوى جديداً من عدم التيقن في الفيزياء، بالإضافة إلى عدم التيقن المعروف المصاحب لنظرية الكم. وفي الحقيقة فإن هوكنغ وكيب ثورن من معهد تقانة كاليفورنيا قد راهنا جون بريسكل من معهد تقانة كاليفورنيا كذلك، بخصوص ما حدث للمعلومات التي اقتنصها ثقب أسود: قال هوكنغ وثورن أن المعلومات قد فقدت إلى الأبد في ما اتخذ بريسكل الموقف المضاد وراهن أن هذه المعلومات تعود مرة أخرى عندما تصدر الثقوب السوداء إشعاعات وتتقلص. أما الرهان فقد كان المعلومات نفسها كان على الخاسر (أو الخاسرين) مكافأة الفائز (أو الفائزين بأية موسوعة يختارها.
ظل الرهان قائماً من دون تسوية، لكن هو كنغ اعترف مؤخرا أن المفهوم المكتشف حديثاً للثقوب السوداء من نظرية الأوتار - كما شرحنا ذلك سابقاً - يظهر أنه ربما تكون هناك طريقة لاسترجاع تلك المعلومات والفكرة الجديدة تتعلق بأن نوع الثقوب السوداء الذي درسه ستر ومنغر وفافا، وعدد كبير آخر من الفيزيائيين، منذ صدور بحثهما الأصلي يمكن أن يختزن المعلومات ويسترجعها من المكونات الغشائية "بران". وقد صرح سترومنغر حديثاً بأن هذه النظرية أدت إلى أن يرغب بعض منظري نظرية الأوتار في الزعم بأنهم قد انتصروا - يزعمون أن المعلومات تسترجع عندما تتبخر الثقوب السوداء. وفي اعتقادي أن هذه النتيجة سابقة لأوانها، فما زال هناك الكثير من الجهد نبذله لنرى ما إذا كان هذا صحيحاً. وفي نفس الوقت قال فافا أنا لا أدري بالنسبة لهذا السؤال - فمن الممكن لأي الاحتمالين أن يحدث ، . وتعد الإجابة عن هذا السؤال الهدف المحوري للأبحاث الحالية. وكما قال هوكنغ :
يرغب معظم الفيزيائيين في الاعتقاد بأن هذه المعلومات لم تفقد، لأن ذلك سيجعل العالم آمناً يمكن التنبؤ بأحداثه. لكنني أعتقد أنه إذا أخذ المره النسبية العامة لأينشتاين مأخذ الجد، فإن عليه أن : يسمح بإمكانية أن ينطوي الزمكان على نفسه في عُقد تخفي المعلومات داخل ثناياها. وتحديد ما إذا كانت هذه المعلومات تختفي بالفعل أم لا هو من الأسئلة الكبرى في الفيزياء النظرية اليوم .
أما السر الثاني في الثقوب السوداء الذي لم يحل بعد، فإنه يتعلق بطبيعة الزمكان عند نقطة مركز الثقب يبين التطبيق المباشر للنسبية العامة الذي يرجع إلى شوارزتشايلد في العام 1916 أن الكتلة والطاقة الهائلتين ينسحقان معاً في مركز الثقب الأسود مما يسبب دمار نسيج الزمكان واعوجاجاً جذرياً يحوله إلى حالة من التحدب اللانهائي – أي يتقلص بفعل فردية الزمكان وما يستنتجه الفيزيائيون من ذلك هو أن المادة التي تعبر أفق الحدث تسحب بإصرار إلى مركز الثقب الأسود، وهناك لن يكون لها مستقبل ولذلك فإن الزمان نفسه ينتهي في قلب الثقب الأسود. أما الفيزيائيون الآخرون الذين درسوا على مدى سنوات طويلة خواص قلب الثقوب السوداء مستخدمین معادلات آینشتاین فقد كشفوا الاحتمال غير المعقول بأنه قد تكون هذه الثقوب بوابة لعالم آخر يرتبط بعالمنا برباط دقيق عن طريق مركز الثقوب السوداء فقط، وتقريباً عندما ينتهي الزمان في عالمنا يبدأ الزمان في العالم الآخر المرتبط به.
سنعرض لبعض التضمينات للاحتمالات المحيرة للذهن في الفصل التالي أما الآن فإننا ستركز على نقطة مهمة. وعلينا أن نسترجع الدرس الرئيسي: فالكتلة التي في غاية الضخامة والحجم المتناهي الصغر تؤدي إلى كثافة من الارتفاع بحيث لا يمكن تصورها، مما يعطل صلاحية جوهر استخدام نظرية آينشتاين الكلاسيكية، ويتطلب أن نحشد ميكانيكا الكم في هذا الشأن. ويؤدي بنا ذلك إلى التساؤل، ما الذي تقوله نظرية الأوتار عن تفرد الزمكان في مركز ثقب أسود؟ وهو موضوع البحوث المكثفة في الوقت الحالي، لكنه مثل السؤال حول فقد المعلومات، هو أيضاً لم تستقر الإجابة عنه بعد. وتتعرض نظرية الأوتار ببراعة لمجموعة أخرى من التفردات - تمزقات وتشققات الفضاء التي نوقشت في الفصل 11 وفي الجزء الأول من الفصل الحالي ، لكنك إذا شاهدت تفرداً واحداً فإن ذلك "لا يعني أنك قد شاهدت كل التفردات ويمكن لنسيج كوننا أن يتشقق ويثقب ويتمزق بطرق كثيرة ومختلفة. وقد أمدتنا نظرية الأوتار ببصيرة عظيمة البعض هذه التفردات لكن هناك تفردات أخرى راوغت منظري نظرية الأوتار ومنها تفرد الثقوب السوداء. ومرة أخرى، فإن السبب الرئيسي في ذلك هو الاعتماد على الأدوات الاضطرابية في نظرية الأوتار التي تؤدي تقريباتها، في هذه الحالة، إلى حجب مقدرتنا على تحليل ما يحدث في نقاط العمق الداخلي للثقب الأسود بشكل كلي يمكن الاعتماد عليه.
وعلى كل، وبعد التقدم الحديث الهائل في الطرق اللاضطرابية واستخدامها بنجاح في دراسة سمات أخرى للثقوب السوداء، فقد أصبح لمنظري نظرية الأوتار آمال عريضة في أنه لن يمضي وقت طويل قبل الكشف عن الأسرار الكامنة في مركز الثقوب السوداء.