النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
من الأحاديث الصحيحة السند في ولادة الإمام المهدي "عج"
المؤلف:
الشيخ علي الكوراني
المصدر:
المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي "عج"
الجزء والصفحة:
ص691-744
2025-06-24
26
خلاصة بحث السيد الميلاني
تبلغ الأحاديث والآثار والشهادات في مولد الإمام المهدي أرواحنا فداه ، المئات . وقد بحث أسانيدها ونص على صحة العديد منها علماء ماضون ومعاصرون ، ومن المعاصرين آية الله الميلاني في كتابه الإمام المهدي عليه السلام في الفكر الإسلامي ، نشرته دار الرسالة ، وآية الله المهري في كتابه رد على أباطيل أحمد الكاتب نشرته شبكة رافد الثقافية . والشيخ أحمد الماحوزي في كتابه : ولادة القائم المهدي بالروايات الصحيحة الصريحة ، تقرير السيد وليد المزيدي . وهذه خلاصة ما كتبه السيد الميلاني في بحثه المذكور / 106 :
« تثبت ولادة أي إنسان بإقرار أبيه ، وشهادة القابلة ، وإن لم يره أحد قط غيرهما ، فكيف لو شهد المئات برؤيته ، واعترف المؤرخون بولادته ، وصرح علماء الأنساب بنسبه ، وظهر على يديه ما عرفه المقربون إليه ، وصدرت منه وصايا وتعليمات ، ونصائح وإرشادات ، ورسائل وتوجيهات ، وأقوال مشهورة ، وكلمات مأثورة ، وكان وكلاؤه معروفين ، وسفراؤه معلومين ، وأنصاره في كل عصر وجيل بالملايين . فهل يريد من أنكر ولادة الإمام المهدي أكثر من هذا لإثبات ولادته ، أم تراه يقول كما قال المشركون لجده النبي صلى الله عليه وآله : وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعا . . »
إخبار الإمام العسكري بولادة ابنه المهدي عليه السلام
1 - ويدل عليه الخبر الصحيح عن محمد بن يحيى العطار ، عن أحمد بن إسحاق ، عن أبي هاشم الجعفري قال : « قلت لأبي محمد عليه السلام : جلالتك تمنعني من مسألتك فتأذن لي أن أسألك ؟ فقال : سل ، قلت : يا سيدي هل لك ولد ؟ فقال : نعم ، فقلت : فإن حدث بك حدث فأين أسأل عنه ؟ قال : بالمدينة » .
2 - والخبر الصحيح عن علي بن محمد ، عن محمد بن علي بن بلال قال : خرج إلي من أبي محمد قبل مضيه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده ، ثم خرج إلي من قبل مضيه بثلاثة أيام يخبرني بالخلف من بعده . والمراد بعلي بن محمد هو الثقة الأديب الفاضل ابن بندار ، وأما عن محمد بن علي بن بلال فإنه من الوثاقة والجلالة أشهر من نار على علم ، بحيث كان يراجعه مثل أبي القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه .
من شهد برؤيته عليهم السلام من معاصري ولادته وغيرهم
3 - شهدت السيدة العلوية الطاهرة حكيمة بنت الإمام الجواد ، أخت الإمام الهادي ، وعمة الإمام العسكري عليهم السلام ، التي تولت أمر نرجس أم الإمام المهدي عليه السلام في ولادتها ، وساعدتها بعض النسوة منهن جارية أبي علي الخيزراني ، التي أهداها إلى الإمام العسكري عليه السلام ، كما صرح بذلك الثقة محمد بن يحيى ، ومارية ونسيم خادمة الإمام العسكري عليه السلام . ولا يخفى أن ولادات المسلمين لا يطلع عليها غير النساء القوابل . وقد أجرى الإمام العسكري عليه السلام السنة الشريفة بعد ولادة المهدي عليه السلام فعقَّ عنه بعقيقة كما يفعل الملتزمون بالسنة حينما يرزقهم الله تعالى مولوداً .
وشهد برؤية الإمام في حياة أبيه عدد من أصحاب أبيه وجده . كما شهد آخرون برؤيته بعد وفاة أبيه ، وذلك في غيبته الصغرى التي ابتدأت من سنة 260 ه - . إلى سنة 329 ه .
ولكثرة من شهد على نفسه بذلك نقتصر على ما ذكره المشايخ المتقدمون وهم : الكليني « ت 329 ه » الذي أدرك الغيبة الصغرى . والصدوق « ت 381 ه » وقد أدرك من الغيبة الصغرى أكثر من عشرين عاماً . والشيخ المفيد « ت 413 ه » ، والشيخ الطوسي « ت 460 ه » . ولا بأس بذكر اليسير من رواياتهم الخاصة في تسمية من رآه عليه السلام ثم الاكتفاء بأسماء المشاهدين له عليه السلام المذكورين في كتب المشايخ الأربعة .
4 - فمن تلك الروايات : ما رواه الكليني في الكافي « 1 / 329 » بسند صحيح : « عن محمد بن عبد الله ومحمد بن يحيى جميعاً ، عن عبد الله بن جعفر الحميري ، قال : اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو رحمه الله عند أحمد بن إسحاق فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف فقلت له : يا أبا عمرو إني أريد أن أسألك عن شئ وما أنا بشاك فيما أريد أن أسألك عنه ، فإن اعتقادي وديني أن الأرض لا تخلو من حجة إلا إذا كان قبل يوم القيامة بأربعين يوماً ، فإذا كان ذلك رفعت الحجة وأغلق باب التوبة فلم يك يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً ، فأولئك شرار من خلق الله عز وجل وهم الذين تقوم عليهم القيامة ، ولكني أحببت أن أزداد يقيناً ، وإن إبراهيم عليه السلام سأل ربه عز وجل أن يريه كيف يحيي الموتى : قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ، وقد أخبرني أبو علي أحمد بن إسحاق ، عن أبي الحسن عليه السلام قال : سألته وقلت من أعامل أو عمن آخذ وقولَ من أقبل ؟ فقال له : العمري ثقتي فما أدى إليك عني فعني يؤدي ، وما قال لك عني فعني يقول فاسمع له وأطع فإنه الثقة المأمون ، وأخبرني أبو علي أنه سأل أبا محمد عليه السلام عن مثل ذلك ، فقال له : العمري وابنه ثقتان فما أديا إليك عني فعني يؤديان ، وما قالا لك فعني يقولان فاسمع لهما وأطعهما فإنهما الثقتان المأمونان ، فهذا قول إمامين قد مضيا فيك . قال : فخرَّ أبو عمرو ساجداً وبكى ثم قال : سل حاجتك ، فقلت له : أنت رأيت الخلف من بعد أبي محمد عليه السلام ؟ فقال : إي والله ورقبته مثل ذا وأومأ بيده « أي إلى رقبته » فقلت له : فبقيت واحدة فقال لي : هات ، قلت : فالاسم ؟ قال : محرم عليكم أن تسألوا عن ذلك ، ولا أقول هذا من عندي فليس لي أن أحلل ولا أحرم ولكن عنه عليه السلام ، فإن الأمر عند السلطان أن أبا محمد مضى ولم يخلف ولداً ، وقسم ميراثه وأخذه من لاحق له فيه ، وهو ذا وعياله يجولون ليس أحد يجسر أن يتعرف إليهم ، أو ينيلهم شيئاً وإذا وقع الاسم وقع الطلب ، فاتقوا الله وأمسكوا عن ذلك » .
5 - ومنها : ما رواه في الكافي بسند صحيح : عن علي بن محمد بن بندار الثقة ، عن مهران القلانسي الثقة قال : قلت للعمري : قد مضى أبو محمد ؟ فقال لي : « قد مضى ولكن خلف فيكم من رقبته مثل هذه ، وأشار بيده » . أي رقبته غليظة .
6 - ومنها : ما رواه الصدوق بسند صحيح عن أجلاء المشايخ قال : « حدثنا محمد بن الحسن قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال : قلت لمحمد بن عثمان العمري رضي الله عنه : إني أسألك سؤال إبراهيم ربه جل جلاله حين قال : رَبِّ أَرِني كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ، فأخبرني عن صاحب هذا الأمر هل رأيته ؟ قال : نعم وله رقبه مثل ذي وأشار بيده إلى عنقه » . « كمال الدين : 2 / 441 » .
7 - ومنها : ما رواه الصدوق في كمال الدين قال : وحدثنا أبو جعفر محمد بن علي الأسود رضي الله عنه قال : سألني علي بن الحسين بن موسى بن بابويه رضي الله عنه بعد موت محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه ، أن أسأل أبا القاسم الروحي أن يسأل مولانا صاحب الزمان عليه السلام أن يدعو الله عز وجل أن يرزقه ولداً ذكراً قال : فسألته ، فأنهى ذلك ثم أخبرني بعد ذلك بثلاثة أيام أنه قد دعا لعلي بن الحسين وأنه سيولد له ولد مبارك ينفع الله به وبعده أولاد .
وقال الصدوق بعد ذلك : « قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه : كان أبو جعفر محمد بن علي الأسود رضي الله عنه كثيراً ما يقول لي إذا رآني أختلف إلى مجلس شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه ، وأرغب في كتب العلم وحفظه : ليس بعجب أن تكون لك هذه الرغبة في العلم ، وأنت ولدت بدعاء الإمام عليه السلام » .
8 - ومنها ما رواه الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة عن أجلاء هذه الطائفة وشيوخها قال : « وأخبرني محمد بن محمد بن النعمان والحسين بن عبيد الله ، عن أبي عبد الله محمد بن أحمد الصفواني قال : أوصى الشيخ أبو القاسم رضي الله عنه إلى أبي الحسن علي بن محمد السمري رضي الله عنه فقام بما كان إلى أبي القاسم « السفير الثالث » فلما حضرته الوفاة ، حضرت الشيعة عنده وسألته عن الموكل بعده ولمن يقوم مقامه فلم يظهر شيئاً من ذلك ، وذكر أنه لم يؤمر بأن يوصي إلى أحد بعده في هذا الشأن » .
9 - روايات صريحة برؤية السفراء الأربعة وغيرهم للإمام المهدي عليه السلام منهم : إبراهيم بن إدريس أبو أحمد ، وإبراهيم بن عبدة النيسابوري ، وإبراهيم بن محمد التبريزي ، وإبراهيم بن مهزيار أبو إسحاق الأهوازي ، وأحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري ، ورآه مرة أخرى مع سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري ، وأحمد بن الحسين بن عبد الملك أبو جعفر الأزدي ، وأحمد بن عبد الله الهاشمي من ولد العباس مع تمام تسعة وثلاثين رجلاً ، وأحمد بن محمد بن المطهر أبو علي ، من أصحاب الهادي والعسكري عليه السلام ، وأحمد بن هلال أبو جعفر العبرتائي وهو غال ، لكن شهادته قبل غلوه ، وكان معه جماعة منهم : علي بن بلال ، ومحمد بن معاوية بن حكيم ، والحسن بن أيوب بن نوح ، وعثمان بن سعيد العمري رضي الله عنه إلى تمام أربعين رجلاً ، وإسماعيل بن علي النوبختي أبو سهل ، وأبو عبد الله بن صالح ، وأبو محمد الحسن بن وجناء النصيبي ، وأبو هارون من مشايخ محمد بن الحسن الكرخي ، وجعفر الكذاب عم الإمام المهدي عليه السلام رآه مرتين ، والسيدة العلوية الطاهرة حكيمة بنت الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام ، والزهري وقيل الزهراني ومعه العمري رضي الله عنه ، ورشيق صاحب المادراي ، وأبو القاسم الروحي رضي الله عنه ، وعبد الله السوري ، وعمرو الأهوازي ،
وعلي بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي ، وعلي بن محمد الشمشاطي رسول جعفر بن إبراهيم اليماني ، وغانم أبو سعيد الهندي ، وكامل بن إبراهيم المدني ، وأبو عمرو عثمان بن سعيد العمري رضي الله عنه ، ومحمد بن أحمد الأنصاري أبو نعيم الزيدي ، وكان معه في مشاهدة الإمام المهدي عليه السلام : أبو علي المحمودي ، وعلان الكليني ، وأبو الهيثم الديناري ، وأبو جعفر الأحول الهمداني ، وكانوا زهاء ثلاثين رجلاً فيهم السيد محمد بن القاسم العلوي العقيقي ، والسيد الموسوي محمد بن إسماعيل بن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام ، وكان أسن شيخ في عصره من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله ، ومحمد بن جعفر أبو العباس الحميري على رأس وفد من شيعة مدينة قم ، ومحمد بن الحسن بن عبيد الله التميمي الزيدي ، المعروف بأبي سورة ، ومحمد بن صالح بن علي بن محمد بن قنبر الكبير مولى الإمام الرضا عليه السلام ، ومحمد بن عثمان العمري رضي الله عنه ، وكان قد رآه مع أربعين رجلاً بإذن الإمام العسكري ، وكان من جملتهم : معاوية بن حكيم ، ومحمد بن أيوب بن نوح ، ويعقوب بن منقوش ، ويعقوب بن يوسف الضراب الغساني ، ويوسف بن أحمد الجعفري .
شهادة وكلاء المهدي ومن وقف على معجزاته عليهم السلام برؤيته
10 - ذكر الصدوق من وقف على معجزات الإمام المهدي عليه السلام ورآه ، وقد بلغوا من الكثرة حداً يمتنع معه اتفاقهم على الكذب ، لا سيما وهم من بلدان شتى ، وإليك بعضهم : فمن بغداد : العمري وابنه ، وحاجز ، والبلالي ، والعطار . ومن الكوفة : العاصمي . ومن أهل الأهواز : محمد بن إبراهيم بن مهزيار . ومن أهل قم : أحمد بن إسحاق . ومن أهل همدان : محمد بن صالح . ومن أهل الري : البسامي ، والأسدي ، محمد بن أبي عبد الله الكوفي . ومن أهل آذربيجان : القاسم بن العلاء . ومن أهل نيسابور : محمد بن شاذان .
ومن غير الوكلاء . من أهل بغداد : أبو القاسم بن أبي حليس ، وأبو عبد الله الكندي وأبو عبد الله الجنيدي ، وهارون القزاز ، والنيلي ، وأبو القاسم بن دبيس ، وأبو عبد الله بن فروخ ، ومسرور الطباخ مولى أبي الحسن عليه السلام ، وأحمد ومحمد ابنا الحسن ، وإسحاق الكاتب من بني نوبخت ، وغيرهم . ومن همدان : محمد بن كشمرد وجعفر بن حمدان ، ومحمد بن هارون بن عمران . ومن الدينور : حسن بن هارون ، وأحمد بن أخية ، وأبو الحسن . ومن أصفهان :
ابن باشاذالة . ومن الصيمرة : زيدان . ومن قم : الحسن بن النضر ، ومحمد بن محمد ، وعلي بن محمد بن إسحاق ، وأبوه والحسن بن يعقوب . ومن أهل الري : القاسم بن موسى ، وابنه ، وأبو محمد بن هارون ، وعلي بن محمد ، ومحمد بن محمد الكليني ، وأبو جعفر الرفاء . ومن قزوين : مرداس ، وعلي بن أحمد . ومن نيسابور : محمد بن شعيب بن صالح . ومن اليمن : الفضل بن يزيد ، والحسن بن الفضل بن يزيد ، والجعفري ، وابن الأعجمي ، وعلي بن محمد الشمشاطي . ومن مصر : أبو رجاء وغيره . ومن نصيبين : أبو محمد الحسن بن الوجناء النصيبي . كما ذكر أيضاً من رآه عليه السلام من أهل شهرزور ، والصيمرة ، وفارس وقابس ، ومرو .
شهادة الخدم والجواري والإماء برؤية المهدي عليهم السلام
11 - كما شاهد الإمام المهدي من كان يخدم أباه العسكري عليه السلام في داره مع بعض الجواري والإماء ، كطريف الخادم أبي نصر ، وخادمة إبراهيم بن عبدة النيسابوري التي شاهدت مع سيدها الإمام المهدي عليه السلام ، وأبي الأديان الخادم ، وأبي غانم الخادم الذي قال : ولد لأبي محمد عليه السلام ولد فسماه محمداً ، فعرضه على أصحابه يوم الثالث وقال : هذا صاحبكم من بعدي وخليفتي عليكم وهو القائم الذي تمتد إليه الأعناق بالإنتظار ، فإذا امتلأت الأرض جوراً وظلماً خرج فملأها قسطاً وعدلاً . وشهد بذلك أيضاً : عقيد الخادم ، والعجوز الخادمة ، وجارية أبي علي الخيزراني التي أهداها إلى الإمام العسكري عليه السلام .
تصرف السلطة دليل على ولادة الإمام المهدي عليهم السلام
12 - ولد الإمام الحسن العسكري عليه السلام في شهر ربيع الآخر سنة 232 ، وقد عاصر ثلاثة من سلاطين بني العباس وهم : المعتز « ت 255 » ، والمهتدي « ت 256 » ، والمعتمد « ت 279 » . وقد كان المعتمد شديد التعصب والحقد على آل البيت عليهم السلام ومن تصفح الطبري وغيره ، واستقرأ ما في حوادث سنة 257 - 260 ، وهي السنوات الأولى من حكمه ، عرف حقده على أئمة أهل البيت عليهم السلام . ولقد عاقبه الله في حياته إذ لم يكن في يده شئ من ملكه حتى إنه احتاج إلى ثلاث مائة دينار فلم ينلها ، ومات ميتة سوء فرماه الأتراك في رصاص مذاب !
ومن مواقفه الخسيسة أمره شرطته بعد وفاة الإمام الحسن العسكري عليه السلام مباشرة بتفتيش داره والبحث عن الإمام المهدي عليه السلام والأمر بحبس جواري أبي محمد عليه السلام ، واعتقال حلائله يساعدهم بذلك جعفر الكذاب طمعاً في أن ينال منزلة أخيه العسكري عليه السلام في نفوس شيعته ، حتى جرى بسبب ذلك كما يقول الشيخ المفيد على مخلَّفي أبي محمد عليه السلام كل عظيمة من اعتقال وحبس وتهديد وتصغير واستخفاف ! فكان موقفه من مهدي الأمة كموقف فرعون من نبي الله موسى عليه السلام الذي ألقته أمه خوفاً عليه في اليم صبياً .
شهادات علماء الأنساب بولادة الإمام المهدي عليهم السلام
13 - ومن أدلة ولادته عليه السلام شهادة علماء الأنساب ، فهم الخبراء في ذلك ، ومنهم :
أ - النسابة الشهير أبو نصر سهل بن عبد الله بن داود بن سليمان البخاري من أعلام القرن الرابع الهجري ، كان حياً سنة 341 . وهو من أشهر علماء الأنساب المعاصرين لغيبة الإمام المهدي عليه السلام الصغرى التي انتهت سنة 329 . قال في سر السلسلة العلوية : ووَلَدَ علي بن محمد التقي عليه السلام جعفراً وهو الذي تسميه الإمامية جعفر الكذاب ، وإنما تسميه الإمامية بذلك لادعائه ميراث أخيه الحسن دون ابنه القائم الحجة عليه السلام ، لا طعناً في نسبه » .
ب - السيد العمري النسابة المشهور من أعلام القرن الخامس ، قال ما نصه : « ومات أبو محمد عليه السلام وولده من نرجس معلوم عند خاصة أصحابه وثقات أهله ، وسنذكر حال ولادته والأخبار التي سمعناها بذلك ، وامتحن المؤمنون بل كافة الناس بغيبته ، وشره جعفر بن علي إلى مال أخيه وحاله ، فدفع أن يكون له ولد ، وأعانه بعض الفراعنة على قبض جواري أخيه » .
ج - الفخر الرازي الشافعي « ت 606 » قال في كتابه الشجرة المباركة في أنساب الطالبية تحت عنوان : أولاد الإمام العسكري عليه السلام ما هذا نصه : « أما الحسن العسكري الإمام ، فله ابنان وبنتان : إما الابنان فأحدهما : صاحب الزمان ، والثاني موسى درج في حياة أبيه . وأما البنتان : ففاطمة درجت في حياة أبيها ، وأم موسى درجت أيضاً » .
د - المروزي الأزورقاني « ت بعد سنة 614 » فقد وصف في كتاب الفخري جعفر بن الإمام الهادي في محاولته إنكار ولد أخيه بالكذاب ، وهو يدل على اعتقاده بولادة الإمام المهدي .
ه - السيد النسابة جمال الدين أحمد بن علي الحسيني المعروف بابن عنبه « ت 828 » قال في عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : « أما علي الهادي فيلقب العسكري لمقامه بسر من رأى وكانت تسمى العسكر ، وأمه أم ولد ، وكان في غاية الفضل ونهاية النبل ، أشخصه المتوكل إلى سر من رأى فأقام بها إلى أن توفي ، وأعقب من رجلين هما : الإمام أبو محمد الحسن العسكري عليه السلام ، وكان من الزهد والعلم على أمر عظيم ، وهو والد الإمام محمد المهدي ثاني عشر الأئمة عند الإمامية ، وهو القائم المنتظر عندهم ، من أم ولد اسمها نرجس . واسم أخيه أبو عبد الله جعفر الملقب بالكذاب لادعائه الإمامة بعد أخيه الحسن » .
وقال في الفصول الفخرية المطبوع باللغة الفارسية ، ما ترجمته : « أبو محمد الحسن الذي يقال له العسكري ، والعسكر هو سامراء ، جلبه المتوكل وأباه إلى سامراء من المدينة ، واعتقلهما . وهو الحادي عشر من الأئمة الاثني عشر ، وهو والد محمد المهدي عليه السلام ثاني عشرهم » .
و - النسابة الزيدي السيد أبو الحسن محمد الحسيني اليماني الصنعاني من أعيان القرن الحادي عشر . ذكر في المشجرة . . تحت اسم الإمام علي التقي المعروف بالهادي عليه السلام ، خمسة من البنين وهم : « الإمام العسكري ، الحسين ، موسى ، محمد ، علي . وكتب تحت اسم الإمام العسكري عليه السلام مباشرة : محمد بن . وبإزائه : منتظر الإمامية » .
ز - محمد أمين السويدي « ت 1246 » قال في سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب : « محمد المهدي : وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين ، وكان مربوع القامة ، حسن الوجه والشعر ، أقنى الأنف ، صبيح الجبهة » .
ح - النسابة المعاصر محمد ويس الحيدري السوري ، قال في الدرر البهية في الأنساب الحيدرية والأويسية . . الإمام الحسن العسكري : « ولد بالمدينة سنة 231 ، وتوفي بسامراء سنة 260 . الإمام محمد المهدي : لم يذكر له ذرية ، ولا أولاد له أبداً » . ثم علق في هامش العبارة الأخيرة : « ولد في النصف من شعبان ، سنة 255 ، وأمه نرجس ، وصفه فقالوا عنه : ناصع اللون ، واضح الجبين ، أبلج الحاجب ، مسنون الخد ، أقنى الأنف ، أشم ، أروع ، كأنه غصن بان ، وكأن غرته كوكب دري ، في خده الأيمن خال كأنه فتات مسك على بياض الفضة ، وله وفرة سمحاء تطالع شحمة أذنه ، ما رأت العيون أقصد منه ولا أكثر حسناً وسكينة وحياء » .
اعتراف عدد من علماء من أهل السنة بولادة الإمام المهدي عليهم السلام
14 - ثم أورد السيد الميلاني كلام ابن الأثير في تاريخ سنة 260 ، وابن خلكان في وفيات الأعيان ، والذهبي في سيره ، والعبر ، في سنة 256 ، وقد ذكروا ولادة الإمام المهدي عليه السلام .
استدلال المحقق الحلي بمشاهدته ومكاتبته
قال المحقق الحلي رحمه الله في كتابه المسلك في أصول الدين / 311 : « ويدل على وجوده من حيث النقل اتفاق طائفة كثيرة من الشيعة على مشاهدته ، وطائفة على مكاتبته ومراسلته ، اتفاقاً يحصل من مجموعه اليقين بوجوده .
فمن المشاهدين له من النساء : حكيمة بنت محمد بن علي بن موسى عليهم السلام ، ونسيم ، ومارية ، وجارية الخيزراني . ومن الرجال : أبو هارون ، فإنه قال : رأيت صاحب الزمان صلوات الله عليه وكان مولده يوم الجمعة سنة ست وخمسين ومائتين . وأبو غانم الخادم قال : ولد لأبي محمد عليه السلام ولد فسماه محمداً وعرضه على أصحابه الثالث . وعن محمد بن معاوية أبو حكيم ، ومحمد بن أيوب ، ومحمد بن عثمان العمري قالوا : عرض علينا أبو محمد عليه السلام ابنه صلوات الله عليه ونحن أربعون رجلاً ، فقال : هذا إمامكم بعدي .
ومن وكلائه ومكاتبيه العمري وابنه ، ومحمد بن مهزيار ، وأحمد بن إسحاق ، والقاسم بن العلاء ، والبسامي ، ومحمد بن شاذان ، وغيرهم مما لا يحصى كثرة ، ممن يحصل بهم التواترعند الوقوف على أخبارهم والاطلاع على ما نقل عنهم ، ويزول به الريب .
وربما استبعد كثير من المخالفين بقاءه عليه السلام هذا العمر المتطاول ، غفولاً منهم عن قدرة الله تعالى ، وقلة تأمل فيما نقل من أخبارالمعمرين مثل نوح عليه السلام فإنه عاش بنص القرآن ما يزيد على ألف سنة إلا خمسين عاماً ، وفي الأخبارألف سنة وخمس مائة سنة ، ومثل سليمان فإنه عاش سبع مائة سنة واثنتي عشرة سنة . وفي زمن نبينا سلمان الفارسي رضي الله عنه ، فإنه عاش أربع مائة سنة وخمسين عاماً . فلو لم نقف على ذلك لعلمنا أن ذلك داخل في قدرة الله تعالى ، وغير متعذرعليه سبحانه ، إذا اقتضت المصلحة » . انتهى .
تسع روايات صحيحة مضافاً إلى ما ذكرناه
مضافاً إلى ما أوردناه ، ومضافاً إلى الصحاح التي أوردها السيد الميلاني ، والتواتر الذي احتج به المحقق الحلي رحمه الله ، نورد تسعة أحاديث صحيحة أخرى ، إتماماً للحجة على المعاند :
1 - كشف الحق / 33 : « قال أبو محمد بن شاذان رحمه الله : حدثنا محمد بن حمزة بن الحسن بن عبد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، قال : سمعت أبا محمد عليه السلام يقول : ولد ولي الله وحجته على عباده ، وخليفتي من بعدي ، مختوناً ، ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين عند طلوع الفجر ، وكان أول من غسله رضوان خازن الجنان ، مع جمع من الملائكة المقربين بماء الكوثر والسلسبيل ، ثم غسلته عمتي حكيمة بنت محمد بن علي الرضا . قال محمد بن حمزة : أمه مليكة التي يقال لها بعض الأيام سوسن وفي بعضها ريحانة . وكان صقيل ونرجس أيضاً من أسمائها » .
أقول : أعتق الإمام عليه السلام جاريته وتزوجها وغير اسمها ، بسبب رقابة الخليفة المشددة لمنع ولادة الإمام المهدي عليه السلام .
2 - تقدم في فصل إعداد النبي صلى الله عليه وآله الأمة لغيبة الإمام عليه السلام من كمال الدين « 2 / 409 » عن محمد بن عثمان العمري قدس سره قال : « سمعت أبي يقول : سئل أبو محمد الحسن بن علي عليه السلام وأنا عنده عن الخبر الذي روي عن آبائه عليهم السلام : إن الأرض لا تخلو من حجة لله على خلقه إلى يوم القيامة ، وأن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ؟ فقال : إن هذا حق كما أن النهار حق ، فقيل له : يا ابن رسول الله ، فمن الحجة والإمام بعدك ؟ فقال : ابني محمد هو الإمام والحجة بعدي ، من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية . أما إن له غيبة يحار فيها الجاهلون ويهلك فيها المبطلون ، ويكذب فيها الوقاتون ، ثم يخرج فكأني أنظر إلى الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة » .
3 - إثبات الوصية / 217 : « عن أحمد بن إسحاق قال : دخلت على أبي محمد عليه السلام فقال لي : يا أحمد ، ما كان حالكم فيما كان الناس فيه من الشك والارتياب ؟ قلت يا سيدي لما ورد الكتاب بخبر سيدنا ومولده لم يبق منا رجل ولا امرأة ولا غلام بلغ الفهم إلا قال بالحق ، فقال : أما علمتم أن الأرض لا تخلو من حجة الله ، ثم أمر أبو محمد عليه السلام والدته بالحج في سنة تسع وخمسين ومأتين ، وعرفها ما يناله في سنة الستين ، وأحضر الصاحب عليه السلام ، فأوصى إليه وسلم الاسم الأعظم والمواريث والسلاح إليه . وخرجت أم أبي محمد مع الصاحب عليهم السلام جميعاً إلى مكة » .
4 - تقدم من إثبات الهداة : 3 / 569 : « عن الفضل بن شاذان في كتاب إثبات الرجعة ، عن محمد بن عبد الجبار قال : قلت لسيدي الحسن بن علي عليه السلام : يا ابن رسول الله جعلني الله فداك : أحب أن أعلم من الإمام وحجة الله على عباده من بعدك ؟ فقال : إن الإمام وحجة الله من بعدي ابني ، سَمِيُّ رسول الله صلى الله عليه وآله وكَنِيُّه ، الذي هو خاتم حجج الله وآخر خلفائه ، قلت : ممن هو يا بن رسول الله ؟ قال : من ابنة ابن قيصر ملك الروم ، ألا إنه سيولد ويغيب عن الناس غيبة طويلة ثم يظهر » .
5 - كمال الدين : 2 / 440 : « عن عبد الله بن جعفر الحميري قال : سمعت محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه يقول : رأيته صلوات الله عليه متعلقاً بأستارالكعبة في المستجار وهو يقول : اللهم انتقم لي من أعدائي » .
6 - كمال الدين : 2 / 433 ، عن محمد بن عثمان العمري قال : « لما ولد الخلف المهدي عليه السلام سطع نور من فوق رأسه إلى أعناق السماء ، ثم سقط لوجهه ساجداً لربه تعالى ذكره ، ثم رفع رأسه وهو يقول : شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ . إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإسلام . قال : وكان مولده يوم الجمعة » .
7 - وفي غيبة الطوسي / 217 : « عن جماعة من الشيعة منهم علي بن بلال ، وأحمد بن هلال ومحمد بن معاوية بن حكيم ، والحسن بن أيوب بن نوح ، قالوا جميعاً : اجتمعنا إلى أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام نسأله عن الحجة من بعده وفي مجلسه عليه السلام أربعون رجلاً ، فقام إليه عثمان بن سعيد بن عمرو العمري فقال له : يا ابن رسول الله أريد أن أسألك عن أمر أنت أعلم به مني . فقال له : أجلس يا عثمان ، فقام مغضباً ليخرج فقال : لا يخرجن أحد ، فلم يخرج منا أحد إلى أن كان بعد ساعة فصاح عليه السلام بعثمان فقام على قدميه ، فقال : أخبركم بما جئتم ؟ قالوا : نعم يا بن رسول الله ، قال : جئتم تسألوني عن الحجة من بعدي . قالوا : نعم ، فإذا غلام كأنه قطع قمر ، أشبه الناس بأبي محمد ، فقال : هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم ، أطيعوه ولا تتفرقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم . ألا وإنكم لاترونه من بعد يومكم هذا حتى يتم له عمر ، فاقبلوا من عثمان ما يقوله وانتهوا إلى أمره ، واقبلوا قوله فهو خليفة إمامكم والأمر إليه » .
8 - كمال الدين : 2 / 381 : « عن أبي هاشم داود بن القاسم قال : سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول : الخلف من بعدي الحسن ، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف ، فقلت : ولم جعلني الله فداك ؟ فقال : إنكم لا ترون شخصه ، ولا يحل لكم ذكره باسمه ، فقلت فكيف نذكره ؟ فقال قولوا : الحجة من آل محمد عليهم السلام » .
9 - إثبات الهداة : 3 / 700 : « روى الفضل بن شاذان في كتاب إثبات الرجعة قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن فارس النيسابوري قال : لما هم الوالي عمرو بن عوف بقتلي ، غلب عليَّ خوف عظيم ، فودعت أهلي وتوجهت إلى دارأبي محمد عليه السلام لأودعه وكنت أردت الهرب ، فلما دخلت عليه رأيت غلاماً جالساً في جنبه ، وكان وجهه مضيئاً كالقمر ليلة البدر ، فتحيرت من نوره وضيائه وكاد ينسيني ما كنت فيه ، فقال : يا إبراهيم لاتهرب فإن الله سيكفيك شره فازداد تحيري ! فقلت لأبي محمد عليه السلام : يا سيدي يا ابن رسول الله من هذا وقد أخبرني بما كان في ضميري ؟ قال : هو ابني وخليفتي من بعدي . وفي آخره أنه لما خرج أخبره عمه بأن المعتمد قد أرسل أخاه وأمره بقتل عمرو بن عوف » .
ورواه عنه كشف الحق / 44 ، وفيه : « وهو الذي يغيب غيبة طويلة ، ويظهر بعد امتلاء الأرض جوراً وظلماً فيملؤها عدلاً وقسطاً . فسألته عن اسمه ، قال : هو سمي رسول الله وكنيه ، ولا يحل لأحد أن يسميه باسمه أو يكنيه بكنيته ، إلى أن يظهر الله دولته وسلطنته ، فاكتم يا إبراهيم ما رأيت وسمعت منا اليوم إلا عن أهله ، فصليت عليهما وآبائهما وخرجت مستظهراً بفضل الله تعالى ، واثقاً بما سمعته من الصاحب ، فبشرني علي بن فارس بأن المعتمد قد أرسل أبا أحمد أخاه ، وأمره بقتل عمرو ، فأخذه أبو أحمد في ذلك اليوم وقطعه عضواً عضواً ، والحمد لله رب العالمين » .
شهادة قابلته عمة أبيه حكيمة بنت الجواد عليهم السلام
ألَّفَ المحدث السيد هاشم البحراني قدس سره كتاباً عدَّد فيه من تشرف برؤية الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف حتى انتهى إلى ست وسبعين شخصاً ، وعد أولهم عمة أبيه حكيمة بنت الإمام الجواد عليه السلام . « الذريعة : 3 / 326 » .
وروت مصادرنا شهادة حكيمة رحمها الله بولادته صلوات الله عليه ، بعدة طرق وبعضها صحيح السند ، وبين رواياتها تفاوت في الإجمال والتفصيل ، وبعضه من الظروف التي كانت تحيط بآل الإمام العسكري عليه السلام كوالدته وعمته حكيمة .
ويظهر من بعض الروايات أن حكيمة كانت في المدينة لفترة ، ومعناه أنها اضطرت أن تترك سامراء مدة ، ثم عادت إليها في فسحة من أحداث الصراع بين القادة الأتراك على نصب الخليفة وعزله ، وتوفيت بها ودفنت إلى جنب قبر الإمامين العسكريين عليه السلام ! ونورد فيما يلي بعض روايات شهادتها ونشير إلى الباقي :
كمال الدين : 2 / 417 : « عن محمد بن بحر الشيباني قال : وردت كربلا سنة ست وثمانين ومائتين ، قال : وزرت قبر غريب رسول الله عليه السلام ثم انكفأت إلى مدينة السلام متوجهاً إلى مقابر قريش ، في وقت قد تضرمت الهواجر وتوقدت السمائم ، فلما وصلت منها إلى مشهد الكاظم عليه السلام واستنشقت نسيم تربته المغمورة من الرحمة ، المحفوفة بحدائق الغفران ، أكببت عليها بعبرات متقاطرة ، وزفرات متتابعة وقد حجب الدمع طرفي عن النظر ، فلما رقأت العبرة وانقطع النحيب ، فتحت بصري فإذا أنا بشيخ قد انحنى صلبه وتقوس منكباه ، وثفنت جبهته وراحتاه ، وهو يقول لآخر معه عند القبر : يا ابن أخي لقد نال عمك شرفاً بما حمله السيدان من غوامض الغيوب وشرائف العلوم ، التي لم يحمل مثلها إلا سلمان ، وقد أشرف عمك على استكمال المدة وانقضاء العمر ، وليس يجد في أهل الولاية رجلاً يفضي إليه بسره ! قلت : يا نفس لا يزال العناء والمشقة ينالان منك بإتعابي الخف والحافر في طلب العلم ، وقد قرع سمعي من هذا الشيخ لفظ يدل على علم جسيم وأثر عظيم ! فقلت : أيها الشيخ ومن السيدان ؟ قال : النجمان المغيبان في الثرى بسر من رأى ، فقلت : إني أقسم بالموالاة وشرف محل هذين السيدين من الإمامة والوراثة أني خاطب علمهما وطالب آثارهما وباذل من نفسي الإيمان المؤكدة على حفظ أسرارهما . قال : إن كنت صادقاً فيما تقول فأحضر ما صحبك من الآثار عن نقلة أخبارهم ، فلما فتش الكتب وتصفح الروايات منها قال : صدقت أنا بشر بن سليمان النخاس من ولد أبي أيوب الأنصاري أحد موالي أبي الحسن وأبي محمد عليه السلام وجارهما بسر من رأى ، قلت : فأكرم أخاك ببعض ما شاهدت من آثارهما قال : كان مولانا أبو الحسن علي بن محمد العسكري عليه السلام فقهني في أمر الرقيق ، فكنت لا أبتاع ولا أبيع إلا بإذنه فاجتنبت بذلك موارد الشبهات ، حتى كملت معرفتي فيه ، فأحسنت الفرق بين الحلال والحرام . فبينما أنا ذات ليلة في منزلي بسر من رأى ، وقد مضى هوي من الليل إذ قرع الباب قارع فعدوت مسرعاً فإذا أنا بكافور الخادم رسول مولانا أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام يدعوني إليه ، فلبست ثيابي ودخلت عليه ، فرأيته يحدث ابنه أبا محمد وأخته حكيمة من وراء الستر ، فلما جلست قال : يا بشر إنك من ولد الأنصار وهذه الولاية لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف ، فأنتم ثقاتنا أهل البيت ، وإني مزكيك ومشرفك بفضيلة تسبق بها شأو الشيعة في الموالاة بها ، بسرٍّ أطلعك عليه وأنفذك في ابتياع أمة ، فكتب كتاباً ملصقاً بخط رومي ولغة رومية وطبع عليه بخاتمه ، وأخرج شستقة صفراء فيها مائتان وعشرون ديناراً ، فقال : خذها وتوجه بها إلى بغداد واحضر معبر الفرات ضحوة كذا ، فإذا وصلت إلى جانبك زواريق السبايا ، وبرزن الجواري منها ، فستحدق بهم طوائف المبتاعين من وكلاء قواد بني العباس وشراذم من فتيان العراق ، فإذا رأيت ذلك فأشرف من البعد على المسمى عمر بن يزيد النخاس عامة نهارك ، إلى أن يبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا وكذا ، لابسة حريرتين صفيقتين ، تمتنع من السفور ولمس المعترض والانقياد لمن يحاول لمسها ، ويشغل نظره بتأمل مكاشفها ، من وراء الستر الرقيق فيضربها النخاس فتصرخ صرخة رومية ، فأعلم أنها تقول : واهتك ستراه ، فيقول بعض المبتاعين : علي بثلاث مائة ديناراً فقد زادني العفاف فيها رغبة ، فتقول بالعربية : لو برزت في زي سليمان وعلى مثل سرير ملكه ما بدت لي فيك رغبة فأشفق على مالك ! فيقول النخاس : فما الحيلة ولا بد من بيعك ، فتقول الجارية : وما العجلة ولا بد من اختيار مبتاع يسكن قلبي إليه وإلى أمانته وديانته . فعند ذلك قم إلى عمر بن يزيد النخاس وقل له : إن معي كتاباً ملصقاً لبعض الأشراف كتبه بلغة رومية وخط رومي ، ووصف فيه
كرمه ووفاه ونبله وسخاءه ، فناولها لتتأمل منه أخلاق صاحبه ، فإن مالت إليه ورضيته فأنا وكيله في ابتياعها منك .
قال بشر بن سليمان النخاس : فامتثلت جميع ما حده لي مولاي أبو الحسن عليه السلام في أمر الجارية فلما نظرت في الكتاب بكت بكاء شديداً وقالت لعمر بن زيد النخاس : بعني من صاحب هذا الكتاب ، وحلفت بالمحرجة المغلظة إنه متى امتنع من بيعها منه قتلت نفسها ، فما زلت أشاحه في ثمنها حتى استقر الأمر فيه على مقدار ما كان أصحبنيه مولاي عليه السلام من الدنانير في الشستقة الصفراء ، فاستوفاه مني وتسلمت منه الجارية ضاحكة مستبشرة ، وانصرفت بها إلى حجرتي التي كنت آوي إليها ببغداد ، فما أخذها القرار حتى أخرجت كتاب مولاها عليه السلام من جيبها ، وهي تلثمه وتضعه على خدها وتطبقه على جفنها وتمسحه على بدنها ، فقلت : تعجباً منها : أتلثمين كتاباً ولا تعرفين صاحبه ؟ قالت : أيها العاجز الضعيف المعرفة بمحل أولاد الأنبياء ، أعرني سمعك وفرغ لي قلبك : أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم ، وأمي من ولد الحواريين ، تنسب إلى وصي المسيح شمعون ، أنبئك العجب العجيب ، إن جدي قيصر أراد أن يزوجني من ابن أخيه ، وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة ، فجمع في قصره من نسل الحواريين ومن القسيسين والرهبان ثلاث مائة رجل ومن ذوي الأخطار سبع مائة رجل وجمع من أمراء الأجناد وقواد العساكر ونقباء الجيوش وملوك العشائر أربعة آلاف ، وأبرز من بهو ملكه عرشاً مصوغاً من أصناف الجواهر إلى صحن القصر ، فرفعه فوق أربعين مرقاة ، فلما صعد ابن أخيه وأحدقت به الصلبان ، وقامت الأساقفة عكفاً ، ونشرت أسفار الإنجيل تسافلت الصلبان من الأعالي فلصقت بالأرض ، وتقوضت الأعمدة فانهارت إلى القرار ، وخر الصاعد من العرش مغشياً عليه ! فتغيرت ألوان الأساقفة وارتعدت فرائصهم ، فقال كبيرهم لجدي : أيها الملك أعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالة على زوال هذا الدين المسيحي والمذهب الملكاني ، فتطير جدي من ذلك تطيراً شديداً ، وقال للأساقفة : أقيموا هذه الأعمدة وارفعوا الصلبان ، واحضروا أخا هذا المدبر العاثر المنكوس جده ، لأزوج منه هذه الصبية فيدفع نحوسه عنكم بسعوده ، فلما فعلوا ذلك حدث على الثاني ما حدث على الأول ، وتفرق الناس ، وقام جدي قيصر مغتماً ودخل قصره وأرخيت الستور ، فأريت في تلك الليلة كأن المسيح وشمعون وعدة من الحواريين ، قد اجتمعوا في قصر جدي ، ونصبواً فيه منبراً يباري السماء علواً وارتفاعاً ، في الموضع الذي كان جدي نصب فيه عرشه ، فدخل عليهم محمد مع فتية وعدة من بنيه فيقوم إليه المسيح فيعتنقه فيقول : يا روح الله إني جئتك خاطباً من وصيك شمعون فتاته مليكة لابني هذا وأومأ بيده إلى أبي محمد صاحب هذا الكتاب ، فنظر المسيح إلى شمعون فقال له : قد أتاك الشرف فصل رحمك برحم رسول الله صلى الله عليه وآله . قال : قد فعلت ، فصعد ذلك المنبر وخطب محمد وزوجني ، وشهد المسيح وشهد بنو محمد والحواريون ، فلما استيقظت من نومي أشفقت أن أقص هذه الرؤيا على أبي وجدي مخافة القتل ، فكنت أسرها في نفسي ولا أبديها لهم ، وضرب صدري بمحبة أبي محمد حتى امتنعت من الطعام والشراب وضعفت نفسي ودق شخصي ومرضت مرضاً شديداً ، فما بقي من مدائن الروم طبيب إلا أحضره جدي وسأله عن دوائي ، فلما برح به اليأس قال : يا قرة عيني فهل تخطر ببالك شهوة فأزودكها في هذه الدنيا ؟ فقلت : يا جدي أرى أبواب الفرج علي مغلقة ، فلو كشفت العذاب عمن في سجنك من أسارى المسلمين وفككت عنهم الأغلال ، وتصدقت عليهم ومننتهم بالخلاص لرجوت أن يهب المسيح وأمه لي عافية وشفاء ، فلما فعل ذلك جدي تجلدت في إظهار الصحة في بدني ، وتناولت يسيراً من الطعام فسر بذلك جدي ، وأقبل على إكرام الأسارى وإعزازهم ، فرأيت أيضاً بعد أربع ليال كأن سيدة النساء قد زارتني ومعها مريم بنت عمران وألف وصيفة من وصائف الجنان ، فتقول لي مريم : هذه سيدة النساء أم زوجك أبي محمد عليه السلام ، فأتعلق بها وأبكي وأشكو إليها امتناع أبي محمد من زيارتي ، فقالت لي سيدة النساء عليها السلام : إن ابني أبا محمد لا يزورك وأنت مشركة بالله وعلى مذهب النصارى ، وهذه أختي مريم تبرأ إلى الله تعالى من دينك ، فإن ملت إلى رضا الله عز وجل ورضا المسيح ومريم عنك وزيارة أبي محمد إياك فتقولي : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن أبي محمداً رسول الله ، فلما تكلمت بهذه الكلمة ضمتني سيدة النساء إلى صدرها فطيبت لي نفسي ، وقالت : الآن توقعي زيارة أبي محمد إياك فإني منفذته إليك ، فانتبهت وأنا أقول : واشوقاه إلى لقاء أبي محمد فلما كانت الليلة القابلة جاءني أبو محمد عليه السلام في منامي فرأيته كأني أقول له : جفوتني يا حبيبي بعد أن شغلت قلبي بجوامع حبك ؟ قال : ما كان تأخيري عنك إلا لشركك ، وإذ قد أسلمت فإني زائرك في كل ليلة ، إلى أن يجمع الله شملنا في العيان ، فما قطع عني زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية .
قال بشر فقلت لها : وكيف وقعت في الأسر فقالت : أخبرني أبو محمد ليلة من الليالي أن جدك سيسرب جيوشاً إلى قتال المسلمين يوم كذا ، ثم يتبعهم ، فعليك باللحاق بهم متنكرة في زي الخدم مع عدة من الوصائف من طريق كذا ، ففعلت فوقعت علينا طلائع المسلمين ، حتى كان من أمري ما رأيت وما شاهدت ، وما شعر أحد بي بأني ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية سواك ، وذلك باطلاعي إياك عليه ، ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته وقلت : نرجس . فقال : اسم الجواري ، فقلت : العجب إنك رومية ولسانك عربي ؟ قالت : بلغ من ولوع جدي وحمله إياي على تعلم الآداب أن أوعز إلى امرأة ترجمان له في الاختلاف إلي ، فكانت تقصدني صباحاً ومساء وتفيدني العربية حتى استمر عليها لساني واستقام . قال بشر : فلما انكفأت بها إلى سر من رأى دخلت على مولانا أبي الحسن العسكري فقال لها : كيف أراك الله عز الإسلام وذل النصرانية وشرف أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله ؟ قالت : كيف أصف لك يا ابن رسول الله ما أنت أعلم به مني ؟ قال : فإني أريد أن أكرمك ، فأيما أحب إليك عشرة آلاف درهم ؟ أم بشرى لك فيها شرف الأبد ؟ قالت : بل البشرى ، قال عليه السلام : فأبشري بولد يملك الدنيا شرقاً وغرباً ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، قالت : ممن ؟ قال عليه السلام : ممن خطبك رسول الله صلى الله عليه وآله له من ليلة كذا من شهر كذا من سنة كذا بالرومية ، قالت : من المسيح ووصيه ؟ قال : فممن زوجك المسيح ووصيه ؟ قالت : من ابنك أبي محمد ؟ قال : فهل تعرفينه ؟ قالت : وهل خلوت ليلة من زيارته إياي منذ الليلة التي أسلمت فيها على يد سيدة النساء أمه ! فقال أبو الحسن عليه السلام : يا كافور ادع لي أختي حكيمة فلما دخلت عليه قال عليه السلام لها : ها هيه فاعتنقتها طويلاً وسرت بها كثيراً ، فقال لها مولانا : يا بنت رسول الله أخرجيها إلى منزلك وعلميها الفرائض والسنن ، فإنها زوجة أبي محمد وأم القائم عليه السلام » .
وفي كمال الدين : 2 / 426 : « عن محمد بن عبد الله الطهوي قال : قصدت حكيمة بنت محمد بعد مضي أبو محمد عليه السلام أسألها عن الحجة وما قد اختلف فيه الناس من الحيرة التي هم فيها فقالت لي : أجلس فجلست ، ثم قالت : يا محمد إن الله تبارك وتعالى لا يخلي الأرض من حجة ناطقة أو صامتة ، ولم يجعلها في أخوين بعد الحسن والحسين تفضيلاً للحسن والحسين عليه السلام وتنزيهاً لهما أن يكون في الأرض عديلهما ، إلا أن الله تبارك وتعالى خص ولد الحسين بالفضل على ولد الحسن عليه السلام كما خص ولد هارون على ولد موسى ، وإن كان موسى حجة على هارون عليه السلام ، والفضل لولده إلى يوم القيامة . ولابد للأمة من حيرة يرتاب فيها المبطلون ، ويخلص فيها المحقون ، كي لا يكون للخلق على الله حجة . وإن الحيرة لا بد واقعة بعد مضي أبي محمد الحسن ! فقلت : يا مولاتي هل كان للحسن عليه السلام ولد ؟ فتبسمت ثم قالت : إذا لم يكن للحسن عقب فمن الحجة من بعده ، وقد أخبرتك أنه لا إمامة لأخوين بعد الحسن والحسين عليه السلام . فقلت : يا سيدتي حدثيني بولادة مولاي وغيبته عليه السلام ؟ قالت : نعم كانت لي جارية يقال لها : نرجس فزارني ابن أخي فأقبل يحدق النظر إليها فقلت له : يا سيدي لعلك هويتها فأرسلها إليك ؟ فقال لها : لا يا عمة ، ولكني أتعجب منها فقلت : وما أعجبك ؟ فقال عليه السلام : سيخرج منها ولد كريم على الله عز وجل الذي يملأ الله به الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً فقلت : فأرسلها إليك يا سيدي ؟ فقال : إستأذني في ذلك أبي عليه السلام قالت : فلبست ثيابي وأتيت منزل أبي الحسن عليه السلام فسلمت وجلست ، فبدأني وقال : يا حكيمة إبعثي نرجس إلى ابني أبي محمد قالت : فقلت : يا سيدي على هذا قصدتك على أن أستأذنك في ذلك ، فقال لي : يا مباركة إن الله تبارك وتعالى أحب أن يشركك في الأجر ، ويجعل لك في الخير نصيباً .
قالت حكيمة : فلم ألبث أن رجعت إلى منزلي وزينتها ووهبتها لأبي محمد عليه السلام ، وجمعت بينه وبينها في منزلي فأقام عندي أياماً ، ثم مضى إلى والده ووجهت بها معه .
قالت حكيمة : فمضى أبو الحسن عليه السلام وجلس أبو محمد عليه السلام مكان والده ، وكنت أزوره كما كنت أزور والده ، فجاءتني نرجس يوماً تخلع خفي ، فقالت : يا مولاتي ناوليني خفك فقلت : بل أنت سيدتي ومولاتي ، والله لا أدفع إليك خفي لتخلعيه ولا لتخدميني ، بل أنا أخدمك على بصري ، فسمع أبو محمد عليه السلام ذلك فقال : جزاك الله يا عمة خيراً ، فجلست عنده إلى وقت غروب الشمس ، فصحت بالجارية وقلت : ناوليني ثيابي لأنصرف فقال عليه السلام :
لا ، يا عمتا بيتي الليلة عندنا ، فإنه سيولد الليلة المولود الكريم على الله عز وجل ، الذي يحيي الله عز وجل به الأرض بعد موتها . فقلت : ممن يا سيدي ، ولست أرى بنرجس شيئاً من أثر الحَبَل ؟ فقال : من نرجس لا من غيرها ، قالت : فوثبت إليها فقلبتها ظهراً لبطن ، فلم أر بها أثر حبل ، فعدت إليه عليه السلام فأخبرته بما فعلت ، فتبسم ثم قال لي : إذا كان وقت الفجر يظهر لك بها الحبل ، لأن مثلها مثل أم موسى لم يظهر بها الحبل ، ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها لأن فرعون كان يشق بطون الحبالى في طلب موسى ، وهذا نظير موسى عليه السلام . قالت حكيمة : فعدت إليها فأخبرتها بما قال ، وسألتها عن حالها فقالت : يا مولاتي ما أرى بي شيئاً من هذا ، قالت حكيمة : فلم أزل أرقبها إلى وقت طلوع الفجر ، وهي نائمة بين يدي لاتقلب جنباً إلى جنب ، حتى إذا كان آخر الليل وقت طلوع الفجر ، وثبت فزعة فضممتها إلى صدري وسميت عليها ، فصاح أبو محمد عليه السلام وقال : إقرئي عليها إنا أنزلناه في ليلة القدر ، فأقبلت أقرأ عليها وقلت لها : ما حالك ؟ قالت : ظهر الأمر الذي أخبرك به مولاي ، فأقبلت أقرأ عليها كما أمرني ، فأجابني الجنين من بطنها يقرأ مثل ما أقرأ ، وسلم عليَّ ! قالت حكيمة : ففزعت لما سمعت فصاح بي أبو محمد عليه السلام لا تعجبي من أمر الله عز وجل ، إن الله تبارك وتعالى ينطقنا بالحكمة صغاراً ، ويجعلنا حجة في أرضه كباراً ، فلم يستتم الكلام حتى غيبت عني نرجس فلم أرها كأنه ضرب بيني وبينها حجاب ، فعدوت نحو أبي محمد عليه السلام وأنا صارخة ، فقال لي : إرجعي يا عمة فإنك ستجديها في مكانها .
قالت : فرجعت فلم ألبث أن كشف الغطاء الذي كان بيني وبينها ، وإذا أنا بها وعليها من أثر النور ما غشى بصري ، وإذا أنا بالصبي عليه السلام ساجداً لوجهه جاثياً على ركبتيه ، رافعاً سبابتيه ، وهو يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن جدي محمداً رسول الله وأن أبي أمير المؤمنين ، ثم عد إماماً إماماً عليهم السلام إلى أن بلغ إلى نفسه . ثم قال : اللهم أنجز لي ما وعدتني وأتمم لي أمري وثبت وطأتي ، وأملأ الأرض بي عدلاً وقسطاً .
فصاح بي أبو محمد عليه السلام فقال : يا عمة تناوليه وهاتيه ، فتناولته وأتيت به نحوه ، فلما مثلت بين يدي أبيه وهو على يدي سلم على أبيه فتناوله الحسن عليه السلام منى ، وناوله لسانه فشرب منه ، ثم قال : إمضي به إلى أمه لترضعه ، ورديه إليَّ . قالت : فتناولته أمه فأرضعته فرددته إلى أبي محمد والطير ترفرف على رأسه ، فصاح بطير منها فقال له : إحمله واحفظه ورده إلينا في كل أربعين يوماً ، فتناوله الطير وطار به في جو السماء وأتبعه سائر الطير ، فسمعت أبا محمد عليه السلام يقول : أستودعك الله الذي أودعته أم موسى موسى . فبكت نرجس فقال لها : أسكتي فإن الرضاع محرم عليه إلا من ثديك ، وسيعاد إليك كما رد موسى إلى أمه ، وذلك قول الله عز وجل : فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ . قالت حكيمة فقلت : وما هذا الطير ؟ قال : هذا روح القدس الموكل بالأئمة عليهم السلام يوفقهم ويسددهم ويربيهم بالعلم .
قالت حكيمة : فلما كان بعد أربعين يوماً ، رد الغلام ووجه إلي ابن أخي عليه السلام فدعاني ، فدخلت عليه فإذا أنا بالصبي متحرك يمشي بين يديه ، فقلت : يا سيدي هذا ابن سنتين ؟ فتبسم ثم قال : إن أولاد الأنبياء والأوصياء إذا كانوا أئمة ينشأون بخلاف ما ينشأ غيرهم ، وإن الصبي منا إذا كان أتى عليه شهر كان كمن أتى عليه سنة ، وإن الصبي منا ليتكلم في بطن أمه ويقرأ القرآن ويعبد ربه عز وجل ، وعند الرضاع تطيعه الملائكة وتنزل عليه صباحاً ومساء . قالت حكيمة : فلم أزل أرى ذلك الصبي في كل أربعين يوماً ، إلى أن رأيته رجلاً قبل مضي أبي محمد عليه السلام بأيام قلائل فلم أعرفه فقلت لابن أخي عليه السلام من هذا الذي تأمرني أن أجلس بين يديه ؟ فقال لي : هذا ابن نرجس ، وهذا خليفتي من بعدي ، وعن قليل تفقدوني فاسمعي له وأطيعي . قالت حكيمة : فمضى أبو محمد عليه السلام بعد ذلك بأيام قلائل ، وافترق الناس كما ترى ، ووالله إني لأراه صباحاً ومساء ، وإنه لينبئني عما تسألون عنه فأخبركم ، ووالله إني لأريد أن أسأله عن الشئ فيبدؤني به ، وإنه ليرد عليَّ الأمر فيخرج إلي منه جوابه من ساعته من غير مسألتي . وقد أخبرني البارحة بمجيئك إليَّ وأمرني أن أخبرك بالحق .
قال محمد بن عبد الله : فوالله لقد أخبرتني حكيمة بأشياء لم يطلع عليها أحد إلا الله عز وجل فعلمت أن ذلك صدق وعدل من الله عز وجل ، لأن الله عز وجل قد أطلعه على ما لم يطلع عليه أحداً من خلقه » .
في دلائل الإمامة / 268 ، عن إسماعيل الحسني ، عن حكيمة ابنة محمد بن علي الرضا قالت : « قال لي الحسن بن علي العسكري عليه السلام ذات ليلة أو ذات يوم : أحب أن تجعلي إفطارك الليلة عندنا ، فإنه يَحدث في هذه الليلة أمر ، فقلت ما هو ؟ قال : إن القائم من آل محمد صلى الله عليه وآله يولد في هذه الليلة ، فقلت ممن ؟ قال من نرجس ، فصرت إليه ودخلت الجواري فكان أول من تلقتني نرجس فقالت : يا عمة كيف أنت أنا أفديك فقلت لها : بل أنا أفديك يا سيدة نساء هذا العالم ، فخلعتُ خُفي وجاءت لتصب على رجلي الماء ، فحلفتها ألا تفعل ، وقلت لها : إن الله قد أكرمك بمولود تلدينه في هذه الليلة ، فرأيتها لما قلت لها ذلك قد لبسها ثوب من الوقار والهيبة ، ولم أر بها حملاً ولا أثر حمل فقالت : أي وقت يكون ذلك ؟ فكرهت أن أذكر وقتاً بعينه فأكون قد كذبت ، فقال لي أبو محمد : في الفجر الأول . فلما أفطرت وصليت وضعت رأسي ونمت ، ونامت نرجس معي في المجلس ، ثم انتبهت وقت صلاتنا فتأهبت ، وانتبهت نرجس وتأهبتْ ، ثم إني صليت وجلست أنتظر الوقت ونام الجواري ونامت نرجس ، فلما ظننت أن الوقت قد قرب خرجت فنظرت إلى السماء وإذا الكواكب قد انحدرت ، وإذا هو قريب من الفجر الأول ، ثم عدت فكأن الشيطان خبَّث قلبي . قال أبو محمد : لا تعجلي فكأنه قد كان ، وقد سجدت فسمعته يقول في دعائه شيئاً لم أدر ما هو ، ووقع عليَّ السبات في ذلك الوقت ، فانتبهت بحركة جارية فقلت لها : بسم الله عليك ، فسكنت إلى صدري فرمت به عليَّ ، وخرت ساجدة فسجد الصبي وقال : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وعلي حجة الله ، وذكر إماماً إماماً حتى انتهى إلى أبيه ، فقال أبو محمد : إليَّ ابني ، فذهبت لأصلح منه شيئاً فإذا هو مسوى مفروغ منه ، فذهبت به إليه ، فقبل وجهه ويديه ورجليه ، ووضع لسانه في فمه وزقه كما يزق الفرخ ، ثم قال إقرأ : فبدأ بالقرآن من : بسم الله الرحمن الرحيم . الخ .
ثم إنه دعا بعض الجواري ممن علم أنها تكتم خبره فنظرت ، ثم قال سلموا عليه وقبلوه ، وقولوا استودعناك الله ، وانصرفوا . ثم قال : يا عمة أدعي لي نرجس ، فدعوتها وقلت لها : إنما يدعوك لتودعيه فودعته ، وتركناه مع أبي محمد ، ثم انصرفنا . ثم إني صرت إليه من الغد فلم أره عنده فهنيته ، فقال : يا عمة هو في ودايع الله إن يأذن الله في خروجه » .
وفي الخرائج : 1 / 455 : « عن حكيمة قالت : دخلت يوماً على أبي محمد عليه السلام فقال : يا عمة بيتي عندنا الليلة فإن الله سيظهر الخلف فيها . قلت : وممن ؟ قال : من نرجس . قلت : فلست أرى بنرجس حملاً . قال : يا عمة إن مثلها كمثل أم موسى ، لم يظهر حملها بها إلا وقت ولادتها ، فبت أنا وهي في بيت ، فلما انتصف الليل صليت أنا وهي صلاة الليل ، فقلت في نفسي : قد قرب الفجر ولم يظهر ما قال أبو محمد ، فناداني أبو محمد عليه السلام من الحجرة : لا تعجلي فرجعت إلى البيت خجلة ، فاستقبلتني نرجس ترتعد فضممتها إلى صدري ، وقرأت عليها قل هو الله أحد وإنا أنزلناه وآية الكرسي ، فأجابني الخلف من بطنها يقرأ كقراءتي . قالت : وأشرق نور في البيت ، فنظرت فإذا الخلف تحتها ساجد إلى القبلة ، فأخذته فناداني أبو محمد عليه السلام من الحجرة : هلمي بابني إليَّ يا عمة . قالت فأتيته به فوضع لسانه في فيه وأجلسه على فخذه ، وقال : أنطق يا بني بإذن الله . فقال : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم ، وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرض وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ . وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرض وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ . وصلى الله على محمد المصطفى ، وعلي المرتضى ، وفاطمة الزهراء ، والحسن والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى ، ومحمد بن علي ، وعلي بن محمد ، والحسن بن علي أبي .
قالت حكيمة : وغمرتنا طيور خضر ، فنظر أبو محمد إلى طائر منها فدعاه فقال له : خذه واحفظه حتى يأذن الله فيه فإن الله بالغ أمره . قالت حكيمة : قلت لأبي محمد : ما هذا الطائر وما هذه الطيور ؟ قال : هذا جبرئيل وهذه ملائكة الرحمة ، ثم قال : يا عمة رديه إلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ . فرددته إلى أمه . قالت : ولما ولد كان نظيفاً مفروغاً منه ، وعلى ذراعه الأيمن مكتوب : جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً » .
ويظهر أن في الرواية تقديماً وتأخيراً ، وأن قول حكيمة رحمها الله « وغمرتنا طيور خضر » كان آخر الرواية . وهذا طبيعي في الروايات الطويلة المتعددة الأحداث .
وفي غيبة الطوسي / 140 : « عن أبي عبد الله المطهري ، عن حكيمة بنت محمد بن علي الرضا قالت : بعث إلي أبو محمد عليه السلام سنة خمس وخمسين ومأتين في النصف من شعبان وقال : يا عمة إجعلي الليلة إفطارك عندي ، فإن الله عز وجل سيسرك بوليه وحجته على خلقه ، خليفتي من بعدي . قالت حكيمة : فتداخلني لذلك سرور شديد ، وأخذت ثيابي عليَّ ، وخرجت من ساعتي حتى انتهيت إلى أبي محمد عليه السلام وهو جالس في صحن داره وجواريه حوله ، فقلت :
جعلت فداك يا سيدي ، الخلف ممن هو ؟ قال : من سوسن ، فأدرت طرفي فيهن فلم أر جارية عليها أثر غير سوسن ، قالت حكيمة : فلما أن صليت المغرب والعشاء الآخرة ، أُتيت بالمائدة فأفطرت أنا وسوسن وبايتُّها في بيت واحد ، فغفوت غفوة ثم استيقظت ، فلم أزل مفكرة فيما وعدني أبو محمد من أمر ولي الله ، فقمت قبل الوقت الذي كنت أقوم في كل ليلة للصلاة ، فصليت صلاة الليل حتى بلغت إلى الوتر ، فوثبت سوسن فزعة وخرجت فزعة ، وأسبغت الوضوء ، ثم عادت فصلت صلاة الليل وبلغت إلى الوتر ، فوقع في قلبي أن الفجر قد قرب فقمت لأنظر فإذا بالفجر الأول قد طلع ، فتداخل قلبي الشك من وعد أبي محمد عليه السلام ، فناداني من حجرته لا تشكي وكأنك بالأمر الساعة قد رأيته إن شاء الله تعالى . قالت حكيمة : فاستحييت من أبي محمد عليه السلام ومما وقع في قلبي ورجعت إلى البيت وأنا خجلة ، فإذا هي قد قطعت الصلاة وخرجت فزعة فلقيتها على باب البيت ، فقلت : بأبي أنت وأمي هل تحسين شيئاً ؟ قالت : نعم يا عمة إني لأجد أمراً شديداً . قلت : لاخوف عليك إن شاء الله تعالى ، وأخذت وسادة فألقيتها في وسط البيت وأجلستها عليها وجلست منها حيث تقعد المرأة من المرأة للولادة ، فقبضت على كفي وغمزت غمزة شديدة ، ثم أنت أنة وتشهدت ونطرت تحتها فإذا أنا بولي الله صلوات الله عليه متلقياً الأرض بمساجده ، فأخذت بكتفيه فأجلسته في حجري ، فإذا هو نظيف مفروغ منه ، فناداني أبو محمد عليه السلام : يا عمة هلمي فأتيني بابني ، فأتيته به فتناوله وأخرج لسانه فمسح عينيه ففتحها ، ثم أدخله في فيه فحنكه ثم في أذنيه ، وأجلسه في راحته اليسرى ، فاستوى ولي الله جالساً فمسح يده على رأسه وقال له : يا بني أنطق بقدرة الله ، فاستعاذ ولي الله عليه السلام من الشيطان الرجيم واستفتح : بسم الله الرحمن الرحيم ، وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرض وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ . وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرض وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ . وصلى على رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى أمير المؤمنين والأئمة واحداً واحداً حتى انتهى إلى أبيه عليهم السلام ، فناولنيه أبو محمد وقال : يا عمة رديه إلى أمه حتى تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ ، فرددته إلى أمه وقد انفجر الفجر الثاني ، فصليت الفريضة وعقبت إلى أن طلعت الشمس . ثم ودعت أبا محمد وانصرفت إلى منزلي ، فلما كان بعد ثلاث اشتقت إلى ولي الله فصرت إليهم فبدأت بالحجرة التي كانت سوسن فيها فلم أر أثراً ، ولا سمعت ذكراً فكرهت أن أسأل ، فدخلت على أبي محمد فاستحييت أن أبدأ بالسؤال ، فبدأني فقال : هو يا عمة في كنف الله وحرزه وستره وغيبه حتى يأذن الله له ، فإذا غيب الله شخصي وتوفاني ورأيت شيعتي قد اختلفوا ، فأخبري الثقات منهم ، وليكن عندك وعندهم مكتوماً ، فإن ولي الله يغيبه الله عن خلقه ويحجبه عن عباده ، فلا يراه أحد حتى يقدم له جبرئيل عليه السلام فرسه لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً » .
وفي / 143 ، برواية أخرى فيها : « واكتمي خبر هذا المولود علينا ، ولا تخبري به أحداً حتى يبلغ الكتاب أجله ، فأتيت أمه وودعتهم » .
ودلائل الإمامة / 269 ، وكمال الدين : 2 / 424 و 43 ، و / 426 ، وغيبة الطوسي / 142 ، بسندين ، و 143 و 147 ، وروضة الواعظين : 2 / 256 ، وإعلام الورى / 394 .
المجدي في أنساب الطالبين / 131 ، بسنده عن علان الكلابي قال : « صحبت أبا جعفر محمد بن علي بن محمد بن علي الرضا وهو حديث السن ، فما رأيت أوقر ولا أزكى ولا أجل منه ، وكان خلفه أبو الحسن العسكري عليه السلام بالحجاز طفلاً وقدم عليه مشتداً ، فكان مع أخيه الإمام أبي محمد لا يفارقه ، وكان أبو محمد يأنس به وينقبض مع أخيه جعفر . قال علان : حدثني أبو جعفر رضي الله عنه قال : كانت عمتي حكيمة تحب سيدي أبا محمد وتدعو له وتتضرع أن ترى له ولداً ، وكان أبو محمد اصطفى جارية يقال لها نرجس ، وكان اسمها قبل ذلك صقيل فلما كانت ليلة النصف من شعبان دخلت فدعت لأبي محمد فقال لها : يا عمة كوني الليلة عندنا لأمر قد حدث ، فقالت حكيمة : وكنت أتفقد جواري أبي محمد ، فلا أرى عليهن أثر حمل وكنت آنس بنرجس وأقلبها الظهر والبطن ولا أرى دلالة الحمل عليها . قال أبو جعفر : فأقامت كما رسم ، فلما كان وقت الفجر اضطربت نرجس فقامت إليها عمتي قالت : فأدخلت يدي إلى ثيابها ووقع علي نوم عظيم ، فما أدري فيما كان مني غير أني رأيت المولود على يدي ، فأتيت به أبا محمد وهو مختون مفروغ منه ، فأخذه وأمر يده على ظهره وعينه ، وأدخل لسانه في فيه ، وأذن في أذنه وقام في الأخرى ثم رده إلي ، وقال : يا عمة إذهبي به إلى أمه ، قالت : فذهبت به فقبلته ورددته إليه . ثم رفع حجاب بيني وبين سيدي أبي محمد فانسفر عنه وحده ، فقلت يا سيدي ما فعل المولود ؟ فقال أخذه من هو أحق به ، فإذا كان يوم السابع فأتنا . قالت : فجئت إليه في اليوم السابع ، فإذا المولود بين يديه في ثياب صفر وعليه من البهاء والنور ما أخذ بمجامع قلبي ، فقلت : سيدي هل عندك من علم في هذا المولود المبارك فتلقيه إلي ، فقال : يا عمة ، هذا المنتصر لأولياء الله ، المنتقم من أعداء الله ، الذي يأخذ الله بثأره ، ويجمع به ألفتنا ، هذا الذي بشرنا به ودللنا عليه قالت : فخررت لله ساجدة شكراً على ذلك . قالت : ثم كنت أتردد إلى أبي محمد فلا أراه ، فقلت له يوماً : يا مولاي ما فعل سيدنا ومنتظرنا ؟ فقال أودعناه الذي استودعته أم موسى ابنها » .
وفي كمال الدين / 507 : « عن أحمد بن إبراهيم قال : دخلت على حكيمة بنت محمد بن علي الرضا ، أخت أبي الحسن صاحب العسكر عليهم السلام في سنه اثنتين وستين ومائتين فكلمتها من وراء حجاب وسألتها عن دينها ، فسمت لي من تأتم بهم ، ثم قالت : والحجة ابن الحسن بن علي فسمته ، فقلت لها : جعلني الله فداك معاينةً أو خبراً ؟ فقالت خبراً عن أبي محمد عليه السلام كتب به إلى أمه ، فقلت لها : فأين الولد ؟ فقالت : مستور ، فقلت : إلى من تفزع الشيعة ؟ فقالت إلى الجدة أم أبي محمد عليه السلام ، فقلت لها : أقتدي بمن وصيته إلى امرأة ؟ فقالت : اقتداءً بالحسين بن علي فإن الحسين بن علي عليه السلام أوصى إلى أخته زينب بنت علي في الظاهر ، فكان ما يخرج عن علي بن الحسين من علم ينسب إلى زينب ستراً على علي بن الحسين ، ثم قالت : إنكم قوم أصحاب أخبار أما رويتم أن التاسع من ولد الحسين بن علي يقسم ميراثه وهو في الحياة » .
وروى في كمال الدين : 2 / 517 : « عن محمد بن علي بن أحمد البزرجي ، أن أحد الهاشميين أمر جاريته المسنة أن تروي فقالت إن سيدتها قالت لها : إمضي إلى دار الحسن بن علي فقولي لحكيمة : تعطينا شيئاً نستشفي به لمولودنا هذا ، فلما مضيت وقلت كما قال لي مولاي ، قالت حكيمة : إيتوني بالميل الذي كحل به المولود الذي ولد البارحة ، تعني ابن الحسن بن علي عليه السلام فأتيت بميل فدفعته إلي ، وحملته إلى مولاتي فكحلت به المولود فعوفي ، وبقي عندنا وكنا نستشفي به ثم فقدناه » .
وروى الطوسي في الغيبة / 144 : « عن أحمد بن بلال بن داود الكاتب ، وكان عامياً بمحل من النصب لأهل البيت عليهم السلام يظهر ذلك ولا يكتمه ، قال : كانت دورنا بسر من رأى مقابل دار ابن الرضا يعني أبا محمد الحسن بن علي ، فغبت عنها دهراً طويلاً إلى قزوين وغيرها ، ثم قضي لي الرجوع إليها ، فلما وافيتها وقد كنت فقدت جميع من خلفته من أهلي وقراباتي إلا عجوزاً كانت ربتني ، ولها بنت معها ، وكانت من طبع الأول مستورة صائنة ، لاتحسن الكذب ، وكذلك موليات لنا بقين في الدار ، فأقمت عندهن أياماً ثم عزمت الخروج ، فقالت العجوزة : كيف تستعجل الانصراف وقد غبت زماناً ؟ فأقم عندنا لنفرح بمكانك ، فقلت لها على جهة الهزؤ : أريد أن أصير إلى كربلاء ، وكان الناس للخروج في النصف من شعبان أو ليوم عرفة ، فقالت : يا بني أعيذك بالله أن تستهين بما ذكرت ، أو تقوله على وجه الهزؤ ، فإني أحدثك بما رأيته يعني بعد خروجك من عندنا بسنتين : كنت في هذا البيت نائمة بالقرب من الدهليز ومعي ابنتي وأنا بين النائمة واليقظانة ، إذ دخل رجل حسن الوجه نظيف الثياب طيب الرائحة فقال : يا فلانة يجيئك الساعة من يدعوك في الجيران ، فلا تمتنعي من الذهاب معه ولا تخافي ففزعت فناديت ابنتي ، وقلت لها هل شعرت بأحد دخل البيت ؟ فقالت : لا ، فذكرت الله وقرأت ونمت ، فجاء الرجل بعينه وقال لي : مثل قوله ، ففزعت وصحت بابنتي فقالت : لم يدخل البيت فاذكري الله ولا تفزعي ، فقرأت ونمت فلما كان في الثالثة جاء الرجل وقال : يا فلانة قد جاءك من يدعوك ويقرع الباب فاذهبي معه ، وسمعت دق الباب فقمت وراء الباب وقلت : من هذا ؟ فقال : إفتحي ولا تخافي ، فعرفت كلامه وفتحت الباب فإذا خادم معه إزار فقال : يحتاج إليك بعض الجيران لحاجة مهمة ، فادخلي ولف رأسي بالملاءة وأدخلني الدار وأنا أعرفها فإذا بشقاق مشدودة وسط الدار ورجل قاعد بجنب الشقاق ، فرفع الخادم طرفه فدخلت ، وإذا امرأة قد أخذها الطلق وامرأة قاعدة خلفها كأنها تقبلها ، فقالت المرأة تعينيننا فيما نحن فيه ، فعالجتها بما يعالج به مثلها ، فما كان إلا قليلا حتى سقط غلام فأخذته على كفي وصحت : غلام غلام ! وأخرجت رأسي من طرف الشقاق ، أبشر الرجل القاعد ، فقيل لي لا تصيحي ، فلما رددت وجهي إلى الغلام قد كنت فقدته من كفي فقالت لي المرأة القاعدة : لاتصيحي ! وأخذ الخادم بيدي ولف رأسي بالملاءة ، وأخرجني من الدار وردني إلى داري وناولني صرة وقال : لاتخبري بما رأيت أحداً ، فدخلت الدار ورجعت إلى فراشي في هذا البيت وابنتي نائمة فأنبهتها وسألتها هل علمت بخروجي ورجوعي ؟
فقالت : لا . وفتحت الصرة في ذلك الوقت وإذا فيها عشرة دنانير عدداً ، وما أخبرت بهذا أحداً ، إلا في هذا الوقت لما تكلمت بهذا الكلام على حد الهزؤ فحدثتك إشفاقاً عليك ، فإن لهؤلاء القوم عند الله عز وجل شأناً ومنزلة ، وكل ما يدعونه حق ! قال : فعجبت من قولها وصرفته إلى السخرية والهزء ، ولم أسألها عن الوقت غير أني أعلم يقيناً أني غبت عنهم في سنة نيف وخمسين ومائتين ، ورجعت إلى سر من رأى في وقت أخبرتني العجوزة بهذا الخبر في سنة إحدى وثمانين ومائتين ، في وزارة عبد الله بن سليمان لما قصدته ، قال حنظلة فدعوت بأبي الفرج المظفر بن أحمد حتى سمع معي هذا الخبر » .
وفي هذا الخبر دلالةٌ على إرهاب السلطة وتجسسها ، وحساسيتها من ولادة الثاني عشر صلوات الله عليه . ودلالةٌ على أن زيارة قبر الحسين عليه السلام كانت ظاهرة شعبية في شعبان وفي عرفة ، وأن زوار قبره عليه السلام من سامراء كانوا كثرة ، وذلك رغم منع المتوكل وغيره من ملوكهم من زيارته ، وهدم القبر الشريف . . الخ .
كما أن فيه دلالة على أن الإمام العسكري عليه السلام أراد أن يطلع على ولادة المهدي عليه السلام نساء يثق بكتمانهن كهذه العجوز التي دعاها لتكون مع عمته حكيمة فنفعها الله ببركته . ودلالةً على أن كبار موظفي الدولة كصاحب الخبر ابن بلال كانوا نواصب ، وأنه أراد بعد سنين أن يتقرب إلى شيعي فروى له الخبر . . الخ .
تشرف سعد بن عبد الله الأشعري بلقاء الإمام المهدي عليه السلام
كمال الدين : 2 / 454 : « عن أحمد بن مسرور ، عن سعد بن عبد الله الأشعري قال : كنت امرءً لَهِجاً بجمع الكتب المشتملة على غوامض العلوم ودقائقها ، كَلِفاً باستظهار ما يصح لي من حقائقها ، مغرماً بحفظ مشتبهها ومستغلقها ، شحيحاً على ما أظفر به من معضلاتها ومشكلاتها ، متعصباً لمذهب الإمامية ، راغباً عن الأمن والسلامة في انتظار التنازع والتخاصم والتعدي إلى التباغض والتشاتم ، معيباً للفرق ذوي الخلاف ، كاشفاً عن مثالب أئمتهم ، هتاكاً لحجب قادتهم . إلى أن بليت بأشد النواصب منازعة ، وأطولهم مخاصمة ، وأكثرهم جدلاً ، وأشنعهم سؤالاً وأثبتهم على الباطل قدماً ، فقال ذات يوم وأنا أناظره : تباً لك ولأصحابك يا سعد ، إنكم معشر الرافضة تقصدون المهاجرين والأنصار بالطعن عليهما ، وتجحدون من رسول الله ولايتهما وإمامتهما . هذا الصديق الذي فاق جميع الصحابة بشرف سابقته ، أما علمتم أن رسول الله ما أخرجه مع نفسه إلى الغار ، إلا علماً منه أن الخلافة له من بعده وأنه هو المقلد لأمر التأويل والملقى إليه أزمة الأمة ، وعليه المعول في شعب الصدع ولم الشعث وسد الخلل ، وإقامة الحدود ، وتسريب الجيوش لفتح بلاد الشرك ، وكما أشفق على نبوته ، أشفق على خلافته ، إذ ليس من حكم الاستتار والتواري أن يروم الهارب من الشر مساعدة إلى مكان يستخفي فيه ، ولما رأينا النبي متوجهاً إلى الإنجحار ولم تكن الحال توجب استدعاء المساعدة من أحد ، استبان لنا قصد رسول الله بأبي بكر للغار للعلة التي شرحناها . وإنما أبات علياً على فراشه لما لم يكن يكترث به ، ولم يحفل به لاستثقاله ، ولعلمه بأنه إن قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها . قال سعد : فأوردت عليه أجوبة شتى ، فما زال يعقب كل واحد منها بالنقض والرد علي ، ثم قال : يا سعد ودونكها أخرى بمثلها تخطم أنوف الروافض : ألستم تزعمون أن الصديق المبرأ من دنس الشكوك والفاروق المحامي عن بيضة الإسلام ، كان يسران النفاق ، واستدللتم بليلة العقبة ، أخبرني عن الصديق والفاروق أسلما طوعا أو كرهاً ؟ قال سعد : فاحتلت لدفع هذه المسألة عني خوفاً من الإلزام وحذرا من أني إن أقررت له بطوعهما للإسلام احتج بأن بدء النفاق ونشأته في القلب لا يكون إلا عند هبوب روائح القهر والغلبة ، وإظهار البأس الشديد في حمل المرء على من ليس ينقاد إليه قلبه ، نحو قول الله تعالى : فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ . فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا . . وإن قلت : أسلما كرهاً كان يقصدني بالطعن ، إذ لم تكن ثمة سيوف منتضاة كانت تريهما البأس .
قال سعد : فصدرت عنه مزوراً قد انتفخت أحشائي من الغضب ، وتقطع كبدي من الكرب ، وكنت قد اتخذت طوماراً وأثبت فيه نيفاً وأربعين مسألة من صعاب المسائل ، لم أجد لها مجيباً لعلى أن أسأل عنها خبير أهل بلدي أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبي محمد عليه السلام ، فارتحلت خلفه وقد كان خرج قاصداً نحو مولانا بسر من رأى ، فلحقته في بعض المنازل فلما تصافحنا قال : بخير لحاقك بي ، قلت : الشوق ثم العادة في الأسئلة .
قال : قد تكافينا على هذه الخطة الواحدة ، فقد برح بي القرم إلى لقاء مولانا أبي محمد عليه السلام وأنا أريد أن أسأله عن معاضل في التأويل ومشاكل في التنزيل ، فدونكها الصحبة المباركة ، فإنها تقف بك على ضفة بحر لا تنقضي عجائبه ، ولا تفنى غرائبه ، وهو إمامنا .
فوردنا سر من رأى فانتهينا منها إلى باب سيدنا فاستأذنا ، فخرج علينا الإذن بالدخول عليه وكان على عاتق أحمد بن إسحاق جراب ، قد غطاه بكساء طبري فيه مائة وستون صرة من الدنانير والدراهم ، على كل صرة منها ختم صاحبها .
قال سعد : فما شبهت وجه مولانا أبي محمد عليه السلام حين غشينا نور وجهه إلا ببدر قد استوفى من لياليه أربعاً بعد عشر ، وعلى فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر ، على رأسه فرق بين وفرتين كأنه ألف بين واوين ، وبين يدي مولانا رمانة ذهبية تلمع بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركبة عليها ، قد كان أهداها إليه بعض رؤساء أهل البصرة ، وبيده قلم إذا أراد أن يسطر به على البياض شيئاً قبض الغلام على أصابعه ، فكان مولانا يدحرج الرمانة بين يديه ويشغله بردها ، كيلا يصده عن كتابة ما أراد ، فسلمنا عليه فألطف في الجواب ، وأومأ إلينا بالجلوس فلما فرغ من كتبة البياض الذي كان بيده ، أخرج أحمد بن إسحاق جرابه من طي كسائه ، فوضعه بين يديه ، فنظر الهادي عليه السلام إلى الغلام وقال له : يا بني فض الخاتم عن هدايا شيعتك ومواليك ، فقال : يا مولاي أيجوز أن أمد يداً طاهرة إلى هدايا نجسة ، وأموال رجسة ، قد شيب أحلها بأحرمها ؟ فقال مولاي : يا ابن إسحاق ، استخرج ما في الجراب ليميز ما بين الحلال والحرام منها ، فأول صرة بدأ أحمد بإخراجها قال الغلام : هذه لفلان بن فلان من محلة كذا بقم ، يشتمل على اثنين وستين ديناراً ، فيها من ثمن حجيرة باعها صاحبها ، وكانت إرثاً له عن أبيه خمسة وأربعون ديناراً ومن أثمان تسعة أثواب أربعة عشر ديناراً ، وفيها من أجرة الحوانيت ثلاثة دنانير ! فقال مولانا : صدقت يا بني ، دُلَّ الرجل على الحرام منها ، فقال عليه السلام : فتش عن دينار رازي السكة ، تاريخه سنة كذا ، قد انطمس من نصف إحدى صفحتيه نقشه ، وقراضة آملية وزنها ربع دينار ، والعلة في تحريمها أن صاحب هذه الصرة وزن في شهر كذا من سنة كذا على حائك من جيرانه من الغزل مَنّاً وربع مَنّ ، فأتت على ذلك مدة وفي انتهائها قيض لذلك الغزل سارق ، فأخبر به الحائك صاحبه فكذبه واسترد منه بدل ذلك مناً ونصف مَنٍّ غزلاً أدق ، مما كان دفعه إليه ، واتخذ من ذلك ثوباً ، كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه !
فلما فتح رأس الصرة ، صادف رقعة في وسط الدنانير باسم من أخبر عنه ، وبمقدارها على حسب ما قال ! واستخرج الدينار والقراضة بتلك العلامة . ثم أخرج صرة أخرى فقال الغلام : هذه لفلان بن فلان من محلة كذا بقم ، تشتمل على خمسين ديناراً لا يحل لنا لمسها . قال : وكيف ذاك ؟ قال : لأنها من ثمن حنطة حاف صاحبها على أكاره في المقاسمة ، وذلك أنه قبض حصته منها بكيل واف ، وكان ما حص الأكار بكيل بخس ! فقال مولانا : صدقت يا بني .
ثم قال : يا أحمد بن إسحاق إحملها بأجمعها لتردها أو توصي بردها على أربابها ، فلا حاجة لنا في شئ منها ، وائتنا بثوب العجوز . قال أحمد : وكان ذلك الثوب في حقيبة لي فنسيته .
فلما انصرف أحمد بن إسحاق ليأتيه بالثوب ، نظر إليَّ مولانا أبو محمد عليه السلام فقال : ما جاء بك يا سعد ؟ فقلت : شوقني أحمد بن إسحاق على لقاء مولانا ، قال : والمسائل التي أردت أن تسأله عنها ؟ قلت : على حالها يا مولاي ! قال : فسل قرة عيني وأومأ إلى الغلام ! فقال لي الغلام : سل عما بدا لك منها ، فقلت له : مولانا وابن مولانا إنا روينا عنكم أن رسول الله صلى الله عليه وآله جعل طلاق نسائه بيد أمير المؤمنين عليه السلام حتى أرسل يوم الجمل إلى عائشة : إنك قد أرهجت على الإسلام وأهله بفتنتك ، وأوردت بنيك حياض الهلاك بجهلك ، فإن كففت عني غربك وإلا طلقتك ، ونساء رسول الله صلى الله عليه وآله قد كان طلاقهن وفاته ، قال : ما الطلاق ؟ قلت : تخلية السبيل ، قال : فإذا كان طلاقهن وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله قد خليت لهن السبيل ، فلم لا يحل لهن الأزواج ؟ قلت : لأن الله تبارك وتعالى حرم الأزواج عليهن ، قال : كيف وقد خلى الموت سبيلهن ؟ قلت : فأخبرني يا ابن مولاي عن معنى الطلاق الذي فوض رسول الله صلى الله عليه وآله حكمه إلى أمير المؤمنين عليه السلام ؟ قال : إن الله تقدس اسمه عظم شأن نساء النبي صلى الله عليه وآله فخصهن بشرف الأمهات ، فقال رسول الله : يا أبا الحسن إن هذا الشرف باق لهن ما دمن لله على الطاعة فأيتهن عصت الله بعدي بالخروج عليك فأطلق لها في الأزواج ، وأسقطها من شرف أمومة المؤمنين . قلت : فأخبرني عن الفاحشة المبينة التي إذا أتت المرأة بها في عدتها حل للزوج أن يخرجها من بيته ؟ قال : الفاحشة المبينة وهي السحق دون الزنا ، فإن المرأة إذا زنت وأقيم عليها الحد ليس لمن أرادها أن يمتنع بعد ذلك من التزوج بها لأجل الحد ، وإذا سحقت وجب عليها الرجم والرجم خزي ، ومن قد أمر الله برجمه فقد أخزاه ومن أخزاه فقد أبعده ومن أبعده فليس لأحد أن يقربه . قلت : فأخبرني يا ابن رسول الله عن أمر الله لنبيه موسى عليه السلام : فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً ، فإن فقهاء الفريقين يزعمون أنها كانت من إهاب الميتة ؟ فقال عليه السلام : من قال ذلك فقد افترى على موسى عليه السلام واستجهله في نبوته ، لأنه ما خلا الأمر فيها من خطيئتين ، إما أن تكون صلاة موسى فيهما جائزة أو غير جائزة ، فإن كانت صلاته جائزة جاز له لبسهما في تلك البقعة ، وإن كانت مقدسة مطهرة فليست بأقدس وأطهر من الصلاة ، وإن كانت صلاته غير جائزة فيهما ، فقد أوجب على موسى أنه لم يعرف الحلال من الحرام ، وما علم ما تجوز فيه الصلاة وما لم تجز ، وهذا كفر . قلت : فأخبرني يا مولاي عن التأويل فيهما . قال : إن موسى ناجى ربه بالواد المقدس فقال : يا رب إني قد أخلصت لك المحبة مني ، وغسلت قلبي عمن سواك ، وكان شديد الحب لأهله فقال الله تعالى : إخلع نعليك ، أي إنزع حب أهلك من قلبك إن كانت محبتك لي خالصة ، وقلبك من الميل إلى من سواي مغسولاً .
قلت : فأخبرني يا ابن رسول الله عن تأويل « كهيعص » ؟ قال : هذه الحروف من أنباء الغيب أطلع الله عليها عبده زكريا ، ثم قصها على محمد صلى الله عليه وآله وذلك أن زكريا سأل ربه أن يعلمه أسماء الخمسة فأهبط عليه جبرئيل فعلمه إياها ، فكان زكريا إذا ذكر محمداً وعلياً وفاطمة والحسن والحسين سريَ عنه همه وانجلى كربه ، وإذا ذكر الحسين خنقته العبرة ، ووقعت عليه البهرة ! فقال ذات يوم : يا إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعاً منهم تسليت بأسمائهم من همومي ، وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي ؟ فأنبأه الله تعالى عن قصته ، وقال : كهيعص ، فالكاف اسم كربلا ، والهاء هلاك العترة ، والياء يزيد وهو ظالم الحسين عليه السلام ، والعين عطشه ، والصاد صبره ، فلما سمع ذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ومنع فيها الناس من الدخول عليه ، وأقبل على البكاء والنحيب وكانت ندبته : إلهي أتفجع خير خلقك بولده إلهي أتنزل بلوى هذه الرزية بفنائه ، إلهي أتلبس علياً وفاطمة ثياب هذه المصيبة ، إلهي أتحل كربة هذه الفجيعة بساحتهما ؟ ! ثم كان يقول : اللهم ارزقني ولداً تقر به عيني على الكبر ، واجعله وارثاً وصياً واجعل محلة مني محل الحسين ، فإذا رزقتنيه فافتني بحبه ، ثم افجعني به كما تفجع محمداً حبيبك بولده ! فرزقه الله يحيى وفجعه به ، وكان حمل يحيى ستة أشهر وحمل الحسين عليه السلام كذلك ، وله قصة طويلة . قلت : فأخبرني يا مولاي عن العلة التي تمنع القوم من اختيار إمام لأنفسهم ؟
قال : مصلح أو مفسد ؟ قلت : مصلح ، قال : فهل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد ؟ قلت : بلى ، قال : فهي العلة ، وأوردها لك ببرهان ينقاد له عقلك أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله تعالى وأنزل عليهم الكتاب وأيدهم بالوحي والعصمة ، إذ هم أعلام الأمم وأهدى إلى الاختيار منهم مثل موسى وعيسى عليه السلام ، هل يجوز مع وفور عقلهما وكمال علمهما إذا هما بالاختيار أن يقع خيرتهما على المنافق وهما يظنان أنه مؤمن ؟ قلت : لا ، فقال : هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه ، اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلاً ممن لا يشك في إيمانهم وإخلاصهم ، فوقعت خيرته على المنافقين ! قال الله تعالى : وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا . . إلى قوله : لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً . . فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ . . فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوة واقعاً على الأفسد دون الأصلح ، وهو يظن أنه الأصلح دون الأفسد ، علمنا أن لا اختيار إلا لمن يعلم ما تخفي الصدور ، وما تكن الضمائر وتتصرف عليه السرائر ، وأنه لا خطر لاختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح .
ثم قال مولانا : يا سعد ، وحين ادعى خصمك أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما أخرج مع نفسه مختار هذه الأمة إلى الغار إلا علماً منه أن الخلافة له من بعده ، وأنه هو المقلد أمور التأويل والملقى إليه أزمة الأمة ، وعليه المعول في لم الشعث وسد الخلل وإقامة الحدود وتسريب الجيوش لفتح بلاد الكفر ، فكما أشفق على نبوته أشفق على خلافته إذ لم يكن من حكم الاستتار والتواري أن يروم الهارب من الشر مساعدة من غيره إلى مكان يستخفي فيه ، وإنما أبات علياً على فراشه لما لم يكن يكترث له ولم يحفل به لاستثقاله إياه وعلمه أنه إن قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها . فهلا نقضت عليه دعواه بقولك : أليس قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، فجعل هذه موقوفة على أعمار الأربعة الذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم ؟ فكان لا يجد بداً من قوله لك : بلى ، قلت : فكيف تقول حينئذ : أليس كما علم رسول الله صلى الله عليه وآله أن الخلافة من بعده لأبي بكر ، علم أنها من بعد أبي بكر لعمر ، ومن بعد عمر لعثمان ، ومن بعد عثمان لعلي ؟ فكان أيضاً لا يجد بداً من قوله لك : نعم ، ثم كنت تقول له : فكان الواجب على رسول الله صلى الله عليه وآله أن يخرجهم جميعاً على الترتيب إلى الغار ، ويشفق عليهم كما أشفق على أبي بكر ، ولايستخف بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه إياهم وتخصيصه أبا بكر وإخراجه مع نفسه دونهم !
ولما قال : أخبرني عن الصديق والفاروق أسلما طوعاً أو كرهاً ؟ لمَ لمْ تقل له : بل أسلما طمعاً وذلك بأنهما كانا يجالسان اليهود ويستخبرانهم عما كانوا يجدون في التوراة وفي سائر الكتب المتقدمة الناطقة بالملاحم ، من حال إلى حال ، من قصة محمد صلى الله عليه وآله ومن عواقب أمره ، فكانت اليهود تذكر أن محمداً يسلط على العرب كما كان بختنصر سلط على بني إسرائيل ، ولا بد له من الظفر بالعرب كما ظفر بختنصر ببني إسرائيل ، غير أنه كاذب في دعواه أنه نبي ! فأتَيَا محمداً فساعداه على شهادة ألا إله إلا الله ، وبايعاه طمعاً في أن ينال كل واحد منهما من جهته ولاية بلد إذا استقامت أموره واستتبت أحواله . . . كما أتى طلحة والزبير علياً عليه السلام فبايعاه وطمع كل واحد منهما أن ينال من جهته ولاية بلد ، فلما آيسا نكثا بيعته وخرجا عليه ، فصرع الله كل واحد منهما مصرع أشباههما من الناكثين .
قال سعد : ثم قام مولانا الحسن بن علي الهادي عليه السلام للصلاة مع الغلام فانصرفت عنهما وطلبت أثر أحمد بن إسحاق فاستقبلني باكياً ، فقلت : ما أبطاك وأبكاك ؟ قال : قد فقدت الثوب الذي سألني مولاي إحضاره ، قلت : لا عليك فأخبره ، فدخل عليه مسرعاً وانصرف من عنده متبسماً ، وهو يصلي على محمد وآل محمد ، فقلت : ما الخبر ؟ قال : وجدت الثوب مبسوطاً تحت قدمي مولانا يصلي عليه .
قال سعد : فحمدنا الله تعالى على ذلك وجعلنا نختلف بعد ذلك اليوم إلى منزل مولانا أياماً فلا نرى الغلام بين يديه ، فلما كان يوم الوداع دخلت أنا وأحمد بن إسحاق وكهلان من أهل بلدنا ، وانتصب أحمد بن إسحاق بين يديه قائماً وقال : يا ابن رسول الله قد دنت الرحلة واشتدت المحنة ، فنحن نسأل الله تعالى أن يصلي على المصطفى جدك وعلى المرتضى أبيك وعلى سيدة النساء أمك ، وعلى سيدي شباب أهل الجنة عمك وأبيك ، وعلى الأئمة الطاهرين من بعدهما آبائك ، وأن يصلي عليك وعلى ولدك ، ونرغب إلى الله أن يعلي كعبك ويكبت عدوك ، ولا جعل الله هذا آخر عهدنا من لقائك . قال : فلما قال هذه الكلمات استعبر مولانا حتى استهلت دموعه وتقاطرت عبراته ، ثم قال : يا ابن إسحاق لاتَكَلَّفْ في دعائك شططاً ، فإنك ملاق الله تعالى في صدرك هذا ، فخرَّ أحمد مغشياً عليه ، فلما أفاق قال : سألتك بالله وبحرمة جدك إلا شرفتني بخرقة أجعلها كفناً ، فأدخل مولانا يده تحت البساط فأخرج ثلاثة عشر درهماً فقال : خذها ولاتنفق على نفسك غيرها ، فإنك لن تعدم ما سألت ، وإن الله تبارك وتعالى لن يضيع أجر من أحسن عملاً .
قال سعد : فلما انصرفنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا من حلوان على ثلاثة فراسخ ، حُمَّ أحمد بن إسحاق ، وثارت به علة صعبة أيس من حياته فيها ، فلما وردنا حلوان ونزلنا في بعض الخانات ، دعا أحمد بن إسحاق برجل من أهل بلده كان قاطناً بها ، ثم قال : تفرقوا عني هذه الليلة واتركوني وحدي ، فانصرفنا عنه ورجع كل واحد منا إلى مرقده . قال سعد : فلما حان أن ينكشف الليل عن الصبح أصابتني فترة ، ففتحت عيني فإذا أنا بكافور الخادم خادم مولانا أبي محمد عليه السلام وهو يقول : أحسن الله بالخير عزاكم ، وجبر بالمحبوب رزيتكم ، قد فرغنا من غسل صاحبكم ومن تكفينه ، فقوموا لدفنه فإنه من أكرمكم محلاً عند سيدكم ، ثم غاب عن أعيننا فاجتمعنا على رأسه بالبكاء والعويل حتى قضينا حقه ، وفرغنا من أمره رحمه الله » . ودلائل الإمامة / 274 ، ونحوه الإحتجاج : 2 / 461 ، وثاقب المناقب / 254 ، مختصراً ، وكذا الخرائج : 1 / 481 ، وتأويل الآيات : 1 / 299 ، وإرشاد القلوب : 1 / 421 . . الخ .
الزهري الذي تشرف برؤية الإمام عليه السلام
غيبة الطوسي / 164 : « محمد بن يعقوب ، رفعه عن الزهري قال : طلبت هذا الأمر طلباً شاقاً حتى ذهب لي فيه مال صالح ، فوقعت إلى العمري وخدمته ولزمته ، وسألته بعد ذلك عن صاحب الزمان ، فقال لي : ليس إلى ذلك وصول ، فخضعت فقال لي : بكر بالغداة فوافيت فاستقبلني ومعه شاب من أحسن الناس وجهاً ، وأطيبهم رائحة ، بهيئة التجار ، وفي كمه شئ كهيئة التجار ، فلما نظرت إليه دنوت من العمري ، فأومأ إلي فعدلت إليه وسألته فأجابني عن كل ما أردت ، ثم مر ليدخل الدار وكانت من الدور التي لا يكترث لها ، فقال العمري إن أردت أن تسأل سل ، فإنك لا تراه بعد ذا ، فذهبت لأسأل فلم يسمع ، ودخل الدار وما كلمني بأكثر من أن قال : ملعون ملعون من أخر العشاء إلى أن تشتبك النجوم ، ملعون ملعون من أخر الغداة إلى أن تقضي النجوم ، ودخل الدار » .
من قصص الذين تشرفوا بلقائه عليه السلام
في الكافي : 1 / 519 ، عن علي بن الحسين اليماني ، فيه قصة مجيئه إلى سامراء ، وتشرفه بلقاء الإمام عليه السلام . وكمال الدين : 2 / 491 ، والهداية الكبرى / 72 ، والإرشاد / 352 ، وتقريب المعارف / 193 . وكشف الغمة : 3 / 242 ، عن الإرشاد ، والبحار : 51 / 329 و 330 .
وفي الكافي : 1 / 331 : « عن أبي عبد الله بن صالح أنه رآه عند الحجر الأسود والناس يتجاذبون عليه وهو يقول : ما بهذا أمروا » .
ومثله الإرشاد / 350 ، والمستجاد / 530 وعنه كشف الغمة : 3 / 240 ، والصراط المستقيم : 2 / 240 ، وتبصرة الولي / 766 ، والبحار : 52 / 60 . وفي كمال الدين : 2 / 493 ، عن أبي القاسم بن أبي حليس ، في كرامة رآها من الإمام عليه السلام في سامراء . وعيون المعجزات / 144 ، والخرائج : 3 / 1131 ، وإثبات الهداة : 3 / 674 و 699 ، عن كمال الدين ، وعيون المعجزات ، والبحار : 51 / 331 ، عن كمال الدين . وفي تنبيه الخواطر : 2 / 303 ، عن الشريف عمر بن حمزة ، ومشاهدته الإمام عليه السلام .
قصة محمد بن قولويه رحمه الله
الخرايج : 1 / 475 : « عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه قال : لما وصلت بغداد في سنة تسع وثلاثين « وثلاث مائة » للحج وهي السنة التي ردَّ القرامطة فيها الحجر إلى مكانه من البيت ، كان أكبر همي الظفر بمن ينصب الحجر ، لأنه مضى في أثناء الكتب قصة أخذه ، وأنه ينصبه في مكانه الحجة في الزمان ، كما في زمان الحجاج وضعه زين العابدين عليه السلام في مكانه فاستقر . فاعتللت علة صعبة خفت منها على نفسي ، ولم يتهيأ لي ما قصدت له ، فاستنبت المعروف بابن هشام ، وأعطيته رقعة مختومة ، أسأل فيها عن مدة عمري ، وهل تكون المنية في هذه العلة أم لا ؟ وقلت : همي إيصال هذه الرقعة إلى واضع الحجر في مكانه وأخذ جوابه ، وإنما أندبك لهذا . قال فقال المعروف بابن هشام : لما حصلت بمكة وعُزم على إعادة الحجر بذلت لسدنة البيت جملةً تمكنت معها من الكون بحيث أرى واضع الحجر في مكانه ، وأقمت معي منهم من يمنع عني ازدحام الناس . فكلما عمد إنسان لوضعه اضطرب ولم يستقم ، فأقبل غلام أسمر اللون حسن الوجه ، فتناوله ووضعه في مكانه ، فاستقام كأنه لم يزل عنه ، وعلت لذلك الأصوات ، وانصرف خارجاً من الباب ، فنهضت من مكاني أتبعه وأدفع الناس عني يميناً وشمالاً ، حتى ظن بي الاختلاط في العقل ، والناس يفرجون لي وعيني لا تفارقه ، حتى انقطع عن الناس ، فكنت أسرع السير خلفه وهو يمشي على تؤده ولا أدركه ، فلما حصل بحيث لا أحد يراه غيري ، وقف والتفت إليَّ فقال : هات ما معك فناولته الرقعة ، فقال من غير أن ينظر فيها : قل له لا خوف عليك في هذه العلة ، ويكون ما لا بد منه بعد ثلاثين سنة ! قال : فوقع عليَّ الزَّمَع حتى لم أُطِقْ حراكاً وتركني وانصرف ! قال أبو القاسم : فأعلمني بهذه الجملة ، فلما كان سنة تسع وستين اعتل أبو القاسم فأخذ ينظر في أمره وتحصيل جهازه إلى قبره ، وكتب وصيته واستعمل الجد في ذلك . فقيل له : ما هذا الخوف ؟ وترجو أن يتفضل الله تعالى بالسلامة فما عليك مخوفة . فقال : هذه السنة التي خوفت فيها ، فمات في علته » .
مليكة أم الإمام المهدي من ذرية شمعون الصفا عليهم السلام
صحت الرواية عندنا أن الله تعالى جعل أم الإمام المهدي عليه السلام حفيدة قيصر الروم ، وأن أمها من ذرية شمعون الصفا عليه السلام . وتقول روايتنا إن شمعون عليه السلام سافر إلى روما مرات ، وآمنت على يده زوجة قيصر ، لكنه رجع إلى قومه ، وليس عندنا رواية عن أولاده وبناته ومن بقي منهم في روما وصار من أهلها . لكن ذكرت النصوص المسيحية أن زوجته كانت معه في روما ، وأنها قُتلت معه ، فمن القريب أن يكون له فيها ذرية .
قال في قصة الحضارة « 4 / 3944 » : « ويحدثنا لكتانتيوس Lactantius عن قدوم بطرس إلى روما في عهد نيرون ، وأكبر الظن أن الرسول زار روما عدة مرات . . وتقول النصوص القديمة إن زوجته قتلت معه وإنه أرغم أن يراها تساق للقتل » . فطبيعي أن يكون له أولاد في روما وغيرها ، وأن تكون بعض بناته وحفيداته تزوجن في روما ، وأن يكون مستواهن من مستوى أبناء القياصرة .
روى في إثبات الهداة « 3 / 569 » عن الفضل بن شاذان رحمه الله : « عن محمد بن عبد الجبار قال قلت لسيدي الحسن بن علي عليه السلام : يا ابن رسول الله جعلني الله فداك : أحب أن أعلم من الإمام وحجة الله على عباده من بعدك ؟ فقال : إن الإمام وحجة الله من بعدي ابني سميُّ رسول الله وكنِيُّه ، الذي هو خاتم حجج الله وآخر خلفائه . قلت : ممن هو يا ابن رسول الله ؟ قال : من ابنة ابن قيصر ملك الروم . ألا إنه سيولد ويغيب عن الناس غيبة طويلة ، ثم يظهر » .
أقول : سند الرواية صحيح بامتياز ، فقد رواها الفضل بن شاذان الثقة عن الإمام الهادي عليه السلام بواسطة واحدة ، هو محمد بن عبد الجبار ، وهو ثقة . وهي تدل على أن والدة الإمام عليه السلام مليكة من ذرية شمعون الصفا عليه السلام ، وتُقَوِّي الرواية التالية المفصلة ، والتي هي بنفسها صحيحة أيضاً .
كيف جاء الله بمليكة إلى الإمام العسكري عليه السلام ؟
روى الصدوق قدس سره في كمال الدين « 2 / 417 » : « عن محمد بن بحر الشيباني قال : وردت كربلا سنة ست وثمانين ومائتين قال : وزرت قبر غريب رسول الله صلى الله عليه وآله ثم انكفأت إلى مدينة السلام متوجهاً إلى مقابر قريش في وقت قد تضرمت الهواجر وتوقدت السمائم ، فلما وصلت منها إلى مشهد الكاظم عليه السلام واستنشقت نسيم تربته المغمورة من الرحمة ، المحفوفة بحدائق الغفران ، أكببت عليها بعبرات متقاطرة ، وزفرات متتابعة ، وقد حجب الدمع طرفي عن النظر ، فلما رقأت العبرة وانقطع النحيب ، فتحت بصري فإذا أنا بشيخ قد انحنى صلبه وتقوس منكباه ، وثفنت جبهته وراحتاه ، وهو يقول لآخر معه عند القبر : يا ابن أخي لقد نال عمك شرفاً بما حَمَّلَهُ السيدان من غوامض الغيوب وشرائف العلوم ، التي لم يحمل مثلها إلا سلمان ، وقد أشرف عمك على استكمال المدة وانقضاء العمر ، وليس يجد في أهل الولاية رجلاً يفضي إليه بسره . قلت : يا نفس لا يزال العناء والمشقة ينالان منك بإتعابي الخف والحافر في طلب العلم ، وقد قرع سمعي من هذا الشيخ لفظ يدل على علم جسيم وأثر عظيم ، فقلت : أيها الشيخ ومن السيدان ؟ قال : النجمان المغيبان في الثرى بسر من رأى . فقلت : إني أقسم بالموالاة وشرف محل هذين السيدين من الإمامة والوراثة إني خاطب علمهما ، وطالب آثارهما وباذل من نفسي الإيمان المؤكدة على حفظ أسرارهما ، قال : إن كنت صادقاً فيما تقول ، فأحضر ما صحبك من الآثار عن نَقَلة أخبارهم ، فلما فتش الكتب وتصفح الروايات منها قال : صدقت ، أنا بشر بن سليمان النخاس ، من ولد أبي أيوب الأنصاري ، أحد موالي أبي الحسن وأبي محمد وجارهما بسر من رأى ، قلت : فأكرم أخاك ببعض ما شاهدت من آثارهما ، قال : كان مولانا أبو الحسن علي بن محمد العسكري فقهني في أمر الرقيق فكنت لا أبتاع ولا أبيع إلا بإذنه ، فاجتنبت بذلك موارد الشبهات ، حتى كملت معرفتي فيه ، فأحسنت الفرق بين الحلال والحرام . فبينما أنا ذات ليلة في منزلي بسر من رأى ، وقد مضى هوي من الليل إذ قرع الباب قارع فعدوت مسرعاً ، فإذا أنا بكافور الخادم رسولٌ مولانا أبي الحسن علي بن محمد صلى الله عليه وآله يدعوني إليه ، فلبست ثيابي ودخلت عليه فرأيته يحدث ابنه أبا محمد وأخته حكيمة من وراء الستر ، فلما جلست قال : يا بشر إنك من ولد الأنصار ، وهذه الولاية لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف ، فأنتم ثقاتنا أهل البيت ، وإني مزكيك ومشرفك بفضيلة تسبق بها شأو الشيعة في الموالاة بها : بسرٍّ أطلعك عليه وأنفذك في ابتياع أمَة .
فكتب كتاباً ملصقاً بخط رومي ولغة رومية ، وطبع عليه بخاتمه ، وأخرج شستقة صفراء فيها مائتان وعشرون ديناراً فقال : خذها وتوجه بها إلى بغداد ، واحضر معبرالفرات ضحوة كذا ، فإذا وصلت إلى جانبك زواريق السبايا وبرزن الجواري منها ، فستحدق بهم طوائف المبتاعين من وكلاء قواد بني العباس وشراذم من فتيان العراق ، فإذا رأيت ذلك فأشرف من البعد على المسمى عمر بن يزيد النخاس ، عامة نهارك إلى أن يبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا وكذا ، لابسة حريرتين صفيقتين ، تمتنع من السفور ولمس المعترض والانقياد لمن يحاول لمسها ، ويشغل نظره بتأمل مكاشفها من وراء الستر الرقيق ، فيضربها النخاس فتصرخ صرخة رومية ، فأعلم أنها تقول : واهتك ستراه ، فيقول بعض المبتاعين علي بثلاث مائة ديناراً ، فقد زادني العفاف فيها رغبة ، فتقول بالعربية : لوبرزت في زي سليمان وعلى مثل سريرملكه ما بدت لي فيك رغبة ، فأشفق على مالك ، فيقول النخاس : فما الحيلة ولا بد من بيعك . فتقول الجارية : وما العجلة ولا بد من اختيار مبتاع يسكن قلبي إليه وإلى أمانته وديانته ، فعند ذلك قم إلى عمر بن يزيد النخاس وقل له : إن معي كتاباً ملصقاً لبعض الأشراف كتبه بلغة رومية وخط رومي ، ووصف فيه كرمه ووفاه ونبله وسخاءه ، فَنَاوِلْهَا لتتأمل منه أخلاق صاحبه ، فإن مالت إليه ورضيته ، فأنا وكيله في ابتياعها منك .
قال بشر بن سليمان النخاس : فامتثلت جميع ما حَدَّهُ لي مولاي أبو الحسن عليه السلام في أمر الجارية ، فلما نظرت في الكتاب بكت بكاء شديداً ، وقالت لعمر بن زيد النخاس : بعني من صاحب هذا الكتاب ، وحلفت بالمحرجة المغلظة إنه متى امتنع من بيعها منه قتلت نفسها ، فما زلت أشاحُّهُ في ثمنها حتى استقرالأمر فيه على مقدار ما كان أصحبنيه مولاي عليه السلام من الدنانير في الشستقة الصفراء ، فاستوفاه مني وتسلمت منه الجارية ضاحكة مستبشرة ، وانصرفت بها إلى حجرتي التي كنت آوي إليها ببغداد ، فما أخذها القرار حتى أخرجت كتاب مولاها عليه السلام من جيبها وهي تلثمه وتضعه على خدها ، وتطبقه على جفنها وتمسحه على بدنها ، فقلت تعجباً منها : أتلثمين كتاباً ، ولا تعرفين صاحبه ؟
قالت : أيها العاجز الضعيف المعرفة بمحل أولاد الأنبياء عليهم السلام ، أعرني سمعك وفرغ لي قلبك : أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم ، وأمي من ولد الحواريين تنسب إلى وصي المسيح شمعون عليه السلام ، أنبؤك العجب العجيب : إن جدي قيصر أراد أن يزوجني من ابن أخيه ، وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة ، فجمع في قصره من نسل الحواريين ومن القسيسين والرهبان ثلاث مائة رجل ومن ذوي الأخطار سبع مائة رجل ، وجمع من أمراء الأجناد وقواد العساكر ونقباء الجيوش وملوك العشائر أربعة آلاف ، وأبرز من بهوملكه عرشاً مصوغاً من أصناف الجواهر ، إلى صحن القصر فرفعه فوق أربعين مرقاة ، فلما صعد ابن أخيه وأحدقت به الصلبان ، وقامت الأساقفة عُكَّفاً ونُشرت أسفار الإنجيل ، تسافلت الصلبان من الأعالي فلصقت بالأرض ، وتقوضت الأعمدة فانهارت إلى القرار ، وخر الصاعد من العرش مغشياً عليه ! فتغيرت ألوان الأساقفة وارتعدت فرائصهم ، فقال كبيرهم لجدي : أيها الملك أعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالة على زوال هذا الدين المسيحي والمذهب الملكاني ، فتطير جدي من ذلك تطيراً شديداً ، وقال للأساقفة : أقيموا هذه الأعمدة وارفعوا الصلبان ، واحضروا أخا هذا المدبر العاثر المنكوس جده ، لأزوج منه هذه الصبية فيدفع نحوسه عنكم بسعوده ، فلما فعلوا ذلك حدث على الثاني ما حدث على الأول ! وتفرق الناس وقام جدي قيصر مغتماً ودخل قصره ، وأرخيت الستور ! فأُرِيتُ في تلك الليلة كأن المسيح وشمعون وعدة من الحواريين ، قد اجتمعوا في قصر جدي ونصبوا فيه منبراً يباري السماء علواً وارتفاعاً ، في الموضع الذي كان جدي نصب فيه عرشه ، فدخل عليهم محمد صلى الله عليه وآله مع فتية وعدة من بنيه ، فيقوم إليه المسيح عليه السلام فيعتنقه فيقول : يا روح الله إني جئتك خاطباً من وصيك شمعون فتاته مليكة لابني هذا ، وأومأ بيده إلى أبي محمد صاحب هذا الكتاب فنظر المسيح إلى شمعون فقال له : قد أتاك الشرف فصل رحمك برحم رسول الله صلى الله عليه وآله قال : قد فعلت ، فصعد ذلك المنبر وخطب محمد صلى الله عليه وآله وزوجني ، وشهد المسيح عليه السلام وشهد بنومحمد والحواريون ، فلما استيقظت من نومي أشفقت أن أقص هذه الرؤيا على أبي وجدي مخافة القتل ، فكنت أسرُّها في نفسي ولا أبديها لهم . وضرب صدري بمحبة أبي محمد حتى امتنعت من الطعام والشراب ، وضعفت نفسي ودق شخصي ومرضت مرضاً شديداً ، فما بقي من مدائن الروم طبيب إلا أحضره جدي وسأله عن دوائي ، فلما برَّحَ به اليأس قال : يا قرة عيني فهل تخطر ببالك شهوة فأزودكها في هذه الدنيا ؟ فقلت : يا جدي أرى أبواب الفرج عليَّ مغلقة ، فلوكشفت العذاب عمن في سجنك من أسارى المسلمين ، وفككت عنهم الأغلال وتصدقت عليهم ومننتهم بالخلاص ، لرجوت أن يهب المسيح وأمه لي عافية وشفاء .
فلما فعل ذلك جدي تجلدت في إظهار الصحة في بدني ، وتناولت يسيراً من الطعام فَسُرَّ بذلك جدي ، وأقبل على إكرام الأسارى وإعزازهم ، فرأيت أيضاً بعد أربع ليال كأن سيدة النساء قد زارتني ومعها مريم بنت عمران ، وألف وصيفة من وصائف الجنان فتقول لي مريم : هذه سيدة النساء أم زوجك أبي محمد ، فأتعلق بها وأبكي وأشكو إليها امتناع أبي محمد من زيارتي ، فقالت لي سيدة النساء عليها السلام : إن ابني أبا محمد لايزورك وأنت مشركة بالله وعلى مذهب النصارى ، وهذه أختي مريم تبرأ إلى الله تعالى من دينك ، فإن ملت إلى رضا الله عز وجل ورضا المسيح ومريم عنك ، وزيارة أبي محمد إياك فتقولي : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله . فلما تكلمت بهذه الكلمة ضمتني سيدة النساء إلى صدرها فطيبت لي نفسي وقالت : الآن توقعي زيارة أبي محمد إياك ، فإني منفذته إليك . فانتبهت وأنا أقول : وا شوقاه إلى لقاء أبي محمد ، فلما كانت الليلة القابلة جاءني أبو محمد في منامي ، فرأيته كأني أقول له جفوتني يا حبيبي بعد أن شغلت قلبي بجوامع حبك ! قال : ما كان تأخيري عنك إلا لشركك ، وإذ قد أسلمت فإني زائرك في كل ليلة إلى أن يجمع الله شملنا في العيان ، فما قطع عني زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية !
قال بشر : فقلت لها وكيف وقعت في الأسر ؟ فقالت : أخبرني أبو محمد ليلة من الليالي أن جدَّك سيسرب جيوشاً إلى قتال المسلمين يوم كذا ثم يتبعهم ، فعليك باللحاق بهم متنكرة في زي الخدم ، مع عدة من الوصائف من طريق كذا ، ففعلت فوقعت علينا طلائع المسلمين حتى كان من أمري ما رأيت وما شاهدت ، وما شعر أحد بي بأني ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية سواك ، وذلك بإطلاعي إياك عليه . وقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته وقلت نرجس ، فقال : اسم الجواري .
فقلت : العجب أنك رومية ولسانك عربي . قالت : بلغ من ولوع جدي وحمله إياي على تعلم الآداب أن أوعز إلي امرأة ترجمان له في الاختلاف إلي ، فكانت تقصدني صباحاً ومساءً وتفيدني العربية ، حتى استمر عليها لساني واستقام .
قال بشر : فلما انكفأت بها إلى سرمن رأى دخلت على مولانا أبي الحسن العسكري عليه السلام فقال لها : كيف أراك الله عز الإسلام وذل النصرانية وشرف أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله ؟ قالت : كيف أصف لك يا ابن رسول الله ما أنت أعلم به مني . قال : فإني أريد أن أكرمك ، فأيما أحب إليك عشرة آلاف درهم أم بشرى لك فيها شرف الأبد ؟ قالت : بل البشرى ، قال : فأبشري بولد يملك الدنيا شرقاً وغرباً ، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً .
قالت : ممن ؟ قال : ممن خطبك رسول الله صلى الله عليه وآله له من ليلة كذا من شهركذا من سنة كذا بالرومية . قالت : من المسيح ووصيه ؟ قال : فممن زوجك المسيح ووصيه ؟ قالت :
من ابنك أبي محمد . قال : فهل تعرفينه ؟ قالت : وهل خلوت ليلة من زيارته إياي منذ الليلة التي أسلمت فيها على يد سيدة النساء أمه ؟
فقال أبو الحسن عليه السلام : يا كافور أدع لي أختي حكيمة ، فلما دخلت عليه قال لها : ها هيه ، فاعتنقتها طويلاً وسرت بها كثيراً ، فقال لها مولانا : يا بنت رسول الله أخرجيها إلى منزلك وعلميها الفرائض والسنن ، فإنها زوجة أبي محمد ، وأم القائم عليه السلام » . ووراه بنحوه دلائل الإمامة / 262 ، بتفاوت يسير ، وروضة الواعظين : 1 / 252 ومناقب ابن شهرآشوب : 4 / 440 مختصراً ، ومنتخب الأنوار / 51 ، وإثبات الهداة : 3 / 363 ، و 365 ، و 409 و 495 ، والبحار : 51 / 6 و 10 .
ملاحظات
1 . راوي هذه الرواية العالم المؤلف الأديب محمد بن بحر الشيباني رحمه الله ، وقد تقدم توثيقه ، وأن الصدوق رحمه الله استشهد على عقائد المذهب بفقرات من كتبه . أما سيدنا الخوئي قدس سره فطبَّقَ منهجه المتشدد ، وَضَعَّفَ الرواية ! قال في رجاله « 4 / 224 » : « لكن في سند الرواية عدة مجاهيل ، على أنك قد عرفت فيما تقدم أنه لا يمكن إثبات وثاقة شخص برواية نفسه » .
يقصد بذلك قول الإمام الهادي عليه السلام لبشر بن سليمان الأنصاري : فأنتم ثقاتنا أهل البيت . ويقصد أنه لا يُثبت وثاقة سليمان لأنه هو الذي رواه . لكن يكفي لصحة الرواية اعتضادها برواية محمد بن عبد الجبار الصحيحة المتقدمة ، ثم يكفي في توثيق الشيباني ارتضاء الصدوق والقميين لروايته رغم تشددهم ، وأن دواعي الوضع هنا منتفية . وقد ارتضى هذا المبنى الشيخ الأنصاري قدس سره وصحح به رواية استشارة عمر لأمير المؤمنين عليه السلام في الفتوحات وإذنه بها .
قال في المكاسب « 2 / 243 » : « والظاهر أن أرض العراق مفتوحة بالإذن كما يكشف عن ذلك ما دل على أنها للمسلمين . وأما غيرها مما فتحت في زمان خلافة الثاني ، وهي أغلب ما فتحت ، فظاهر بعض الأخبار كون ذلك أيضاً بإذن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وأمره ، ففي الخصال في أبواب السبعة في باب أن الله تعالى يمتحن أوصياء الأنبياء في حياة الأنبياء في سبعة مواطن ، وبعد وفاتهم في سبعة مواطن . . إلى أن قال : فإن القائم بعد صاحبه ، يعني عمر بعد أبي بكر كان يشاورني في موارد الأمور فيصدرها عن أمري ، ويناظرني في غوامضها فيمضيها عن رأيي ، لا أعلم أحداً ولا يعلمه أصحابي يناظر في ذلك غيري . . .
ثم قال : وفي سند الرواية جماعة تُخرجها عن حد الاعتبار ، إلا أن اعتماد القميين عليها وروايتهم لها ، مع ما عُرف من حالهم لمن تتبعها من أنهم لا يخرجون في كتبهم رواية في راويها ضعف إلا بعد احتفافها بما يوجب الاعتماد عليها جابرٌ لضعفها في الجملة » .
فهذا كافٍ في تصحيح رواية مليكة رضي الله عنها ، فكيف إذا أضفنا اليه الصحيحة المتقدمة عن محمد بن عبد الجبار ، وهي وحدها كافية لتصحيحها .
2 . تدل الرواية على المستوى العلمي والعقلي الجيد لبشرالأنصاري رحمه الله لأنه لم يحدث الشيباني حتى امتحنه واطمأن إلى أنه عالم موالٍ : « قال : إن كنت صادقاً فيما تقول فأحضر ماصحبك من الآثار عن نَقَلة أخبارهم . . فلما فتش الكتب وتصفح الروايات منها قال : صدقت . أنا بشر بن سليمان . . » .
3 . ما وصفته مليكة من سقوط المنصة والزينة والصلبان والعريس ، وتكرارذلك مع العريس الثاني الذي أرادوها لها ، كان آيةً ربانية لقيصرليفهم أن هذا العمل نحسٌ فيتركه ، وقد فَهم ذلك وتركه . وقد رأيتُ بعض النواصب يسخر من قصة نرجس رضي الله عنها ، وفي نفس الوقت يؤمن بكراماتٍ لابن تيمية أعظم منها ، ويأتمُّ بأنداد نصبهم أئمة لا يعقلون الخطاب ولا الجواب !
4 . كانت تسمى مليكة ، نرجس ، وسوسن ، وريحانة ، وصقيل . « كشف الحق / 33 » .
وسبب تعدد التسمية أن الخليفة وظف جاسوسات على بيت الإمام عليه السلام لمعرفة الحامل من نسائه ، لأن ابنه هو الثاني عشر الذي يُنهي دولة الظالمين .
أسرة والدة الإمام المهدي عليه السلام
حسب النصوص التي صحت عندنا ، لابد أن تكون السيدة مليكة أم المهدي عليه السلام قد ولدت نحو 235 هجرية ، أي نحو 850 ميلادية ، لأن جدها القيصر أراد تزويجها من ابن عمها وعمرها ثلاث عشرة سنة ، فحدثت المعجزة وسقطت منصة العرس بزينتها وصلبانها ومن عليها ، ففهم القيصر أن في الأمر سراً فألغى العرس !
وأصابت مليكة الحمى وخاف جدها عليها ، فجاء بالأطباء . . ثم رأت في منامها فاطمة الزهراء عليها السلام ، فأسلمت على يدها وصار يأتيها أبو محمد عليه السلام في المنام ، فوجهها الإمام عليه السلام في منامها أن تخرج مع جواريها وتتبع جيشاً أرسله جدها لقتال المسلمين ، وكان الجيش الرومي يتجه عادة إلى ديار بكرعلى حدود العراق مع الروم أو إلى منطقة أرض روم ، وهي حدود آذربيجان المسلمة مع الروم .
وقد تعمدت مليكة ووصائفها أن يسلكن طريقاً يوقعهن في قبضة الجيش الإسلامي ، فأخذوهن مع الأسرى إلى بغداد ، ولا بد أن عمرها يومها كان دون العشرين سنة . فتكون ولادتها نحو 237 هجرية يساوي 852 م . لأنها رزقت بابنها المهدي عليه السلام في : 15 شعبان / 255 ، هجري ، وهو يساوي يوم الجمعة : 2 / 8 / 869 ، ميلادي ، كما في تحويل التاريخ الهجري إلى ميلادي .
أما جدها القيصر الذي ولدت في عهده ، فيصح أن يكون تيوفيل أو ثيوفئيل من حيث العمر ، لكن لم أجد ذكراً لابنه يشوعا والدها ، وقد ذكروا أن تيوفيل ورثه ابنه ميخائيل الثالث ، ثم ذكروا أن تيوفيل مات سنة 227 ، أي قبل ولادة مليكة ! قال الطبري « 7 / 318 » : « بويع في يوم توفي المعتصم ، ابنُهُ هارون الواثق بن محمد المعتصم وذلك في يوم الأربعاء لثمان ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة 227 . وهلك هذه السنة توفيل ملك الروم ، وكان ملكه اثنتي عشرة سنة » . وقال الطبري « 7 / 348 » : « وفيها « سنة 233 » وثب ميخائيل بن توفيل على أمه تذورة ، فشمَّسها وأدخلها الدير ، وقتل اللغثيط لأنه اتهمها به . وكان مُلكها ست سنين » . أي خاف ابنها أن تتزوج اللغثيط ، وتنقل الملك من ابنها إلى زوجها .
وقال الطبري « 7 / 608 » : « وفيها « سنة 254 » وثب بسيل المعروف بالصقلبي . . على ميخائيل بن توفيل ملك الروم فقتله ، وكان ميخائيل منفرداً بالمملكة أربعاً وعشرين سنة . وتملك الصقلبي بعده على الروم » .
أقول : يظهر بذلك أن الإمبراطور ثيوفيلوس حكم من سنة 842 ميلادية إلى سنة 866 ميلادية . وهو الوقت الذي نشأت فيه أم الإمام عليه السلام وجاءت إلى سامراء . فيصح أن يكون توفيل جدها ، لكن لم نجد ترجمة لابنه يشوعا .
وفي قصة الحضارة « 5 / 4973 » : « ثيوفيلس « 829 - 842 » المشترع المصلح ، والملك البناء ، والإداري الحي الضمير ، الذي أحيا سنه اضطهاد محطمي التماثيل وقضى عليه الزحار . وأرملته ثيودورا التي حكمت البلاد نيابة عنه حكماً قديراً « 842 - 856 » وأنهت عهد الاضطهاد . وميخائيل الثالث السكير « 842 - 867 » الذي أسلم الإمبراطورية بعجزه اللطيف إلى أمه أولاً ، ثم إلى قيصر بارداس caesar Bardas عمه المثقف القدير بعد وفاتها .
ثم تظهر على المسرح على حين غفلة شخصية فذة لم تكن منتظرة تخرج على كل سابقة عدا سابقة العنف ، وتؤسس الأسرة المقدونية القوية ، فقد ولد باسل المقدوني « 862 ؟ » بالقرب من هدريانوبل Hadriaople من أسرة أرمنية من الزراع . وأسره البلغار وهو صغير وقضى شبابه بينهم وراء الدانوب ، في البلاد التي كانت وقتئذ معروفة باسم مقدونية . ثم فر منهم وهو في الخامسة والعشرين من عمره ، واتخذ سبيله إلى القسطنطينية ، واستأجره أحد رجال السياسة ليكون سائساً لخيوله ، لأنه أعجب بقوة جسمه وضخامة رأسه ، وصحب سيده في بعثة إلى بلاد اليونان ، وهناك استلفت نظر الأرملة دنيليس Danielis وحصل على بعض ثروتها . ولما رجع إلى العاصمة روَّضَ جواداً جموحاً يملكه ميخائيل الثالث ، فأدخله الإمبراطور في خدمته . وظل يرتقي فيها حتى صار رئيس التشريفات ، وإن لم يكن يعرف القراءة والكتابة . وكان باسيل على الدوام قديراً فيما يوكل إليه من الأعمال ، سريع الاستجابة لها ، فلما طلب ميخائيل زوجاً لعشيقته ، طلق باسيل زوجه القروية ، وأرسلها إلى تراقية مع بائنة طيبة ، وتزوج يودوسيا Eudocia التي ظلت في خدمة الإمبراطور . وهكذا حبى ميخائيل باسيل بعشيقته ولكن المقدوني ظن أنه يستحق العرش جزاء له على فعلته ، فأقنع ميخائيل بأن بارداس يأتمر به ليخلعه ، ثم قتل بارداس بيديه الضخمتين « 866 » وكان ميخائيل قد اعتاد من زمن طويل أن يملك دون أن يحكم فجعل باسيل إمبراطوراً وترك له جميع شؤون الحكم . ولما هدده ميخائيل بعزله ، دبر باسيل اغتياله وأشرف على هذا الإغتيال بنفسه ، وانفرد هو بالإمبراطورية « 867 » وهكذا كانت المناصب مفتحة الأبواب لذوي الكفاية حتى في عهد الملكيات الوراثية المطلقة . وهكذا أنشأ ابن الفلاح الأمي غير المثقف بتذلله وجرائمه أطول الأسر الحاكمة البيزنطية عهداً ، وبدأ حكماً دام تسع عشرة سنة امتاز بالإدارة الحازمة ، والقوانين الصالحة ، والقضاء العادل ، والخزانة الغاصة بالمال ، وببناء الكنائس والقصور الجديدة في المدينة التي استولى عليها » .
أقول : خلاصة ما ذكره هذا المؤخ الغربي الكبير : أن القيصر ثيوفيلس حكم من سنة 829 - 842 ميلادية . وأرملته ثيودورا التي حكمت البلاد نيابة عنه ، من سنة 842 - 856 . وابنه ميخائيل الثالث الذي حكم من سنة 842 - 867 . ثم عمه قيصر بارداس . ثم جاء القيصر باسل المقدوني ، وأسس الأسرة المقدونية التي حكمت نحو 200 سنة .
وعلى هذا التسلسل ، وعلى فرضية أن أم الإمام عليه السلام ولدت نحو 850 ، يكون القيصرالذي هو جدها : تيوفيل ، وقد يكون ميخائيل الثالث ، لأنه كان حاكماً إلى سنة 267 أي إلى أن صارعمرها سبع عشرة سنة ، فتكون تركت القسطنطينية في عصره .
قال المسعودي « التنبيه والإشراف / 145 » : « ميخائيل بن توفيل ملكَ ثمانياً وعشرين سنة ، بقية أيام الواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين . وكانت أمه تدورة تدبر الملك معه ، ثم أراد قتلها لأمر كان منها ، فهربت ولحقت بالدير فترهبت .
ونازعه في الملك رجل من أهل عمورية من أبناء الملوك السالفة يعرف بابن بقراط ، فلقيه ميخائيل وقد أخرج من في سجونه من المسلمين للقتال معه وقواهم بالخيل والسلاح ، فظفر بابن بقراط فشوه بخلقه ولم يقتله ، لأنه لم يلبس ثياب الفرفير والخف الأحمر . وقَتَلَ ميخائيلَ بسيلُ الصقلبي جدُّ قسطنطين بن لاون بن بسيل ، الملك على الروم في هذا الوقت ، المؤرخ به كتابنا وهو سنة 345 » . يقصد أنه من ذريته .
فالمرجح أن يشوعا ابن ميخائيل الثالث ، هو جد مليكة أم الإمام عليه السلام وكان له ابن أخ ، فأراد أن يزوجه حفيدته مليكة فحدثت الآية .
وفي مكتبة التاريخ ، وفي مصادره : تاريخ الدولة البيزنطيه د . محمد حسنين ربيع :
http : / / مكتبةالتاريخ . com / 2011 / 07 / theodora - wife - of - emperor - theophilus . html
« أن الإمبراطور ثيوفيليوس بعد موت زوجته ، تزوج بثيودورا وأنجب منها خمس بنات وولد ، هو ميخائيل الثالث ، وتوفى الإمبراطور ثيوفيليوس سنه 842 م . وترك ابنه ميخائيل ووريثه الوحيد وعمره لم يتجاوز السادسة ، وأوصى أن تتولى الأمبراطوره ثيودورا أمه الوصاية عليه ، وعاونها في الوصاية مجلس مكون من كبار رجال الدولة ، وكان أشهرهم ثيوكتيستوس عم ثيودورا ، وكانت ثيودورا هي الحاكمة للدولة البيزنطيه لمده 14 سنة ، وقام على تنشئة الإمبراطور ميخائيل الثالث ، عمه برداس فأهمل في تربيته وتنشئته ، فساء خلقه وأدمن شرب الخمر والمقامرة ، حتى أطلق عليه البيزنطيون لقب السكير ويبدو أن خاله برداس تعمد هذا ليبعده عن الحكم ، وفعلاً حصل برداس على درجة كبيرة من النفوذ والتصرف في شؤون الحكم .
وحدث في عهد ثيودورا المفاوضات لفداء الأسرى مع المسلمين ، وتم الفداء على ضفاف نهر اللامس سنه 845 م .
وفي سنه 846 م . أرسلت ثيودورا جيشاً إلى صقلية لاستعادتها ، لكن جيوشها هزمت على يد الأغالبه . وفي مايو 853 م . أرسلت ثيودورا أسطولاً إلى دمياط وبلاد الشام ، ولم تكن في دمياط حامية ، لأن حاميه دمياط غادرت المدينة للاشتراك في عرض حربي بمناسبه عيد الأضحى ، فتعرضت المدينة للسلب والنهب من قبل البيزنطيين واخذو 600 أسيراً من أهل المدينة ، وكثيراً من المؤن .
كانت نهاية ثيودورا على يد أخيها برداس الذي حدثت مشادة بينه وبين ثيوكتيسوس عم ثيودورا وعشيقها ، فقام برداس بالوشايه عند الإمبراطور ميخائيل الثالث أن ثيوكتيسوس ينوي الزواج من ثيودورا ، فأمر الإمبراطور ميخائيل الثالث بسجن ثيوكتيسوس ، وقتل سنه 854 م . وعندما ادعى أحد الرهبان أنه ابن ثيودورا ، وأنه الأحق في تولى الحكم ، أمر برداس بالقبض عليه وقتله ، وأكره الإمبراطور ميخائيل الثالث أمه الأمبراطوره ثيودورا وإخوته على الترهب » .
أقول : رغم ما تقدم ، فلا بد من القول إن معلوماتنا قليلة عن أسرة مليكة عليها السلام ، لكن مصادرها في اللغة اليونانية ، ثم في اللاتينية والإيطالية وافرة ، تحتاج إلى تتبع واستقصاء .
وذكر لي بعضهم أن المصادروالمفصلة في تاريخ الأباطرة الشرقيين ، حكام القسطنطينية ، مكتوبة باللغة اليونانية . ونورد فيما يلي قائمة بأسماء الأباطرة الذين حكموا بيزنطة لتكون عوناً للباحث ، لأن ما رأيته من بحوث كلها ضعيفة .
قائمة بأسماء الأباطرة البيزنطيين
كما ورد في موقع : https : / / en . wikipedia . org / wiki / List _ of _ Byzantine _ emperors
« ثبت بأسماء أباطرة الدولة البيزنطية من قسطنطين الأول حتى سقوط الدولة البيزنطية عام 1453 م . على يد السلطان العثماني محمد الفاتح :
* قسطنطين الأول 337 م .
* قنسطنطينوس 361 م .
* يوليانوس المرتد 363 م .
* يوفيانوس 364 م .
* والنس 378 م .
* ثيودوسيوس الأول 395 م .
* اركاديوس 408 م .
* ثيودوسيوس الثاني 450 م .
* مرقيانوس 457 م .
* لاوون الأول 474 م .
* لاوون الثاني 474 م .
* زينون 491 م .
* انسطاسيوس الأول 518 م .
* يوستينوس الأول 527 م .
* يوستنيانوس الأول 565 م .
* يوستنيوس الثاني 578 م .
* طيباريوس الثاني 582 م .
* موريقيوس 602 م .
* ثيودسيوس الشريك 602 م .
* فوقاس 610 م .
* هرقل الأول 641 م .
* قسطنطين الثالث 641 م .
* هرقليون 641 م .
* قسطنطين الثالث 641 م .
* هرقليون 641 م .
* قسطنس الثاني 668 م .
* قسطنطين الرابع 668 م
* هرقليوس 681 م
* طيباريوس 681 م
* قسطنطين الرابع 685 م .
* يوستيانوس الثاني 695 م .
* لاونديوس 698 م .
* طيباريوس الثالث 705 م .
* يوستنيانوس الثاني 711 م .
* طيباريوس 711 م .
* فيليبيكوس البرداني 713 م .
* انسطاسيوس الثاني ارتيموس 715 م .
* ثيودسيوس الثالث 717 م .
* لاوون الثالث الأيسورى 740 م .
* قسطنطين الخامس 740 م .
* كوبرونيموس الزبلي 775 م .
* لاوون الرابع 775 م .
* لاوون الخرز ] 780 م .
* قسطنطين السادس 780 م .
* ايرينة 802 م .
* نيقفوروس الأول 811 م .
* استوراقيوس 811 م .
* ميخائيل الأول 813 م .
* لاوون الخامس 820 م .
* ميخائيل الثاني 829 م .
* ثيوفيلوس 842 م .
* ميخائيل الثالث « السكير » 866 م .
* باسيليوس الأول 867 م .
* باسيليوس المقدوني 886 م .
* لاوون السادس 886 م .
* الإسكندر 912 م
* لاوون الحكيم 912 م
* قسطنطين السابع 913 م
* بورفير وجنيتوس 919 م
* كريستوفر ليكابينوس 931 م
* رومانوس الأول 944 م
* قسطنطين السابع 944 م
* استيفن ليكابينوس 945 م
* قسطنطين ليكابينوس 945 م
* قسطنطين بورفيروجينتوس 959 م
* رومانوس الثاني 963 م
* باسيلوس الثاني 963 م
* نيقفوراس الثاني فوقاس 969 م
* يوحنا الأول جيمسكى 976 م
* باسيلوس جلاد البلغار 1025 م
* قسطنطين الثامن 1028 م
* رومانوس الثالث أرجيروس 1034 م
* ميخائيل الرابع 1041 م
* ميخائيل الخامس الشماع 1042 م
* زوية 1042 م
* قسطنطين التاسع 1055 م
* ثيودورا 1056 م
* ميخائيل السادس 1057 م
* اسحق الأول 1059 م
* قسطنطين العاشر دوقاس 1067 م
* ميخائيل السابع 1071 م
* رومانوس ديوجينيس 1071 م
* ميخائيل بارابيناكس 1078 م
* نيقفوروس الثالث بوتنياس 1081 م
* قسطنطين دوقاس 1090 م
* يوحنا الثاني 1118 م
* الكسيوس الأول كوممنينوس 1118 م
* الكسيوس 1142 م
* يوحنا كاليوهانيس 1143 م
* عمانويل الأول 1180 م
* الكسيوس الثاني 1183 م
* اندرينوكس الأول 1185 م
* اسحق انجيلوس 1195 م
* الكسيوس الثالث 1203 م
* الكسيوس الرابع 1204 م
* اسحق الثاني 1204 م
* الكسيوس الخامس مورتزفيلوس 1204
* ثيودور الأول لاسكارس 1222 م .
* يوحنا الثالث دوقاس فاتاتزيس 1254 م
* ثيودورالثانيلاسكارس فاتاتزيس 1258 م
* يوحنا الرابع دوقاس 1258 م
* ميخائيل باليوجيس الثامن 1282 م
* اندرينوكوس الثاني 1328 م
* اندرينوكس الثالث 1341 م
* يوحنا الخامس 1347 م
* يوحنا السادس 1355 م
* ماثيو كانتا كوزينى 1355 م
* يوحنا الخامس « مرة ثانية » 1376 م
* اندرينيكوس الرابع 1379 م
* يوحنا السابع 1390 م
* عمانويل الثاني 1425 م
* يوحنا السابع 1412 م
* يوحنا الثامن 1448 م
* قسطنطين الحادي عشر 1453 م
قالوا : إن أول من أسس استانبول بَحَّارة من ميجارا عام 657 ق . م . وكان اسمها مدينة بيزنطه . وأول من بناها ومصَّرها الإمبراطور قسطنطين 324 م . وسماها باسمه واحتفل بافتتاحها بحفل مهيب في 11 مايو 330 م . وفي سنة 1453 م . فتحها السلطان العثماني محمد الفاتح ، وأنهى الدولة البيزنطية وسماها إستامبول ، واتخذها عاصمة .
وفي الختام : يعجب المرء من الوسائل العديدة التي هيأها الله تعالى لوليه المهدي عليه السلام لتغيير العالم ، وإقامة دولة العدل الإلهي ، ومنها أنه ادخر له عيسى عليه السلام لينزل في الوقت المناسب ، ويتولى إقناع أتباعه الغربيين .
كما جعل الله في شخصية المهدي عليه السلام عناصر جذب عديدة للشعوب ، فهو من عترة النبي صلى الله عليه وآله ، وقد بشر به وكتب له رسالة وعهداً معهوداً وكتباً ، لتكون منهاج عمله .
وهو من جهة جده زين العابدين عليه السلام يتصل نسبه بكسرى ، لأن أم زين العابدين حفيدة كسرى . ومن جهة أمه مليكة أو نرجس رضي الله عنها ، يتصل نسبه بالقياصرة من جهة أبيها ، ويتصل بشمعون الصفا وهارون من جهة أمها .
فالمهدي عليه السلام عربي فارسي رومي ، وينتسب إلى فرعي إبراهيم عليه السلام ، إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام من جهة أبيه ، وإسحاق بن إبراهيم من جهة أمه .
ختام في فضل ليلة مولده عليه السلام ليلة النصف من شعبان
في مصنف عبد الرزاق : 4 / 316 : « عن كثير بن مرة : إن الله يطلع ليلة النصف من شعبان إلى العباد ، فيغفر لأهل الأرض إلا رجل مشرك أو مشاحن » .
وفي مصنف عبد الرزاق : 4 / 317 : « عن ابن عمر قال : خمس ليال لا ترد فيهن الدعاء ، ليلة الجمعة ، وأول ليلة من رجب ، وليلة النصف من شعبان ، وليلتا العيدين » .
وروى أحمد ووثقه في الزوائد 2 / 176 : « عن عبد الله بن عمرو ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : يطلع الله عز وجل إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لعباده إلا لاثنين مشاحن وقاتل نفس » .
وفي أمالي الشجري : 2 / 107 : « عن أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وآله قال : إن الله تبارك وتعالى ينزل في النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لكل بشر ما خلا مشركاً ، أو إنساناً في قلبه شحناء » .
وفي أمالي الشجري : 2 / 101 : « عن موسى بن جعفر عن آبائه عن النبي صلى الله عليه وآله : إن الله تبارك وتعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا « سبحانه هو أجل وأعظم من أن يزول عن مكانه ، ولكن نزوله على الشئ إقباله عليه لا بجسم » فيقول : هل من سائل فأعطيه سؤله ، هل من مستغفر فأغفر له ، هل من تائب فأقبل توبته ، هل من مدين فأسهل عليه قضاء دينه ؟ فاغتنموا هذه الليلة وسرعة الإجابة فيها » .
وفي التوحيد للصدوق / 176 : « عن إبراهيم بن أبي محمود ، قال : قلت للرضا عليه السلام : يا ابن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه الناس عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : إن الله تبارك وتعالى ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا ؟ فقال عليه السلام : لعن الله المحرفين الكلم عن مواضعه والله ما قال رسول الله كذلك ! إنما قال : إن الله تبارك وتعالى ينزل ملكاً إلى السماء الدنيا كل ليلة في الثلث الأخير ، وليلة الجمعة في أول الليل فيأمره فينادي هل من سائل فأعطيه ، هل من تائب فأتوب عليه ، هل من مستغفر فأغفر له ؟ يا طالب الخير أقبل ، يا طالب الشرأقصر ، فلا يزال ينادي بهذا حتى يطلع الفجر . فإذا طلع الفجر عاد إلى محله من ملكوت السماء . حدثني بذلك أبي عن جدي ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله » .
وروى الصدوق في ثواب الأعمال / 101 : « عن كردوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من أحيا ليلة العيد ، وليلة النصف من شعبان ، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب » .
وفي أمالي الطوسي : 1 / 302 : « عن جعفر بن محمد الصادق قال : سئل الباقرعن فضل ليلة النصف من شعبان فقال : هي أفضل ليلة بعد ليلة القدر ، فيها يمنح الله تعالى العباد فضله ، ويغفر لهم بمنه ، فاجتهدوا في القربة إلى الله فيها ، فإنها ليلة آلى الله تعالى على نفسه أن لا يرد سائلاً له فيها ما لم يسأل معصية . وإنها الليلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلة القدر لنبينا صلى الله عليه وآله ، فاجتهدوا في الدعاء والثناء على الله عز وجل فإنه من سبح الله تعالى فيها مائة مرة وحمده مائة مرة وكبره مائة مرة غفر الله تعالى له ما سلف من معاصيه ، وقضى له حوائج الدنيا والآخرة ما التمسه منه وما علم حاجته إليه وإن لم يلتمسه منه ، كرماً منه تعالى وتفضلاً على عباده . قال أبو يحيى : فقلت لسيدنا الصادق عليه السلام : أيش الأدعية فيها ؟ فقال : إذا أنت صليت العشاء الآخرة فصل ركعتين ، إقرأ في الأولى بالحمد وسورة الجحد وهي : قل يا أيها الكافرون ، واقرأ في الركعة الثانية بالحمد وسورة التوحيد وهي : قل هو الله أحد ، فإذا أنت سلمت قلت : سبحان الله ثلاثاً وثلاثين مرة والحمد لله ثلاثاً وثلاثين مرة ، والله أكبر أربعاً وثلاثين مرة ، ثم قل : يا من إليه ملجأ العباد في المهمات . . . إلى آخرالدعاء . فإذا فرغ سجد يقول : يا رب عشرين مرة . يا محمد ، سبع مرات . لا حول ولا قوة إلا بالله ، عشر مرات . ما شاء الله ، عشر مرات . لا قوة إلا بالله ، عشر مرات . ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وآله وتسأل الله حاجتك ، فوالله لو سألت بها بفضله وبكرمه عدد القطر لبلغك الله إياها بكرمه وفضله » .
وفي كامل الزيارات : 1 / 179 : « عن علي بن الحسين عليه السلام قال : « من أحب أن يصافحه مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي ، فليزر قبر أبي عبد الله الحسين بن علي عليه السلام في النصف من شعبان ، فإن أرواح النبيين عليهم السلام يستأذنون الله في زيارته فيؤذن لهم . منهم خمسة أولو العزم من الرسل . قلنا من هم ؟ قال : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم أجمعين . قلنا له : ما معنى أولي العزم ؟ قال : بعثوا إلى شرق الأرض وغربها ، جنها وإنسها » .
وفي إثبات الهداة : 3 / 581 : « وقد وجد بخط الشهيد رحمه الله عن الصادق عليه السلام قال : « إن الليلة التي يولد فيها القائم عليه السلام لا يولد فيها مولود إلا كان مؤمناً ، وإن ولد في أرض الشرك نقله الله إلى الإيمان ببركة الإمام عليه السلام » .
أقول : لو سألت علماء المذاهب : لماذا هذه المكانة الخاصة عند الله تعالى لليلة نصف شعبان ؟ لما وجدوا جواباً إلا على مذهبنا بأن الله تعالى اختارها مولداً لوليه المهدي الموعود عليه السلام الذي سيملأ به الأرض قسطاً وعدلاً ، وينهي الظلم .
الاكثر قراءة في الولادة والنشأة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
