موقعة سلامس 480ق.م
المؤلف:
سليم حسن
المصدر:
موسوعة مصر القديمة
الجزء والصفحة:
ج13 ص 535 ــ 537
2025-07-05
666
كان على الأُسطول الإغريقي، على حسب التصويرات المستعجلة التي أبداها «تيميستوكليس» الذي كان مشهورًا بقوة إقناعه للأسبرتيين بالحجة الدامغة التي تروق في أعيُنهم، بعد أن غادر «أرتيميزيوم»؛ أن يشق طريقه إلى «سلامس» وذلك بحجة أن يسهل للأثينيين نجاة أُسرهم، وقد تسلم الأسطول عند هذه الجزيرة آخر مدده مما جعل قوته العددية التي كان يتوقف عليها خلاصُ «هيلاس» تبلغ حوالي أربعمائة سفينة، وكان عدد سفن العدو أعلى من ذلك بكثير.
وقد كان من جراء الاستيلاء على «أثينا» وزحف الجيش الفارسي على «فاليرون Phaleron » أن تسبب اضطرابٌ عظيمٌ، لدرجة أن الفيلق «البلوبونيزي» صمم بسرعة على تَقهقُر الأُسطول إلى خليج «كورنثا» دون أن يعير أي التفاته مصير الأثينيين الذين كانت تتعرض أُسرُهم بذلك إلى الأسر، وقد كانت حجتهم في ذلك أنهم لو هزموا في «سلامس» فإنهم لن يُفلتوا مِن أيدي الفرس، في حين أنهم عند البرزخ يكونون محميين بقوة جيش «هيلاس» المجتمِع هناك، ولقد كان هذا الشعور عامًّا لدرجة أن «تيميستوكليس» كان في يأس من أمره، ولكنه في المجلس الحزبي الذي عقد تحت رياسة «ايوريبيادس»، تغلب بشخصيته ونال الموافقة على رأيه قسرًا، وذلك أنه بين الأمل الوحيد في نجاة «هيلاس» أن تحارب في المياه الضيقة وأن الحرب عند خليج «كورنثا» يجعل للكثرة العددية للأسطول الفارسي الغلبة بدون شك.
وقد حاول أمير البحر الكورنثي أن يحدث شجارًا بينه وبين «تيميستوكليس» بقوله: بما أن الأثينيين قد فقدوا بلادهم فإنهم ليسوا في حِلٍّ من أن يعطوا رأيًّا في الموقف، ولكن هذا الهجوم قد اجتُنب بمهارة، وذلك بتهديد شديد، وهو أن الأثينيين لو أقلعوا بأُسطولهم لتأسيس «أتيكا» جديدة في «إيطاليا» فإن معونتهم ستفتقد في هذه اللحظة الحرجة التي يقرر فيها مصير «هيلاس»، وبينما نرى الأُمُور تجري من جهة على هذا الحال مضافًا إلى ذلك تنصُّل فيلق أو فيلقين مِن جُنُود الإغريق؛ نرى من جهة أخرى أن «تميستوكليس» قد نال نجاحًا بضربة صائبة وخلص «هيلاس»، وذلك بالقيام بعملٍ يَدُلُّ على عدم الولاء لرفاقه، وهو أنه أرسل رسالة إلى «أكزركزس» يخبره فيها أن الإغريق يفكرون في التقهقُر، وأن فرصته في تدميرهم قد أصبحتْ في النهاية سانحة، ولما كان «أكزركزس» متعودًا على الخيانة الإغريقية؛ فإنه قرر أن يُصدق هذا الخبر وأرسل أُسطوله المصري المؤلف من مائتي سفينة لسد الممر الغربي بين «سلامس» و«مجارا Magira »، وبعد ذلك تقدم أُسطوله الرئيسي من «فاليرون» واتخذ مكانًا للموقعة الكبرى في ثلاثة صفوف على كل جانب من جوانب جزيرة «بسيتاليا Psyttaleia» التي كانت تحتلُّها قوة الفرس.
وقد ظن «أكزركزس» أن النصر أصبح مؤكدًا، وعلى ذلك كان اتجاهُهُ الرئيسي أن يمنع الإغريق من الهرب، وقد وصلت إليه معلوماتٌ عن تحرُّكات الأُسطول الإغريقي، يُفهم منها صراحة أن «هيلاس» لن تنجوَ إلا بالانتصار، وقد وصلت هذه المعلوماتُ للمجلس بوساطة «أريستيدس Aristides»، الذي كان قد عاد حديثًا مِن منفاه، ومن ثم تأكد الإغريقُ تمامًا من أن حياتهم وحياة أُسرهم كانت في خطر داهم، ولقد كان لديهم ميزةُ التضامن، هذا فضلًا عن أن المعركة كانت ستقعُ في مياهٍ ضيقةٍ من صالحهم.
أما الأُسطولُ الفارسيُّ من جهة أُخرى فكان يتألف من فيالقَ متنوعة، وعلى الرغم مِن أنه كان يشغل في بداية المعركة مساحةً واسعة من البحر، إلا أنه التحم مع العدو في مساحة من الماء كانت صغيرة جدًّا بالنسبة للأسطول الفارسي العديد، وكان لا بد أن يتقدم الأسطول للمعركة في صفوف، وذلك لمقابلة جيش الإغريق الذي كان قد صف في خط، ومع ذلك لم تنقص رعايا الملك العظيم الشجاعة، وبخاصة عندما عرفوا أنهم يقاتلون تحت نظر سيدهم الذي لا يرحم.
بدأت المعركة البحرية في صالح الفرس، وعندما انبلج الصباحُ ارتاع الإغريقُ من كثرة عدد سفن الفرس؛ ولذلك جعلوا سُفُنهم تمس الشاطئ تقريبًا، ولكن على حين غفلة حولتهم شجاعةُ اليائسِ إلى أبطال من الطراز الأول، وانقضُّوا على العدو، وقد قابل الصف الذي كان يتحرك بين «بسيتاليا Psyttaleie» واليابسة الأثينيون والأجنتان، أما الإغريق الأيونيون الذين كانوا يتقدمون ما بين «بسيتاليا» و«سلامس» فقد وقفت في وجههم أساطيلُ «بلوبونيز».
وقد حمي وطيس الحرب بين الفريقين لدرجة اليأس، والواقعُ أن كثرة عدد سُفُن الأُسطول الفارسي كان عائقًا لا مُساعدًا في هذا المرسى الضيق، وعلى الرغم من أن الفرس قد كسبوا أرضًا من جهة جناحهم الأيسر فإن جناحهم الأيمن قد هزم في النهاية، وذلك بفضل بطولة ومهارة الأثينيين و«الأجينتان Aeginetans»، وقد أجمع الكل على أن الفضل يرجع إليهم في التغلُّب على العدو، وفي نهاية الأمر سَلَّمَ الفرس على طول الخط، وتقهقروا إلى «فاليرون» بعد أن خسروا مائتي سفينة، هذا عدا السُّفُن التي أسرت مع بحارتها، وقد خسر الإغريقُ في هذه المعركة خمسين سفينة.
هذا، ولم يقتف الإغريق أثرَ الأُسطول الفارسي المهزوم، وقد أمضى الإغريقُ الذين لم يقدروا نصرهم حق قدره ليلتهم على ساحل «سلامس» مستعدِّين لتجديد القتال في الصباح، ولكن عند انبثاق الفجر كان الأُسطول الفارسيُّ قد اختفى عن الأعيُن، ومِن ثم نجت «هيلاس».
الاكثر قراءة في العصور القديمة في مصر
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة