المصادر التي تضارعُ الأسماء
المؤلف:
ابن السّراج النحوي
المصدر:
الأصول في النحو
الجزء والصفحة:
ج3، ص: 109-112
2025-07-13
380
المصادر التي تضارعُ الأسماء التي ليست بمصادر وحقها الوصف
بَابُ ذِكرِ المصادر التي تضارعُ الأسماء التي ليست بمصادر وحقها الوصف، وهي مِنْ هذه الأفعال التي تقدم ذكرها وجاءت على ضربين أحدهما ما فيه علامة للتأنيث، والضرب الثاني لا علامة فيه للتأنيث ويَجْمَعُ هذه المصادر كلها أنها جاءت غير جارية على فعل، وأن ما وقع منها صفة خالصةً فعلى غير لفظ الصفة، والمؤنث ينقسم قسمين: أحدهما، حرف التأنيث فيه أَلفُ والآخر هاء . ألف التأنيث : القسم الأول: ما جاءَ مِنَ المصادر فيهِ وذلك قولهم : رجَعْتهُ رُجْعَى (1)، وبشرتهُ بُشْرَى، وذكرتهُ ذِكْرَى، واشتكيت شكوى، وأفتيتهُ فُتْيَا، وأعداهُ ،عَدْوَى، والبقيا (2)، أَمَّا الحُذْيَا فالعطية، والسقيا ما سقيت والدعوى ما ادعيت وقال بعضهم: اللهم : أشركنا في دعوى المسلمين وقالوا : الكِبْرِيَاءُ الفِعْلُ رِميا (3) وحجيزى (4)،
وحنينى(5)، وقالوا : الهجيرى (6) وَهُوَ كثرة القول بالشيء والكلام به . وقال الأخفش : الأهجيرَى (7) وَهُوَ كثرة كلامه بالشيء يردده. القسم الثاني على ضربين: أحدهما «فعلةً» يُرادُ بها ضَربٌ مِنَ الفعل «فِعْلَة» يراد بها المرة، وذلك الطعمة، وقتله ،سوءٍ ، وبِئْسَتِ المِيتَةِ، إنّما تريد: الضرب الذي أصابه من القتل، وكذلكَ الرِّكَبةُ والجِلْسَة، وقَدْ تجيءُ الفِعْلَة، لا يراد بها هذا (8) نحو الشَّدَةِ، والشِّعْرةِ، والدّريةِ وَقَدْ قالوا : الدرية (9)، وقالوا: ليت شعري (10) ، فحذفوا كما قالوا : ذَهَبت بعذرتها وهو أبو عُذرِها، وهو بزنته، أي بقدره، والعِدَةُ والضّعَةُ والقِحَةُ لا تريد شيئاً من هذا، وأَما المرةُ الواحدة من الفعل فهي «فَعْلَةٌ) نحو ضَرْبَةٍ، وقَوْمَةٍ، وقالوا : أَتيته إتيانه (11)، ولقيته، لقاءة، وهو قليل، وقالوا : غَزَاةٌ فأرادوا عَمْلَةٌ واحدةٌ، وحجةَ عَمَل سَنَةٍ، وقالوا: قتمةٌ (12) ، وسَهَكَةٌ(13) ، وخَمُطَةٌ، اسم لبعض الريح، كالبَيِّةِ (14) ، والشَّهْدَةِ والعَسَلَةِ، ولم يُرِدْ فَعَلَ فَعْلَةٌ .
الضرب الثاني الذي لا علامة فيه للتأنيث : وهو ينقسم قسمين: أحدهما ما أصله أن يكون مبنياً للصفة فوقع للمصدر، والقسم الآخرُ ما هُوَ من أَبنية المصادر فوصف به أو جعل هُوَ الموصوف بعينه : الأول: ما لفظه لفظ الصفة فوقع للمصدر، وذلك ما جاءَ على «فَعُول » نحو: توضاتِ، وضُوءاً ، وتطهرتُ طَهُوراً، وأولعتُ بهِ وَلُوعاً، ومنهم من يقول، وقدتُ النارَ وَقُوداً عالياً، وقبلته قبُولاً والوُقُودُ أَكثر، والوَقُودُ الخطب وعلى فلانٍ ،قبول، وهذا البناءُ (15) أَكثر ما يجيء في الصفات نحو: ضروب، وقتول ، وهَبُوبِ وتَؤُوم، وطروب . الثاني: ما لفظه لفظ المصدر، فجاء على معنى : مَفْعُول وفاعل، وذلك قولُكَ : لَبَنُ حَلَبٌ، إنما تريد: محلوبٌ ، وكقولهم : الخَلْقُ ، إنما يريد به المخلوق، والدرهم ضَرْبُ الأمير: أي: مَضروبٌ. ويقعُ على الفاعل نحو: رجل غمر (16)، ورجل نوم إنما تريدُ الغَامر والنائم، ومَاءً صَرَى، أَي صر(17)، ومعشر كرم أي : كرماءُ ، وقالوا : صَرِيَ يَصْرَى صَرْى، وَهُوَ صَرٍ إذا تغير اللبن الضرع ، وَهُوَ ،رضى ، أَي مَرْضِي ، وأَما ما جعل هو الموصوف بعينه : إلا أنهم جاؤوا به مخالفاً لبناء المصدر وغير مخالف. فقولهم : أصاب شبعه، وهذا شبعه، إنما يريدونَ مُشْعَهُ (18) ، ومِنْ ذلكَ : هُوَ مِلءُ هَذَا، أَي : ما يملأ هَذَا، وقولُهم : لَيْسَ لَهُ طَعِمٌ، إنما معناه: ليسَ لَهُ طِيبٌ، أَي: ليس بمؤثر في ذوقي وما التذ به، فهذا مما خولف به. وقد يجيء غير مخالف نحو: رويت ريّاً، وأَصَابَ رِيَّهُ، وَطعمتُ طُعْمَاً وأَصَابَ طُعْمَه، ونَهِلَ يَنْهِلُ نَهَلاً، وأَصَابَ نَهَلَهُ وقالوا : قُتَهُ قَوْتَاً، والقوتُ : الرزق، فلم يدعوه على بناء واحد، وقالوا : مَرَيْتُها مَرْياً، إذا أَرادَ العَمَلَ، وحلبتها مرية، لا يريدُ فعلة، ولكنه يريد نحواً مِنَ الدرةِ والحَلب وقالوا: لعنة للذي يُلْعَنُ، واللعْنَةُ (19) المصدر ، والخَلْقُ المصدرُ (20) ، والمخلوق جمعاً، وقالوا: كَرَع كُرُوعاً والكَرَعُ : الماءُ الذي يكرعُ [فيه] (21) وَدَرَأَتُهُ ، دَرْءاً، وَهُوَ ذُو تُدْرَا، أي : ذُو عُدَّةٍ، ومَنَعةٍ، وكاللغنَةِ، السبةُ إذا أردت المشهور بالسب واللعن، جعلوه مثل : الشهرة. قال أبو بكر : قد ذكرتُ أحوال الأفعال الثلاثية المتعدية وغير المتعدية التي لا زائد فيها، وعَرَّفْتُ : أَنَّ الفعل الذي لا يتعدى يُفضّلُ على المتعدي بِفَعلَ يَفْعُلُ، وعرفتُكَ الأسماء الجارية عليها والمصادر، وما لا يجري مِنَ المصادر على الفعل. واعلم: أَنْ كُلِّ فِعْل متعد فقد يبنى على مفعول نحو قولك في
ضُرِبَ مَضروبٌ، وفي قُتِلَ ،مقتول، وما لا يتعدى فلا يجوز أن يبنى منه «مفعول» إلا أن تريد المصدر أو تتسع في الظروف فتقيمها مقام المفعول الصحيح، وقد جاءَ في اللغةِ فُعِلَ» ولَم يستعمل منه فَعَلتُ، وذلك نحو: جن، وسُلَّ وَوُرِدَ(22) مِنَ الحُمّى، وهو مجنون، ومسلول، ومحموم، ومورود، ولم يستعمل (23) فيهِ فَعَلتُ : ومثلُه : قُطِعَ : كأَنهم قالوا: جُعِلَ فيهِ جنون، فجاءَ مجنون عَلَى فُعِلَ» كما جاءَ محبوبٌ مِنْ أَحْبَتُ وَكَانَ حَق مجنون : مُجَنٌ علَى : أَجَنُ ، وقال بعضُهم (24) : «حَبَبْتُ فجاءَ به على القياس ، ونحن نتبع هذا : بذكر الأفعال التي فيها زوائد من بنات الثلاثة ومصادرها.
__________________
(1) في الأصل «رجعا».
(2) البقيا : جمع بقايا .
(3) رميا :وزنها فعيلى. قال سيبويه 228/2 وأما الفعيلى فتجيء على وجه آخر تقول: كان بينهم رميًا فليس يريد قوله : «رميا، ولكنه يريد: ما كان بينهم من الترامي وكثرة الرمي، ولا يكون الرميا واحداً . . . . .
(4) في الأصل (حجيزا» والحجيزي، كثرة الحجز.
(5) الحثيثى : كثرة الحث .
(6)في الأصل «هجيرا».
(7) في الأصل الأهجيرا».
(8) أي : هذا المعنى .
(9) في الأصل «الدرة».
(10) هو من شعرت شعرة. قال سيبويه 2/233 «أصله» فعلة مثل الدرية والفطنة فحذفت الهاء، والشاعر مأخوذ منه وليت شعري : كلام يساق للتعجب والغرابة وانظر: أدب
الكاتب / 62 .
(11) في دب ايتانا .
(12) قتمة : الغبار الأسود.
(13) سهكة : صدأ الحديد .
(14) البنة : الرائحة طيبة كانت أم كريهة .
(15) أي : المفتوح الفاء.
(16) في (ب) غم وغام.
(17) صر: خفيف إذا تغير اللبن في الضرع وهو صرى، فتقول: هذا اللبن صرى وصر، وانظر: الكتاب 2/229
(18) في الكتاب 2/228 (قولهم : أصاب شبعه، وهذا شبعه، إنما يريد: قدر ما يشبعه .
(19) في «ب» اللعن.
(20) المصدر: ساقط من «ب».
(21) زيادة من «ب».
(22) ورد : يقال : ورد الرجل : إذا أخذته الحمى.
(23) منه : ساقط في «ب».
(24) انظر الكتاب 2/238
الاكثر قراءة في موضوعات أخرى
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة