الشمس دليل على الظل
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 5 ص176-178.
2025-07-23
512
الشمس دليل على الظل
قال تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (45) ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا (46) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا } [الفرقان: 45 - 47].
1 - قال أبو جعفر عليه السّلام : « الظلّ : ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس » « 1 ».
وقال ابن شهرآشوب : نزل النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بالجحفة ، تحت شجرة قليلة الظلّ ، ونزل أصحابه حوله ، فتداخله شيء من ذلك ، فأذن اللّه تعالى لتلك الشجرة الصغيرة حتى ارتفعت وظللت الجميع ، فأنزل اللّه تعالى : أَ لَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً « 2 ».
2 - قال الشيخ الطبرسيّ : {ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ} أي : على الظل دَلِيلًا قال ابن عباس : تدل الشمس على الظل بمعنى : أنه لولا الشمس لما عرف الظل ، ولولا النور لما عرفت الظلمة ، وكل الأشياء تعرف بأضدادها .
وقيل : معناه ثم جعلنا الشمس عليه دليلا بإذهابها إياه عند مجيئها : وقيل لأن الظل يتبع الشمس في طوله وقصره ، كما يتبع السائر الدليل ، فإذا ارتفعت الشمس قصر الظل ، وإذا انحطت الشمس طال الظل . وقيل : إن على هنا بمعنى مع ، فالمعنى : ثم جعلنا الشمس مع الظل دليلا على وحدانيتنا « 3 ».
{ ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا (46) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا}.
1 - قال الشيخ الطبرسي ( رحمه اللّه تعالى ) : {ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً} أي : قبضنا الظل بارتفاع الشمس ، لأن الشمس كلما تعلو ينقص الظل ، فجعل سبحانه ذلك قبضا . وأخبر أن ذلك يسير ، بمعنى أنه سهل عليه ، لا يعجزه . قال الكلبي : إذا طلعت الشمس قبض اللّه الظل قبضا خفيا ، والمعنى : ثم جمعنا أجزاء الظل المنبسط بتسليط الشمس عليه ، حتى ننسخها شيئا فشيئا . وقيل : معناه ثم قبضنا الظل بغروب الشمس إلينا أي : إلى الموضع الذي حكمنا بكون الظل فيه . قبضا يسيرا أي : خفيا . وإنما قيل ذلك ، لأن الظل لا يذهب بغروب الشمس دفعة ، بل يذهب جزءا فجزءا بحدوث الظلام . فكلما حدث جزء من الظلام نقص جزء من الظل.
2 - وقال في قوله تعالى : {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً} أي : غطاء ساترا للأشياء بالظلال ، كاللباس الذي يشتمل على لابسه . فاللّه سبحانه ألبسنا الليل ، وغشانا به ، لنسكن ونستريح من كد الأعمال ، كما قال في موضع آخر لِتَسْكُنُوا فِيهِ . * وَالنَّوْمَ سُباتاً أي : راحة لأبدانكم ، وقطعا لأعمالكم . قال الزجاج : السبات أن ينقطع عن الحركة ، والروح في بدنه .
{وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً} لانتشار الروح باليقظة فيه ، مأخوذ من نشور البعث .
وقيل : لأن الناس ينتشرون فيه لطلب حوائجهم ومعايشهم ، فيكون النشور هنا بمعنى التفرق لابتغاء الرزق .
____________
( 1 ) الكافي : ج 1 ، ص 11 ، 12 .
( 2 ) المناقب : ج 1 ، ص 135 .
( 3 ) مجمع البيان : ج 7 ، ص 300 .
الاكثر قراءة في مقالات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة