دخول البيوت والسلام فيها والاكل منها
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 5 ص142-144.
2025-07-30
498
دخول البيوت والسلام فيها والاكل منها
قال تعالى : {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [النور: 61].
1 - قال أبو جعفر عليه السّلام ، في قوله : {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ }.
« وذلك أن أهل المدينة ، قبل أن يسلموا ، كانوا يعتزلون الأعمى والأعرج والمريض ، وكانوا لا يأكلون معهم ، وكان الأنصار فيهم تيه « 1 » وتكرّم « 2 » ، فقالوا : إنّ الأعمى لا يبصر الطّعام ، والأعرج لا يستطيع الزّحام على الطعام ، والمريض لا يأكل كما يأكل الصحيح ، فعزلوا لهم طعامهم على ناحية ، وكانوا يرون عليهم في واكلتهم جناحا ، وكان الأعمى والمريض يقولون : لعلّنا نؤذيهم إذا أكلنا معهم . فاعتزلوا مؤاكلتهم . فلمّا قدم النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم سألوه عن ذلك ، فأنزل اللّه : لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً » « 3 ».
2 - قال محمّد الحلبيّ : سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن هذه الآية : وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ إلى آخر الآية ، قلت : ما يعني بقوله : أَوْ صَدِيقِكُمْ ؟ قال : « هو واللّه الرجل يدخل بيت صديقه ، فيأكل بغير إذنه » « 4 ».
وقال زرارة : قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام ، في قول اللّه عزّ وجلّ : أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ ، قال : « هؤلاء الذين سمّى اللّه عزّ وجلّ في هذه الآية ، تأكل بغير إذنهم من التّمر والمأدوم ، وكذلك تطعم المرأة من منزل زوجها بغير إذنه ، وأمّا ما خلا ذلك من الطعام ، فلا » « 5 » .
وقال أبو عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ وجلّ : أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ : « الرجل يكون له وكيل يقوم في ماله ، فيأكل بغير إذنه » « 6 ».
3 - قال زرارة : سألت أحدهما عليهما السّلام عن هذه الآية : وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ الآية ، قال : « ليس عليك جناح فيما أطعمت أو أكلت مما ملكت مفاتحه ، ما لم تفسده » « 7 ».
4 - قال أبو عبد اللّه عليه السّلام ، في قول اللّه عزّ وجلّ : لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ الآية : « بإذن ، وبغير إذن » « 8 ».
وقال علي بن إبراهيم : إنها نزلت لما هاجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم إلى المدينة ، وآخى بين المسلمين ، من المهاجرين والأنصار ، وآخى بين أبي بكر وعمر ، وبين عثمان وعبد الرحمن بن عوف ، وبين طلحة والزبير ، وبين سلمان وأبي ذرّ ، وبين المقداد وعمّار ، وترك أمير المؤمنين عليه السّلام ، فاغتمّ من ذلك غمّا شديدا ، فقال : « يا رسول اللّه ، بأبي أنت وأمّي ، لم لا تؤاخي بيني وبين أحد ؟ » فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : « واللّه - يا عليّ - ما حبستك إلّا لنفسي ، أما ترضى أن تكون أخي ، وأنا أخوك في الدنيا والآخرة ؟ وأنت وصيّي ، ووزيري ، وخليفتي في أمّتي ، تقضي ديني ، وتنجز عداتي ، وتتولّى غسلي ، ولا يليه غيرك ، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبيّ بعدي » فاستبشر أمير المؤمنين بذلك ، فكان بعد ذلك إذا بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أحدا من أصحابه في غزاة ، أو سريّة ، يدفع الرجل مفتاح بيته إلى أخيه في الدّين ، ويقول له : خذ ما شئت ، وكل ما شئت ؛ فكانوا يمتنعون من ذلك ، حتى ربّما فسد الطعام في البيت ، فأنزل اللّه : لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً ، يعني إن حضر صاحبه ، أو لم يحضر ، إذا ملكتم مفاتحه « 9 ».
5 - قال أبو الصبّاح : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه عزّ وجلّ :
فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ الآية ، قال : « هو تسليم الرجل على أهل البيت حين يدخل ، ثم يردّون عليه ، فهو سلامكم على أنفسكم » « 10 ».
وقال أبو جعفر عليه السّلام يقول : « إذ دخل الرجل منكم بيته ، فإن كان فيه أحد ، يسلم عليهم ، وإن لم يكن فيه أحد ، فليقل : السّلام علينا من عند ربّنا ، يقول اللّه : تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً » .
وقيل : إذا لم ير الداخل بيتا أحدا فيه ، يقول : السّلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته ، يقصد به الملكين اللذين عليه « 11 ».
___________
( 1 ) التيه : الصلف والكبر . « القاموس المحيط : ج 4 ، ص 284 » .
( 2 ) التكرم : التنزه . « القاموس المحيط : ج 4 ، ص 172 » .
( 3 ) تفسير القمي : ج 2 ، ص 108 .
( 4 ) الكافي : ج 6 ، ص 277 ، ح 1 .
( 5 ) الكافي : ج 6 ، ص 277 ، ح 2 .
( 6) الكافي : ج 6 ، ص 277 ، ح 5 .
( 7 ) الكافي : ج 6 ، ص 277 ، ح 4 .
( 8 ) المحاسن : ص 415 ، ح 171 .
( 9 ) تفسير القمي : ج 2 ، ص 109 .
( 10 ) معاني الأخبار : ص 162 ، ح 1 .
( 11 ) تفسير القمي : ج 2 ، ص 109 .
الاكثر قراءة في قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة