الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الشؤون الاقتصادية / أهمية المال والثروة
المؤلف:
الشيخ عبد الله الجوادي الطبري الآملي
المصدر:
مفاتيح الحياة
الجزء والصفحة:
ص491ــ497
2025-08-23
17
المال والثروة (وكل النعم المادية الأخرى) هي من وجهة نظر الإسلام عوامل استحكام المجتمع وعموده الفقري، وطبعاً ينظر إلى الفرد أو الجماعة الفاقدة للمال من منظار الفقر لأنّ العمود الفقري لاقتصادهم مكسور ولا قدرة لهم على المقاومة والاستمرار؛ فالفقير هـو مـن كُسرت فقراته ولا يقوى على الوقوف والمقاومة(1)، وبالتالي ليس لهذا الفرد أو المجتمع استقلالية. وفي هذا الإطار تندرج المقاطعة الاقتصادية التي يفرضها مستكبر والعالم على بعض الدول لجهة أنّ شعوبها لا قدرة لها على المقاومة، وهذا هو سر اهتمام القرآن الكريم بالمال، وعده قوام البشر وقيامهم: {أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء: 5].
تنطق هذه العبارة بحجم تأثير المال في حياة واستمرارية الأفراد والمجتمع، وتبيّن حقيقة موضوعية وهي أنّ انهيار الاقتصاد يعرّض المجتمع لخطر الزوال والمحق؛ أو بعبارة أوضح، إنّ المال هو بمثابة الدم الذي يجري في عروق المجتمع، مما يتطلب التصرف فيه بحكمة وصواب والحؤول دون وضعه في متناول السفهاء والحمقى لئلا يتصرّفوا فيه بترف وسرف: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء: 5]. فالآية الكريمة تنسب المال لعموم المجتمع والذي به يقوم بالإضافة إلى عدم وضعه في تصرف السفهاء كالطفل أو غير الراشد أو البالغ غير العاقل(2).
المال خير وفضل: يكون للمال قيمة وأهمية، بحسب القرآن الكريم، إذا كان عامل رشد وارتقاء ولذلك يسمّيه خيراً وفضلاً: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 180]. ولا جرم، أنّ ما يعد خيراً عند الله فهو الخير الحقيقي، وبنفس الطريقة، فإنّ الكسب العقلاني للمال أيضاً يعد خيراً وفضلاً، وهدره شرّ ورذيلة.
فالمال من نعم الله سبحانه وتعالى على العباد، ما يستلزم الحمد والثناء من العباد، يقول عز من قائل: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} [الأعراف: 10].
وعن الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه): نِعْمَ الْعَوْنُ عَلَى تَقْوَى الله المال(3).
وقال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): نِعْمَ الْعَوْنُ الدُّنْيَا [الحلال] عَلَى الآخرة(4).
وقال (سلام الله عليه) أيضاً: لا خَيْرَ فِي مَنْ لا يُحِبُّ جَمْعَ المَالِ مِنْ حَلالٍ يَكُفُّ بِهِ
وَجْهَهُ وَيَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ وَيَصِلُ بِهِ رَحِمَهُ(5).
الإسلام هو دين كامل، يعتني بالآخرة كما هي عنايته بالدنيا: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ...} [القصص: 77]. قيـل في مراد الآية الكريمة ـ بحسب الروايات - أن تعمل في الدنيا لآخرتك، وأن امتلاك اقتصاد شمولي وسليم يمهد لنيل الاستقلال الديني، يستطيع أن يكون مصداقاً لحسنة الدنيا في مقابل حسنة الآخرة: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً} [البقرة: 201](6).
خير المال: قال الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه):... أَفْضَلَ المَالِ مَا وُقِيَ بِهِ الْعِرْضُ وَقُضِيَتْ بِهِ الْحُقُوقُ(7).
المحافظة على المال وبعض العوامل التي تساعد على ذلك
المحافظة على المال من الأهمية بحيث ذكرت بعض الروايات أن من قُتل دون ماله فهو شهيد، أي بلحاظ الثواب يكون بمنزلة الشهيد(8). نستعرض هاهنا بعض العوامل التي تساعد في حفظ المال:
التدبير في الحفظ: روى الإمام الكاظم (سلام الله عليه): إِنَّ رَجُلاً أَتَى جَعْفَراً (سلام الله عليه) شَبِيها بِالمُسْتَنْصِحِ لَهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! كَيْفَ صِرْتَ اتَّخَذْتَ الْأَمْوَالَ قِطَعاً مُتَفَرِّقَةٌ وَلَوْ كَانَتْ فِي مَوْضِعِ [وَاحِدٍ] كَانَتْ أَيْسَرَ لمِؤُونَتِهَا وَأَعْظَمَ لمنْفَعَتِهَا؟ فَقَالَ أبو عبد الله (سلام الله عليه): اتَّخَذْتُهَا مُتَفَرِّقَةٌ، فَإِنْ أَصَابَ هَذَا الْمَالَ شَيْءٍ سَلِمَ هَذَا الْمالُ وَالصُّرَّةُ تَجْمَعُ بِهَذَا كُلِّهِ(9).
القناعة: وعنه (سلام الله عليه) أيضاً: مَنِ اقْتَصَدَ وَقَنعَ بَقِيَتْ عَلَيْهِ النِّعْمَةُ...(10).
الزكاة والإنفاق: وعن الإمام أمير المؤمنين علي (سلام الله عليه) أنه قال لجابر: دَخَلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ الله الأَنْصَارِيُّ عَلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (سلام الله عليه)، فَقَالَ لَهُ:... يَا جَابِرُ! مَنْ كَثُرَتْ نِعَمُ الله عَلَيْهِ كَثُرَتْ حَوَائِجُ النَّاسِ إِلَيْهِ، فَإِنْ فَعَلَ مَا يَجِبُّ للَّهِ عَلَيْهِ عَرَضَهَا لِلدَّوَامِ وَالْبَقَاءِ وَإِنْ قَصَّرَ فِيمَا يَجِبُ للَّهِ عَلَيْهِ عَرَضَهَا لِلزَّوَالِ وَالْفَنَاءِ(11).
وعن الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): حَصَّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ... مَا تَلِفَ مَالٌ فِي بَرِّ وَلَا بَحْرٍ إِلَّا بِمَنْعِ الزَّكَاةَ(12).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (سلام الله عليه): يَا عَلِيُّ! لا خَيْرَ... فِي المَالِ إِلَّا مَعَ الْجُودِ...(13).
النهي عن تضييع المال وبعض العوامل التي تؤدّي إلى ذلك
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: إنّي أَكْرَه لَكُمْ عَنْ... إضَاعَةِ المال... فَرَحِمَ اللهُ مؤمناً ... أَنْفَقَ قَصْداً... (14)، وأنه (صلى الله عليه وآله) نهى عَنْ إِضَاعَةِ المَالِ(15).
وعن أمير المؤمنين (سلام الله عليه):... وَلا تُضَيَّعَنَّ نِعْمَةٌ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عِنْدَكَ...(16).
وعن الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): أَرْبَعَةٌ لا تُسْتَجَابُ لهُمْ دَعْوَةُ :... رَجُلٌ كَانَ لَهُ مَالٌ فَأَفْسَدَهُ، فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي...(17). ونستعرض هنـا بعـض عوامل تضييع المال:
اليمين الكاذبة: كان أمير المؤمنين (سلام الله عليه) يخطب في التجار منادياً: يَا مَعْشَرَ التَّجَارِ! إِيَّاكُمْ وَالْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ، فَإِنَّهَا تُنْفِقُ السِّلْعَةَ وَتَمحَقُ الْبَرَكَةَ(18).
الإسراف: وعن الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه):... إِنَّ السَّرَفَ يُورِثُ الْفَقْر...(19).
وقال الإمام موسى الكاظم (سلام الله عليه):... مَنْ بَذَرَ وَأَسْرَفَ زَالَتْ عَنْهُ النِّعْمَةُ(20).
غصب مال الآخرين: عن الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه):... مَنْ طَلَبَ المالَ بِغَيْرِ حَقٌّ حُرِمَ بَقَاءَهُ لَهُ بِحَقِّ(21).
آثار تضييع المال
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):.... إِذَا أَبْغَضَ النَّاسُ فُقَرَاءَهُمْ [ولم يبذلوا لهم شيئاً من أموالهم] وَأَظْهَرُوا عِمَارَةَ أَسْوَاقِهِمْ وَتَبَارَكُوا عَلَى جَمْعِ الدَّرَاهِم رَمَاهُمُ اللَّهُ بِأَرْبَعِ خصالِ بِالْقَحْطِ مِنَ الزَّمَانِ وَالْجُوْرِ مِنَ السُّلْطَانِ وَالْخيَانَةِ مِنْ وُلاةِ الحكام وَالشَّوْكَةِ مِنَ الْعُدْوَانِ(22).
خطر تكديس الأموال
الأموال والثروات ـ مع مالها من دور في تأمين حياة الإنسان وتنميته وتقدمه إذا لم ينظر لها الإنسان كوسيلة وآلة، وكانت هدفاً له وغاية، فإنها ستكون حينئذ سبب سقوطه وحرمانه من السعادة والكمال؛ فراحة الإنسان واستقراره وجمال حياته ليس في الكمال المادي فقط. فبفضل قوة العقل اختار الحياة العاقلة، لأن العقل يحتم أن يحيا الإنسان على نحو يحفظ فيه كرامته وعزّته عند الله تعالى وأوليائه. فالرخاء والراحة الحقيقية في الاستغناء وعدم التبعية للمال والآخرين؛ وقد ذم القرآن الكريم شعور الإنسان بالاستغناء بسبب توفره على الثروة والمال، ويقول في شأن هؤلاء: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 6، 7].
وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله: إِنَّما أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي ثَلَاثَ خِصَالٍ:... أَوْ يَظْهَرَ فِيهِمُ المالُ حَتَّى يَطْغَوْا وَيَبْطَرُوا(23)، وعنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً: هَـلاك نِسَاءِ أُمَّتِي فِي الْأَحْمَرَيْنِ الذَّهَبِ وَالثّيَابِ الرِّقَاقِ وَهَلَاكُ رِجَالِ أُمَّتِي فِي تَرْكِ الْعِلْمِ وجمع المال(24).
وقال أمير المؤمنين (سلام الله عليه): الْفِتَنُ ثَلاثُ: ... حُبُّ الدِّينَارِ وَالدَّرْهَم وَهُوَ سَهُمُ الشَّيْطَانِ(25)؛ وقال (سلام الله عليه): يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَحْتَرِسَ مِنْ سُكْرِ المالِ...، فَإِنَّ لِكُلِّ ذَلِكَ رِيَاحاً خَبِيثَةٌ تَسْلُبُ الْعَقْلَ وَتَسْتَخِفُ الْوَقَـار(26) وقال (سلام الله عليه) أيضاً: وَاعْلَمُوا أَنَّ كَثْرَةَ المَالِ مَفْسَدَةٌ لِلدِّينِ مَقسَاةٌ لِلْقُلُوبِ(27).
جاء الذّم في هذه الروايات للوله بالمال والتشبث بزخارف الدنيا وليس لأصل المال؛ ما يعني ضرورة النظر إلى المال كوسيلة، لا كهدف، لتوفير ظروف الحياة الكريمة، ورفع المرء لاحتياجاته واحتياجات الآخرين.
____________________________
(1) انظر: اسلام ومحیط زیست، ص 49.
(2) انظر: اسلام ومحیط زیست، ص 49.
(3) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج19، ص227.
(4) الكافي، ج 5، ص 72.
(5) الكافي، ج 5، ص 72.
(6) انظر: جامعه در قرآن، ص 53 - 55.
(7) بحار الأنوار، ج 75، ص 7؛ انظر: غرر الحكم، ص 367.
(8) مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ (الفقيه، ج 4، ص 95).
(9) الكافي، ج 5، ص 91.
(10) تحف العقول، ص 403.
(11) التفسير المنسوب الى الإمام العسكري (سلام الله عليه)، ص 402 ــ 403؛ انظر: نهج البلاغة، الحكمة 372.
(12) ثواب الأعمال، ص 46.
(13) الفقيه، ج 4، ص 369 ــ 370.
(14) دعائم الإسلام، ج 2، ص 66.
(15) أحكام القرآن، ج 4، ص 10؛ انظر: معاني الأخبار، ص279.
(16) نهج البلاغة، الكتاب 69.
(17) الكافي، ج 2، ص 511.
(18) الغارات، ص 65.
(19) الكافي، ج 4، ص 53.
(20) تحف العقول، ص 403.
(21) تحف العقول، ص321.
(22) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر، ج 1، ص 10.
(23) کتاب الخصال، ص 164.
(24) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر، ج 1، ص3.
(25) وسائل الشيعة، ج 20، ص 25 ــ 26.
(26) غرر الحكم، ص 66.
(27) تحف العقول، ص 199.
الاكثر قراءة في النظام المالي والانتاج
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
