الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
آثار سوء الخُلُق
المؤلف:
الشيخ عبد الله الجوادي الطبري الآملي
المصدر:
مفاتيح الحياة
الجزء والصفحة:
ص298ــ302
2025-09-04
52
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى - لَيُعْطِي الْعَبْدَ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى حُسْنِ الْخُلُقِ كَمَا يُعْطِي الْمُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَغْدُو عَلَيْهِ وَيَرُوح(1).
وعنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً: الخَلْقُ السَّيِّئُ يُفْسِدُ الْعَمَلَ كَمَا يُفْسِدُ الْخَلُ الْعَسَلَ(2).
وقيل له (صلى الله عليه وآله): إِنَّ فُلانَةَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ وَهِيَ سَيِّئَةُ الْخُلُقِ تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، فَقَالَ: لا خَيْرَ فِيهَا. هِيَ مِنْ أَهْلِ النَّار(3).
وقال أمير المؤمنين (سلام الله عليه): مَنْ سَاءَ خُلْقُهُ مَلَّهُ أَهْلُه(4)؛ وكذلك عنه (سلام الله عليه): مَنْ سَاءَ خُلْقُهُ ضَاقَ رِزْقُهُ(5).
ملاحظة: فحوى الحديث أنّ ثواب العبادة المتواصلة ليل نهار لا يزيل عقاب سوء الخلق وغمط حقوق الناس.
كيف نتخلص من التزاحم الأخلاقي
في الفعل الأخلاقي الحسن تلزم معرفتين:
تمييز الحسن من القبيح: امتلاك هذه الخصلة ليس بالأمر الشاق، ذلك لأنّ الله تبارك وتعالى ألهم الإنسان كيفية ذلك أي تمييز الحسن من القبيح عندما قال عز من قائل: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 7، 8]؛ لذا، {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} [القيامة: 14، 15].
تمييز الأهم من المهم والأحسن من الحسن: أحياناً يسير العمل من الناحية الأخلاقية من حسن إلى أحسن أو من سيء إلى أسوأ، ولتمييز هذين الأمرين عن بعضهما يلزم الإنسان أن يمتلك معرفة أخرى لينجو من هذا التزاحم. فليس الميدان هنا ميدان خيال ووهم حتى يرجّح المرء الإنسان بفعل انفعالاته وعواطفه طرفاً على آخر؛ بل الحكم قوة العقل الداخلية ودليل النقل المستلهم من الوحي الخارجي(6). ففعل الإنسان القائم على أساس الشفقة والعاطفة محمود في حال استند إلى العقل والنقل المعتبر؛ لأنّ العقل هو السراج الهادي في طريق العبودية للرحمن والعطف على الآخرين.
روى أحدهم قائلاً: ... قُلْتُ لَهُ [الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه)]: مَا الْعَقْلُ؟
قَالَ: مَا عُبِدَ بِهِ الرَّحْمَنُ وَاكْتُسِبَ بِهِ الْجِنَانُ...(7).
ملاحظة: يتكفّل العقل النظري بمهمة تمييز الحق من الباطل، والصدق من الكذب، والخير من الشر، والحسن من القبيح، بينما يأخذ العقل العملي عـلى عاتقه اختيار الحق والصدق والخير والحسن واجتناب مناقضاتها(8).
أمثلة على التزاحم الأخلاقي
1. روي عن الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه) قوله: جَاءَتِ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ مَطْعُونٍ إِلَى النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله)، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ عُثْمَانَ يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ [إشارة إلى انصرافه عن ملامسة أهله]، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) مُغْضِباً يَحْمِلُ نَعْلَيْهِ حَتَّى جَاءَ إِلَى عُثْمَانَ فَوَجَدَهُ يُصَلِّي فَانْصَرَفَ عُثْمَانُ حِينَ رَأَى رَسُولَ الله (صلى الله عليه وآله)، فَقَالَ لَهُ: يَا عُثْمَانُ لَمْ يُرْسِلْنِي اللهُ تَعَالَى بِالرَّهْبَانِيَّةِ وَلَكِنْ بَعَثَنِي بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّهْلَةِ السَّمْحَةِ، أَصُومُ وَأَصَلِّي وَأَلمِسُ أَهْلِي، فَمَنْ أَحَبَّ فِطْرَتي فَلْيَسْتَنَّ بِسُنَّتِي وَمِنْ سُنَّتِيَ النِّكَاحُ(9).
2. وعن اسحاق بن عمار قوله: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله (سلام الله عليه)، فَنَظَرَ إِلَيَّ بِوَجْهِ قَاطِبٍ، فَقُلْتُ: مَا الَّذِي غَيْرَكَ لِي؟ قَالَ: الَّذِي غَيْرَكَ لِإِخْوَانِكَ؛ بَلَغَنِي يَـا إِسْحَاقُ أَنَّكَ أَقْعَدْتَ بِبَابِكَ بَوَّاباً يَرُدُّ عَنْكَ فُقَرَاءَ الشَّيعَةِ، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنِّي خِفْتُ الشُّهْرَةَ، فَقَالَ: أَفَلا خِفْتَ الْبَلِيَّةَ أَوَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْمُؤْمِنَيْنِ إِذَا الْتَقَيَا فَتَصَافَحَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الرَّحْمَةَ عَلَيْهِما...(10).
كان دأب الراويين في المثالين الآنفين الفعل الأخلاقي الأفضل، لكنهما أخطآه ولولا هداية المعصوم (سلام الله عليه) لما عرفا الحق.
3. روی زکریا بن آدم، وهو من كبار محدثي قـم قائلاً: دَخَلْتُ عَلَى الرضا (سلام الله عليه) مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ فِي حِدْثَانِ... وَلَمْ يَزَلْ يُحَدِّثْنِي وَأُحَدِّتُهُ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، ثُمَّ قَامَ (سلام الله عليه) وَصَلَّى صَلَاةَ الْفَجْر(11).
على الرغم من معرفة الإمام (سلام الله عليه) بثواب وفضل صلاة الليل، إلا أنه (سلام الله عليه) آثر في تلك الليلة أن يتبادل مع ضيف عزيز حديثاً دينياً مثمراً، فذلك عنده أهمّ، ولذلك رجّح هذا الفعل. طبعاً إنه (سلام الله عليه) أدرى أي العبادات أفضل عند الله تعالى.
التزاحم الأخلاقي في الأمور الطبية
ثمة قضايا تبرز في مجال الأخلاق الطبية من قبيل القتل الرحيم والإجهاض تحظى بأهمية كبيرة، وهذه القضايا تطرح أسئلة عديدة مثل: هل يحق لنا التعجيل بموت المريض سواء كان بطلب منه أو من أسرته أو من دونهما لإنقاذه مــن المعاناة والآلام الشديدة التي يكابدها جراء مرضـه؟ هل يمكن أن يشكل الإجهاض سبباً وجيهاً للحؤول دون إصابة الجنين بعوق بعد ولادته و...
رب قائل بأن المقام غير مناسب لطرح هذا الموضوع، وأنه بحاجة إلى مناسبة أخرى لبسط الحديث فيه، غير أننا سنتناوله بإيجاز لما له علاقة بموضوعنا، أعنى التزاحم الأخلاقي. لقد طرحت المدارس الفكرية الغربية آراء متباينة حول هذا الموضوع، ففي حين اتفقت جميعاً على عدم جواز القتل الرحيم بصورة إجبارية (أي اتخاذ خطوات لتسريع موت المريض دون طلب منه) لكنها في نفس الوقت اختلفت في النواحي الأخرى للموضوع(12).
ولو أردنا أن نتحرّى رأي الإسلام لا بد قبل كل شيء من الإجابة عن سؤال آخر هو: من يملك حق الحياة؟ الجواب ببساطة، الله مالك كل شيء، وليس لأحد أن يقول أنه يملك حياته أو حياة الآخرين بدلاً من الله؛ لذلك جاء في القرآن الكريم: {وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا} [النجم: 44]. نعم، الله تعالى وحده الذي يملك حق سلب الحياة البشرية وبإذنه وحده وحسب، حتى الإنسان نفسه لا يملك الحق في إنهاء حياته. جاء في القرآن الكريم: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الإسراء: 33].
وبالعودة إلى موضوع القتل الرحيم نقول، إنّ المثال الأبرز لهذا الموضوع أي أن يسرع المريض بنفسه أو بواسطة الآخرين بموته (القتل الرحيم) بصورة متعمدة وبالطرق الطبية فهذا حرام شرعاً ويعدّ قتلاً للنفس؛ من هـنا أفتى الفقهاء العظام بحرمة القتل الرحيم بكل أشكاله وصوره وبأي طريقة كانت، بما فيها قطع التنفس الاصطناعي أو حقنه بمادة مميتة، ولهذا السبب أيضاً يحرم إجهاض الجنين غير الطبيعي بعد نفخ الروح فيه حتى مع احتمال أن يواجه بعـد ولادته خطر الإصابة بمشاكل جسمية عديدة أو العـوق العقلي؛ اللهم إلا في حالة واحدة وهي تزاحم خطرين جراء ترجيح حياة الأم أو حياة الجنين، حينئذ يجب الأخذ بالاعتبار معايير الترجيح في حالة التزاحم هذه؛ وللمثال، نأخذ حالة إنقاذ الغريق والحالات المشابهة، فإذا حصل تزاحم بين العالم والأعـلـم أو العادل والأعدل والإمام وغير الإمام... إلخ، لا بدّ من ملاحظة معايير الترجيح والعمل بها، أما في غياب معايير الترجيح، فالمنقذ وما يختار، إذ بمقدوره أن يختار أياً شاء، وهنا أيضاً ينبغي إحراز هذا المعيار والعمل به.
_______________________________
(1) الأمالي، الطوسي، ص 512.
(2) عيون أخبار الرضا (سلام الله عليه)، ج 2، ص37.
(3) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر، ج 1، ص 90.
(4) تحف العقول، ص 214.
(5) غرر الحكم، ص 264.
(6) التفسير الموضوعي، ج 10 ((مبادئ الاخلاق في القرآن))، ص 163.
(7) الكافي، ج 1، ص 11.
(8) لتوضيح هذا التفاوت انظر: سرچشمه اندیشه، ج 4، ص 16 - 18.
(9) الكافي، ج 5، ص 494.
(10) الكافي، ج 2، ص 181 – 182.
(11) الاختصاص، ص 86.
(12) انظر درآمدی بر اخلاق زیستی، ص177 – 189.
الاكثر قراءة في مشاكل و حلول
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
