الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
اخلاص النية
المؤلف:
الخطيب الشيخ حسين انصاريان
المصدر:
الاُسرة ونظامها في الإسلام
الجزء والصفحة:
ص 245 ــ 249
2025-09-16
40
تترتب على الزواج معطيات ونتائج ايجابية كثيرة منها: استئناس الزوجين ببعضهما البعض، التخلص من العزلة، زيادة الرزق، قرة العيون، المحافظة على نصف الدين، نيل رضى الباري تعالى، الانجاب، الظفر بمعين، الخ...
وإذا أخلص المرء نيته لله سبحانه في مسألة الزواج فإنه بالإضافة إلى ما تقدم من منافع فهو يمارس بذلك عبادة مهمة وطاعة عظيمة تسمو به إلى مستوى الملائكة فيتوج بتاج كتاج أهل الملكوت، فلماذا لا تبادر إلى عمل ينوره نور رضی الله سبحانه تفوق قيمته كل شيء؟
لنبني صرح الزواج والحياة الزوجية منذ البداية على اساس من الاخلاص وعلى رجالنا ونسائنا ايلاء هذا الأمر كامل الاهتمام كي يتشرف ظاهرا الحياة وباطنها بلطف الله ورحمته وقبوله.
ذروة اخلاص النية
في هذا المجال نلفت انتباهكم إلى قصة عجيبة من موسى بن عمران (عليه السلام): لما دخل موسى على شعيب إذا هو بالعشاء مهيأ فقال له شعيب: اجلس يا شاب فتعش فقال له موسى: أعوذ بالله، قال شعيب: ولم ذاك؟ الست بجائع؟ قال: بلى، ولكن اخاف أن يكون هذا عوضاً لما سقيت لهما، وإنا من أهل بيت لا نبيع شيئاً من عمل الآخرة بملء الأرض ذهباً، فقال له شعيب: لا والله يا شاب ولكنها عادتي وعادة آبائي، نقري الضيف ونطعم الطعام، فجلس موسى فأكل (1).
واعجبا! بعد تلك الفترة الطويلة التي مضت على خروج موسى من مصر وتنقله في الصحراء دون أن يحصل على طعام اذ كان يتغذى على اعشاب الصحراء، فهو يدخل على شعيب (عليه السلام) ويرى مائدته قد أعدت، بيد أنه ابى تناول الطعام بالرغم مما كان عليه من جوع لئلا يؤثر ذلك في عمله الذي قام به خالصاً لوجه الله سبحانه، لكنه عندما اطمئن إلى خلوص نية شعيب في هذه الضيافة جلس امام المائدة.
لقد ادى اخلاص شعيب إلى ان يرعى اغنامه أحد الانبياء أولي العزم لمدة ثماني سنوات، فيما أثمر اخلاص موسى عن زواجه من ابنة شعيب!
اخلاص عجیب
ذكر لي أحد العلماء ممن أتصف بالإخلاص والولاء لأهل البيت (عليهم السلام) وقد كانت تجمعني به علاقة تمتد إلى سنوات متمادية، ونهلت من اخلاقه وسلوكياته: لما غادرت طهران إلى قم المقدسة لدراسة العلوم الدينية كان حينها آية الله العظمى الشيخ عبد الكريم الحائري زعيماً للحوزة العلمية في قم.
بعد فترة عرفت بالحاج الشيخ لما كنت اتمتع به من ميزة خاصة في ذكر مصائب أهل البيت (عليهم السلام) فطلب مني الشيخ الحائري (عليه السلام) ان اقرأ له ذكر مصائب أهل البيت (عليهم السلام) في المناسبات.
وشيئاً فشيئاً اشتهرت بذلك، وكنت افتخر بأنني أقف بين الذاكرين للإمام الحسين (عليه السلام).
وفي يوم خميس دعيت إلى منزل أحد كبار العلماء في أطراف المدينة، فطلب مني أن ارتقى المنبر فاجبتهم إلى ذلك فتحدثت عن الموت مستنداً إلى بضع أحاديث من نهج البلاغة، فبكى صاحب الدار بكاء شديداً واستمر بكاؤه حتى نهاية المجلس، وفي الخميس القادم دعيت ثانية إلى ذلك البيت وطلب مني أن أتحدث بأسلوب أكثر بساطة لان هذا الرجل الجليل يبكي بكاء مراً حين يتذكر ما تناولت في المحاضرة السابقة، ثم ذكروا لي قصة مثيرة عن اخلاصه.
فكان مما قالوا: عندما كان اعزباً لم ينفع مع الحاحنا عليه بالزواج، غير أنه وافق على الزواج في آخر المطاف، فاقترح عليه الزواج من شابة لم تتزوج بعد. وبعد لقائه بها حسب التعاليم الشرعية رفض الزواج منها، ثم مضت مدة من الزمن فسمعنا أنه تزوج من امرأة أرملة سوداء الوجه قبيحة المنظر ولها من الأولاد ثلاثة فدهشنا لذلك، وعندما سألناه عن السبب أجاب: حين رأيت الفتاة الباكر أعجبتني وكلما حاولت ان أخلص نيتي في هذا الزواج وأقدم على ذلك قربة لوجه الله سبحانه الا انني لم أفلح فتركتها، ولما رأيت هذه الأرملة فقيرة الحال ومعها ثلاثة أيتام لا رغبة لأحد بالزواج منها، حينها عثرت على قاعدة الاخلاص فتزوجت قربة إلى الله وطمعاً في الربح الحقيقي يوم القيامة!!
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (طوبى لمن أخلص لله عمله وعلمه وحبه وبغضه وأخذه وتركه وكلامه وصمته وفعله وقوله) (2).
وقال (عليه السلام): (الاخلاص أشرف نهاية) (3).
وعنه (عليه السلام): (في الاخلاص يكون الخلاص) (4).
وقال (عليه السلام) أيضاً: (الاخلاص ملاك العبادة) (5).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (طوبى للمخلصين أولئك مصابيح الهدى، تنجلي عنهم كل فتنة ظلماء) (6).
وقال الامام الحسن العسكري (عليه السلام) واصفاً عظمة المخلصين: (لو جعلت الدنيا كلها لقمة واحدة ولقمتها من يعبد الله خالصاً لرأيت أني مقصر في حقه) (7).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أخلصوا اعمالكم لله فإن الله لا يقبل الا ما خلص له) (8).
وقال (عليه السلام): (ضاع من كان له مقصد غير الله) (9).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (تمام الاخلاص اجتناب المحارم) (10).
إذا لم يطع الهوى والغرائز والتقليد الأعمى والتعلق المفرط بالأمور المادية والغفلة فإن زهرة الاخلاص ستتفتح في كل عمل من دوحة الباطن فيملأ عطرها كل ارجاء الحياة.
ما أجمل أن يبني الرجل والمرأة الزواج على اساس من الاخلاص ويستمران على ذلك في مسيرة الحياة رغم العراقيل.
يقول تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162].
ان الرياء في الواجبات مبطل لها، وفي المندوبات سبب للتقليل منه قيمة العبادة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- البحار: ج 13، ص 21.
2- ميزان الحكمة: ج 3، ص 56 ـ 58.
3ـ المصدر السابق.
4- المصدر السابق.
5ـ المصدر السابق.
6ـ المصدر السابق: ج 3، ص 59 ـ 62.
7ـ المصدر السابق.
8ـ المصدر السابق.
9ـ المصدر السابق.
10ـ المصدر السبق: ج 3، ص 63.
الاكثر قراءة في الزوج و الزوجة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
