سراب الواحة
المؤلف:
جيرل ووكر
المصدر:
سيرك الفيزياء الطائر
الجزء والصفحة:
ص712
2025-09-18
165
في الأيام الحارة، قد تشاهد بركة مياه بعيدة تمتد على الأرض، ولكن بمجرد وصولك إلى تلك المنطقة تجد أنها جافة تمامًا. يبدو الماء حقيقيًا، ذا لون أزرق وبه تموجات صغيرة. لا يمكن فقط رؤية ظاهرة سراب «الواحة» التقليدية، بل يُمكن تصويرها فوتوغرافيا كذلك. يُمكنك في كثير من الأحيان رؤية السراب ليلا إذا دققت النظر في الضوء القادم من سيارة بعيدة آتية في اتجاهك. أيضًا، قد ترى أسفل المكان الذي ترى فيه الضوء الأمامي مباشرة شعاعا من الضوء يمتد على الطريق. إذا كان الشعاع باهتا، فإذن أنت ترى انعكاسًا ضعيفًا لضوء المصباح الأمامي على الطريق أما إذا كان الشعاع ساطعا، فمن المحتمل أن ترى سراباً ناتجا عن ضوء المصباح الأمامي. ما الذي يُنتج هذا النوع من السراب؟ هل يستطيع طائر يُحلّق فوق أحد الطرق رؤية سراب الطريق؟ أي، هل يمكن أن ينخدع الطائر ويعتقد أن الطريق بالأسفل هو جدول مائي؟
الجواب: إنَّ سراب الماء الذي يمتد على الأرض البعيدة هو في الواقع صورة لجزء من السماء يقع فوق الأفق مباشرة في ذلك الاتجاه. تمتصُّ الأرض (أو أي سطح آخر) ضوء الشمس وتسخّن الهواء المجاور. إذا انخفضت درجة حرارة الهواء بشكل ملحوظ مع الارتفاع، يُمكن أن يظهر سراب الواحة عندما ينتقل الضوء من السماء المنخفضة نحو الأرض، مرورًا بالهواء، مع تزايد درجة حرارة بصورة متواصلة، فإنه ينكسر (ينحني) باستمرار إلى الأعلى حتى يتجه أخيرًا نحو الأعلى بزاوية منخفضة نسبة إلى الأرض (شكل1)

شكل 1 مسار الضوء من السماء المنخفضة وانكساره بفعل التغير في درجة حرارة الهواء. يرى المراقب أن مصدر الضوء يأتي من الأرض.
إذا اعترضت هذا الضوء، فسيفسر دماغك تلقائيًا أن مصدره نقطة مضيئة على الأرض بطول امتداد مستقيم وعكسي لشعاع الضوء المعترض. هذه النقطة المضيئة، بالطبع، مجرد وهم، ولكنها تبدو حقيقية. علاوة على ذلك، إذا كان الأصل الفعلي للضوء قادما من السماء الزرقاء، فيُمكن أن تظهر النقطة المضيئة باللون الأزرق كما لو كانت ماء. وإذا كان الهواء مضطربًا، فإن عملية انكسار الضوء ستتفاوت بشكل ملحوظ وستتراقص نقطة الضوء كما لو كانت موجات تتراقص على صفحة الماء. يمكن أن يظهر سراب الواحات في البيئات الباردة؛ لأنه لا يتطلب وجود هواء ساخن، بل انخفاض في درجة حرارة الهواء مع الارتفاع فحسب وعادةً ما يُمكن رؤيته على الطرقات لأن معظم الأرصفة تمتصُّ أشعة الشمس وسرعان ما تُسَخّن الهواء المجاور. عادة ما يكون السراب أكثر وضوحًا إذا كنت ترى المشهد بالقرب من الأرض أو كنت تنظر من خلال عدسة تلسكوبية إلى أرض بعيدة. يمكن للأجسام البعيدة أيضًا أن تُصدر صورًا سرابية إذا انكسر الضوء منها عبر الهواء بالقرب من الأرض. يُطلق على هذا النوع من السراب، وكذا سراب الواحة، اسم «السراب الأدنى» وذلك لأن الصورة تظهر تحت مصدر الضوء.
أما النسخة الليلية من السراب فتعود إلى وجود طبقة من الهواء الساخن الذي يقع على الطريق. قد يظلُّ الرصيف ساخنًا من التسخين النهاري الذي تحدثه الشمس، ولكن إطارات السيارات والشاحنات المارة قد تدفئه أيضًا.
بما أن التغير في الاتجاه الذي ينتقل فيه الضوء يكون طفيفا، فلا يمكن للطيور المحلقة أن ترى سراب الماء على أي من الطرق الموجودة أسفلها. قد يرى الطائر سرابًا بعيدًا كالذي نراه، ولكن السراب يتحرك باستمرار كلما تحرّك الطائر، على غرار الكيفية التي يتحرك بها سراب الماء على طول الطريق أثناء قيادة السيارة.
الاكثر قراءة في مواضيع عامة في علم البصريات
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة