في عهد جَكَرْمِش: مزَّق العالم الإسلامي الشرقي ما جرى من قتال بين السلطانين الأخوين بركياروق ومحمد على أن الصلح انعقد بينهما في عام (497 هـ / 1104م)، احتفظ بركياروق لنفسه ببغداد وهضبة فارس الغربية في حين حصل محمد على شمالي العراق والجزيرة، وصارت له حقوق السيادة على دياربكر والموصل وبلاد الشام وحاز الأخ الثالث سنجر على خراسان وشرقي فارس وبلاد ما وراء النهر، كما ذكرنا.
أقام السلطان محمد، بعد عقد الصلح مع أخيه السلطان بركياروق، في مدينة تبريز حتى (صفر 498هـ / تشرين الثاني 1104م) توافدت عليه العساكر، فزحف بهم إلى مراغة ثم إلى إربل (1) في خطوة لانتزاع الموصل من يد صاحبها جَكَرْمِش الذي امتنع عن تسليمها إليه بحجة أن السلطان بركياروق كان قد أمره بعد الصلح أن لا يسلمها إلا إليه (2).
الواقع أن جَكَرْمِش كان ذا نزعات استقلالية فرفض أن يُسلّم السلطان محمد مدينة الموصل التي كانت من نصيبه وأعلن أنه لا يدين بالولاء إلا للسلطان بركياروق، ولن يُسلمها إلا إليه عندئذٍ تقدم السلطان محمد نحو المدينة لانتزاعها منه (3).
وعمد جَكَرْمِش إلى تقوية وسائل الدفاع عن المدينة ليواجه جيش السلطان محمد، فجدد سورها وأمر أهل السواد المنتشرين خارج الموصل بدخولها، ولما وصل السلطان محمد إلى المدينة حاصرها وأرسل إلى جَكَرْمِش يُذكره بأن بلاد الموصل والجزيرة الفراتية هي من نصيبه وعرض عليه كتب السلطان بركياروق التي تؤيد ذلك وتأمره بتسليم البلد إلى أخيه ووعده السلطان محمد بأن يقره على ما بيده من البلاد إذا ترك العصيان ودخل في طاعته، إلا أن صاحب الموصل أصر على موقفه الرافض (4).
ولما تأكد السلطان محمد من إصرار جَكَرْمِش على العصيان شرع في قتاله، فاستبسل أهل الموصل في الدفاع عن المدينة بفعل محبتهم لجكرمش وحسن سيرته فيهم.
دام حصار الموصل حتى (10 جمادى الأولى 498هـ/ 28 كانون الثاني 1105م) حيث وصل الخبر إلى جَكَرْمِش بوفاة سيده السلطان بركياروق، فأدرك أن لا جدوى من المقاومة بعد تفرد السلطان محمد بالسلطنة وأن المصلحة تقضي بمصالحته، وإزالة الضغط عن الموصل، فاستشار أعيان البلد وأمراء الجيش، فحسنوا له طاعة السلطان محمد وعقد الصلح معه، عندئذ جنح إلى الصلح وأرسل إلى السلطان محمد يعرض عليه الدخول في طاعته. واجتمع جَكَرْمِش بالسلطان محمد فأكرمه وعانقه، واكتفى بخضوعه وإعلان صداقته له، ولم يغامر بدخول المدينة، وآثر المقام خارجها (5).
وبعد أن فرغ السلطان محمد من تقرير أمور الصلح مع صاحب الموصل، سار نحو بغداد، ورافقه جَكَرْمِش عدد مع من الأمراء. والراجح أن ما أعدَّه جَكَرْمِش من حملة ضد الصليبيين كان بناء على طلب السلطان محمد، فقد شكل والي حلفاً إسلامياً اشترك فيه رضوان صاحب حلب ونائبه الإصبهذ صباوة، وإيلغازي الأرتقي شحنة بغداد الذي خلف سقمان بعد وفاته، وصهره ألبي بن أرسلان تاش صاحب سنجار (6).
ويبدو أن السلطان محمد أزعجه ما كان لجَكَرْمِش من نزعات استقلالية وقوة عسكرية متنامية، وبخاصة أنه استطاع دفع الحصار الذي فرضه عليه حلف مكوّن من الأمراء المذكورين في (رمضان 499هـ / أيار 1106م) بهدف الاستيلاء على نصيبين (7)، كما ارتاب بنواياه عندما عقد اتفاقاً سرباً. مع السلطان السلجوقي الرومي قلج أرسلان الأول لمنا وأته، بدليل أن أتباعه سلموا السلطان المذكور مدينة حران، بالإضافة إلى أن جَكَرْمِش لم يف بما تعهد به للسلطان محمد من حمل المال إليه (8).
نتيجة لذلك لم يسع السلطان محمد إلا أن ينتزع الموصل والأعمال التي بيد جَكَرْمِش ويُقطعها لجاولي سقاوة في (محرم 500هـ/ أيلول 1106م)، فسار إليها ليتسلمها، فامتنع عليه جَكَرْمِش وخرج للقائه والتصدي له، غير أنه انهزم أمامه في المعركة التي جرت بينهما في باكلبا من أعمال إربل، ولم يتمكن جَكَرْمِش من الفرار من أرض المعركة ، لفالج كان به وكان يُحمل على محفة لعدم قدرته على ركوب الخيل، فوقع أسيراً في يد خصمه الذي أمر بسجنه في جب، وبالغ في إخفائه وتشديد الحراسة عليه حتى لا يتعرض للاختطاف، وبفعل محبة أهل الموصل الشديدة له بادروا إلى تنصيب ابنه زنكي مكانه وكان صبياً في الحادية عشرة من عمره، وخطبوا له على المنابر(9).
في عهد زنكي بن جَكَرْمِش: تولى قائد قلعة الموصل قزغلي أمر الدفاع عن المدينة أمام زحف جاولي سقاوة وحصاره لها، ولكنه شعر بأنه بحاجة إلى دعم قوة خارجية، فأرسل إلى كل من سيف الدولة صدقة بن مزيد وقسيم الدولة آق سنقر البرسقي، أحد أمراء السلاجقة وشحنة بغداد والسلطان قلج أرسلان الأول، يطلب منه المساعدة، ووعد من يساعده بتسليمه المدينة والأعمال التابعة لها (10).
ويبدو أن سيف الدولة صدقة بن مزيد لم يشأ أن يتورط في هذا النزاع والخروج على طاعة السلطان محمد والخليفة العباسي، لذلك لم يُلبّ الدعوة، واستجاب آق سنقر البرسقي لطلب المساعدة، فوصل إلى الموصل ونزل على الباب الشرقي، ويبدو أن أصحاب جَكَرْمِش أهملوه بعد أن اطمأنوا إلى قبول السلطان قلج أرسلان طلب المساعدة وأنه في طريقه إليهم، ولم يرسلوا إليه كلمة واحدة افعاد في باقي يومه (11).
كان السلطان قلج أرسلان الأول قد بلغت شهرته أرجاء العالم الإسلامي كافة، وتطلع إليه المسلمون آملين أن يقود حركة الجهاد ضد الصليبيين، فاستغل هذا الموقف ليوسع حدود سلطنته باتجاه الجزيرة الفراتية والفرات الأعلى، والتوغل شرقاً باتجاه أملاك السلاجقة العظام في خراسان وإيران وتزعم السلاجقة بكامل فروعهم، وكانت الموصل تحت سيطرة السلاجقة العظام، وشكلت سيطرته على ملطية، بعد أن انتزعها من يد ياغي سيان الدانشمندي مناسبة استغلها أهالي ميافارقين ليسلموه مدينتهم فاستدعاه وزيرها ضياء الدين محمد في عام (498هـ / 1105م) وسلَّمه المدينة، كما انتزع الرحبة من الأمير جاولي سقاوة، واعترف أمراء دياربكر بسلطنته، فعين مملوك أبيه خمرتاش السليماني، وهو أتابكه، والياً عليها، وأقطع الوزير ضياء الدين محمد مدينة البستان (12)، وعاد إلى ملطية حيث أقام فيها، وسلّمه أتباع جَكَرْمِش المقيمون بحران هذه المدينة(13).
سر السلطان السلجوقي الرومي بطلب المساعدة المقدم من قزغلي، فقرر الاستجابة لطلبه، وكان آنذاك في ملطية ولما كانت قواته قليلة العدد، استدعى القوة العسكرية التي كان قد أرسلها إلى القسطنطينية مدداً للإمبراطور البيزنطي ألكسيوس كومنين في حربه ضد بوهيموند أمير أنطاكية (14)، لذلك أقام في نصيبين
بانتظار وصولها. غير أن تسارع الأحداث عقل تكتيكه هذا، فغادر نصيبين متوجهاً إلى الموصل، ولما علم جاولي سقاوة بمسيره انسحب من المدينة لا سيما وقد توفي جَكَرْمِش فجأة وهو في الأسر، وكان ينوي استخدامه كأداة للمساومة، ومن جهة أخرى أدرك أن السلطان قلج أرسلان من القوة ما لا يستطيع مواجهته في معركة سافرة، لذلك عزم على تكوين حلف مناهض له ليقوي موقفه (15).
نتيجة لهذه التطورات السياسية والعسكرية، رحل جاولي سقاوة إلى سنجار ثم إلى الرحبة، واستقر في وادي الفرات، استعداداً للمواجهة المسلحة، وحتى يُدعم موقفه أجرى مفاوضات مع رضوان صاحب حلب واتفقا على أن يجري طرد السلطان قلج أرسلان الأول من الموصل، ثم شن هجوم مشترك على الصليبيين لطردهم من الأراضي التابعة لرضوان (16).
وصل السلطان قلج أرسلان الأول في غضون ذلك إلى الموصل التي فتحت أبوابها له، فدخلها في (25 رجب 500 هـ / 22 آذار 1107م)، واستقبله السكان بالحفاوة، فوعدهم باحترام حرياتهم، وأجرى بعض التغييرات الإدارية منها: أنه أسقط اسم السلطان محمد من الخطبة وخطب لنفسه بعد الخليفة، وأحسن إلى الجنود، ورفع الرسوم المحدثة عن الناس، وعدل فيهم، وأقر القاضي أبا محمد عبد الله بن القاسم الشهرزوري على القضاء، وجعل الولاية لأبي البركات محمد بن خميس (17).
وقرر السلطان السلجوقي الرومي، بعد أن فرغ من ترتيب أوضاع الموصل، محاربة جاولي سقاوة الذي استولى على الرحبة في (رمضان/ أيار)، وبخاصة أن أميرها محمد بن السياق قد التمس مساعدته لطرد جاولي منها، فغادر الموصل على رأس جيشه ونزل الشمسانية (18)، وترك ابنه ملكشاه في دار الإمارة وله من العمر أحد عشر عاماً مع الأمير أيدبر، وقوة عسكرية لحفظ الأمن.
ويبدو أن السلطان السلجوقي الرومي لم يكن ينوي خوض معركة عاجلة نظراً لقلة عدد جنوده من جهة، وقوة خصمه من جهة أخرى، أما جاولي سقاوة فقد عسكر في ماكسين (19) استعداداً للتوجه إلى الموصل لاستعادتها، إلا أنه اغتنم فرصة قلة جنود خصمه وتأخر وصول القوة العسكرية من بلاد البيزنطيين، لخوض المعركة،
فتقدم نحو الخابور(20) على رأس أربعة آلاف فارس وشهدت جبهة السلطان قلج أرسلان آنذاك تصدعاً خطيراً بسبب الاختلاف في وجهات النظر حول خوض المعركة، فانسحب إبراهيم ينال صاحب آمد(21)، وصاحب ميافارقين وحجتهما أن المعركة ستكون خاسرة من دون وصول النجدة السلجوقية من بلاد البيزنطيين ما أثر سلباً على معنويات الجنود السلاجقة، واضطر السلطان قلج أرسلان الأول الذي لم يجد سبيلاً إلى التراجع إلى خوض المعركة بما تبقى من جيشه، وعددهم خمسة آلاف مقاتل وحتى يُثير الحماس في نفوس جنده اقتحم صفوف أعدائه، وأبدى بسالة نادرة في القتال، ووصل إلى جاولي سقاوة نفسه وضربه بالسيف، لكن الضربة لم تنفذ إلى جسمه وباءت جهوده القتالية بالفشل حيث انجلت المعركة عن انتصار واضح لجاولي سقاوة ويُذكر أن المعركة جرت في (20 ذي القعدة/ 13 تموز). وبعد أن أدرك أنه خسر المعركة حاول الفرار، فألقى بنفسه في نهر الخابور، فانحدر الفرس به إلى ماء عميق وغرق، وطفت جثته بعد أيام، ودفن الشمسانية. عاد جاولي سقاوة بعد انتهاء المعركة إلى الموصل واستولى عليها وأرسل ملكشاه بن قلج أرسلان الأول إلى السلطان محمد، وأعاد الخطبة له (22).
في عهد جاولي سقاوة: استقر جاولي سقاوة في الموصل، بعد انتصاره على السلطان السلجوقي الرومي قلج أرسلان الأول، وكافأه السلطان محمد فأسند إليه حكم كل بلد يفتحه لكن جاولي سقاوة اغتر بالملك، وتمسك بالسلطة، وتطلع نحو الاستقلال بولاية الموصل، فامتنع عن إرسال الأموال المقررة عليه إلى السلطان، كما امتنع عن مساعدته ضد أعدائه وأظهر ،مخالفته وكان السلطان محمد قد قدم إلى بغداد في (20 ربيع الآخر 501هـ / كانون الأول 1107م) لتفقد بلاد سيف الدولة صدقة بن مزيد أمير الحلة بفعل خروجه عليه، وقد خشى هذا الأمير من إيغار صدر السلطان عليه من قبل حاشيته، وبخاصة العميد أبو جعفر محمد بن الحسين البلخي، فأرسل السلطان يستدعي أمراء الأطراف الموافاته بعساكرهم، فلم يستجب جاولي سقاوة لندائه، وامتنع عن كشف حقيقة نواياه منه على الرغم من توجيه السلطان نداء آخر له.
والواقع أن جاولي سقاوة كان على اتصال مع سيف الدولة صدقة بن مزيد ويُنسق معه ضد السلطان محمد، بدليل أن أمير الحلة أعلن تأييده له في نزاعه مع السلطان، وأبدى استعداده لمساعدته والوقوف إلى جانبه، ويبدو ذلك واضحاً في الرد الذي أرسله إلى الخليفة العباسي المستظهر الذي دعاه إلى الصلح، وحقن الدماء: ( ... إذا رحل السلطان عن بغداد أمددته بالمال والرجال وما يحتاج إليه في الجهاد، وأما الآن وهو ببغداد وعسكره بنهر الملك فما عندي مال ولا غيره، وإن جاولى سقاوة، وإيلغازي بن ،أرتق قد أرسلا إليَّ بالطاعة لي والموافقة معي على محاربة السلطان وغيره، ومتى أردتهما وصلا إليَّ في عساكرهما) (23).
وقرر السلطان محمد القضاء على جاولي سقاوة وانتزاع الموصل منه، بعد أن ينتهي من أمر خروج أمير الحلة عليه الذي لم يلبث أن قتل وانهزم عسكره أمام السلطان في (رجب 501هـ / شباط 1108م) (24)، فأمر أمراء الأطراف الذين اجتمعوا عنده مثل مودود بن التونتكين وآق سنقر البرسقي، ونصر بن مهلهل بن أبي الشوك الكردي، وسقمان القطبي وأمراء بني برسق والأمير أبي الهيجاء صاحب إربل؛ بالمسير إلى الموصل وانتزاعها من يد جاولي سقاوة. وكان أمير الموصل قد أدرك أن السلطان لا بد أن يهاجمه بعد أن يقضي على خروج أمير الحلة فاستعد للدفاع عن المدينة وتجهَّز لمقاومة الحصار الذي قد يفرضه الجيش السلطاني، فقوّى دفاعاتها وتحصيناتها وأعد الميرة والأقوات والعتاد والآلات وسجن جماعة من أعيان المدينة وشدَّد على أهلها، خشية من تواطئهم مع أعدائه، والمعروف أن السكان كانوا يكنون له الكراهية، وأخرج من أحداث الموصل ما يزيد على عشرين ألفاً، ولم يترك له فيها سوى ألفين من الصناع والحدادين والنجارين والجصاصين لحاجته إليهم في إصلاح الأسوار وآلات الحرب(25)، ثم رحل عن الموصل تاركاً فيها زوجته في القلعة تحت حماية ألف وخمسمائة فارس، وقد أساءت هذه السيدة إلى أهل الموصل، وبخاصة نساء الخارجين وصادرت أموال من بقي بها متممة بذلك ما بدأه زوجها من معاملته السيئة لهم(26).
وصل الجيش السلطاني إلى الموصل في (رمضان 501هـ/ نيسان 1108م) وضرب عليها حصاراً مركزاً ما ضايق أهلها وأضاف بلاء إلى بلائهم الداخلي، ودفع ستة من الجصاصين على رأسهم سعد بن فائق إلى تسليم المدينة للسلطان محمد. فقتلوا بعض أفراد الحامية، ونادوا بشعار السلطان محمد، واقتحم الأمير مودود بن التونتكين في غضون ذلك المدينة فأمَّن أهلها واستأذنته زوجة جاولي سقاوة في الخروج منها فأذن لها، واستقر في ولاية الموصل وأعمالها بقرار من السلطان محمد، وذلك في (صفر 502هـ/ أيلول 1108م) (27).
توجه جاولي سقاوة بعد رحيله من الموصل إلى نصيبين وبصحبته بلدوين الثاني أمير الرها أسيراً، فاتصل بأميرها إيلغازي الأرتقي ودعاه إلى العمل سوياً لمواجهة السلطان محمد، وبيَّن له ( أن خوفهما من السلطان ينبغي أن يجمعهما على الاحتماء منه) (28) ويبدو. أن أمير نصيبين لم يشأ أن يتورط في معاداة السلطان والخروج على طاعته، إلا أنه اضطر إلى الاستجابة لدعوته وهو ينوي الانعتاق من التعاون معه وجاءته الفرصة لتحقيق ذلك عندما هاجم جاولي سقاوة سنجار، ولما وصلا إلى عرابان من قرى الخابور هرب إيلغازي ليلاً وعاد إلى نصيبين (29).
واصل جاولي سقاوة تقدمه نحو الرحبة، فلما وصل إلى ماكسين أطلق سراح بلدوين الثاني من الأسر مقابل:
- دفع فدية كبيرة.
- إطلاق الأسرى المسلمين من سجونه في الرها.
- تعهده بمساعدة جاولي سقاوة بالمال والرجال في حرب السلطان محمد.
وكان الصليبيون يهاجمون آنذاك مدينة طرابلس، فأرسل صاحبها فخر الملك بن عمار نداءات عدة إلى السلطان محمد يحثه على النهوض لقتال الصليبيين، وإنقاذ طرابلس من السقوط في أيديهم، لكنه لم يلق آذانا صاغية. والواقع أن السلطان محمد لم يسعه آنذاك تلبية رغبة فخر الملك ؛ لأنه أرسل معظم جنده إلى الموصل لانتزاعها من جاولي سقاوة، فاضطر صاحب طرابلس إلى الذهاب بنفسه إلى بغداد ليعرض على الخليفة والسلطان ما ارتكبه الصليبيون من التخريب والوحشية في أعمال طرابلس ويطلب التعجيل بتلقي المساعدة عند ذلك اضطر السلطان إلى إعادة الحوار مع جاولي سقاوة من أجل الصلح والمسير لنجدة طرابلس، فاشترط عليه رحيل عسكره عن الموصل، فوافق على ذلك، وغادر إلى منبج، وعلم وهو في طريقه إليها باستيلاء مودود بن التونتكين عليها، وكان قد تخلى عنه معظم جنوده، فنزل في تل باشر(30)، ولم يلبث أن انهزم أمام تانكرد الصليبي أمير أنطاكية في (صفر 502هـ/ أيلول 1108م)، فعاد إلى السلطان طالباً عفوه فأمنه وعفا عنه، وأقطعه بلاد فارس، فأقام بتلك البلاد حتى وفاته في عام (510 هـ / 1116م)(31).
...............................................................
(1) إربل: قلعة حصينة ومدينة كبيرة تُعد من أعمال الموصل بينهما لمسيرة يومين. الحموي: ج1 ص 137، 138
(2) ابن الجوزي: جـ ه ص 138. ابن الأثير: جـ 8 ص 504 سبط ابن الجوزي: ص8.
(3) ابن العبري : ص 128
(4) ابن الأثير : ج 8 ص 504.
(5) ابن الأثير جـ 8 ص 504، 505
(6) رنسیمان ج 2 ص 177، وسنجار: مدينة مشهورة من نواحي الجزيرة، بينها وبين الموصل ثلاثة أيام، وهي في لحف جيل عال الحموي: جـ3 ص 262.
(7) نصيبين مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادة القوافل من الموصل إلى الشام، بينها وبين سنجار تسعة فراسخ، وبينها وبين الموصل ستة أيام. الحموي: جـه ص 288.
(8) ابن الأثير: جـ 8 ص 521 – 523.
(9) المصدر نفسه: ص 535، 536
(10) ابن الأثير: جـ 8 ص 536.
(11) المصدر نفسه ص 536، 538
(12) ميافارقين أشهر مدينة بديار بكر الحموي: جـ 5 ص 245.
(13) البستان أو أبلستين مدينة مشهورة ببلاد الروم. المصدر نفسه: جـ1 ص 75.
(14) ابن القلانسي: ص 242. الفارقي: تاريخ ميافارقين ص 272، 273. العظيمي: ص 362.
(15) ابن القلانسي: ص 250، 251.
(16) ابن الأثير: جـ 8 ص 538
(17) المصدر نفسه ص 540
(18) المصدر نفسه ص538، 539.
(19) الشمسانية بلدة بالخابور الحموي: جـ 3 ص 362.
(20) ماكسين بلدة بالخابور المصدر نفسه: جـ 5 ص 43.
(21) الخابور: اسم لنهر كبير بين رأس عين والفرات من أرض الجزيرة الحموي: ج2، ص334.
(22) آمد أعظم مدن ديار بكر وأجلها قدراً وأشهرها ذكراً المصدر نفسه: ج1، ص56. (3) ابن القلانسي: ص 251، 252 ابن الأثير: جـ 8 ص 539 – 541.
(23) ابن الأثير: جـ 8 ص 551.
(24) ابن القلانسي: ص 255، 256.
(25) ابن الأثير: جـ 8 ص 564.
(26) المصدر نفسه.
(27) ابن الأثير: جـ 8 ص 564.
(28) المصدر نفسه: ص 565
(29) المصدر نفسه.
(30) تل باشر: قلعة حصينة وكورة واسعة في شمالي حلب بينهما يومان. الحموي: جـ 2 ص 40.
(31) أبو الفداء، إسماعيل بن علي تاريخ أبي الفداء المسمى المختصر في أخبار البشر: جـ2، ص 43- 49.
الاكثر قراءة في الدولة العباسية *
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة