الرجل الخفي والحيوانات الشفافة
المؤلف:
جيرل ووكر
المصدر:
سيرك الفيزياء الطائر
الجزء والصفحة:
ص784
2025-09-25
130
كتب إتش جي ويلز رواية عن رجل يُصبح خفيًّا (انظر شكل1) هل هذا الأمر ممكن من الناحية البصرية؟ هل سيُصبح الرجل خفيًّا إذا أصبح شفافًا مثل الزجاج. إذا كان الرجل خفيًّا فهل يستطيع الرؤية؟ لماذا عيناك شفافة وليس جلدك؟ هل يمكن لأي حيوان أن يُصبح شفافًا إلى حد كبير؟

شكل1: الرجل الخفي مسترخيا على كرسيه المفضل.
الجواب: بطبيعة الحال من المستحيل وجود رجل خفي. فإذا كان شفافًا تماما مثل الزجاج، فإن الجزء المنحني من جسمه سيعمل مثل العدسة المعقدة فيُشوه رؤيتك لما يوجد خلفه أثناء سيره أمامك. بالإضافة إلى ذلك، فسوف يعكس الضوء من سطحه مثلما تفعل المنحوتة الجليدية ولتقليل التشوه والانعكاس يحتاج الرجل إلى الخواص البصرية للهواء، وهذا يعني ضرورة أن يتكون من الهواء وهذا مطلب مستحيل.
ولكي يرى الرجل فلزامًا أن يسلط الضوء ثم يمتص قدرًا منه. ومن أجل أن تُسلّط عدسات العين الضوء لا بد أن تكون خواصها مختلفة عن خواص الهواء. ولكي تمتص الشبكية الضوء لا بد أن تكون على الأقل معتمة جزئيًّا. وكلا الأمرين سيكونان واضحين إذا نظرت إلى عينيه. أما إذا افترضنا أنه يسلط الضوء من خلال نقاط دقيقة ثم يمتص جزءًا من الضوء فحسب؛ ففي هذه الحالة قد لا يُكتشف أمره.
عندما يُرسل الضوء المرئي إلى الجسم البشري فإنه يتشتت من الكولاجين والأغشية والمكونات الأخرى المختلفة الموجودة في طريقه عند النقاط التي تتغير فيها الخواص البصرية ويكون التشتت كبيرًا لأن هذه الاختلافات في الخواص البصرية تحدث على مسافات «أكبر» من الطول الموجي للضوء. وأي صورة تُرسَل عبر الجلد تُبعثر كثيرا بفعل هذا التشتت؛ ولذلك فالإنسان ليس شفافًا في الضوء المرئي. (إلا أنه توجد طرق من خلالها يُمكن «إبطال» هذه البعثرة من خلال التحليل الحاسوبي؛ ومن ثمَّ «يُمكن» مرور الصورة عبر النسيج البشري) تتّسم قرنية وعدسة العين البشرية بالشفافية تجاه الضوء المرئي على الرغم من ألياف الكولاجين الموجودة في القرنية والبروتينات المتبلرة في العدسة. والسبب في ذلك هو أن الألياف والبروتينات مجمعة بكثافة ولديها ما يطلق عليه «ترتيب قصير المدى». وهذا يعني أن الألياف أو البروتينات في منطقة صغيرة (أقطار ألياف قليلة) لديها جميعًا الاتجاه نفسه. والتجمع الكثيف يعني أن التغيرات في الخواص البصرية تحدث في مسافة «أصغر من الطول الموجي. ونتيجة لذلك فإن الضوء يتشتت في الأساس في الاتجاه الأمامي؛ أي نحو الشبكية؛ ومِن ثُمَّ يستطيع الضوء أن يحمل معلومات عن الصورة عبر العين إلى الشبكية؛ حيث يجري التعرُّف على الضوء ويبدأ إدراك الصور. بعض الحيوانات البحرية تُقلل من إمكانية رؤيتها من خلال عكسها للضوء لكي يرى المرء قدرًا أكبر من المحيط بدلا من رؤية الحيوان. وهذه الانعكاسات قد تُخفي عيون الحيوان كي لا يتعرف عليها المفترس، أو قد تُخفي المعدة المعتمة بسبب وجود الطعام فيها. في الوقت الحالي ليس مفهوما تماما ظاهرة الشفافية التي تحققها بعض الحيوانات البحرية لكنَّها من المؤكد راجعة إلى تقليل التنوع في الخواص البصرية للمكونات البيولوجية من أجل تقليل تشتت الضوء. وتحدث التنوعات الموجودة» في المسافات الأصغر من الطول الموجي للضوء، ولذلك فإن الضوء يتشتّت دائما في الاتجاه الأمامي كما لو كانت التنوعات غير موجودة. وتتّسم حيوانات قليلة بالشفافية لسبب بسيط؛ ألا وهو قدرتها على التسطح إلى أن تُصبح كمية التشتت داخلها غير ملحوظة تقريبا.
يُخفي حبار هاواي القصير الذيل نفسه باستخدام بروتينات فريدة كثيرة في الصفائح الدموية. تعمل هذه الصفيحات الدموية كأغشية رقيقة يُمكنها عكس الضوء مثلما تعكس سلسلة من أغشية الصابون المتوازية الضوء الأمر الغريب في هذا الحبار هو أن الضوء تنتجه بكتيريا في عضو في الجانب السفلي للحبار. فعندما يُضاء الحبار بضوء القمر على سبيل المثال فإنه يرغب في تجنُّب إلقاء ظله على أرض البحر لأن ذلك الأمر سيكشف عن وجوده. ولذلك يُغيّر تدفق الأكسجين إلى البكتيريا ليستحلَّها كي تُصدر الضوء؛ ومِن ثُمَّ تعكس الصفائح الدموية الضوء إلى منطقة الظل، فتُضيء الظل.
الاكثر قراءة في مواضيع عامة في علم البصريات
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة