انتقاد أمير المؤمنين عليه السلام لغاصبي الخلافة
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج2/ص142-144
2025-11-18
47
يقول أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام من خطبة له: «حتى إذَا قَبَضَ اللهُ رَسُولَهُ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ قَوْمٌ عَلَى الأعْقَابِ وغالَتْهُمُ السُّبُلُ، واتَّكَلُوا عَلَى الوَلائِجِ، ووَصَلُوا غَيْرَ الرَّحِمِ، وهَجَرُوا السَّبَبَ الذي امِرُوا بَمَوَدَّتِهِ، ونَقَلوا الْبِنَاءَ عَنْ رَصّ أسَاسِهِ فَبَنَوْهُ في غيْرِ مَوْضِعِهِ، مَعادِنُ كُلِّ خَطِيئَةٍ، وأبْوابُ كُلِّ ضَارِبٍ في غَمْرَةٍ»[1]. ثمّ قال: «قَدْ مَارُوا في الحَيْرَةِ وذَهَلُوا في السَّكْرَةِ عَلَى سُنَّةٍ مِن آلِ فِرْعَوْنَ مِن مُنقَطَعٍ إلى الدُّنْيَا رَاكِنٍ، أوْ مُفَارِقٍ لِلدّينِ مُبَايِنٍ»[2].
وقد تذمّر عليه السلام كثيراً من غاصبي الخلافة. وعبّر عنهم أنّهم مُخرّبو الدين كما لاحظنا ذلك في كلامه. ويقول في خطبة اخرى: «اللَّهُمَّ! إِنِيّ أسْتَعْدِيكَ عَلَى قُرَيشٍ فَإِنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوا رَحِمِي واكْفَئُوا إنائِي وأجْمَعُوا عَلَى مُنازَعَتِي حَقّا كُنْتُ أولَى بِهِ مِنْ غَيْرِي وقَالُوا: ألَا أنّ في الْحَقِّ أن تَأخُذَهُ وفي الْحَقِّ أن تُمْنَعَهُ، فَاصْبِرْ مَغْمُوماً أو مُتْ مُتَأسِّفاً، فَنَظَرْتُ فَإذَا لَيْسَ لِي رافِدٌ ولَا ذَابٌّ ولَا مُسَاعِدٌ إِلَّا أهَلَ بَيْتِي فَضَنَنْتُ بِهِمْ عَنِ المَنِيَّةِ فَأغْضَيْتُ عَلَى الْقَذَى وجَرَعْتُ رِيقِي عَلَى الشَجَى وصَبَرْتُ مِن كَظْمِ الْغَيْظِ عَلَى أمَرَّ مِنَ الْعَلْقَمِ وآلَمَ لِلْقَلْبِ مِنْ حَزِّ الشِّفَارِ»[3].
تركوه وحيداً، وبينما كان مشغولًا بتجهيز رسول الله، سارعوا بدهاء عجيب فاجتمعوا في سقيفة بني ساعدة، ودعوا الناس إلى بيعتهم خلاف النصّ النبويّ. ولمّا فرغ من مواراة الجسد الشريف الثرى، كانوا قد فعلوا فعلتهم، واستحوذ عليهم الشيطان، وحرفوا الشريعة عن قطبها، وحاصروا الإمام، وصعدوا على منبر رسول الله، وجرّوه كالجمل المخشوش إلى المسجد ليمثل أمام أبي بكر، وسلّوا عليه سيوفهم ليبايع. فحاججهم ووجّه أنظارهم إلى ما هم عليه من ضلال، وبيّن لهم شرفه وفضله، بَيدَ أنّه لم يحصل على أي نتيجة قطّ.
وَخَرَجَ عليّ كرّمَ اللهُ وَجْهَهُ يَحْمِلُ فاطِمَةَ بنْتِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلّمَ عَلَى دابَّةٍ لَيْلًا في مَجَالِسِ الأنْصَارِ تَسألُهُمُ النُّصْرَةَ. فَكَانُوا يَقُولُونَ: يَا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ! قَدْ مَضَتْ بَيْعَتُنَا لِهَذا الرَّجُلِ، ولَو أنّزَوجَكِ وابْنَ عَمِّكِ سَبَقَ إِلَيْنَا قَبْلَ أبِي بَكْرٍ ما عَدَلْنا بِهِ. «فَيَقُولُ عليّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ: أ فَكُنْتُ أدَعُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ [وَ آلِهِ] وسَلّمَ في بَيْتِهِ لَمْ أدفنْهُ وأخْرُجُ انازِعُ النَّاسَ سُلطانَهُ؟ فَقالَتْ فَاطِمَةُ: ما صَنَعَ أبُو الحَسَنِ إِلَّا ما كانَ يَنْبَغِي لَهُ، ولَقَدْ صَنَعُوا مَا اللهُ حَسِيبُهُمْ وطَالِبُهُمْ»[4].
[1] «نهج البلاغة» مع تعليقة الشيخ محمّد عبدة، ج 1، ص 271، الخطبة 148.
[3] نفس المصدر السابق، ص 437، الخطبة 215.
[4] «الإمامة والسياسة» ج 1، ص 12.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة