EN

الرئيسية

الأخبار

صور

فيديو

صوت

أقلام

مفتاح

رشفات

مشكاة

منشور

اضاءات

قصص


المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الأدب الــعربــي : تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب :

يحيى الغزال

المؤلف:  شوقي ضيف

المصدر:  عصر الدول و الإمارات ،الأندلس

الجزء والصفحة:  ص230-232

24-7-2016

4472

هو يحيى بن الحكم البكري الجيّاني المعروف باسم الغزال، ولد حوالى سنة ١56 للهجرة و توفي حوالى سنة ٢5٠ و إذا صحّ ذلك يكون قد عاش أكثر من تسعين سنة، و يؤكد ذلك ما ذكره في أرجوزته التاريخية من قوله:

أدركت بالمصر ملوكا أربعه      و خامسا هذا الذي نحن معه
فهو قد أدرك زمن عبد الرحمن الداخل المتوفى سنة ١٧٢ و ابنه هشام و حفيده الحكم الربضي و ابنه عبد الرحمن و حفيده محمد، و كان جميل الصورة لذلك لقّب بالغزال و هو ممن رحلوا إلى المشرق و أفادوا منه أدبا و علما. و يبدو أنه كان يتولى أحيانا بعض أعمال للدولة و خاصة في زمن الأمير عبد الرحمن الأوسط، إذ تولى له قبض الأعشار من المحاصيل و خزنها، و يقال إن سعرها ارتفع في بعض الأعوام فباع كل ما لديه من مخزون، و غضب الأمير حين علم بصنيعه لأنها كانت معدة للجند، و أمره أن يرد ثمنها و يشتري للدولة منها حاجتها و كان السعر قد هبط، فرأى أن يكتفي برد ما يماثلها من الطعام دون رد المال جميعه، فأمر عبد الرحمن بسجنه. و كان شاعرا فذا فاستعطفه ببعض منظومه أو بعبارة أدق بقصيدة من قصائده فعفا عنه. و كان الأمير عبد الرحمن يعجب به، و لذلك نراه يكلفه بسفارتين سفارة لتيوفيل ملك بيزنطة، و لنجاحه فيها كلفه بعد القضاء على غارة النورمان الدانماركيين بغربي الأندلس سنة ٢٢٩ بسفارة ثانية إلى ملكهم، و نجح فيها كما نجح في السفارة الأولى و عاد بذخائر ملوكية.

و يبدو من مدائح الغزال للأمراء الأمويين و لشغله لبعض الوظائف و لسفارته المتكررة للأمير عبد الرحمن الأوسط أنه عاش في غير قليل من لين العيش و أنه كان في أكثر حياته-إن لم يكن فيها جميعا-على حظ غير قليل من اليسر و الرخاء وسعة ذات اليد، و لذلك نعجب أن نجد نفسه مطوية على غير قليل من المرارة مما دفعه إلى أن يكثر من الهجاء، فهو يهجو المرأة و يرميها بعدم الوفاء، و يهجو زرياب في أول قدومه على قرطبة، و يهجو الناس جميعا حاكمين و محكومين، يقول:

ما أرى هاهنا من الناس إلا     ثعلبا يطلب الدّجاج و ذيبا
أو شبيها بالقطّ ألقى بعيني‍     ه إلى فأرة يريد الوثوبا
فالناس بين ثعلب ماكر و ذئب مفترس و قطّ ينتظر فرصة من فأرة، و جميعهم متحفز للوثوب و التقاط صيد ثمين ما وسعهم الصيد. و من أهم من سلط عليه سهام هجائه قاضي الجماعة بقرطبة يخامر بن عثمان الجذامي الجياني مواطنه، ولاّه عبد الرحمن قضاء الجماعة سنة ٢٢٠ فأكثر من هجوه و ذمه و وصفه بالجهل و البله مع السخرية المرة منه و من أحكامه، كقوله في شعر استهله باعتذاره لشخص كلفه عملا لا يحسن أداءه على نحو ما كلّف القاضي يخامر بالقضاء و هو لا يحسنه:

فقلت له كلّفتنى غير صنعتى       كما قلّدوا فضل القضاء يخامرا
و قلت لو استعفيت منه فقال لي          سأفضح ما قد كان منك مغايرا
فقلت له: رأس الفضوح إقامة            علينا كذا من غير علم مكابرا
و خبطك في دين الإله على عمى          خباطة سكران تكلّم سادرا (1)
فلن يحمل الصّخر الذّباب و لن ترى ال‍        سّلاحف يزجين السّفين مواخرا (2)

و هو هجاء مقذع ليخامر إذ يصفه بأنه يخبط في قضائه و أحكامه على الناس خبط أعمى لا يبصر، بل خبط سكران فقد عقله و رشده، و يمثله في حمله للقضاء و مهمته الثقيلة التي لا يؤتاها إلا أولو العزم بذباب يطلب إليه أن يحمل صخرا ضخما و بسلاحف يطلب إليها أن تدفع سفنا تشق مياه البحار شقا. و ما يزال يهوّن منه و يزرى به حتى عزله الأمير عبد الرحمن عن القضاء. و كان نصر الصقلي الخصىّ تمكن من الأمير عبد الرحمن غاية التمكن و كان ذلك يؤذي الغزال و كثيرين غيره من الحاشية و كان نصر يسكن بالقرب من مقابر قرطبة، فقال يتوعده عذاب اللّه و جحيمه على ما قدّمت يداه:

أيا لا هيا في القصر قرب المقابر     يرى كلّ يوم واردا غير صادر
تراهم فتلهو بالشّراب و بعض ما          تلذّ به من نقر تلك المزاهر (3)

سترحل عن هذا و إنك قادم      -و ما أنت في شكّ-على غير غافر
و كان الأمير عبد الرحمن ولّى ابنه عبد اللّه من حظيته طروب ولاية العهد، و أخذ في سنة ٢٣6 يفكر في صرفها عنه إلى أخيه محمد لاستهتاره و انهماكه في اللذات، فأغرت طروب نصرا أن يسقيه شربة سم حتى يعجله الموت عن تنفيذ فكرته، و صدع نصر لمشيئتها، و نبّه الأمير عبد الرحمن إلى ذلك، فشكا و عكة في معدته، فأحضر له دواء، فأمره بشربه، و لم يستطع أن يعصى له أمرا، فشربه، و مات، فقال الغزال ملقّبا له بأبي الفتح و متشفيا فيه من قصيدة طويلة:

أغنى أبا الفتح عما كان يأمله       حفيرة حفرت بين المقابير
فصار فيها كأشقى العالمين و إن       لفّوه بالنّفح في مسك و كافور
و أمر عبد الرحمن بإنزال زرياب مغنيه في قصر نصر بعد موته، فنظم الغزال قصيدة يذكر فيها تقلب الدنيا بأهلها و أن نصرا قد ترك قصره إلى مسكن ليس عليه حجاب سوى التراب، و لم يأخذ معه من كل ما جمعه سوى كفنه أو كما يقول سوى ثلاثة أثواب.

و لعل فيما أسلفنا ما يدل بوضوح على أن الغزال كان صاعقة من صواعق الهجاء المقذع الموجع في زمنه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

1) سادرا: غير مبال.

2) مواخر: تمخر البحر أي تشقه.

3) المزاهر جمع مزهر: العود.

 

EN