الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
تأثير كلام المعلم
المؤلف:
محمد تقي فلسفي
المصدر:
الطفل بين الوراثة والتربية
الجزء والصفحة:
ج2،ص27ـ29
25-7-2016
3221
هذا الكفاح المقدس الذي غيّر وجه الأمة الإسلامية، وحول مجرى السياسة العامة للدولة آنذاك، كان مستنداً إلى عزم الخليفة عمر بن عبد العزيز، وهو نفسه يعزو السبب في ذلك الى أيام طفولته، وإلى كلمة سمعها من أستاذه. والآن إليكم القضية كما يحكيها لنا بنفسه :
(كنت أطلب العلم في المدينة وكنت ملازماً لخدمة عبيد الله بن عبد الله ابن عقبة بن مسعود، فبلغه أني أسبّ علياً (عليه السلام) كسائر الأمويين. فأتيته يوماً وهو يصلي، فأطال الصلاة. فقعدت انتظر فراغه فلما فرغ من صلاته إلتفت إلي. فقال لي :
ـ متى علمت أن الله غضب على أهل بدر وبيعة الرضوان بعد أن رضي عنهم؟!.
قلت : لم اسمع ذلك.
قال : فما الذي بلغني عنك في علي؟!.
فقلت : معذرة إلى الله وإليك ... وتركت ما كنت عليه ) (1).
الحوار الذي جرى بين الاستاذ والتلميذ في المدينة كان قصيراً جداً، ولم يكن أحد منهما يتصور أن هذه الجمل ستكون منشأ لانقلاب عظيم في الأمة الاسلامية. ولكن كلام الأستاذ في ذلك اليوم أثر في قلب الطفل تأثيراً بالغاً... ومرت الأعوام وإذا الطفل يشب ويصبح في عداد الرجال البارزين في المجتمع . ثم تقع الحوادث المفاجئة وتحدث تحولات عظيمة في الدولة، ويجلس طفل الأمس على كرسي الخلافة ويأخذ بزمام الملايين من الناس!.
كان كلام المعلم بمنزلة البذرة التي بُذرت في قلب الطفل آنذاك ثم جاءت عوامل الرئاسة والسلطة فعملت على تنمية تلك البذرة، وأخيراً ظهرت بصورة حقل كبير للسعادة، واستفاد ملايين الناس من ذلك وتخلصوا من البدعة الجائرة المتمثلة في سب علي بن أبي طالب (عليه السلام).
يستفاد من هذه القضية وقضايا مماثلة لها أن الواردات الفكرية للأطفال تمثل المنهاج العام لحياتهم الاجتماعية، وإن الخواطر الصالحة أو الفاسدة التي تستقر في ذهن الطفل لا تمحى، بل تظهر آثارها الخيرة او الشريرة في دون الشباب.
يجب على الآباء والامهات أن يتنبهوا إلى المسؤولية الخطيرة الملقاة على عوانقهم ويحذروا من الكلام أو السلوك البذيء، أما الأطفال، ويربوا أفلاذ أكبادهم منذ البداية على الطهارة والصدق، ويؤدوا واجبهم الديني المقدس من هذا الطريق.
يجب على المعلمين والمدرسين أن يلتفتوا في الصف إلى ما يقولون ويفعلون، وعليهم أن يحذروا من كل ما يشين، فكما ان الكلمة الفاضلة والمناسبة التي صدرت من معلم لائق استطاعت ان تؤثر في نفس عمر بن عبد العزيز عندما كان طفلاً، وظهرت ثمار ذلك بعد عدة أعوام في إنفاذ ملايين الناس مما كان أصابهم من انحراف... كذلك الكلمة الشريرة تستطيع أن توجد انحرافاً في فكر الطفل وتؤدي إلى مآسي عظيمة لا تجبر، له وللمجتمع الذي يعيش فيه.
________________
1ـ الكامل لابن الاثير ج5، ص17.