جدال نوح مع قومه
المؤلف:
محمد جواد مغنية
المصدر:
تفسير الكاشف
الجزء والصفحة:
ج4 ، ص227-228.
18-11-2014
4207
قال تعالى : {قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [هود : 32].
لما أفحم نوح قومه بالحجة والبرهان ضاقوا به ، ولم يجدوا أية وسيلة يتذرعون بها لجحودهم وانكارهم إلا أن يتحدّوا نوحا بأن ينزل عليهم ما خوّفهم به من العذاب ، ولما سألوه ذلك ( قالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شاءَ وما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ) . أي أنتم أهون على اللَّه من أن تعجزوه ، لأنه على كل شيء قدير وله وحده الخلق والأمر . . وقال مشركو مكة لرسول اللَّه مثلما قال قوم نوح لنبيهم . أنظر تفسير الآية 32 من سورة الأنفال ج 3 ص 473 .
{وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ} [هود : 34]. لقد أراد لهم النصح ، بل وأكثر من نصحهم ، ولكن ما الفائدة إذا قست القلوب ولم تمل لهداية ( إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ ) . ان اللَّه لا يخلق الغواية في الإنسان ، ولو فعل لسلبه إنسانيته ، ولكن قضت سنة اللَّه في خلقه ان من سلك بإرادته طريق الغواية كان حتما من الغاوين ، تماما كما قضت بهلاك من ينتحر مختارا . . وبهذا الاعتبار صحت نسبة الغواية إليه تعالى . وسبق الكلام عن ذلك عند تفسير الآية 74 من سورة يونس ، فقرة : « حول الهداية والضلال » ( هُوَ رَبُّكُمْ وإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) ولا مفر من لقائه وحسابه وجزائه .
{ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ} [هود : 35] .
ظاهر السياق يدل على ضمير يقولون عائد إلى قوم نوح ، وهاء افتراه إلى الوحي الذي بلغهم إياه ، والمعنى قل يا نوح لقومك : ان كنت كاذبا فيما أقول كما تزعمون فأنا وحدي المسؤول عن ذلك ، وعلي إثمه وعقابه ، وان كنت صادقا فأنتم المسؤولون ، وعليكم وحدكم يقع عقاب التكذيب ، وأنا بريء من أعمالكم وجرائمكم .
وقيل : ان هذه الآية جاءت معترضة في قصة نوح ، وانها نزلت في مشركي قريش ، لأنهم ارتابوا في صدق محمد (صلى الله عليه واله)حين تلا عليهم هذه القصة ، فأمره اللَّه أن يقول لهم : لا عليكم ان كنت مفتريا ، فعليّ وحدي تبعة ما أفتري . .
وهذا المعنى جائز في نفسه ، ولكنه بعيد عن ظاهر السياق .
الاكثر قراءة في قصة النبي نوح وقومه
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة