تعد اللغة أرقى ما لدى الإنسان من مصادر القوة والتفرد، ومن المتفق عليه الآن أن الإنسان وحده – دون غيره من أعضاء المملكة الحيوانية – هو الذي يستخدم الأصوات المنطوقة في نظام محدد لتحقيق الاتصال بأبناء جنسه. فاللغة وحدها هي التي تميز هذا الكائن المتفرد عن غيره من مخلوقات الله. ونسب إلى أرسطو قديماً قوله : "إن الإنسان حيوان ناطق". ولعل المقصود من هذا الوصف أن الإنسان وحده القادر على ترجمة أفكاره ومشاعره إلى ألفاظ وعبارات مفهومة لدى أبناء مجتمعه وعشيرته.

من هنا تعتبر اللغة، وعلى حد تعبير د. جمعة يـوسف (١٩٩٠)، أساس الحضارة البشرية، وتمثل الوسيلة الرئيسية التي تتواصل بها الأجيال، وعن طريقها تنتقل الخبرات والمعارف والمنجزات الحضارية بمختلف صورها ، وعن طريقها ، أيضاً، لا ينقطع الإنسان عـن الحياة بموته، ذلك أن اللغة تعينه على الامتداد تاريخياً ليسهم في تشكيل فكر وثقافة وحياة الاجيال التالية.