وهو الذي يدرس الوحدة السياسية من حيث العناصر التي تتألف منها أو التي تكونها، كالحجم، والشكل، والمناخ، والموارد، والسكان، وغيرها، ولكن هذا المدخل سيتخم باحث الجغرافية السياسية بفيض من الحقائق يخشى معه على الباحث أن ينتهي به الأمر إلى وصف مجموعة من الوحدات السياسية وصفا إقليميا، والجغرافية السياسية التي هي عبارة عن وصف إقليمي لدول ما، لن تكون لها شخصيتها المتميزة، وبالتالي ليس هناك ما يبرر وجودها كفرع منفصل من فروع الجغرافية، لذلك فعلى الجغرافي السياسي الذي يتخذ هذا المدخل سبيلا أن يسعى إلى التقاء ما يفيده من الدراسة الإقليمية، ويحلل معلوماته، وبياناته المختلفة، بالطرق التي تؤدي به إلى تفهم المشكلة موضوع الدراسة، من ثم اختلفت بالطريقة معلوماته، وتقديرها اختلافا له مغزاه عن طريقة الجغرافي الإقليمي.

وهذا المنهج عتيق تقليدي، لا يكاد يرتكز البحث فيه الى قواعد واصول ثابتة. ومن ثم يكون نمط البحث والدراسة مضطربة، فلا يكاد يحدد أسلوبا علميا حقيقيا في معالجة الموضوعات، واستخلاص النتائج. وهذا معناه - من غير شك - انه منهج مهزوز، يكاد يقترب بموضوعية البحث والدراسة، الى الصورة والطريقة والأسلوب، الذي تعالج بها موضوعات الجغرافية الوصفية الاقليمية.

ويمكن القول أن الباحث وفق هذا المنهج يستغرق كل جهده، ويستنزف كل قدراته في دراسة عناصر البيئة في الدولة المعنية، أو في الاقليم المعنى، لكي يتخذ منها مرتكزا تنطلق منه الدراسة والنتائج، التي يستهدف فيها وبها تصوير مشكلات وتحليلها، وإلقاء الأضواء الكاشفة عليها.

وربما يكون من الصعب علينا أن نتصور امكانية تحقيق هذه الأهداف، لأن الدراسة الجغرافية قد تمتص كل جهد الباحث، أو قد تغطي على اجتهاده، او تطمس أي احتمال لوضوح الرؤيا، بالنسبة لجوانب المشكلة السياسية التي يدرسها، هذا بالإضافة الى صعوبة الأخذ بمنطق الاقليمية، في تفهم المشكلات في عالم اليوم. والمفهوم ان منطق التواصل والاتصال بين أطراف العالم ودوله، ومنطق توازن القوى، يفرض أبعادا ونتائجها مؤثرة. ومن شان هذه النتائج وما ينبني عليها من متغيرات، الا تعترف بالحدود الجامدة بين الأقاليم الجغرافية، او لا تتوقف عندها، لدي دراسة المشكلات السياسية.