صناعة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة

عند البحث في اقتصاديات وسائل الإعلام سواء مرئية أم مسموعة أم مقروءة فإننا نتحدث عن صناعة هذه الوسائل، حيث تطور البحث في صناعة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة امتداداً لنظرية الصناعات الثقافية، فهو لا يكاد ينفصل عنها، وذلك منذ نهاية السبعينيات من القرن  العشرين عبر مؤلفات عدة، ثم توسعت البحوث في إطار فرق بحث جامعية أو مؤلفات جامعية، ميزها الجمع بين حقول الثقافة والاتصال والإعلام من منظور اقتصادي.

يمكن تصوير صناعة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة باعتبارها سلسلة من الأنشطة الفرعية، مترابطة الحلقات يأخذ بعضها برقاب بعض، ويهيمن عليها نشاط رئيس يختلف من وسيلة إعلام إلى أخرى. فالنشاط الرئيس في الإذاعة والتلفزيون هو البرمجة – كما ذكرنا سابقاً - أما الأنشطة الأمامية فهو ما يتعلق بجمع المعلومات، أو ما يمثل المحتوى عامة؛ الأنباء، الصور، الإعلانات...الخ، وهذا تشترك فيه الصحافة المكتوبة والتلفزيون والإذاعة، وهناك أنشطة أمامية أخرى تخص الإذاعة والتلفزيون مثل إنتاج البرامج الإذاعية والتلفزيونية والمواد السمعية البصرية المختلفة، الأشرطة، التحقيقات، المنتجات الإخبارية والثقافية والمواد العلمية الخيالية والإعلانية ...الخ، وكذا الإنتاج القني: الحفلات الموسيقية، الألعاب، بالإضافة إلى الأفلام السينمائية، وكل هذه الأنشطة يمكن أن تسند إلى مؤسسات أخرى غير المؤسسات التي تقوم بالبرمجة.

وكذلك الشأن بالنسبة إلى الأنشطة الخلفية: البث الهرتزي الأرضي أو عبر الأقمار الاصطناعية، أو التوزيع عبر الكابل (التلفزيون السلكي) بالنسبة إلى التلفزيون، فكلها أنشطة يمكن أن تقوم بها مؤسسات أخرى. وفي آخر السلسلة يوجد الجمهور الذي يتجه إليه كل النشاط: مشاهدو التلفزيون ومستمعو الإذاعة.

هذه البنية الصناعية لنشاط وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ثابتة تقريبا، ولا يمكن أن تتغير إلا بحدوث طفرة تكنولوجية باهرة تعدل البنية الصناعية بإلغاء بعض الحلقات (أو بإضافة حلقات جديدة)، أو تغير محتوى النشاط داخل كل حلقة من حلقات السلسلة.