أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-8-2022
1335
التاريخ: 15-1-2016
1961
التاريخ: 28-6-2017
2388
التاريخ: 18-8-2022
1570
|
(كتب الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ لوحاً وعرضاه على امهما لتحكم أيهما أحسن خطاً وأشد قوة، فنظرت فيه امهما فما ارادت كسر خاطرهما فقالت: يا قرّتي عيني إني اقطع قلادتي على رأسكما فأيكا يلتقط من لؤلؤها أكثر كان خطّه أحسن وقوّته أكثر)(1).
عندما يدخل الاطفال المدرسة الابتدائية يكون الأبوين في الغالب قلقين لوضع اطفالهم الدراسي، ويكون اكبر همهم وأملهم هو نجاح اطفالهم وتفوقهم بدرجات عالية، هذا ومن جهة اخرى، ترى المعلمين ومسؤولي المدارس يصرفون جهودهم من اجل نجاح التلاميذ المتفوّقين خاصة في امتحانات الفصول الثلاثة والامتحان النهائي، لتصورهم أن ملاك النجاح هو حصول التلميذ على أعلى درجة في الامتحان، والمدارس تعتبر الهدف من الامتحان هو تعيين التلاميذ الجيدين، لتصورهم ان التلميذ المتفوق هو الذي يحصل على أعلى درجة في الامتحان، ولذا تتخذ علاقات كلٍ من المعلمين وأولياء امور التلاميذ نحواً خاصاً بعد انتهاء الامتحانات، وبعبارة اخرى: يكون للعلاقات مع التلاميذ بعد تعيين نتيجة الامتحان وتقييم التلميذ شكلاً جديداً.
ان للتكامل العلمي والتعليمي وتقييم التطور الدراسي للتلاميذ في بادئ الأمر أهميةً بالغةً، وهذا الأمر يكون وبشكلٍ طبيعي سبباً في تقييم الشخص وكونه تلميذاً ناجحاً، لكونه قد حصل على درجات عاليةٍ في دروسه، واما التلميذ الفاشل فهو الذي لا يتمكن من كسب ذلك.
ولكن لا تخفى العلاقة بين الدرجات الدراسية وبين التقدم الدراسي للتلميذ، فالمهم هو ان مثل هذا السلوك ومنهج التفكير للآباء والمعلمين يوجّه لشخصيات الاطفال ضربةً قاصمة، ويقف سداً بوجه تقدم ونجاح التلميذ وتكامله في مختلف المجالات.
وقد يكون لمدراء المدارس والمعلمين بعد الامتحانات أهدافاً غير صحيحةٍ، لسعي أكثرهم تربية نخبةً من التلاميذ يتمكنون من التنافس مع تلاميذ مراكز التعليم الاخرى.
ان الآباء يعتبرون الامتحان سداً لا بد من تجاوزه بأي نحو كان بنجاح تام، وهم على تصور ان إطفالهم لو لم يتمكنوا من الاتيان بدرجة الامتحان التي يرغبوا فيها فسوف تذهب آمالهم ادراج الرياح، ولذا تتبلور شخصية الطفل لديهم في محور الدرجة العالية جداً، فإن لم يأت الطفل بها بنجاح فهو في نظر أبويه طفل متخلف علمياً، وينظران اليه دائماً نظرة تحقير وازدراء، وقد سرى هذا الأمر الى المعلمين أيضاً بحيث صاروا لا يهتمّون بالأطفال الضعفاء في الدرس.
ولذا ترى ارتباط شخصية الطفل بنجاحه وكسبه للدرجة العالية ارتباطاً عجيباً منذ ان ينفصل عن حجر أمهم ويدخل المدرسة، فالدرجة في الواقع هي المفصحة والمبيّنة لشخصية الطفل وقدره، ويترتب عليها سلوك المعلمين من رضاهم عن الطفل وعدم رضاهم.
والاهم من ذلك ان معاملة الأبوين في البيت مع الطفل تكون خاضعة لوضعه الدراسي، بحيث يكون الميزان في علاقتهما به عاطفياً ونظرتهما اليه فيما يتعلق بشخصيته هو كسبه للدرجة العالية، بنحو لو لم يتمكن طفلهما من الحصول على تلك الدرجة لكان سلوكهما معه سلوكاً مشيناً له، بحيث يشعر الطفل بعدم كفاءته، ومثل هذه المعاملة تكون سبباً في تهاونه في جميع الدروس، لشعوره بأن جميع محاولاته للنجاح لا أثر لها، ولتصوره أنه انسان مهزوم وفاشل، تلك الهزيمة التي توجه ضربة قاصمة لشخصيته وتمنعه من النجاح في دروسه، ولو كان يذهب الى المدرسة ويدرس فليس ذلك الا من
أجل ما توجّه اليه من ضغوط عائلية او معيشية، ونتيجة مثل هذه الدراسة معلومة مسبقاً.
ولذا فلقد وجدنا الكثير من التلاميذ الذين فقدوا الهدف من دراستهم، ومن ثم فقدوا الكفاءة والقدرة على النجاح، فاستمروا في الدراسة على عدم رغبتهم في ذلك الى آخر السنة الدراسية، ووجدنا ايضاً الكثير من الآباء الذين لهم دور غير ارادي في تضعيف رغبة أبنائهم - في بذل جهد أكبر- بسبب معاملتهم التي لا يعلمون أن لها اثراً مباشراً في سلب الرغبة والثقة - من ابنائهم - بأنفسهم، وأخيراً يكون ذلك سبباً في انهيار الوضع المدرسي لهم، وذلك لسريان التقييم الدراسي الى تقييم شخصيتهم.
ان أحد دواعي التقييم المدرسي والامتحانات هو زرع الرغبة في نفوس التلاميذ من الناحية الدراسية لبذل جهد أكبر، ولكن ذلك وللأسف أعطى نتيجة معاكسة تماماً للغرض المطلوب، أدت الى سلب الرغبة من الطفل في المجال الدراسي، ذلك لان نظرة الآخرين له من زاوية الدرجات الامتحانية سلبت منه الرغبة وجعلته متهاوناً في الدراسة، بحيث صار يشعر بعدم كفاءته وقدرته على القيام بشيء وبذلك شد عن الهدف الرحال وابتعد تماماً.
يحاول الآباء والمعلمون في البيت والمدرسة أن يصنعوا من مثل هؤلاء التلاميذ - باستعمال مختلف المناهج من قبيل الاكراه والترغيب والتوبيخ المستمر والكلام الجارح - أناساً يحبون الدراسة والمدرسة، غافلين عن أنهم بذلك يسلبون الرغبة من الاطفال من حيث لا يشعرون، فالتلميذ الذي لا يتمكن من كسب درجة نجاح عالية قد سلبوا منه بذلك القدرة على النجاح، وسلبوا منه الثقة بنفسه وقضوا على كرامته، لأنه مهما حاول تحقيق رغباتنا وامالنا ما تمكّن، ولذا تراه يشعر في نفسه الحقارة ويستهين بكفاءته، ويتهاون في اداء واجباته المدرسية، ويكون مرهقاً نفسيّاً، فهو كلما اراد القيام بأداء واجبه يواجه الشعور باليأس وفقدان الكفاءة لعلمه بأن جميع ما يقوم به من محاولات يواجه الفشل، ولا يلبي رغبات أبويه أو يحقق آمالهما.
ان الاهتمام بقدرة الطفل ومدى تحمله ومستواه له الأثر البالغ في تقييم وضعه الدراسي، قال الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: 286].
ان مراكز التعليم التي يكون فيها الغرض تربية جماعة من التلاميذ الأذكياء والمتفوقين بحيث تنصرف انظار التلاميذ والمعلمين والآباء نحو هذه الثلة من التلاميذ، وتكون كل التشجيعات من خط شخص او شخصين فقط، ويغفل عن تلاميذ الصف الآخرين تماماً، وعن عواقب مثل هذا التقييم الوخيمة، لأن الاحترام الخاص فى المآل سيكون من نصيب شخص أو شخصين من كل صف ومرحلة دراسية، ويهمل سائر التلاميذ من هذه الجهة، هذا ومن جهةٍ اخرى يشعر سائر من بذل جهده - قدر وسعه - من التلاميذ أن ما بذل من جهد لا فائدة فيه لأنه لا يتمكن من التنافس مع اولئك المتفوقين، مما يكون ذلك سبباً في تهاونه في الدراسة تدريجياً، في حال أننا لو أخذنا جميع ماله دخل في تقييمنا بنظر الاعتبار لعلمنا ان ما بذله كل واحدٍ من التلاميذ كان يتناسب مع طاقاته واستعداده، وان ما بذله من جهد قابلٌ للتقدير.
ان السبب في اهتمام الوالدين والمعلمين بالتلميذ يعود - في الوقت الحاضر- الى النظر من زاوية الدرجات الامتحانية، التي هي كل شيء في نظرهم، فهي كرامة الطفل والمفصح عن قيمته وقدره، وذلك انه بمجرد التقييم لمستوى التلميذ العلمي تكون شخصيته تحت السؤال، فلا بد من الانصاف في الحكم عليه، بأن نضع جهود التلاميذ ومستوى تحملهم وقدرتهم في كفتي ميزان، فإنه قد يكسب من بذل جهداً اًكبر درجة تقل عن درجة شخص آخر لم يبذل مثل ذلك الجهد، ولكن ذاك حصل على هذه الدرجة بما يتناسب مع ما بذل من جهد، وهذا حصل على درجة أعلى بما يناسب جهده، فإننا لو حكمنا بينهما بنحو واحد لم يكن ذلك صحيحاً، ولو اغمضنا النظر عن ما بينهما من الفرق استتبع ذلك عواقباً وخيمة أقلها تهاون التلميذ وعدم اهتمامه بالدراسة، ومنشأ كل ذلك الجهل بأهداف التربية والتعليم، والذي يؤسف له اننا عند تقييمنا لأهداف التربية والتعليم لا نأخذ الخصائص الفردية للأطفال بنظر الاعتبار، ونصرف اهتمامنا الى ما يحصل التلميذ عليه من درجة، وعلى ضوئها نحكم على الطفل، في حال أن أحد خصائص هذه المرحلة - من الناحية النفسية - المؤثرة في تكامل الطفل وتربيته هو شعور الاطفال بالثقة بأنفسهم وكرامتهم، والمدرسة هي المنطلق في تقوية اساس هذه الخصال، اذاً لا بد من تربية الشعور بالكرامة وعزة النفس فيهم، ولا بد ان يجد الاطفال ذلك في انفسهم، لأن الشعور بالكرامة والشخصية خير سندٍ للطفل من الناحية النفسية لحياته في المستقبل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ بحار الأنوار: ج45، ص191.
|
|
أكبر مسؤول طبي بريطاني: لهذا السبب يعيش الأطفال حياة أقصر
|
|
|
|
|
طريقة مبتكرة لمكافحة الفيروسات المهددة للبشرية
|
|
|
|
|
أكاديميون: نظام مسار بولونيا يسهم في تحسين جودة التعليم بالجامعات العراقية
|
|
|