المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

سكين النخعي.
26-10-2017
Minimum Modulus Principle
21-9-2018
أحكام الحضانة في قانون الأسرة لدولة قطر
2023-09-04
نهر الراين
27-3-2017
إسماعيل بن علي الخضيري
21-06-2015
المطفئ Verdigris
8-9-2020


الهدف من التقييم وآثاره على شخصية الأطفال  
  
1334   10:10 صباحاً   التاريخ: 18-8-2022
المؤلف : رضا فرهاديان
الكتاب أو المصدر : التربية المثالية وظائف الوالدين والمعلمين
الجزء والصفحة : ص91 ـ 95
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /

(كتب الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ لوحاً وعرضاه على امهما لتحكم أيهما أحسن خطاً وأشد قوة، فنظرت فيه امهما فما ارادت كسر خاطرهما فقالت: يا قرّتي عيني إني اقطع قلادتي على رأسكما فأيكا يلتقط من لؤلؤها أكثر كان خطّه أحسن وقوّته أكثر)(1).

عندما يدخل الاطفال المدرسة الابتدائية يكون الأبوين في الغالب قلقين لوضع اطفالهم الدراسي، ويكون اكبر همهم وأملهم هو نجاح اطفالهم وتفوقهم بدرجات عالية، هذا ومن جهة اخرى، ترى المعلمين ومسؤولي المدارس يصرفون جهودهم من اجل نجاح التلاميذ المتفوّقين خاصة في امتحانات الفصول الثلاثة والامتحان النهائي، لتصورهم أن ملاك النجاح هو حصول التلميذ على أعلى درجة في الامتحان، والمدارس تعتبر الهدف من الامتحان هو تعيين التلاميذ الجيدين، لتصورهم ان التلميذ المتفوق هو الذي يحصل على أعلى درجة في الامتحان، ولذا تتخذ علاقات كلٍ من المعلمين وأولياء امور التلاميذ نحواً خاصاً بعد انتهاء الامتحانات، وبعبارة اخرى: يكون للعلاقات مع التلاميذ بعد تعيين نتيجة الامتحان وتقييم التلميذ شكلاً جديداً.

ان للتكامل العلمي والتعليمي وتقييم التطور الدراسي للتلاميذ في بادئ الأمر أهميةً بالغةً، وهذا الأمر يكون وبشكلٍ طبيعي سبباً في تقييم الشخص وكونه تلميذاً ناجحاً، لكونه قد حصل على درجات عاليةٍ في دروسه، واما التلميذ الفاشل فهو الذي لا يتمكن من كسب ذلك.

ولكن لا تخفى العلاقة بين الدرجات الدراسية وبين التقدم الدراسي للتلميذ، فالمهم هو ان مثل هذا السلوك ومنهج التفكير للآباء والمعلمين يوجّه لشخصيات الاطفال ضربةً قاصمة، ويقف سداً بوجه تقدم ونجاح التلميذ وتكامله في مختلف المجالات.

وقد يكون لمدراء المدارس والمعلمين بعد الامتحانات أهدافاً غير صحيحةٍ، لسعي أكثرهم تربية نخبةً من التلاميذ يتمكنون من التنافس مع تلاميذ مراكز التعليم الاخرى.

ان الآباء يعتبرون الامتحان سداً لا بد من تجاوزه بأي نحو كان بنجاح تام، وهم على تصور ان إطفالهم لو لم يتمكنوا من الاتيان بدرجة الامتحان التي يرغبوا فيها فسوف تذهب آمالهم ادراج الرياح، ولذا تتبلور شخصية الطفل لديهم في محور الدرجة العالية جداً، فإن لم يأت الطفل بها بنجاح فهو في نظر أبويه طفل متخلف علمياً، وينظران اليه دائماً نظرة تحقير وازدراء، وقد سرى هذا الأمر الى المعلمين أيضاً بحيث صاروا لا يهتمّون بالأطفال الضعفاء في الدرس.

ولذا ترى ارتباط شخصية الطفل بنجاحه وكسبه للدرجة العالية ارتباطاً عجيباً منذ ان ينفصل عن حجر أمهم ويدخل المدرسة، فالدرجة في الواقع هي المفصحة والمبيّنة لشخصية الطفل وقدره، ويترتب عليها سلوك المعلمين من رضاهم عن الطفل وعدم رضاهم.

والاهم من ذلك ان معاملة الأبوين في البيت مع الطفل تكون خاضعة لوضعه الدراسي، بحيث يكون الميزان في علاقتهما به عاطفياً ونظرتهما اليه فيما يتعلق بشخصيته هو كسبه للدرجة العالية، بنحو لو لم يتمكن طفلهما من الحصول على تلك الدرجة لكان سلوكهما معه سلوكاً مشيناً له، بحيث يشعر الطفل بعدم كفاءته، ومثل هذه المعاملة تكون سبباً في تهاونه في جميع الدروس، لشعوره بأن جميع محاولاته للنجاح لا أثر لها، ولتصوره أنه انسان مهزوم وفاشل، تلك الهزيمة التي توجه ضربة قاصمة لشخصيته وتمنعه من النجاح في دروسه، ولو كان يذهب الى المدرسة ويدرس فليس ذلك الا من 

أجل ما توجّه اليه من ضغوط عائلية او معيشية، ونتيجة مثل هذه الدراسة معلومة مسبقاً.

ولذا فلقد وجدنا الكثير من التلاميذ الذين فقدوا الهدف من دراستهم، ومن ثم فقدوا الكفاءة والقدرة على النجاح، فاستمروا في الدراسة على عدم رغبتهم في ذلك الى آخر السنة الدراسية، ووجدنا ايضاً الكثير من الآباء الذين لهم دور غير ارادي في تضعيف رغبة أبنائهم - في بذل جهد أكبر- بسبب معاملتهم التي لا يعلمون أن لها اثراً مباشراً في سلب الرغبة والثقة - من ابنائهم - بأنفسهم، وأخيراً يكون ذلك سبباً في انهيار الوضع المدرسي لهم، وذلك لسريان التقييم الدراسي الى تقييم شخصيتهم.

ان أحد دواعي التقييم المدرسي والامتحانات هو زرع الرغبة في نفوس التلاميذ من الناحية الدراسية لبذل جهد أكبر، ولكن ذلك وللأسف أعطى نتيجة معاكسة تماماً للغرض المطلوب، أدت الى سلب الرغبة من الطفل في المجال الدراسي، ذلك لان نظرة الآخرين له من زاوية الدرجات الامتحانية سلبت منه الرغبة وجعلته متهاوناً في الدراسة، بحيث صار يشعر بعدم كفاءته وقدرته على القيام بشيء وبذلك شد عن الهدف الرحال وابتعد تماماً.

يحاول الآباء والمعلمون في البيت والمدرسة أن يصنعوا من مثل هؤلاء التلاميذ - باستعمال مختلف المناهج من قبيل الاكراه والترغيب والتوبيخ المستمر والكلام الجارح - أناساً يحبون الدراسة والمدرسة، غافلين عن أنهم بذلك يسلبون الرغبة من الاطفال من حيث لا يشعرون، فالتلميذ الذي لا يتمكن من كسب درجة نجاح عالية قد سلبوا منه بذلك القدرة على النجاح، وسلبوا منه الثقة بنفسه وقضوا على كرامته، لأنه مهما حاول تحقيق رغباتنا وامالنا ما تمكّن، ولذا تراه يشعر في نفسه الحقارة ويستهين بكفاءته، ويتهاون في اداء واجباته المدرسية، ويكون مرهقاً نفسيّاً، فهو كلما اراد القيام بأداء واجبه يواجه الشعور باليأس وفقدان الكفاءة لعلمه بأن جميع ما يقوم به من محاولات يواجه الفشل، ولا يلبي رغبات أبويه أو يحقق آمالهما.

ان الاهتمام بقدرة الطفل ومدى تحمله ومستواه له الأثر البالغ في تقييم وضعه الدراسي، قال الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: 286].

ان مراكز التعليم التي يكون فيها الغرض تربية جماعة من التلاميذ الأذكياء والمتفوقين بحيث تنصرف انظار التلاميذ والمعلمين والآباء نحو هذه الثلة من التلاميذ، وتكون كل التشجيعات من خط شخص او شخصين فقط، ويغفل عن تلاميذ الصف الآخرين تماماً، وعن عواقب مثل هذا التقييم الوخيمة، لأن الاحترام الخاص فى المآل سيكون من نصيب شخص أو شخصين من كل صف ومرحلة دراسية، ويهمل سائر التلاميذ من هذه الجهة، هذا ومن جهةٍ اخرى يشعر سائر من بذل جهده - قدر وسعه - من التلاميذ أن ما بذل من جهد لا فائدة فيه لأنه لا يتمكن من التنافس مع اولئك المتفوقين، مما يكون ذلك سبباً في تهاونه في الدراسة تدريجياً، في حال أننا لو أخذنا جميع ماله دخل في تقييمنا بنظر الاعتبار لعلمنا ان ما بذله كل واحدٍ من التلاميذ كان يتناسب مع طاقاته واستعداده، وان ما بذله من جهد قابلٌ للتقدير.

ان السبب في اهتمام الوالدين والمعلمين بالتلميذ يعود - في الوقت الحاضر- الى النظر من زاوية الدرجات الامتحانية، التي هي كل شيء في نظرهم، فهي كرامة الطفل والمفصح عن قيمته وقدره، وذلك انه بمجرد التقييم لمستوى التلميذ العلمي تكون شخصيته تحت السؤال، فلا بد من الانصاف في الحكم عليه، بأن نضع جهود التلاميذ ومستوى تحملهم وقدرتهم في كفتي ميزان، فإنه قد يكسب من بذل جهداً اًكبر درجة تقل عن درجة شخص آخر لم يبذل مثل ذلك الجهد، ولكن ذاك حصل على هذه الدرجة بما يتناسب مع ما بذل من جهد، وهذا حصل على درجة أعلى بما يناسب جهده، فإننا لو حكمنا بينهما بنحو واحد لم يكن ذلك صحيحاً، ولو اغمضنا النظر عن ما بينهما من الفرق استتبع ذلك عواقباً وخيمة أقلها تهاون التلميذ وعدم اهتمامه بالدراسة، ومنشأ كل ذلك الجهل بأهداف التربية والتعليم، والذي يؤسف له اننا عند تقييمنا لأهداف التربية والتعليم لا نأخذ الخصائص الفردية للأطفال بنظر الاعتبار، ونصرف اهتمامنا الى ما يحصل التلميذ عليه من درجة، وعلى ضوئها نحكم على الطفل، في حال أن أحد خصائص هذه المرحلة - من الناحية النفسية - المؤثرة في تكامل الطفل وتربيته هو شعور الاطفال بالثقة بأنفسهم وكرامتهم، والمدرسة هي المنطلق في تقوية اساس هذه الخصال، اذاً لا بد من تربية الشعور بالكرامة وعزة النفس فيهم، ولا بد ان يجد الاطفال ذلك في انفسهم، لأن الشعور بالكرامة والشخصية خير سندٍ للطفل من الناحية النفسية لحياته في المستقبل .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ بحار الأنوار: ج45، ص191. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.