المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


البحث حول كتاب المحاسن.  
  
1889   09:48 صباحاً   التاريخ: 1/12/2022
المؤلف : الشيخ محمد طالب يحيى آل الفقيه.
الكتاب أو المصدر : سدرة الكمال في علم الرجال
الجزء والصفحة : ص 251 ـ 260.
القسم : الرجال و الحديث والتراجم / علم الرجال / مقالات متفرقة في علم الرجال /

من أقدم الكتب الروائيّة التي وصلتنا كتاب (المحاسن) لأحمد بن محمد بن خالد البرقيّ، وهو عبارة عن ثلاثة عشر كتاباً بأبواب مختلفة، فمنها: كتاب القرائن وثواب الأعمال وعقاب الأعمال والصفوة ومصابيح الظلم وفضيلة الجماعة والعلل والسفر والمأكل وغيرها.

وقد كان الكتاب على ما يظهر من مجموع ما ذكره النجاشي والشيخ مائة وعشرين كتاباً قد ذكراها في ترجمة البرقي الابن، إلا أنّ الشيخ قد صرّح بأنّ الكتاب المذكور قد زيد فيه ونقص، وكذا هو ظاهر كلام النجاشيّ.

والكتاب مروي عن المعصوم (عليه السلام) بواسطتين أو أكثر، إلا أنّ كثيرا من أخباره مروي عن الرضا (عليه السلام) بواسطتين فقط.

ترجمة أحمد بن محمد بن خالد:

يظهر من كثير من التراجم وثاقة أحمد بن محمد البرقي، وإن كان ظاهر بعض - على ما وصلنا - ضعفه كما نقل الكليني من كلمة لمحمد بن الحسن الصفّار وغيرها من الكلمات التي قد توجب التردّد فيه، إلا أنّ ما أفاده النجاشيّ والشيخ من توثيقه الصريح كافي لاستفادة توثيقه، والتردّد الذي يقال غير كافي للقول بالتردّد.

قال النجاشي في رجاله: "أحمد بن محمد بن خالد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي البرقي - أبو جعفر - أصله كوفي، وكان جده محمد بن علي حبسه يوسف بن عمر بعد قتل زيد (عليه السلام)، ثم قتله. وكان خالد صغير السن فهرب مع أبيه عبد الرحمن إلى برق رود، وكان ثقة في نفسه، يروي عن الضعفاء والمراسيل، وصنّف كتب منها: المحاسن، وغيرها وقد زيد في المحاسن ونقص، كتاب التبليغ والرسالة، كتاب التراحم والتعاطف..." (1). حتى أتى على ذكر واحد وتسعين كتابا، ثم أتبع كلامه بكلام آخر ليس محلا للبحث.

ومحلّ البحث فيما أفاده النجاشي هو وثاقة البرقي حيث قال: "وكان ثقة في نفسه" وكون الزيادة والنقصان قد حلّت ووقعت في المحاسن فقال: "وقد زيد في المحاسن ونقص" وسيأتي البحث في الزيادة والنقيصة مفصّلا إن شاء الله .

وقال الشيخ في الفهرست: "أحمد بن محمد بن خالد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي البرقي، أبو جعفر، أصله كوفي، وكان جده محمد بن علي حبسه يوسف بن عمر والي العراق بعد قتل زید بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، ثم قتله، وكان خالد صغير السن فهرب مع أبيه عبد الرحمن إلى برقة قم فأقاموا بها، وكان ثقة في نفسه، غير أنّه أكثر الرواية عن الضعفاء واعتمد المراسيل، وصنّف كتبا كثيرة، منها: المحاسن وغيرها، وقد زيد في المحاسن ونقص، فما وقع إليّ منها: الإبلاغ، كتاب التراحم والتعاطف، كتاب آداب النفس... "(2) حتى أتى على ذكر تسعة وتسعين كتابا، والمجموع على ما ذكره العلمان من عناوين تبلغ مائة وثلاثة وعشرين كتاب، ولعلّ بعضها متداخل مع بعض.

وقد تبيّن لنا من الشيخ أمران: الأول: وثاقة البرقي، الثاني: الزيادة والنقيصة الحاصلة في كتاب المحاسن.

أمّا الشيخ في رجاله فقد ذكره في أصحاب الجواد والهادي (عليهما السلام) دون تفصيل أبدا (3).

هذا وقد وثّقه من بعدهما العلّامة وابن داود والشهيد والبهائي والمجلسي والبحراني والطريحي والاسترآبادي والوحيد والحائري وغيرهم.

وأمّا المنسوب إلى ابن الغضائري فإنّه يدلّ على وثاقته لا على ضعفه كما استظهره البعض، وهذه عبارته: "قال ابن الغضائري: طعن عليه القميّون، وليس الطعن فيه، وإنّما الطعن فيمن يروي عنه، فإنّه كان لا يبالي عمّن يأخذ ۔ على طريقة أهل الأخبار..." (4).

فإنّك ترى ردّه القول بطعن القميّين عليه، وإنّما الطعن فيمن يروي عنهم.

إذن أجمع أصحاب الكتب الرجالية على وثاقة الرجل، وأما طرد أحمد بن محمد بن عيسى له فليس للضعف في نفسه، وإنّما - كما قيل - لروايته عن الضعفاء واعتماد المراسيل.

وعلى كلٍّ فقد اعتذر منه ومشى في جنازته حاسراً حافياً ليبرئ نفسه ممّا اتّهمه فيه.

نعم، استظهر بعضهم ضعفه - كالفاضل القهبائي - لما رواه الكليني صحيحة في باب ما جاء في الأئمة الاثني عشر بعدما نقل حديثا قال: وحدّثني محمد بن يحيى عن محمد بن الحسن الصفّار عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبي هاشم مثله.

قال محمد بن يحيى: فقلت لمحمد بن الحسن: يا أبا جعفر وددت أن هذا الخبر جاء من غير جهة أحمد بن أبي عبد الله قال: فقال: لقد حدّثني قبل الحيرة بعشر سنين (5). انتهى

ومحلّ الشاهد أمران: الأول: تمنّي محمد بن یحیی كون الخبر مروياً من غير طريق أحمد بن محمد البرقي وهو قرينة ضعفه، فلو كان ثقة لما تمنّى عدمه، بل كان محل تأييد له.

الثاني: إقرار الصفّار له بما قال، ولذا أجابه بقوله: "لقد حدّثني قبل الحيرة بعشر سنين".

وهو ما يظهر منه تضعيفه أيضا للبرقيّ في أواخر عمره.

ولهذا قال القهبائي في مجمع الرجال بعد نقل طريق الشيخ إلى أحمد بن أبي عبد الله البرقي: "الطريق فيها - أي في المشيخة - لا يخلو من ضعف ووهن به - أي بأحمد - وذلك للحيرة المنقولة فيه بصحيح الخبر" (6).

نعم، الكلام يبقى في المراد من الحيرة في كلام الصفّار، فقد اختلف الأصحاب على أكثر من خمسة أقوال، ولا أريد البحث في المراد منها بعد ثبوت الإجمال في المراد منها وعدم وضوحها. ومع الإجمال يسقط الاستدلال.

أمّا تمنّي محمد بن يحيى لو أنّ الخبر من غير طريق البرقي فلعلّه لتمنّي تعدّد طرق الرواية لتثبت الاستفاضة.

ولهذا قال السيد بحر العلوم في الفوائد: "ورأيت جماعة من الناظرين في الحديث قد تحيّروا في معنى الحيرة الواقعة في هذا الخبر، فاحتملوا أنّ المراد تحيّر أحمد بن محمد في المذهب أو خرافته وتغيّره في آخر عمره أو حيرته بعد إخراجه من قم أو حيرة الناس فيه بعد ذلك".

 وللسيد الخوئي رأي آخر وجيه.

وعلى كلٍّ حال فإنّ تحيّر العلماء بالمعنى يوهن الاستدلال به لإثبات ضعفه.

وبعد كل هذا يقال: إنّ توثيق النجاشي والشيخ ومن تأخّر عنهما أحمد بن محمد كافٍ في إثبات وثاقته ولا يعارضه المجمل المذكور كما هو واضح...

حال الكتاب وطريق إثباته:

قد تقدّم معك في طيّات كلماتنا ذكر كتاب المحاسن من كل مَن ترجم البرقي، بل روى عنه قدماء الأصحاب ولم يطعن أحد في نسبة الكتاب قديماً إليه، وإنّما الكلام في الزيادة والنقيصة الحالّة في الكتاب، وأمّا أصل ثبوت الكتاب للبرقيّ الابن فلا كلام فيه من أحد من الأصحاب، كما لا كلام عندهم في شهرته.

ولهذا نلاحظ الصدوق الذي صرّح في ديباجة كتابه بأنّ كتابه كتاب فتيا وعمل، والذي اعتمد فيه على الكتب المشهورة التي عليها المعوّل وإليها المرجع قد اعتمد على كتاب المحاسن من جملة ما اعتمد عليه من الكتب.

قال (رحمه الله): "ولم أقصد فيه قصد المصنّفين في إيراد جميع ما رووه، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحّته واعتقد فيه أنّه حجّة فيما بيني وبين ربّي - تقدّس ذكره وتعالت قدرته - وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعوّل وإليها المرجع، مثل كتاب حريز بن عبد الله السجستانيّ.. ونوادر محمد بن أبي عمير وكتب المحاسن لأحمد بن أبي عبد الله البرقي..." (7).

فكتاب المحاسن لا إشكال في مشهوريته ونسبته لأحمد بن محمد عند القدماء، إلا أنّ الكتاب أصابه ما أصابه ولعلّه لطرد أحمد بن محمد بن عيسى له من قم أو لكونه اعتمد الضعاف وروى المراسيل فأعرض الرواة عن المحاسن ولم يصل من الكتاب الذي بلغ - والله العالم - حوالي مائة وعشرين كتاب سوى ثلاثة عشر كتابا.

وعليه فينبغي البحث في أمرين: الأول: في كون الكتاب فعلا لأحمد بن محمد البرقي حيث شكّك البعض في كون الموجود بين أيدينا هو للبرقي، والثاني: في حجيّة الأخبار الواصلة إلينا بعدما تبيّن لك أنّ الزيادة والنقيصة قد وقعت في الكتاب، والمشكلة في الزيادة كما هو بيّن وليس في النقيصة بعد القول بثبوت الكتاب للبرقيّ، ولهذا نقول والله المستعان:

الأول: البحث في كون الكتاب للبرقي من عدمه  :

استظهر البعض من بعض ما ورد في كتاب المحاسن كون الكتاب لغير أحمد بن محمد البرقي، وذلك لروايته عن الطبقة التي بعده كروايته عن عبد الله بن جعفر الحميري أو سعد بن عبد الله الأشعري، إذ كيف يمكن أن يكون الكتاب للبرقي وهو يروي في الكتاب عمّن تأخّر عنه - أي: تلامذته ـ .

قال الشيخ محمد تقي التستري في قاموس الرجال: "اختلف في - رجال البرقي - فقال بعضهم: إنّه لأحمد بن أبي عبد الله البرقي، وقال بعضهم: إنّه لأبيه محمد بن خالد البرقي، وكلاهما وهم، وكيف يمكن أن يكون لهما وقد استند في كثير من رجاله إلى كتاب سعد بن عبد الله القمي، وسعد كان من تلامذة أحمد الابن، وعنون فيه عبد الله بن جعفر الحميري وصرّح بسماعه منه فيكون شيخه مع أنّ عبد الله كسعد تلميذ أحمد الابن، وعنون أحمد بن أبي عبد الله فيه ولم يذكر أنّه مصنّف الكتاب كما هي القاعدة فيمن يذكر نفسه في كتابه كما فعل الشيخ والنجاشي في فهرستيهما، والعلّامة وابن داود في كتابيهما، وعنون محمد البرقي ولم يشر إلى أنّه أبوه، والذي يعلم من ملاحظة الطبقة أنّه لعبد الله بن أحمد البرقي الذي يروي عنه الكليني أو أحمد بن عبد الله البرقي الذي يروي عنه الصدوق، والثاني أقرب لعنوانه سعداً والحميري كما عرفت" (8).

والذي يُقال: أمّا قوله: "لعنوانه سعداً والحميري كما عرفت" فأقول: إنّي تتبّعت وتصفّحت كتاب المحاسن كلّه من بدايته إلى نهايته خبراً بعد خبر حتى أتيت على تمامه، فلم أجد فيه حتى رواية واحدة عن سعد بن عبد الله القمي ولا على ذكر الحميري في كتابه مع أنّه يزيد عن ألفين وسبعمائة رواية، وهذا الكتاب بين أيدي الجميع فليتتبّع من يريد ليرى صحّة ما نقول.

وأمّا مشايخ سعد فهم في طبقة البرقي فروايته عنهم فعليّة وليست مجرّد ممكنة.

نعم، إن شذّت منّي رواية لم ألتفت إليها خلال التصفّح فهذا لا يضرّ مع كثرة روايات الكتاب وإمكان التصحيف، هذا مع التصريح في الأخبار بروايته عن سعد بن سعد الأشعري وهو شيخه، فيمكن للناقل أن يشتبه عليه الأمر فيقول سعد بن عبد الله - لشهرته - بدلا من أن يقول سعد بن سعد.

لكن هذا الكلام على نحو الفرض لأنّي أتعب نفسي كثيراً فلم أجد فيه رواية عن سعد ولا ذكر فيه للحميري.

ثانيا: قوله: "وعنون فيه أحمد بن أبي عبد الله ولم يذكر أنّه مصنّف الكتاب". أقول: فما الضير في ذلك وإنّ كثيراً من المصنّفين فعلوا ذلك وهي طريقة صحيحة، ولعلّ النسخة التي وصلتنا هي برواية بعضهم ولم يذكر اسمه، إلا أنّ شهرة النسخة والكتاب لا تضرّ بجهالته كما أوضحنا ذلك مراراً في الكتب المشهورة.

ثالثا: قوله: "وعنون فيه محمد البرقي ولم يشر إلى أنّه أبوه" أقول: هذا كتاب المحاسن بين يديك وقد صرّح تكرارا ومرارا بالرواية عن أبيه وأنّه "أبو عبد الله " وأنّه "محمد بن خالد" وأنّه "ورواه أبي" وأنّه روي عن أبيه ثلاثمائة وأربعة وأربعين مرة بقوله: "عنه عن أبيه" أي: أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه، وبعد كل هذا لا نحتاج بعد إلى التصريح كلّما ذكر أباه بقوله "محمد بن خالد أبوه".

رابعا: قد تبيّن لك في العنوان السابق مشهوريّة كتاب المحاسن وأنّ الأصحاب قد رووا عنه في زمنه، بل أكثروا الرواية عنه كعلي بن الحسين بن بابویه وغيره، وقد ذكر الكتاب القدماء ونسبوه إلى البرقي - الابن - بلا تردّد أبدا، بل لم يشكّك في نسبته إليه - على ما اطّلعت - من القدماء أحد، ومع هذا كيف يقال: إنّه لعبد الله بن أحمد البرقي الذي يروي عنه البرقي، مع أنّه لم ينسب أحد إليه كتاب المحاسن؟!

ولهذا يقال: إنّ رواية الأصحاب عن المحاسن الموجود بين أيدينا ونسبته لأحمد بن أبي عبد الله البرقي عند النجاشي والشيخ وغيرهما يثبت أنّ الكتاب للبرقي - الابن - بلا شك أبدا، فالمطابقة الخارجيّة والتسمية دليل الإثبات.

الثاني: في حجية الأخبار الواصلة إلينا وعدمها:

تقدّم معنا في ترجمة البرقي وكتابه أنّ النجاشي والشيخ قالا: "وقد زيد في المحاسن ونقص" (9) وقد ذكرنا أنّ مجموع كتب المحاسن يبلغ مائة وثلاثة وعشرين كتاباً، والموجود بين أيدينا اليوم لا يزيد عن ثلاثة عشر كتابا، ما يعلم منه وقوع النقيصة حتما، وأنّ أكثر الكتب التي ذكرها الشيخان لم يصل إلينا قطعاً، ولعلّ السرّ في ذلك اتّهام أحمد بن محمد بن خالد باتّهامات كالرواية عن الضعفاء واعتماد المراسيل أو الغلوّ لطرده من قم وغيرها من الأسباب.. ما سبّب إعراض من كان في زمانه عن كتبه كما حصل لكتاب التكليف أو لكتب ابن الجنيد بعدما اتّهم بالقياس.

على كلٍّ يمكن القول بأنّ النقيصة الواقعة لم تقع في الأخبار - بمعنى أنّ الخبر لم يصل كاملا - وإنّما النقيصة وقعت في الكتب حتى وصل إلينا بعضها خاصة، مع بقاء الأخبار على حالها، ولهذا نرى القدماء قد استندوا إليها مع كون النقص الواقع قبل الرواية عنها، فهذا الشيخ والذي أخبرنا عن الزيادة والنقصان نراه يروي عن أحمد بن محمد البرقي كثيراً حتى ازدادت أخباره عن الثلاثمائة خبر وقد صرّح في بعضها روايته عن كتابه حيث يبدأ الخبر بقوله: "أحمد بن محمد عن.." وقد تبنّى (رحمه الله) أن من يبتدئ باسمه فهو صاحب الكتاب، ما يعلم معه رجوعه واعتماده عليه.

ولهذا نرى الصدوق قد روى عنه فأكثر سواء في الفقيه أم الخصال أم العيون أم معاني الأخبار وغيرها.

وأمّا الكافي فإنّ ما روى عنه في الكافي كافٍ لإثبات صحّة الكتاب، فإنّ أخباره عنه ازدادت عن خمسمائة رواية ما يُعلم اعتماده عليه في الفتيا.

فمع اعتماد القدماء على أخباره - مع الاطمئنان بوحدة الكتاب للقرائن التي ذكرناها - يُعلم أنّ المحاسن الموجود بين أيدينا هو عين المحاسن الذي كتبه أحمد بن محمد بن خالد البرقي، خاصّة أنّ كثيراً من الأخبار المدوّنة في الكتاب موجودة في الكتب الأربعة مع كونها مأخوذة من المحاسن، ما يطمئن معه الفقيه بصحّة النسبة إلى مؤلّفه، خاصّة مع شهرته ومعروفيّته وعدم الاستنكار عليه من الأوّلين (رحمهم الله)، وما ذكرناه كافٍ لإثبات حجيّة الأخبار.

نعم، نرجع بعدها إلى الأسانيد المذكورة فإن صحّت صحّت الأخبار، وإن ضعفت ضعفت، والله العالم بحقائق الأمور.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رجال النجاشي، ج 1، ص204

(2) فهرست، ص59.

(3) رجال الشيخ، ص398 و 410.

(4) الخلاصة، ص63.

(5) الكافي، ج 1، ص526.

(6) مجمع الرجال، ج 7، ص207 و ص223 .

(7) مقدمة كتاب من لا يحضره الفقيه.

(8) قاموس الرجال، ج1، ص 31.

(9) رجال النجاشي، ج1، ص 204 والفهرست، ص59.




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)