حرف المعنى

هناك اعتقاد مفاده: أن الإنسان تكلم قبل أن يكتب، وهذا الاعتقاد نابع من الصورة الذهنية التي تكونت عن الكتابة الراهنة، المؤلفة من كلام مكوّن من حروف تترجم إلى سلاسل صوتية متتابعة، ولكن علينا أن لا ننسى أن الإنسان لم يعبر بالصوت قبل تعبيره بالإشارة، فكما كان يجري التعبير بالصوت عن الشيء عندما يكون صوته أدل عليه ؛ كان يجري التعبير

بالإشارة، لأن الصوت والإشارة يثيران صورة مثيرهما وبالدرجة نفسها. وتعادلت الإشارة الكتابة الأولى مع الصوت «الكلام الأول» في إثارة صورة المثير المحفوظة في الذهن وتطورت الكتابة الأولى، وتطور الكلام الأول، دون أن تفنى الأصول التي ساهمت في بناء الكتابة والكلام الراهنين، وظلت هذه الأصول منارات إرشاد لأبناء اليوم في تعلم القراءة

والكتابة .

وإذا كان معنى الكتابة هو الجمع بين الشيئين، فان القراءة معناها الجمع أيضاً، والقرآن كلفظ معناه الجمع لأنه يجمع السور فيضمها، أما القول فهو إعراب وبيان، لأن في الإعراب والبيان راحة لنفس الإنسان التواقة دوماً إلى المعرفة .

13

وعند بحثنا لحرف المعنى سواء أكان لغة أو جملة أو كلمة أو مقطعاً أي في صورة تراكيب أو مفردات فإننا سنأتي بالأمثلة التي دلت عليها الكتابة الأولى في الصورة اللوحة وفي الصورة الشيء أو جزء منه كدليل ثقة على صحة هذه المعاني الذهنية التي تكونت في مخيلتنا مشفوعة ببراهينها .