أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-04-18
653
التاريخ: 22-4-2016
1985
التاريخ: 2023-06-20
1461
التاريخ: 2024-01-31
1038
|
حجيّة مراسيل حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1):
إنّ لحريز بن عبد الله عشرات الروايات في جوامع الحديث عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وظاهرها أنّها مروية عنه (عليه السلام) بلا واسطة، إلا أنّه قد روى الكشي بإسناده المعتبر (2) عن يونس بن عبد الرحمن: أنّ حريزاً لم يسمع من الصادق (عليه السلام) إلاّ حديثاً أو حديثين (3) ممّا يعني أنّ تلكم الروايات إنما هي مراسيل بحذف الواسطة فتسقط عن الاعتبار لعدم تيسّر التأكّد من كون الواسطة بينه وبين الإمام (عليه السلام) من الثقات وإن كان معظمهم كذلك.
ولكن قد يُناقش في شهادة يونس بما ذكر من وجهين:
(أولاً): أنّ شهادة يونس هذه لا يعقل أن تكون شهادة عن حسٍّ إلا مع مصاحبته لحريز طيلة حياته أو سماعه من حريز الشهادة على نفسه بذلك، والأول مقطوع البطلان والثاني كذلك، لأن أحداً لم يشهد بأن حريزاً قال: لم أسمع من أبي عبد الله حتى تكون شهادة حسية عن إقراره.
(وثانياً): بأنّ هذه الشهادة معارضة بما ورد في روايات كثيرة من رواية حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) مباشرة، وهي على طائفتين:
أ ــ ما وقع النقل فيها بمثل قوله: (حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) )، وهذه الطائفة وإن كثرت ربما لا تقاوم ما نص عليه يونس من أنه لم يسمع من أبي عبد الله مباشرة.
ب ــ ما ورد التصريح فيها برواية حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) كقوله: سألت، أو سمعت، أو نحو ذلك، ومثلها ما تحكي ما وقع بينهما من الوقائع.
وهذه الطائفة معارضة مع شهادة يونس المذكورة، وهي لكثرتها تترجح على شهادته بكل تأكيد.
والجواب:
أما عن الوجه الأول فبأن يونس بن عبد الرحمن تلميذ لحريز وشهادته على عدم سماعه من الصادق (عليه السلام) إلا حديثاً أو حديثين يحتمل أن تكون مستندة إلى الحس ولو من جهة استنادها إلى إقرار حريز نفسه بذلك، ومن المقرّر في محله أن الشهادة في الحسيات إذا احتمل استنادها إلى الحدس لا يعتنى فيها بهذا الاحتمال بل يبنى على استنادها إلى الحس ولا حاجة إلى التأكد من ذلك.
وأما عن الوجه الثاني فبأن الموارد المشتملة على لفظة (سألت) وما بحكمها ليست كثيرة جداً بحيث يتيقن أن ما يزيد على موردين منها قد وقع بالفعل، والكثرة بحدّ ذاتها ليست من المرجحات.
مضافاً إلى ما يلاحظ من أن جملة من الموارد المذكورة مما اختلفت بشأنها المصادر، فقد وردت في بعضها على النحو المشار إليه وفي بعضها الآخر بلفظ آخر أو مع الواسطة، كما وقع الاختلاف في جملة أخرى من الموارد المنقولة بلفظ (حريز عن أبي عبد الله) في بعض المصادر حيث وردت مع الواسطة في بعض المصادر الأخرى (4).
والحاصل: أن الخدش في شهادة يونس بما ذكر في غير محله، ولا سيما بملاحظة أن النجاشي قد نقل هذه الشهادة ولم يخدش فيها (5)، مع أنه كان قد قرأ كتاب صلاة حريز (6) الذي كان من أشهر كتب الإمامية منذ عصر الصادق (عليه السلام) (7)، فلو كان مشحوناً برواية حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) مباشرة ــ وهذا ما يقتضيه ظاهر ما ورد في الفقيه مكرراً من الابتداء باسم حريز ناقلاً روايته عن أبي عبد الله (عليه السلام) (8) مع ما ذكره في المقدمة من اعتماده على كتاب حريز (9) ــ لما سكت النجاشي عن التعليق على كلام يونس.
ويبدو لي أنّ معظم ما يلاحظ من الأخبار المشتملة على رواية حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) منشؤها سوء النقل عن كتاب حريز، فإنه كان مشتملاً على التعابير التي أوقعت بعض الناظرين في توهم روايته عن الصادق (عليه السلام) مباشرة مع رجوع الضمير فيها إلى زرارة أو محمد بن مسلم أو الفضيل أو غيرهم.
وقد أورد ابن إدريس في مستطرفات السرائر بضع صفحات من كتاب
حريز لا يوجد فيها حديث واحد له عن الصادق (عليه السلام) (10)، بل تشتمل على تعابير ربما توقع الناظر في وهم أنه يروي عن الإمام (عليه السلام) مباشرة، مع أن دقيق النظر يقتضي إرادته الرواية عن بعض مشايخه عنه (عليه السلام)، فلاحظ.
هذا وهنا سؤال، وهو أنّه هل يمكن دفع الإشكال عن روايات حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) بالاستعانة بحساب الاحتمالات، بالنظر إلى أن معظم المشايخ الذين توسطوا بينه وبين الإمام (عليه السلام) إنما هم من الثقات أو أن معظم رواياته المروية عنه (عليه السلام) قد توسط فيها الرجال الثقات بحيث يكون احتمال توسط الضعيف في كل واحد واحد مما رواه عنه (عليه السلام) مرسلاً بحذف الواسطة احتمالاً ضعيفاً جداً يطمأن بخلافه؟
إنّ الإجابة على هذا السؤال تحتاج إلى التتبع والاستقراء.
وقد أجري (11) إحصاء شبه دقيق بشأن مشايخ حريز ورواياته فتبيّن الآتي:
أولاً: أنّه قد وردت رواية حريز عمّا يقرب من خمسين شخصاً توسّطوا بينه وبين أبي عبد الله (عليه السلام)، وما يقرب من (75%) منهم يعدّون من الثقات والبقية بين من هو مضعّف أو مجهول، فلو لوحظت نسبة الموثقين إلى غيرهم من مشايخ حريز لم يمكن استحصال الاطمئنان بكون الواسطة المحذوفة من الثقات كما هو ظاهر.
ثانياً: أن لحريز ما يقرب من (1400) رواية في جوامع الحديث الموجودة بأيدينا اليوم وما يقرب من (1100) رواية منها مروية مع الواسطة عن الإمام (عليه السلام)، وفيها (20) رواية فقط بواسطة غير موثقة والبقية بواسطة معتبرة، أي إن نسبة وقوع غير الثقة وسيطاً بينه وبين الإمام (عليه السلام) لا يبلغ (2%).
إذاً فإن احتمال توسط غير الثقة بينه وبين الإمام (عليه السلام) في حوالي (300) رواية التي ورد حوالي (60) منها مع إبهام الواسطة وحوالي (240) منها مع حذف الواسطة يكون احتمالاً ضعيفاً جداً بحيث يحصل الاطمئنان بخلافه.
ومن الواضح أنّ العبرة في حساب الاحتمالات في مثل المقام إنما هي بعدد الروايات لا بعدد المشايخ، لوضوح أنه إذا كان لشخص ألف رواية ورواية مثلاً ولوحظ أن (10) منها عن شخص غير موثق و(990) منها عن شخص موثق وبقيت رواية واحدة لا يعلم من هو الوسيط فيها هل هو الشخص الموثق أو غيره؟ فإن احتمال كونه هو الشخص غير الموثق لا يتجاوز (1%) ولا يكون (50%) بالنظر إلى كون رواياته عن شخصين فقط.
وعلى ذلك يمكن دعوى أنّ روايات حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) وإنّ بني على كونها بواسطة محذوفة تكون معتبرة من جهة حساب الاحتمالات، فليتأمّل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|
|
هذا ما يفعله فيروس كورونا بجذع الدماغ الذي "يتحكم في الحياة"
|
|
|
|
|
تسارع نمو قدرة طاقة الرياح في العالم.. وهذه أكبر 6 دول
|
|
|
|
|
من فلسطين إلى لبنان.. دعم المرجعية العُليا وتضامنها حاضر مع القضايا العادلة
|
|
|