أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-03
882
التاريخ: 2-6-2019
3203
التاريخ: 2023-08-12
701
التاريخ: 19-9-2019
1899
|
لقد غادر «إبراهيم عليه السلام أرض مكة تاركاً زوجته وولده «إسماعيل» بعيون دامعة، وقلب يملأوه الرضا بقضاء الله والامل بلطفه وعنايته. فلم تمض مدة إلا ونفد ما ترك عندهما من طعام وشراب، وجف اللبن في ثديي «هاجر»، وتدهورت أحوال الرضيع «إسماعيل»، وكانت دموع الام الحزينة تنحدر على حجره، وهي تشاهد حال وليدها الذي قد أخذ العطش والجوع منه مأخذاً. فانطلقت من مكانها فجأة تبحث عن الماء حتى وصلت إلى جبل «الصفا» فرأت من بعيد منظر ماء عند جبل «مروة»، فأسرعت إليه مهرولة، غيران الذي رأته وظنته ماء لم يكن الا السراب الخادع، فزادها ذلك جزعاً وحزناً على وليدها مما جعلها تكرر الذهاب والاياب الى الصفا والمروة أملاً في أن تجد الماء ولكن بعد هذا السعي المتكرر، والذهاب والاياب المتعـدد بين الصفا والمروة عادت الى وليدها قانطة يائسة. كانت أنفاس الرضيع الظامئ ودقات قلبه الصغير قد تباطأت بل واشرفت على النهاية، ولم يعد ذلك الرضيع الظامئ قادراً على البكاء ولا حتى على الانين. ولكن في مثل هذه اللحظة الحرجة الصعبة استجاب الله دعاء خلـيـلـه وحبيبه «إبراهيم»، اذ لاحظت هاجر الماء الزلال وهو ينبع من تحت اقدام «إسماعيل». فسرت تلك الام المضطربة - التي كانت تلاحظ ولـيـدهـا وهو يقضي اللحظات الاخيرة من حياته، وكانت على يقين بانه سرعان ما يموت عطشاً، وجهداً - سروراً عظيماً بمنظر الماء، وبرق في عينيها بريق الحياة، بعد ان اظلمت الدنيا في عينيها قبل دقائق، فشربت من ذلك الماء العذب، وسقت منه رضيعها الظامئ، وتقشعت بلطف الله وعنايته وبما بعثه من نسيم الرحمة الربانية كل غيوم اليأس، وسحب القنوط التي تلبدت وخيمت على حياتها. ولقد ادى ظهور هذه العين التي تدعى بزمزم في ان تتجمع الطيور في تلك المنطقة وتحلق فوق تلك البقعة التي لم يُعهد أن حلقت عليها الطيور، وارتادتها الحمائم، وهذا هو ما دفع بجرهم وهي قبيلة كانت تقطن في منطقة بعيدة عن هذه البقعة ان تتنبه إلى ظهور ماء فيها لما رأت تساقط الطيور وتحليقها، فأرسلت واردين ليتقصيا لها الخبر ويعرفا حقيقة الأمر، وبعد بحث طويل وكثير، انتهيا الى حيث حلت الرحمة الالهية وعندما اقتربا إلى «هاجر» وشاهدا بأم عينيها «امرأة» و «طفلا» عند عين من الماء الزلال الذي لم يعهداه من قبل عادا من فورهما من حيث أتيا، وأخبرا كبار القبيلة بما شاهداه، فأخذت الجماعة تلو الجماعة من تلك القبيلة الكبيرة تمد إلى البقعة المباركة، وتخيم عند تلك العين لتطرد عن ((هاجر) وولدها مرارة الغربة ووحشة ،الوحدة، وقد سبب نمو ذلك الوليد المبارك ورشده في رحاب تلك القبيلة في ان يتزوج إسماعيل هذا من تلك القبيلة، ويصاهرهم، وبذلك يحظى بحمايتهم له، وينعم بدفاعهم ورعايتهم ومحبتهم له. فانه لم يمض زمان حتى أختار «إسماعيل» زوجة من هذه القبيلة، ولهذا ابناء «إسماعيل» الى هذه القبيلة من جهة الأم.
تجديد اللقاء:
كان إبراهيم عليه السلام بعد أن ترك زوجته «هاجر» وولده «إسماعيل» في ارض «مكة» بأمر الله يتردد على ولده بين فينة وأخرى. وفي احدى سفراته ولعلها السفرة الأولى دخل «مكة» فـلـم يجـد ولده «إسماعيل» في بيته وكان ولده الذي أصبح رجلاً قوياً، قد تزوج بامرأة من جرهم. فسأل «إبراهيم» زوجته قائلاً: اين زوجك؟ فقالت: خرج يتصيد، فقال لها: هل عندك ضيافة؟ قالت: ليس عندي شيء وما عندي أحد، فقال لها إبراهيم: «إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام وقولي له: فليغير عتبة بابه». وذهب إبراهيم عليه السَّلام منزعجاً من معاملة زوجة ابنه «إسماعيل» له وقد قال لها ما قال. ولما جاء إسماعيل عليه السلام وجد ريح ابيه فقال لامرأته: هل جاءك أحد؟ قالت: جاءني شيخ صفته كذا وكذا كالمستخفّة بشأنه، قال: فماذا قال لك: قالت: قال لي أقرئي زوجك السلام وقولي له: فليغير عتبة بابه!! فطلقها وتزوج أخرى، لأن مثل هذه المرأة لا تصلح ان تكون زوجة وشريكة حياة (1) وقد يتساءل أحد لماذا لم يمكث إبراهيم عليه السلام هناك قليلاً ليرى ولده إسماعيل بعد عودته من الصيد، وقد قطع تلك المسافة الطويلة، وكيف سمح لنفسه بان يعود بعد تلك الرحلة الشاقة من دون ان يحظى برؤية ابنه العزيز؟! يجيب ارباب التاريخ على ذلك بان إبراهيم انما استعجل في العودة من حيث اتى لوعد اعطاه لزوجته سارة بأن يعود اليها سريعاً، ففعل ذلك حتى لا يخلف. وهذا من اخلاق الانبياء. ثم إن «إبراهيم» سافر مرة أخرى إلى أرض مكة بأمر الله، وليبني الكعبة التي تهدمت في طوفان «نوح»، ليوجّه قلوب المؤمنين الموحدين إلى تلك النقطة. إن القرآن الكريم يشهد بأن أرض «مكة» قد تحولت إلى مدينة بعد بناء الكعبة قبيل وفاة إبراهيم عليه السَّلام، لأن إبراهيم دعـا بعـيد فراغه من بناء الكعبة قائلاً: «رَبِّ اجْعَل هذا البلد آمِناً واجْنُبْنِي وبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنامَ» (2) على حين دعا عند نزوله مع زوجته وابنه إسماعيل في تلك الأرض قائلاً: ((رَبِّ اجْعَل هذا بلداً آمناً)) (3). وهذا يكشف عن ان مكة تحولت الى مدينة عامرة في حياة الخليل عليه السلام بعد ان كانت صحراء قاحلة، وواد غير ذي زرع. ولقد كان من المُستحْسَن استكمالاً لهذا البحث أن نشرح هنا كيفية بناء الكعبة المعظمة، ونستعرض التاريخ الاجمالي لذلك، بيد أننا لكيلا نقصر عن الهدف المرسوم لهذا الكتاب أعرضنا عن ذلك وعمدنا إلى ذكر بعض التفاصيل عن أبرز وأشهر أجداد رسول الله صلى الله عليه وآلة وسلّم، في التاريخ.
...............................................
1- بحار الانوار: ج12 ص 112 نقلا عن قصص الأنبياء.
2- إبراهيم:35.
3- البقرة:126.
|
|
دور النظارات المطلية في حماية العين
|
|
|
|
|
العلماء يفسرون أخيرا السبب وراء ارتفاع جبل إيفرست القياسي
|
|
|
|
|
اختتام المراسم التأبينية التي أهدي ثوابها إلى أرواح شهداء المق*ا*و*مة
|
|
|